27‏/02‏/2006





أعمال سينمائية جديدة سترى النور قريبا :
صندوق دعم الإنتاج السينمائي يختار تسعة أفلام

ذكر بلاغ للجنة دعم الإنتاج السينمائي،أن هذه الأخيرة قررت يوم الجمعة الماضي منح دعم لتسعة أفلام برسم الدورة الأولى من السنة الجارية.
وقد شارك في هذا الاجتماع السيد أحمد بوكوس رئيس لجنة صندوق دعم الانتاج السينمائي وكل من رحمة بورقية ونرجس الرغاي وعز الدين بنيس ومحمد شبعة وعبد الرحمن بدري وخليل العلمي إدريسي والتهامي أولباشا.
ودرست اللجنة16 مشاريع أفلام مرشحة للحصول على تسبيق عن المداخيل ما قبل الإنتاج من بينها15 مشروعا لأفلام طويلة ومشروع فيلم قصير إضافة إلى مشروع مرشح للمساهمة المالية في كتابة سيناريو فيلم طويل.
كما شاهدت اللجنة كذلك ثمانية أفلام قصيرة مرشحة للحصول على تسبيق عن المداخيل ما بعد الانتاج .
وقررت اللجنة خلال مداولاتها فيما يخص الترشيحات للحصول على تسبيق عن المداخيل ما قبل الانتاج منح مبلغ ثلاث ملايين وسبع مائة الف درهم للفيلم الطويل "في انتظار باسوليني" المقدم من قبل شركة الإنتاج "أفلام الجنوب" والذي سيخرجه داوود أولاد السيد و كتب السيناريو يوسف فاضل الذي استوحاه من البرنامج الوثائقي لعلى الصافي حول الممثلين "الكومبارص" و يحكي الفيلم وصول طاقم تصوير فيلم إيطالي لمدينة ورززات حيث يتباهى البطل بكون الفيلم "لصديقه" بازوليني الذي عرفه قبل 40 سنة عندما قدم للمغرب لتصوير فيلمه أوديب ويرى أنه من غير الممكن أن لا يعود مخرج في حجم بازوليني المفتون بالمغرب للتصوير فيه مرة أخرى. و قد صرح داوود أولاد سيد في اتصال مع "صوت الناس" أن "في انتظار باسوليني" فيلم سينمائي موضوعه السينما و عشق السينما. و لداوود أولاد سيد أعمال كثيرة و انتاج غزير ك"باي باي سويرتي" و الواد" و "عود الريح" و نهاية أسبوع في العرائش" و "طريق مراكش" و فيلمه الطويل الأخير "طرفاية أو باب البحر".
وخصص مبلغ ثلاثة ملايين درهم للفيلم الطويل "هل تتذكر عادل؟" المقدم من قبل شركة الإنتاج " ورززات لإنتاج الأفلام" والذي سيخرجه محمد زين الدين.
و هو مغربي مقيم بالديار الإيطالية غادر المغرب من أجل متابعة دراسته الجامعية بفرنسا و بعد سنة قضاها بمدينة نيس استقر بإيطاليا حيث التحق بجامعة بولونييا لدراسة السينما بشعبة الفنون و الموسيقى و الفرجة. و هو ناقد صحفي و متعاون مع عدة منابر كما سبق له أن ساهم في تنظيم لقاءات حول الأدب العربي بإيطالييا كما عمل مراسلا و مصورا لجريدة خاصة بالهجرة و هو عضو بالمجلس الفني بولونيا2000 مدينة أوربية للثقافة و يوزع نشاطه بين السينما و المسرح و الفن الفوتوغرافي. و في المسرح لمحمد زين الدين تجربتان في الإخراج : مسرحية "ميرامار" عن رواية الكاتب المصري نجيب محفوظ و مسرحية الصحافة.و قد أنجز عدة أفلام وثائقية ك "بعدالصمت" سنة2004 و يحكي حياة و فن الفنان الإيطالي برونو بينتو و "كوريزيا إلى أبعد حد" و هو وثائقي حول سقوط الحائط الذي قسم منذ الحرب العالمية الثانية مدينة كوريزيا و "النظرة هناك" سنة 2002 حول المهجرين الإيطاليين بالأرجنتين. و "خنيفرة - ليفورن" سنة 1998 و هو وثائقي حول حياة مجموعة من المهاجرين المغاربة الأمازيغ بإيطاليا بمدينة ليفورن و عائلاتهم بخنيفرة.كما له 3 أفلام سينمائية هي "العائلة الفرويدية" سنة 1998 و "تحت الشمس شهر غشت " سنة 1999 و فيلم "يقظة" سنة2004 الذي عرض في المهرجان الوطني الأخير للفيلم بطنجة و نال إعجاب الجمهور و النقاد و اعتبر بصمة مميزة في السينما المغربية إلا أن الفيلم و لسوء حظه أصبح نسخة فقدت الصورة فيها الكثير من جودتها نظرا للمراحل التقنية المختلفة التي خضع لها الفيلم و بالتالي أصبحت مشاهدته تتطلب الكثير من العناء و الصبر. و ربما بفيلمه الجديد سيحاول محمد زين الدين تدارك ما أضاعه مع فيلم "يقظة".
أما الفيلم الطويل "الدراجة" المقدم من قبل شركة الانتاج "ديابازون للإنتاج" وهو من إخراج حميد فريدي فسيستفيد بدوره من دعم بقيمة مليونين وثلاث مائة ألف درهم
.
و الفيلم نقد لادع لتناسي المجتمع لمبدإ العدل مقابل الارتباط بالفهم الخاطئ للدين و التأويلات التي تجعل مجتمعا كالمجتمع المغربي يقبل بالعديد من مظاهر الحرمان من الحقوق مستندا لمبادئ واهية دون الإقدام على أي محاولة لإعادة النظر في مثل هذه الأمور. و يتخذ الفيلم موضوع الإرث كمثال حيث يقدم قصة طفلتين تسقطان ضحية للمجتمع لولا الصدفة التي ستغير مصيرهما. و قد صرح فريدي للجريدة بأنه لم يرشح بعد أي اسم للعمل معه لأن بالنسبة له اختيار الممثلين يستلزم جهدا كبيرا لأن جل الممثلين المغاربة يغلب عليهم طابع الأداء المسرحي الأمر الذي يختلف مع العمل في الحقل السينمائي. و أضاف فريدي بأنه سوف يركز على استعمال أحدث التقنيات و توفير كل الإمكانت اللازمة و الضرورية لإنجاز الفيلم في أحسن الظروف و تأثيث الصورة كما يجب بعيدا عن منطق الترقيع و الاستسهال. خصوصا فيما يتعلق بجودة الصوت و الصورة. و لحميد فريدي 4 أفلام قصيرة هي "العربي التييربو" و "من الشبه أربعين" و "قصة امرأة" التي حاز بها على تنويه خاص من لجنة التحكيم في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة. و فيلم "حديقة القلب"الذي مازال في لمساته الأخيرة.
وخصص مبلغ مليونين ومائة ألف درهم للفيلم الطويل "بين قوسين" المقدم من قبل شركة الإنتاج "سبورتيس" وسيخرجه محمد شريف طريبق. و هو شريط يحكي التاريخ الطويل للحركة الطلابية بداية التسعينات من خلال مسارات شخصيات مختلفة و قد كتب السيناريو كل من هشام فلاح و محمد شريف طريبق بمساعدة عزيز قنجاع. و قد صرح الطريبق لصوت الناس بأن انطلاق التصوير لن يكون إلا بعد سنة نظرا لكلفة الفيلم الكبيرة و بالتالي فهو محتاج للبحث عن دعم من جهة ثانية و ربما من بلد أوربي. و لطريبق 4 أفلام قصيرة هي "نسيمة" سنة 1998 و "بالكون أتلانتيكو" الذي حاز على جائزتي أحسن عمل وجائزة النقاد بمههرجان وجدة إضافة ل "موال" و "افتراض". كما قدم للتلفزيون أعمالا مثل "تسقط الخيل تباعا" و "باب المدينة" و "ثمن الرحيل" وغزل الوقت".
وبالنسبة للترشيحات للحصول على تسبيق عن المداخيل ما بعد الانتاج فقد منح مبلغ مائتين وخمسة وستون ألف درهم للفيلم القصير "النافذة" للمخرج كمال الدرقاوي و من إنتاج شركة "مصطفى الدرقاوي".

كمامنح مبلغ مائتين و ثلاثون ألف درهم للفيلم القصير"أنا والذبابة" من إخراج رشيد الوالي ومن إنتاج شركة "كلارا للإنتاج ". وخصص مبلغ مائتين وعشرة آلاف درهم للفيلم القصير "الأقدام الحافية" من إخراج محمد مفتاح و من إنتاج شركة "مفتاح فيلم". و خصص أيضا مبلغ مائتي ألف درهم للفيلم القصيير "الهدية" من إخراج جمال السويسي ومن إنتاج "طانجيرينا سينما سيرفيس" .
من جانب آخر منحت اللجنة القسط الأخير من التسبيق عن المداخيل للفيلم الطويل "لقد شاهدت مقتل بن بركة" لسعيد السميحي وسيرج لوبيرون وللفيلم القصير "المصعد" لسلمى بركاش.
جمال الخنوسي


26‏/02‏/2006

الكاتب إدريس جسوس : قصة حقيقية لشاب انتهى باكرا

حضرت للمعرض الدولي للنشر و الكتاب بالدار البيضاء في دورته 12 سيدة اسمها فوزية العلمي . ليست كاتبة تلقي المحاضرات و لا شاعرة تقدم الدواوين و لا روائية جاءت لتوقع آخر إصداراتها ولا ناشرة تعقد الصفقات ولا زائرة كباقي الزائرات إنها فقط أم . صفة سامية تلتصق بهذه السيدة و تتجاوزها. جاءت لتقدم كتابا كل كلماته تحتضنها بالرغم من أنه باسم كاتب ، اسم لا يشبه اسمها. اسم يقطع أحشاءها و يدمي قلب الأم الذي تحكى عنه الحكايات و تروى فيه الروايات.
الكاتب الذي جاءت تحدثنا عنه فوزية العلمي شاب رحل عن هذه الدنيا منذ 4 سنوات. متفتح ذكي و مرهف الاحساس كان يتنبأ له الكل بمستقبل زاهر وواعد فتى يفيض إحساسا و شاعرية ولد في 11 يناير سنة 1965 بالدار البيضاء و عاش في طنجة أغلب سنوات حياته . عمل في الإشهار و الصحافة. وكتب سيرته الذاتية تحت عنوان "لذة ماكرة" بدار النشر إيديف سنة 1996 .
يحكي في هذا الكتاب بداياته الأولى ، طفولته السعيدة في كنف والديه و معاناته بعد ذلك من طلاقهما و تمزق العائلة يقول : "زمان و مكان مرتبط بشكل وثيق بسعادة عائلة موحدة لكن للأسف سعادة زائلة" و يقول في موضع آخر "كنا إذاك أسرة سعيدة". يتحدث عن أخته لطيفة و سعادته بميلادها في حنان و كأنتها ابنته .٠ لطيفة التي يسميها في ظرف و شقاوة "تانتان". يحكي عن مغامراته المدرسية و يجعلك تتعاطف مع بشكل قوي لأن شقاوة إدريس تشبه شقاوة كل الأطفال و كل الشبان في سنه.
انفتح قلبه على الحب و المغامرة ، و مع الحب دخل عالم المخدرات القاتم . لاحظت الأم على ابنها انقلابا في سلوكه و شخصيته . أصبح إدريس صامتا متكاسلا سلبيا، أصبح نومه يدوم أياما و عصبيته بلاحدود. احتارت في أمره و لم تعرف ما يجري أو تفسر هذا الانقلاب الذي عرفه. فقد شهية الأكل و الحياة ، غدى عنيفا ، لا يأكل و لا يغتسل حتى. يحكي ادريس قصته مع المخدرات كما تحكى قصص الحب الحزينة التي تنتهي نهاية مأساوية. يكلمها يحبها يعشقها يجافيها لكن هي ملحة على اقتناصه و إدخاله في شباكها تستقبله دائما بدراعين مفتوحتين و حضن مسموم "لم أرد قط إخفاء إدماني و لم أكن قط خجلا و لم أقصد استعراضه من أجل إسعاد الفضوليين. أردت فقط أن أحكي قصة حياتي كأي سيرة ذاتية أخرى و إن كان حضور المخدرات يعم أغلب الصفحات فذلك لأنها و صمت حياتي و وجودي للأبد". لقد حولت هذه العشيقة صاحبة الرداء الأبيض الطفل الشقي لمهرج تعيس.
الكتاب صرخة في وجه الصمت المطبق حول موضوع المخدرات في المغرب و كأنها آفة لا تصيب إلا الآخر . آفة يلفها الخجل و الحشومة و العار طابو من طابوهاتنا الممتدة و المتعددة التي تملأ حياتنا ظلاما و تزيد مشاكلنا ضراوة و عمقا. كتابات إدريس صرخة في وجه طابو مغربي مايزال ينعت بالعار و الحشومة طابو اسمه المخدرات لا نعرف عنه إلا القليل لأنه آفة لا تصيب سوى "الآخر" كما نظن جميعا. لقد استطاع أن ينزع القناع نيابة عنا جميعا و يقول بوجه مكشوف مالم يستطع أحد أن يهمس به من قبل. لقد أعطى إدريس للمعاناة وجها بلا خوف أو وجل و منح للمخدرات صورة سلاحة قلمه.
"لم أكتب هذا الكتاب إلا لنفسي ، و لن ينفع كمثال لأي شخص آخر لا لكوني مثالا سيئا كما دؤب على قول ذلك الآخرون و لا أيضا لأن تجربتي لن تفيد شخصا آخر .. إن هذا خطئ .. لأنه و ببساطة لا يوجد أي حل (معجزة) لآفة المخدرات . فلكل نوع من المخدرات مرضه و حل كامن ينبغي العثور عليه بشكل فردي."
تقول فوزية العلمي إن كتابه الاخير "سفر بلاحدود" هو عبارة عن كتابات سطرها إدريس على أوراق بيضاء أفرغ عليها معاناته و فجر عليها اسئلته الوجودية حول الحياة و الموت البداية و النهاية و هدف الانسان و كنه الانتقال للضفة الاخرى النور و الظلام. سطور و أسئلة خطها في حرقة. الكتاب موجه للآباء و الأمهات الذين يعانون ظروف كالتي تخبطت فيها وحيدة و بلا سند بعد أن كان أقاربها يطلبون منها أن تدع فلذة كبدها و "أن تديها في راسها" مادام ابنها مدمنا و معتوها. لم تجد العزاء إلا في أناس مميزين كابنتها لطيفة و أطباء و ممرضات إدريس باحثة عن الخلاص لها و لابنها الذي كانت تراه ينطفئ كالشمعة أمام عينيها. طافت به المراكز ضاقت بها الدنيا و رحلت به لإسبانيا . انتقلت بين المراكز تبحث له عن شفاء . تريد استرجاع ابن سرق منها بشكل بشع .. حاضر غائب ينقطع عن إدمانه فيطفو الأمل . ثم يعود لظلام المخدرات الدامس و كانت النهاية ... رحل إدريس و ترك أما تبكي حبها لطفل اختطفه الموت و المخدرات .. رحل إدريس و ترك قصائد و نصوص إرثا و حيدا لأمه عسى تعوضها رحيله. و هل تعوض الكلمات عناق الابن و قبلته ورائحة عنقه.
عانت مدة أربع سنوات قبل أن تأخذ قرار نشر قصائده في كتاب "سفر بلاحدود" كان بالنسبة لها أجمل خطوة تتخذها لتكريم ابنها و التعبير له عن مدى حبها له. و في نفس الوقت هو تحدي للموت الذي ستجعله لن يطال اسم إدريس و ستخلده بكتاب . أوليس داخل كل كاتب رغبة في الأبدية و الدوام و الامتداد.
في افتتاحية كتابه الأخير "سفر بلاحدود" نجد هذه القصيدة لهنري سكوت هولند تحت عنوان "لا تبكي إن كنت تحبني" :
"الموت ليس بشيء
لقد انتقلت فقط للضفة الأخرى
أنا من أنا وأنت من أنت
ما كنا نمثله لبعضنا لازلنا نمثله لحد الآن
أعطيني الإسم الذي منحتني إياه دوما
حديثيني كما كنت تحديثني
لا تلبسي ثوب الحزن والرسميات
واصلي الضحك كما كنا نفعل.
صلي واضحكي وفكري معي وصلي معي
على أن يتواصل تداول اسمي في البيت كما كان دوما
دون إحراج ودون بصمة ظل
الحياة تعني ما كانت تعنيه دوما
إنها بنفس تعريف الماضي، فالخيط لم ينقطع
لماذا أخرج من تفكيرك، هل لأنني ببساطة في منأى عن نظرك؟
لا، أنا لست بعيدا، أنا فقط في الضفة الأخرى من الطريق.. هل ترين، كل شيء على ما يرام
ستجدين قلبي
وستجدين دفئي
إذن، من فضلك، جففي دموعك
ولا تبكي إن كنت تحبيني"
رحل إدريس في 21 نونبر 2001 عن سن يناهز 35 سنة .
جمال الخنوسي

22‏/02‏/2006


الفنانة المغربية أمينة في حوار خاص "بصوت الناس"
"رفضت عروضا للزواج والتخلي عن الغناء"

التصق اسم "أمنية" بالبرنامج التلفزيوني المعروف "فاصلة" الذي كانت تديعه يوميا القناة الثانية. كانت المغنية الشابة تؤدي أغاني مختلفة ، الكلاسيكي منها و الشبابي ، و بلغات شتى. كان من الصعب عليها الانسلاخ من هويتها تلك .. إلى أن طلت علينا بأغنيتها الجديدة على مجموع القنوات الفضائية. "الجرح علمني" صنعت زهرة بعبير مغربي بحثت لها في المشرق عن ثربة خصبة لتطلق العنان لأريجها. بمناسبة استعدادها لإطلاق ألبومها الجديد و شروعها في جولة فنية ستقودها لكبريات المدن الأمريكية. خصت جريدة صوت الناس بالحوار التالي :

* في البداية نتحدث عن الكيفية التي دخلت بها أمنية عالم الغناء .
** بدايتي كانت مع ابراهيم العلمي رحمة الله عليه ، فهو من قدمني للجمهور ، وبدأت معه رحلتي التي مازلت أعتبرها في البداية. لقد ساعدني كثيرا وكان يوجهني ويعلمني أصول الغناء . وسأبقى مدينة له ما حييت بهذا المعروف الكبير. لقد كان رحيله خسارة كبيرة بالنسبة لي وبالنسبة للأغنية المغربية برمتها. أكثر من هذا فقد كان يستعد لتلحين أغنية لي و هو على فراش المرض وكان يعتبرها هدية لكن الموت لم يمهله. أكيد لو أطال الله في عمره كان مساري الفني سيأخذ منحى آخر.
*بعدها تأتي مرحلة برنامج "فاصلة"..
** نعم دخلت برنامج "فاصلة" على القناة الثانية بعد اجتياز العديد من الاختبارات مع الكثير من المرشحين. وتم اختياري نظرا لأني أتقن العديد من اللغات وأغني بها بدون أدنى صعوبة. كما أحسن غناء جميع الألوان الموسيقية الكلاسيكي والشبابية على السواء.
* كيف تقيمين تجربة برنامج "فاصلة"؟
** في الحقيقة أعطتني "فاصلة" الشهرة والجمهور، والفنان بلا جمهور هو شخص نكرة لا وجود له. لقد كان البرنامج متعبا جدا حيث كنا نصور حلقات شهر بأكمله في أسبوع واحد . لكن بالرغم من ذلك كان شيقا وجميلا لأني أحب الغناء وأعشق ما أقدم. وقبل الرحيل إلى مصر قدمت أغاني مغربية "كليلة امباركة مسعودة" و هي من كلمات مصطفى بغداد و زلحان عبد اللطيف بنشريف. وقدمت أيضا "أنا وياك والزمان طويل" من كلمات مصطفى بغداد أيضا وألحان محمد صادق الزاهر وقدمت أيضا أغنية ثنائية مع عبد العلي الغاوي مقتبسة من ثراتنا المغربي الأصيل و هي "السينية و البير". كماشاركت في ملحمة عن القضية الفلسطينية في الجزائر بعنوان "نداء الأقصى". مع فنانين كبار أمثال عبد الله رويشد و غيره. و أغنية أخرى اسمها "جبار الجبارين" من كلمات محمد احساين و ألحان توفيق حلمي. بعدها ذهبت للقاهرة حيث قدمت أولى أغنياتي "الجرح علمني"من كلمات مصطفى مرسي وألحان خالد عز. وأنا الآن أحضر لألبومي الجديد وهو تقريبا جاهز وشركة الانتاج تنتظر الوقت المناسب لإصداره. وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور المغربي والعربي عامة ، وأبقى دائما عند حسن ظنهم، وأقدم لهم الجديد والمميز.

* ما هي المعايير التي تحددينها لاختبار أغنيات الألبوم؟
** أنا أشترط دائما الكلمة الجميلة والجملة الموسيقية الطربية. فلا يمكنني أن أقبل كلمات ساقطة أو أغنية باهتة لأني مازلت في البداية وعملي الفني هو رصيدي الحقيقي. لن أنسى مشاركتي في مهرجان الأغنية العربية بدار الأوبرا بالقاهرة في دورته 17 بمشاركة نجوم كبار محمد عبده وهاني شاكر. أديت فيه أغاني للفنانة اسمهان لأني أحبها وأعشق أغانيها وصوتها.
* يبدو أنك أكثر عطاء في الأغاني الكلاسيكية منه في الأغاني المسماة شبابية.
** فعلا أحب الأغاني الكلاسيكية لكن متغيرات الزمن فرضت لونا جديدا وطابعا آخر، ومع ذلك فالبقاء للأصلح لأن الأصالة لا تموت. لقد لاقيت نجاحا كبيرا وأحب جمهور دار الأوبرا أدائي وصفق لي بحرارة. بعد ذلك شاركت في جولة في هولندا قادتني لأمستردام حيث غنيت مع الجوق السمفوني الملكي وأديت فيها أغاني "كالجرح علمني" و غيرها. وهو على فكرة أكبر جوق في أوربا و سبق له أن عزف مع فنانين عالميين أمثال سيلين ديون و ماريا كاري و رلتون جون. والعجيب في الأمر أنهم أدوا معي أغاني عربية بسلاسة. كانت سهرة جميل جدا رافقني فيها ثلاث موسيقيين مغاربة هم الأستاذ التهامي بلحوات في القانون و عبد الاله العلوي عازف العود وطارق بنعلي في الإيقاع. لقد كان هذا الحفل بمناسبة مرور 400 سنة على العلاقات المغربية الهولندية وكان حفلا بهيجا ومتميزا. اختلطت فيه ألوان الشمال والجنوب وصنع الفن مزيجا جميلا. لقد كانت سهرة مشرفة لنا ولبلدنا المغرب. بعدها شاركت في حفلات بالتلفزة المغربية كليلة تكريم المرحوم ابراهيم العلمي.
* ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟
** أنا أستعد الآن للذهاب للولايات المتحدة الأمريكية من أجل جولة فنية هناك. ستقودني لأغلب كبريات المدن الأمريكية بين نهاية أبريل وبداية ماي.
* لقد راج حديث من قبل حول جولة فنية في لبنان وسوريا.
** فعلا .. كانت عدة سهرات مبرمجة ضمن جولة فنية طويلة بين لبنان وسوريا إلا أنه من سوء الحظ تم تأجيلها نظرا للأحداث المؤلمة التي عرفها البلدانمن تفجيرات و اغتيالات. لقد أصبح الجو غير مناسب لمثل هذه التظاهرات ، والمنظمون ينتظرون تحسن الأوضاع للقيام بالجولة.
* وماذا عن فيديو كليب الألبوم الجديد؟
** مازلنا نفكر في اختيار الأغنية الأكثر تميزا في الألبوم لنجعل منها single الأول في الألبوم وأصوره، أنا أعترف أني أسير ببطئ لكني أحسب لخطواتي ألف حساب . فتسلق السلالم يتم خطوة خطوة أما من يصعد بسرعة فيسقط بسرعة أيضا.
* هل من الممكن أن نشاهد أمينة في فيديو كليب على شاكلة هيفاء وهبي ومروى وغيرهما ممن يقدمن الفيديو كليب الجرئ؟
** في الحقيقة أنا أحترم اختيار كل فنان ، لأن لكل لونه وطريقته ولا يمكنني بأي شكل من الأشكال الطعن في مسيرة هيفاء ونانسي ومروى أو مغنيات الإغراء. لكن طريقي مختلف ولا أعتمد على جسدي للتعبير على فني. وطريقة تعبيري الأساسية هي صوتي والأعمال التي أقدم وأحرس كثيرا على اختيارها. وأنا لحد الآن أدع مسألة الفيديو كليب لأختي أحلام لأنها تحمل أفكارا مميزة وفكرة فيديو كليب أغنية "الجرح علمني" فكرتها و تم إخراجها مع سامح عبد العزيز. وراق الجمهور كثيرا ونال إعجابهم. حقيقة هناك أغاني فاضحة تقدمها القنوات الفضائية فقط لملئ الفراغات والشهرة السريعة .. أمور لاعلاقة لها بالفن. إنها تنقص من همة الفنانين الحقيقيين ، وتقضي على حماس الجيل الصاعد. الحماس الذي نلحظه الآن والإقبال على مشاهدة الأجساد العارية سيعرف خفوتا لا محالة لأنها عابرة سر نجاحها هو جدتها عند المشاهد العربي و ستنتهي لا محالة
.
* ننتقل لموضوع آخر، ما هو دافعك للهجرة إلى القاهرة؟
** كل من يريد الخوض في درب الفن لابد أن يذهب للقاهرة لأنها هوليود العرب كما يقولون. والمغرب للأسف بالرغم من وجود مواهب في جميع ميادين الغناء والطرب إلا أنه لا يتوفر على الأهم. ألا وهو الآلة المحركة لصناعة الفن من دعاية وإشهار وشركات إنتاج وغيرها من ميكانزمات صناعة النجوم وتقنيات "الماركوتينغ" وتسويق الفنان. نحن محتاجون لكل هذا كي تقتحم الأغنية المغربية كل البيوت وتفرض نفسها، لاحظ أنه في بعض الأحيان تقتحم علينا أغنية خلوتنا ونحفظها عن ظهر قلب بكثرة ترددها وسماعها في كل مكان وزمان. أما لحد و مادامت هذه الشروط غير متوفرة فالذهاب إلى مصر يبقى السبيل الوحيد لعاشق الفن.
* ولكن هناك فنانات لم يذهبن لمصر وتألقن؟
** مثل من ؟
* نعيمة سميح مثلا
** نعيمة سميح حالة خاصة وفنانة كبيرة، ظهرت عندما كان في المغرب قناة واحدة ليس للمشاهد بد منها. ولم تكن هناك منافسة شرسة مع الفضائيات التي تحدثنا عنها من قبل. والفنانات محسوبات على رؤوس الأصابع، أما الآن فالأمر مختلف.
* هل من الممكن أن تقوم أمينة بنفس الخطوة التي أقدمت عليها الفنانة عزيزة جلال؟
** ماذا تعني.
* أن تتركي الفن عند الزواج
** أنا فعلا أمام هذا الخيار الصعب، أحترم كثيرا الفنانة عزيزة جلال وقد قدمت الكثير و أتمنى في يوم ما أن أكون مثلها. لكنني تلقيت عروضا للزواج والتخلي عن الفن و الغناء ورفضت بعفوية لأني أحب فني، ولا أستطيع العيش بدونه. إن الغناء ليس مهنة أستقيل منها بسهولة إنه الدم الذي يسري في عروقي.
* وكيف كانت رحلتك إلى مصر؟
** لقد كانت صعبة جدا ودامت حوالي السنة والنصف، خصوصا من أجل تعلم اللهجة وعادات وتقاليد المجتمع المصري. لكن بالمثابرة والجد يمكن للإنسان أن يتخطى كل الصعاب. إضافة إلى أن الاستقبال الخاص الذي خصني به الجمهور المصري وانتظار الجمهور المغربي لأعمالي جعلني أبدل أقصى ما في وسعي.
* ما الذي غيرته الشهرة في حياة أمينة؟
** في الحقيقة الشهرة وحب الناس يسعدني ولا أشعر بأي امتعاض من المعجبين الذين يوقفوني في الشارع للحديث معي لقد أصبحوا جزءا من حياتي واهتمامهم يسعدني، فالفنان بلا جمهور لا يساوي شيء.
أجرى الحوار جمال الخنوسي

على هامش المعرض الدولي للنشر و الكتاب بالدار البيضاء
أزمة قراءة .. أم أزمة كتابة ؟

كان انعقاد المعرض الدولي للنشر و الكتاب بمدينة الدار البيضاء في دورته 12 و بصيغته الجديدة حيث أصبح نشاطا سنويا بعد أن كان يعقد مرة كل سنتين. مناسبة لطرح مجموعة من الأسئلة الملحة و المزعجة في آن واحد. و بالخصوص تلك المتعلقة بالكتاب و القراءة داخل المجتمع المغربي.
لا بد أن الحسم في كوننا مجتمع لا يقرأ أمر لا يحتاج لا إحصاءات و لا دراسات حتى نصل لنتيجة حزينة مفادها أننا مجتمع لا تعتبر فيه القراءة طقسا من طقوسنا اليومية . الأمر الذي جعل بعض المتشائمين يرون أن إقامة تظاهرة كالمعرض الدولي للدار البيضاء خطوة بلا جدوى أو نفع ، مادام القارئ المغربي كائن خرافي أو ديناصور انقرض منذ الأزل بل لم يكن له وجود بالمرة . و الجميع يذكر قصة الكاتب المغربي أحمد بوزفور الذي رفض تسلم جائزة عن كتاب باع منه 600 نسخة !! من هنا يصبح السؤال ملحا و حيويا : لماذا لا نقرأ ؟ كسؤال يختزل إشكالا أكبر و أوسع : لماذا لا نستهلك المنتوج الثقافي بشكل عام؟
يقول الناقد والكاتب أحمد اليابوري في محاولة منه للجواب على هذا السؤال إن أحسن الكتب في المغرب يطبع منها 5000 نسخة لأن المبيعات ضعيفة جدا ويبدو لأول وهلة أن المغاربة ليست لهم عادات القراءة لأسباب متعددة : فالمدرسة لا تلقن ولا تعلم التلميذ القراءة. و لم تعد هناك مكتبات مدرسية بها تقاليد استعارة الكتب كما كان الشأن من قبل. ثانيا ربما المستوى المالي لشرائح كبيرة في المجتمع و القدرة الشرائية الضعيفة تجعل من الكتب آخر اهتماماتهم. ثالثا. إضافة لإغراءات التلفزيون والأنترنيت التي قضت على هذه الرغبة أي رغبة القراءة. في الحقيقة هناك أسباب متعددة وكل سبب ينحصر في جماعة معينة. ولا ننسى أيضا الأمية التي تصيب شريحة واسعة من المجتمع قد تبلغ 50% . فعندما نتحدث عن القراءة نتحدث بالأساس عن المجال الحضري أما المجال القروي فهناك غياب للقراءة. وحتى في هذا المجال الحضري فنجد نخبة معينة هي الوحيدة التي تهتم بالقراءة. والمغاربة ليس لهم اهتمام بقراءة كتب في إطار الثقافة العامة. أو ما نسميه قراءة اللذة. بل هناك اقتصار على قراءة تخصصية فقط.
أما الأستاذ عبد الجليل عقار رئيس اتحاد كتاب المغرب فيقول إن الحديث عن أزمة في القراءة ربما تعبير فيه نوع من المبالغة أو عدم الدقة. فما نعانيه في المغرب هو ضعف في الإقبال على استهلاك المنتوج الثقافي ككل. فكم هو عدد الذين يشاهدون المسرحيات؟ كم عدد الذين يشاهدون السينما؟ كم عدد الذين يشترون الكتاب ويقرؤونه؟ إن المسألة أبعد من القراءة ذاتها. إنها تمس بنية الاستقبال والتلقي للمنتوج الثقافي في عمقه وكليته. وهذا أمر بالفعل يقتضي إجراءات وتفكيرا معمقا جديدا، لأن ضعف الإقبال على القراءة أو على استهلاك المنتوج الثقافي له أسباب بعضها نابع من تغير منظومة القيم التي ربما ألقت بالعديد من الأفكار السامية إلى الهامش ، لعدم فعاليتها أو لعدم قدتها على الاستجابة لما هو يومي وفيها ما يرتبط بمنظومة التعليم وفيها ما يرتبط بالعادات اليومية للمواطن المغربي . حيث لم تترسخ بعد في المغرب ثقافة تجعل من القراءة ومن استهلاك المنتوج الثقافي عادة يومية مستحكمة وسائدة . ومن بين العناصر التي من الممكن أن تلعب دورا في التحفيز على القراءة ضرورة إيجاد استراتيجية إعلامية في المستوى المسموع والمكتوب والمرئي على الخصوص. وبالدرجة الأساسية خلق حوافز للتشجيع على القراءة حتى ولو كان الحافز هو تخصيص حيز واسع للإشهار من أجل جعل القراءة عنصرا أساسيا في التعليم باعتباره مكونا أساسيا للمواطنة. يمكن أيضا التفكير في صيغ لمباريات وسباقات للقراءة تعني وتهم النساء والشباب ويكون هذا السباق للقراءات يتوج بجوائز وحوافز تربط بين الإقبال على القراءة والإقبال على الحياة نفسها وإعادة التفكير فيها. هناك جهد في هذا الاتجاه ينبغي بدله من أجل إعادة الاعتبار للقراءة واستهلاك المنتوج الثقافي.
وفي الحقيقة العزوف على الاستهلاك ليس مغربيا صرفا ولا يمكن الجزم مادامت الإحصاءات الدقيقة غير متوفرة. بالرغم من وجود عدة بحوث لرصد وتقويم ظاهرة العزوف عن القراءة. الأسباب كثيرة ومتنوعة ولابد أن ندخل في مقدمتها الأمية، فنسبتها لا تزال مرتفعة . ولابد أيضا أن ندخل فيها إيقاع اليومي الذي يدخل أولويات لا يدع مجالا معها لإفساح المجال لتحقيق رغبات تتجاوز ذلك اليومي ومتطلباته كالحق في الشغل والتطبيب والسكن وغيرها. هناك أيضا غياب تصور متكامل يدرج التفكير في القراءة والمنتوج الثقافي ضمن سياق عصري ليصل إلى القراء . فكما هناك حملات إشهارية قوية حول منتوجات بعينها أو أصناف من القيم الجديدة ينبغي أن تتجه وسائل الإعلام أيا كانت طبيعتها لهذه الوجهة بتخصيص أحيان مهمة للوصلات الإشهارية للتحفيز من جهة على القراءة والمنتوج الثقافي أيا كانت طبيعته. وربط ذلك بقيم المواطنة وقيم التمدن و قيم التواصل والانفتاح على الآخرين لأن القراءة وإن كانت فردية فهي أداة لخلق التواصل مع المبدع لذلك الكتاب و مع المشاركين في الجريدة أو المجلة أو في برنامج تلفزيوني . ينبغي إيجاد آليات ملموسة عصرية تستثمر تكنولوجيا الاتصال المتطورة لأجل خلق دينامية أخرى والإقبال على المنتوج الثقافي والقراءة.

بالمقابل هناك من يجعل النقاش يسير في منحى آخر. فماذا لو كانت أزمة القراءة في الحقيقة أزمة كتابة. فبمجرد تصفح الكتب المغربية المعروضة نجد أغلبها كتبا تتعلق باختصاص معين لن يقبل عليها إلا القارئ المتخصص و الدارس والمهتم بالمجال الذي تنتمي إليه. أو روايات تتميز بنوع من الدسامة والكثافة تصل في بعض الأحيان لدرجات لا تطاق . ربما هي روايات متميزة ومجددة وتمتلك مقومات جمالية في بنيتها السردية والحكائية (و جميع مصطلحات النقد الأدبي الحديثة منها والقديمة) مع ذلك تبقى رواية غير مغرية بالقراءة لمتلقي يريد ممارسة هوايته قبل وصول وقت نومه! لماذا إذن لا نجد كتابا يغري بالقراءة و يمنح لذة ومتعة الاسترسال فيها؟ لماذا لا نجد كتابا يقبل عليه الناس بشغف ؟وحتى في فرنسا مثلا نجد أعلى مبيعات الكتب يحتل مراتبها الأولى كتابا ليسوا بأكاديميين ولم ينالوا الجوائز التقديرية الكبرى في البلاد ويفتقرون حتى لاعتراف النقاد بهم وإعارتهم أدنى اهتمام . كما هو الحال بالنسبة لمارك ليفي الذي حضر معرض الكتاب والنشر بالدار البيضاء هذه السنة والذي يحتل مقدمة لائحة مبيعات الكتب في فرنسا 3 سنوات على التوالي.
وهذا ما يؤكده الكاتب و الصحفي رشيد نيني حيث يعتبر ما يسمونه "القدرة الشرائية" للمواطن بعيدة كل البعد عن الشبهة التي يلصقونها بها و بريئة من هذه التهمة. لأن السبب الأساسي للعزوف عن القراءة بالنسبة له يكمن في مستوى المنتوج الثقافي الذي لا يرقى لمستوى تطلعات المتلقي المغربي و لا يعبر عنه و عن همومه. بل يسرح في ملكوت اللامعقول و عوالم من الخيال "المريض". و هذا ما ينفر القارئ بشكل تام و بلا عودة. و نحن جميعا ، يقول نيني ، مازالنا نذكر الكتب المقررة قديما في الثانوي حيث كان الطالب مجبرا على قراءة أعمال ك"وادي الدماء" لمحمد بنجلون و"رفقة السلاح و القمر" لمبارك ربيع و "المعركة الكبرى" ... إنها أعمال منفرة و الدليل على ذلك أن هناك أعمالا تعرف رواجا كبيرا مثل كتب فاطمة المرنيسي و محمد زفزاف و محمد شكري و يقبل عليها الناس بينما تبقى كتب عبد الكريم غلاب مكدسة على الرفوف!! الكتاب الجيد يقبل عليه الناس ضدا على لوبيات الكتابة الأدبية و النقاد الذين تحولوا إلى "نقاد" (من النقود).. الذين كونوا عصابات يتقاسمون داخلها و لائم و "زرود" الأدب و الكتاب في هذا البلد.
و يقول نيني إن كتابه "يوميات مهاجر سري" وصل الآن لطبعته الثانية و بيع منه أكثر من 6000 نسخة و لا أحد يتحدث عنه في وسائل الإعلام !! فقط لأنه ليس له أي ولاء لأحد و لا يستغل الشخصيات النافذة و لا ينتمي للشبكة "إياها".
و في نفس السياق يرى نور الدين الزاهي أن لدينا في المغرب روايات أعقد من التعقيد في حد ذاته. وتدرس في المدرسة مثل "أوراق" لعبد الله العروي و"لعبة النسيان" لمحمد برادة. إنها روايات غير صالحة لتدرس في المدرسة لأنها مقززة . الناقد يجد صعوبة في تحليل هذه الروايات (صعوبة في تحديد معنى النسيان في رواية برادة وتحليل شخوص "أوراق") فما بالك بتلميذ يفتح عينيه على عمل روائي بهذا الشكل!! لابد أنه ستتشكل لديه نظرة سلبية عن شيء اسمه "رواية"، وكما قال عبد الفتاح كيليطو: إذا أردت أن تقتل كتابا فادخله باب المؤسسة المدرسية. من قبل كنا نقرأ روايات ك"أولاد حارتنا" و"زقاق المدق" لنجيب محفوظ، وروايات يوسف إدريس وهي روايات كان يقرؤها الطالب كما تقرؤها ربات البيوت.
الأدب المغربي والمغاربي على العموم هو أدب للنقد وليس للقراءة . فالكاتب عندنا يكتب رواية ما، ليس لقارئ مفترض بل لناقد مفترض . ويبقى الحوار بين ناقد ما ، وكاتب ما، حول رواية ما ،على صفحات جريدة ما، ولا يعيرها أحد أي اهتمام.
في الحقيقة لنتحدث عن أزمة القراءة كأزمة كتابة يجب أن يكون لنا كتاب مثل إحسان عبد القدوس أو نجيب محفوظ وتكون لنا دارللنشر مثل "الهلال" التي تطبع الملايين من النسخ عن الكتاب الواحد، ليست لنا البنية التحتية لتجعل الإقبال على الكتاب سهلة، سلسة ويسيرة.
في الحقيقة يجب طرح سؤال القراءة ككل أو الثقافة المغربية على الطريقة التي طرح بها كانط سؤال الفلسفة في القرن 18 : كيف تصبح الفلسفة شعبية ؟ هنا لا نتحدث عن جعل المضامين الفلسفية مضمحلة، بل كان كانط يتحدث عن الكيفية التي يجعل بها الفلسفة مقروءة، نفس السؤال يجب طرحه : كيف نجعل الثقافة مقروءة في المغرب ؟ ومتى سيتم هذا اللقاء؟
سؤال أزمة القراءة يضعنا أمام حيرة . أولا ليست هناك أرقام مضبوطة حتى نقول هل هناك أزمة أم لا فلابد من دراسة كمية مضبوطة لمقاربة هذا السؤال على ضوء أرقام الأمية في المغرب هذا بالإضافة إلى استحضار ثمن الكتاب و طبيعة المكتبات وأماكن القراءة. كل هذه المتغيرات يجب أخذها بعين الاعتبار. هذا مستوى أول.أما المستوى الثاني فيتحدث عن كيف تتحول القراءة إلى تقليد، وهذا مستوى آخر يتطلب أكثر من 40 سنة من العمل في محور القراءة والتركيز عليها لأجل بناء مجتمع له هذا التقليد. هذا بالطبع بعد تعميم القراءة أي خلق مجتمع بلا أمية. إن ذلك يتطلب جهدا كبيرا ووقتا طويلا. تتحول معه المدرسة إلى فضاء و الشارع العمومي إلى فضاء و القطار إلى فضاء. فضاءات تدفع للقراءة أو على الأقل أن يختبئ الفرد داخل مكتوب ما. وهذا التقليد مؤشراته لازالت غائبة. فدور النشر لا تهتم بالكتاب الذي "يلقى" أي (Livre jetable) أي الذي يمكن أن تقرأه في سفر بين البيضاء والرباط! وقد يكون ثمنة 4 أو 5 دراهم، يضم 25 صفحة مثلا ويكون شيئا مختلفا عما يسمى كتاب الجيب . الملاحظ أن دور النشر لا تفكر في مثل هذا المشروع. من جهة أخرى المكتبات هي الأخرى مازالت فضاء مفزعا. إنها تفزع الباحث فبالأحرى المواطن العادي من حيث تعقد الولوج إليها و تعقد كيفية الحصول على الكتاب إضافة لبيروقراطتيها الصغيرة . إذن الشروط العامة لتشجيع بروز تقليد للقراءة غير متوفرة بالمرة.
أما الروائي الطاهر بنجلون فيرى أنه علينا تجنب الحديث عن أرقام المبيعات لأنها لا تعكس مستوى القراءة في مجتمعنا و المجتمعات العربية ككل حيث أن الكتاب الواحد عندما يدخل بيتا عربيا فإنه يصبح في متناول عائلة بأكملها والجيران أيضا ، وذلك نظرا لضعف القدرة الشرائية. هناك حقيقة مشكل العزوف عن القراءة ، ولكن أيضا هناك قراء لا نعرفهم ويوجدون خارج الإحصاءات التقليدية.
جمال الخنوسي

21‏/02‏/2006


"المقدس الإسلامي" سؤال لصلة المقدس بالسياسة

"المقدس الإسلامي" هو اسم الكتاب الجديد للأستاذ نور الدين الزاهي بعد كتابه الأول "الفلسفة واليومي" و كتاب " الزاوية و الحزب".
انتاجه الأخير الذي أصدرته دار النشر توبقال يتضمن 3 فصول : يتطرق الفصل الذي عنونه الكاتب بالمقدس والدنيوي لمفهوم المقدس وطبيعته و اشكالية تعريفه. والفصل الثاني المعنون ب "الطقوسي والرمزي" يناقش فيه الكاتب البعد الرمزي للنص الطقوسي أما الفصل الثالث المعنون بالتضحية و العنف فيتطرق للعلاقة بين الأضحية كطقس ديني والعنف من جهة و تحول العنف القدسي إلى عنف سياسي من جهة أخرى، بالإضافة إلى تقديم يمهد للإشكال العام وخاتمة تحاول رصد العلاقة بين الإسلام والسياسة.
يصف الزاهي كتابه بكونه مجموعة من الدراسات المتفاوتة من حيث الحجم ومن حيث زمن النشر لكن سؤالها هو سؤال واحد اشتغل عليه منذ 20 سنة و هو سؤال المقدس وأنماط اعتقاد الناس. ولهذا السبب يجد قارئ الكتاب أنه مجزء لثلاثة فصول في الحديث عن المقدس والحديث عن المجال الطقوسي لينهي الكتاب بالانتقال من المجال القدسي إلى المجال الرمزي وقد حاول أن أثير بنوع من الدقة مواضيع قد لا تتبادر إلى الذهن. كعلاقة الأذن بالعين مثلا. إنها مناطق ستثير القارئ وفي نفس الوقت يستغلها المقدس للتعبير عن ذاته برمزية قوية. وقد يطرح سؤال ما الداعي لنشر هذه الدراسات على شكل كتاب. والتي هي في الحقيقة مجموعة دراسات ثم نشرها في وقت سابق بمجموعة من الجرائد والمجلات المغربية، إنه في الحقيقة شكل من التحفيظ لمجموعة من الأفكار التي حاول الزاهي أن أتابعها. والتي أودت به إلى الدراسة التي أتمها مؤخرا لنيل دكتوراه الدولة في موضوع عن علاقة المقدس بالمجتمع المغربي الحالي والتي يستعد لنشرها قريبا، وهو في الحقيقة تعميق للنظر في الموضوع الذي اشتغل عليه . إنها أفكار ناضجة لأطروحة ميدانية اعتمدت التنقيب في كنه المجتمع المغربي عما يخدم الطرح الذي اشتغل عليه المؤلف . فكتاب "الزاوية والحزب" تناول الزاويا في طبيعتها المؤسساتية من خلال وظيفتها التنظيمية الداخلية والخارجية أما كتاب "المقدس الإسلامي" فهو خروج عن هذه الطبيعة المؤسساتية إلى الحديث عن العلاقة بين هذه المؤسسة والمجتمع. والكتاب القادم الذي هو نفس السؤال لكن بصيغة أكاديمية صرفة تحتوي على مقارنات قد تبدو غريبة جدا لكنها جريئة.
و قد يبدو أن كتاب "الفلسفة واليومي" عملا خارج السرب لكنه كان في الحقيقة استعدادا للاشتغال في ميدان الفينومينولوجيا واعتبره تمرينا و تقديم للأعمال الأخري التي تلته و يقول الزاهي بأن لهذا الكتاب قيمة و مقاما خاصا لذيه.
و يقول الزاهي في كتابه الجديد "بالابتعاد عن دائرة الإسلام النصي نحو تجسده التاريخي ـ الجمعي في نمط عيش مجتمع معين. و كذا عن السياسة كمبحث كلامي إلي مجال تجسدها في سلطان سياسي ناشئ أو قائم . ينقلب سؤال العلاقة بين الإسلام و السياسة إلى مبحث في الكيفيات التي يحضر بها الإعتقاد مع السلطان السياسي. إنه سؤال صلة المقدس بالسياسة و من ثم صلة الكيفيات التي تجسد بها المقدس ـطقوس ـ رموز ـ حكايات ـ معتقدات ...) في العيش بأنماط السلطان السياسي التي تتجسد بها السياسة.
لن ندعي أننا قدمنا أجوبة مطلقة عن هذذه الأسئلة. و في الآن نفسه لم نتركها معلقة. بل فتحنا باب تفكيرها عبر تفكير الآليات التي تنتج و ترسخ بها إحدي المؤسسات الرمزيية (مؤسسة المضحي) الصلات بين القدسي و السياسي".
جمال الخنوسي


19‏/02‏/2006


"موسم جاف" .. فيلم جاف

عرضت القناة الثانية مساء الجمعة فيلما تلفزيونيا بعنوان "موسم جاف" من إخراج رضوان القاسمي، بطولة كل من محمد خيي وفاطمة أوشاي وعبد الغني صناك وثريا العلوي وهدى الريحاني.
الفيلم يحكي قصة رجل في الخمسين من عمره يدعى السيد جعفر، يختار ضحاياه من بين الأرامل الثريات لينصب عليهن، حيث يتزوج من الواحدة منهن وبعد أن يسلبها مالها ويفقدها رشدها يهجرها إلى أخرى، مخفيا شروره وراء هيبة وسلطة مبالغ فيهما، تعرف جعفر على منى وهي أرملة تعيش في إحدى الضيعات بضاحية المدينة مع ابنها بدر الذي أنجبته من زواج سابق، ولكي يحطمها بعد أن كتبت كل أملاكها في اسمه يلجأ إلى مكائد جهنمية كأن يوقظها في الليل ويتظاهر أنه نائم. وعندما تستنجد به ظنا منها أن شخصا غريبا اقتحم الغرفة، ينهال عليها بالسب وأحيانا بالضرب حتى أصبحت الليالي بالنسبة إليها جحيما.
بهذا الشكل تبدو القصة جذابة وتستحق الاهتمام، إلا أن طريقة كتابتها بعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال التشويق والإثارة، حيث أن كل المعطيات تقدم مجانا من الوهلة الأولى ويلم المتفرج بكل حيثيات القصة ولا ينتظر سوى العدالة الالاهية لتفعل فعلتها وتنتقم من محمد خيي الذي يقوم بدور سي جعفر. الفيلم لا يتوفر على أية توابل تجعل المشاهد يصبر طوال الساعة والنصف التي هي المدة الحقيقية للفيلم لأنه في الحقيقة يعطي الانطباع على أنه أطول من ذلك بكثير!
إن الأمر لا يتحمله بأي شكل من الأشكال المخرج رضوان القاسمي الذي يخوض تجربته الأولى في الإخراج التلفزي الدرامي الذي يأتي في إطار ما أسمته القناة" تعزيزا لرصيد الإنتاجات الدرامية الوطنية للقناة الثانية، ومناسبة لفسح المجال أمام مبدعين شباب" فكثيرا ما تتبعنا حركات الكاميرا بنوع من الشغف و الجمالية ، خاصة في اللقطات الخارجية عندما كان يبحث جعفر عن الدخيل المفترض داخل ضعيته.
وبالرغم أيضا من المجهود الذي بذله الممثلون خصوصا فاطمة أوشاي وثريا العلوي من أجل الرفع بمستوى الفيلم، بقي الحوار تافها وسطحيا و جعل الممثلين ينطقون بجمل متفرقة لا رابط لها ولا معنى، وجعلتنا نرى الشخصيات كأنها كركوزات أو شخصيات آلية تردد ما لقنت بلا روح أو حس.إن فكرة السيناريو جيدة لكن تحديد ملامح الشخصيات مهزورة وغير مضبوطة.
إن فيلم "موسم" سقطة لا تغتفر للكاتب يوسف فاضل الذي كتب السيناريو والحوار وربما هذا حكم قاسي لأن فاضل عودنا على أعمال في مستوى أحسن وكنا ننتظر منه نوعا من التقدم والتطور وليس انتكاسة مثل التي أتحفنا بها مؤخرا.فقد سبق له التألق في أعمال رائدة كفيلم "جوهرة" الذي كتب حواره وأنجز السيناريو صحبة المخرج سعد الشرايبي.
كما تتحمل لجنة القراءة مسؤولية كبيرة بالموافقة على نص بهذا الضمور والهزال. ولابد أن اسم يوسف فاضل وسمعته جعلت اللجنة "مرنة" و بهذا الشكل . هذا "التساهل" نخشى أن يصبح قاعدة بعد أن تتكرر نفس الشيئ مع كاتب معروف اسمه المسسكيني الصغير في فيلم حكاية زروال . وهي بهذا الطقس العجيب الذي سنته لنفسها إنما في الحقيقة أخطأت في حق المشاهد، وفي حق مخرج شاب شاء حظه العاثر أن يفتتح مسيرته بنص لا يمتلك المقومات الأساسية لعمل درامي، وأخطأت في حق يوسف فاضل لأنها لطخت مسيرته الحافلة بعثرة نتمنى أن تتبعها قفزة للأمام.
وربما مشاهدة هذا الفيلم تعيد للأدهان إلحاح جميع المخرجين المغاربة واعتبارهم أزمة الدراما المغربية أزمة سيناريو على الخصوص لأنهم تجاوزوا كل العقبات التقنية ، لا من الناحية اللوجيستيكية ولا من ناحية المهارت وطرق التعامل مع ما جد في عالم التصوير والمونطاج.
لقد أضحت مسألة الاهتمام بكتابة السيناريو أمرا حيويا ومستعجلا، حتى لا تتكرر مثل هذه المهازل التلفزيونية ومهازل أخرى سينمائية كانت حاضرة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة. لا بد إذن من مدرسة أو معهد لتدريس أصول كتابة السيناريو ولابد أيضا من دورات تدريبية وورشات وتتبع للكتاب.
جمال الخنوسي


17‏/02‏/2006


الكاتب المغربي الطاهر بنجلون لصوت الناس :
قضية الرسوم الكاريكاتورية جاءت لتكرس الشرخ العميق بين الشمال و الجنوب
يعتبر حضور الكاتب المغربي المعروف الطاهر بنجلون للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء في دورته الثانية عشر الحدث المميز إضافة لحضور كل من فيليب كلوديل ومارك ليفي. ويكفي أن يلاحظ المتتبع الحضور المكثف للجمهور في كل ظهور له وإقبالهم على روايته الجديدة "الرحيل" (Partir) . الطاهر بنجلون يعتبر في الوقت الراهن سفير الأدب المغربي . مكانة يعززها حضوره المستمر وإبداعه الغزير، وانشغاله بقضايا وهموم وطنه. في الحوار التالي الذي خص به جريدة «صوت الناس» حدثنا عن روايته الجديدة وعن أزمة الكتاب والقراءة وعن المغرب وهمومه وتطلعاته.
** في البداية نتحدث عن روايتكم الجديدة "الرحيل" لماذا هذا العنوان الحزين؟
السبب الأساسي لذلك هو أن الموضوع مؤلم لأن فعل Partir في اللغة الفرنسية له عدد كثير من المعاني وكلها تحمل شكلا من العنف . الرحيل يعني أن تترك أشياء في مكانك الأصلي ، وفي نفس الوقت جزء من الهوية. أفضل "المغادرة" أي يغادر الشخص هويته ويظن أنه بهذا الفعل يتغلب على الواقع ويحاول أن يصلح إعوجاجه. كلمة "Partir" تحمل كل هذه المعاني وتختزلها وهو ليس رواية عن المنفى فقط بل رواية عن معاناة شخوص تعتبر نفسها ليست في المكان اللائق بها. والهجرة هي فقط وجه من وجوه الفشل والإخفاق الذي يتخبط فيه الشباب الذين درسوا في الجامعات والمعاهد العليا ولكن للأسف الأوضاع الاقتصادية للبلاد في التسعينات وحتى اليوم أيضا لم تجعله ينجح في مشروع إثبات الذات والحق والوجود. حتى أن الحالة المزرية لهؤلاء الشباب تجعلهم يعتمدون على الآخرين لتوفير أبسط الحاجيات وهذا ما يدفعهم للتفكير في حلول خطرة.
* بالنسبة للمعاناة التي تحدثتم عنها ، فقد كنتم تنقلونها برؤية أو منظار من الضفة الأخرى . أما في الرواية الأخيرة فإنكم تنقلونها من جهة البلد الأصلي. لم هذا التحول؟
** أنا لاحظت بألم ما يحدث من معاناة لشريحة واسعة من المواطنين يعجزون عن توفير أبسط ظروف العيش. من قبل كنا نتحدث عن العمال المهاجرين الذين كانوا يغادرون البادية متوجهين إلى المدينة ليبيعوا قوتهم و مجهودهم العضلي لأنهم غير متعلمين و ليست لهم شواهد .أما الآن فالأمور تطورت والمغاربة بدلوا مجهودا كبيرا من أجل الدراسة والتعلم ، واضطرتهم الظروف للهجرة لأنه ليس هناك بديل آخر. روايتي في معناها العميق تقول إن الهجرة ليست حلا مناسبا أو ليست حلا على الإطلاق. ولا أظن أن مستقبل المغرب ومصيره يكمن في الهجرة. لقد كانت هذه الخطوة في زمن ما حلا أملاه الاستعمار نظرا لحاجته لليد العاملة أما الآن فقد تغيرت الأمور وعلينا أن نبحث لأنفسنا عن حلول أخرى والتي يمكن أن نبلورها داخليا أو من خلال مساعدات من الخارج والتفاوض مع الاتحاد الأوربي.
* البعض يلاحظ على أعمالكم الأدبية أنها تكرس نفس النظرة والتصور للمغرب الذي يحتضر ويموت وليس مغرب الممكن والتطلعات.
** إني أعتبر أن دور المبدع و الأديب ليس هو تنظيم الحفلات والزغردة وراء المنجزات. الكاتب والروائي يبحث دائما عن حالة توتر لأن التوتر هو الذي ينتج أدبا. فليس هناك عمل إبداعي مهم ينتج في ظل السعادة والهناء. الكاتب يبحث في العراقيل والمشاكل لأنها هي موضوعه المفضل الذي يمس مشاكل وقلوب الناس. هذا هو منطلق الكتابة. ودور الأدب هو الازعاج والتنديد باعتباره شاهد على ما يقع. المجتمع السعيد ليس في حاجة لأديب.
* لنتحدث عن عالم الكتاب ككل. لقد كتب الإيطالي أومبرتو إيكو من قبل عن ما سماه بـ"انتقام الكتب" والحضور المكثف الذي لاحظناه في المعرض يثبث هذه المقولة أي عودة الاهتمام بالكتاب بالرغم مما كان يقال من قبل على أن نهايته ستكون على يد الحاسوب والأنترنيت.
** أنا لم أكن قط مع هذا الطرح ولم أفكر إطلاقا أن الكتاب سينتهي يوما ما خصوصا مع ظهور التكنولوجيا الجديدة، صحيح أن الشباب منجدبون بهذا النوع من الأدوات التي نعترف بروعتها وجاذبيتها لكن دائما الأصل والعودة للأصل المتمثل في الكتاب. نحن كلنا نتاج للكتاب لا العالم الغربي ولا العالم الإسلامي.
وأنت ترى الآن كيف أن المس بمقدساتنا الإسلامية من خلال الكاريكاتيرات أثار ضجة في العالم لأنها بالخصوص مست كتابا وكلمة وخطابا.

وأنا كنت سعيدا جدا عندما رأيت إقبال أطفال صغار وشباب ومراهقين على معرض الكتاب . علينا أن نقوم بتعبئة في جميع أنحاء المغرب من أجل تحفيز المغاربة على القراءة وتربية تقليد وطقس للقراءة والكتاب والناشئة هم جيل المستقبل ومغرب الغد وإذا أعطيناهم حب الكتاب وعرفوا أهميته فلا خطر إذاك على الكتاب كوسيلة للتواصل.
* تحدثتم عن أهمية القراءة وقدمتم دعوة من أجل تكوين ناشئة تقرأ هل هو اعتراف بأزمة؟
** الأزمة لا تقتصر على المغرب فقط بل هي ممتدة في العالم العربي ككل وتمس أوربا بشكل طفيف. لقد شاركت في ندوة بإحدى الدول العربية حول أزمة القراءة . وكان متواجدا بها مجموعة من الروائيين المصريين واللبنانيين.. الكل يشكو من نذرة القراء ويتحدثون عن قلة المبيعات. لكن يجب ملاحظة أمر مهم يكمن في أن الكتاب في العالم العربي لا يجب أن يقاس برقم المبيعات، لأن الكتاب عندما يدخل بيتا عربيا فإنه يصبح في متناول عائلة بأكملها والجيران أيضا ، وذلك نظرا لضعف القدرة الشرائية. هناك حقيقة مشكل العزوف عن القراءة ، ولكن أيضا هناك قراء لا نعرفهم ويوجدون خارج الإحصاءات التقليدية.
* هناك من يقول أن أزمة القراءة كرستها أزمة الكتابة، لأنه يلاحظ إقبال مثلا على كتابتكم وكتابات أسماء أخرى قليلة فقط.
* في الحقيقة لا يمكن أن أجزم في هذا الأمر لأن إطلاعي على الأدب المغربي قليل بحكم إقامتي في فرنسا، أما فيما يخص مسألة الإقبال على كتبي والحضور الكثيف للقراء في اللقاءات التي أعقدها، فأنا أفسرها بالخصوص بفراغ الحياة الثقافية هنا. فمثلا من الممكن أن يعقد كاتب كبير لقاء مفتوحا مع الجمهور في باريس ولن يحضره إلا قلة قليلة من المتتبعين لأن باريس تزخر بالحركة الثقافية واللقاءات المتنوعة والمختلفة. ونفس الكاتب يمكن أن يحقق نجاحا باهرا في أي مدينة أخرى في جميع أنحاء فرنسا لأن الجمهور متعطش لمثل هذه التظاهرات ويعتبرون وجوده "حدثا" مميزا . وأنا بطبيعتي أفضل الحديث واللقاء مع الأطفال والصغار في المدارس الابتدائية وحتى الإعدادية لأحدثهم عن مشاكل كالعنصرية وغيرها.
* تستعدون لإصدار عمل جديد اسمه "يما" مترجم للإيطالية أولا تم سيرى النور بنسخته الأصلية الفرنسية الفرنسية سنة 2007 عن دار النشر غليمار. هل يمكن أن نعرف المزيد.
** في الحقيقة هذا العمل بدأت في كتابته منذ سنة 2000 أي انطلاقا من مرض والدتي إلى وفاتها يرحمها الله إنها سيرة ذاتية متخيلة. وأضرب لكم موعدا السنة القادمة لنتحدث حولها.
* نتحدث الآن إذا سمحتم عن موضوع العولمة . بعيدا عن الجانب الاقتصادي والاستراتيجي ، نريد الحديث عنها على المستوى الثقافي. إنا نلاحظ أن عملية التوحيد الثقافي تشتغل بقوة قاهرة . وفي نفس الوقت هناك رد فعل يتميز بفس العنف. فإذا كان المشروع الأول يتبنى مشروع التوحيد تحت الهيمنة الأمريكية فإن الاستراتيجية الثانية ترفع أعلام الهوايات اللغوية والأثنية الدينية أو ما يسمى في فرنسا بالخصوصية الثقافية. أنتم كمثقف متعدد الانتماءات كيف تنظرون لهذا الإشكال.
* أنا مع الخصوصية الثقافية لكل بلد ، لأننا لا يمكن أن نحارب العماليق الأمريكيين وكما يتحكمون في السينما الآن تخيل كيف سيكون الأمر مع الكتاب !! سيوزعون ملاييرالنسخ مصنوعة بالأساس وليست مصاغة بشكل إبداعي أدبي منبعها القلب. سوف يجعلون من العمل الأدبي تقنية تنجز كتابا تحت الطلب وبشروط معينة والمؤلف غير مهم يمكن أن يضعوا أي اسم للترويج . والعمل الإبداعي ينجز من طرف يد عاملة كما هو الأمر في معمل لأي منتوج استهلاكي.

حاوره جمال الخنوسي

الطاهر بنجلون في الدار البيضاء
احتضنت قاعة عبد الله إبراهيم أول أمس ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر و الكتاب لقاء مفتوحا مع الكاتب المغربي الطاهر بنجلون الذي حضر من أجل مناقشة و تقديم عمله الجديد "الرحيل".
تميز اللقاء بحضور مكثف للجمهور من مختلف الأعمار.
أخذ الكلمة في البداية مليم العروسي وقال بأن الحضور المكثف للجمهور هو في الحقيقة تكريم لكاتب كبير كالطاهر بنجلون باعتباره إرثا وطنيا. ورمزا يدافع عن القضايا العادلة كقضية الشعب الفلسطيني أو يساير هموم الشعب المغربي في تكوين الذات أو الدفاع عن المهاجرين وقضاياهم . كما حكى عن قصة بداية ولعه بكتابات بنجلون انطلاقا من "حرودة" إلى "الرحيل".
بعد ذلك تناول الكلمة الطاهر بنجلون و أشاد بوجود أطفال في المعرض حيث لاحظ تواجدهم المكثف في طريقه للقاعة الشيء الذي ينبؤ بمستقبل أفضل من خلال اهتمام الجيل الجديد بالكتاب لأن القراءة فعل يلقن. ثم مر مباشرة للحديث عن موضوع لابد أنه آثر التطرق له حتى يجنب الحاضرين عناء طرح سؤال حوله، حيث قال إنه لا يكتب باللغة العربية لسبب بسيط هو أنه لا يثقنها ولا يريد التطاول عليها. ولن يمارس أي نوع من الديماغوجية بتقديم وعود بالكتابة بها.
وعن دور الأديب يقول بنجلون بأن الكاتب شاهد على حقبته ومجتمعه. والشاهد لا يكون دائما سلبيا بل شاهدا متيقضا. ينظر حوله ، يلاحظ ويكتب ويصف ويسجل ويحكي القصص . ويقول ساخرا "إنهم يسألونني في فرنسا لماذا لا تكتب عن فرنسا كما تكتب عن المغرب فأجيب بأن فرنسا لا تحتاج لكتاب فلها المئات ، أما المغرب فهو في أمس الحاجة لي ولأمثالي ولحسن الظن أن في المغرب كتابا باللغة العربية والفرنسية والأمازيغية أيضا وهذا ما يخلق غنى المغرب الذي يتميز شعبه بخيال خصب قوي وواسع".
وعن روايته الجديدة "partir" التي ترجمت بـ"الرحيل" يقول إن الرحيل لا يعني الموت بل هو اقتلاع. والاقتلاع من الجذور هو التعبير الحقيقي الذي يخدم الرواية وهو المعنى الذي قصد. وأضاف بأنه لا ينتظر من رواية كيفما كانت درجة قوتها تغيير المجتمع المغربي وخلخلته ولكن على الأقل زرع تقليد القراءة. وبعد هذه الدعوة المفتوحة لتشجيع القراءة من الكاتب المغربي فتح باب الحوار مع الجمهور و عبر عن استعداده و انفتاحه على أي سؤال.
وقد ركزت معظم الأسئلة وتمحورت حول مشكلة الهجرة والعلاقة بين الشمال والجنوب وسوء الفهم السائد بين الطرفين . وقال بنجلون بأن هناك شرخا عميقا بينهما ، وقضية الرسوم الكاريكاتورية جاءت لتؤكد ذلك . حيث أننا لسنا متجاهلين (بفتح الهاء) فقط بل موضوع احتقار أيضا والشيء الخطير هو أننا لا نعرف أن نوصل لهم من نحن في الحقيقة ، وتقديم الصورة الحقيقية و المشرفة لنا لأننا لا نملك لا وسائل ولا صيغ التواصل.
وحول موضوع الكتابة باللغة العربية الدارجة يقول بنجلون أن دخول اللهجات في مجال الكتابة الأدبية سيقطع أواصر التواصل بين البلدان العربية ويخلق تشرذما لسنا في حاجة له في مثل هذه الأوضاع.
وحول كتابه "الإسلام مفسرا لابنتي" يقول إنه بدل مجهودا كبيرا للتعريف بحقيقة الإسلام. وترجم الكتاب حتى للغة الدانماركية وقدم محاضرات وعروضا هناك. ومع ذلك، يقول بنجلون، لم يمنع مجهوده مجموعة من "السلاكيط" من الإساءة للرسول (ص) والدين الإسلامي.
ويقول بنجلون إن الإساءة للإسلام أتت من مجموعة من الجهال ولا يمكن إعطاء أهمية للجهلة . وموقفه واضح في هذا الباب ، وعبر عنه في مقالات مكتوبة وللصحافة المسموعة والمرئية.
و في جوابه عن سؤال مختلف يعزو حضور تيمة الضعف الجنسي في كتاباته إلى كونه التحق في بدايته للعمل في مستشفى فرنسي يزوره العمال المهاجرون و كان الكثير منهم يشكوا من مثل هذا الاضطراب و هو يستعمله كرمز للحياة و الوجود لأن الانسان بلا جنس هو كائن ميت.
و قد أبان بنجلون في هذا اللقاء على حس فكاهي و ظرف و دعابة و مهارة كبيرة في التخاطب مع الجمهور و التحاور معه. و لم يقطع حبل التواصل الأدبي هذا سوى اصرار القيمين علي القاعة لإخلائها نظرا لقرب موعد نشاط آخر.

16‏/02‏/2006


خرج المغربي محمد مفتكر :
على المخرجين والمنتجين أن يكونوا في المستوى وينصتوا لنبض المجتمع المغربي

إذا كانت الجوائز التي وزعتها لجنة التحكيم في المهرجان الوطني الأخير للفيلم بطنجة عرفت نقاشا حول مدى أحقية هذا الفيلم أو ذاك بالجائزة الكبرى . فخلافا لكل نقاشات الكواليس هذه كان اختيار اللجنة لفيلم "رقصة الجنين " لمحمد مفتكر بالاجماع. حيث استقبل بالهتاف و التصفيق من الجميع. محمد مفتكر مخرج شاب لكنه مع ذلك يحمل هموما كبيرة . التقيناه في هذا الحوار الصريح ليحدثنا عن مشروعه لبناء لغة سينمائية مغربية ببصمة مميزة .

* كيف كانت انطلاقتك في الحقل السينمائي ؟
** لقد بدأت في الميدان السينمائي كتقني وكمساعد مخرج في مجموعة من الأفلام المغربية . وكنت المسألة كلها بالنسبة لي مرحلة مؤقتة مادام حلمي الكبير وهدفي الأسمي هو أن أصبح مخرجا سينمائيا. واخترت هذا الطريق لأن المغرب لا يتوفر على مدارس للسينما. بعدها درست السينما في أوربا وشاركت في ورشات عدة في كل من فرنسا وألمانيا وتونس . واشتغلت أيضا كمساعد في كتابة السيناريو ، بعد أن خضعت لتكوين في مجال الكتابة . ثم أخرجت فيلمي الأول بعنوان "ظل الموت" وبعده مباشرة الفيلم القصير "رقصة الجنين".
* في البداية لنتحدث عن "ظل الموت"..
** الفيلم يحكي إحباط الشخصية الرئيسية من خلال الشك الذي يخيم عليها دون معرفة إن كان ما تعتقده صحيحا أم خاطئا. إنها هلوسة تؤدي بالبطل للإنتحار. الشخصية الرئيسية تشك في أن لأبيه علاقة جنسية مع زوجته مما يدفعه لقتلهم ومحاكمتهم كجثث وفي الأخير يكتشف أنه لم يقتل أحدا وأن كل ذلك كان متخيلا . وبما أن شكه قد انتصر عليه فلم يستطع أن يواجه الحقيقة الذهنية فكان الحل الوحيد أمامه هو الانتحار. شارك في التمثيل حسن الفذ والسعدية لاديب و فاطمة الشيكر.
* على حد علمي فسعدية لاديب ستشاركك في فيلمك القصير الثالث.
** لا أعتقد ذلك لقد اعتذرت لأسباب شخصية جدا وأنا أحترم اختيارها.
* نعود لانتجاتك. ماذا عن الفيلم الثاني "رقصة الجنين"؟
** بالنسبة لهذا الفيلم فالطرح السينمائي يتشابه مع الفيلم الأول. الفرق الأساسي هو أن الشخصية الرئيسية امرأة. امرأة ذات مستوى ثقافي تريد أن تجهض نفسها وتتردد في الإقدام على هذه الخطوة. ترددها يجعلها تدخل في هستيريا، وتعيش عوالم داخلية تصفي فيها حساباتها مع نفسها ومع ثقافتها وفي آخر المطاف تعدل عن الإجهاض وتقرر أن تحافظ على الجنين.
* ما هو الخطاب الذي أردت إيصاله بهذا الفيلم؟
** في الحقيقة أنا لحد الآن و في إطار الفيلم القصير أقوم بعدة تجارب سينمائية. و بصدد الانكباب على دراسة مشروع كتابة سينمائية تمكنني من التعبير بدقة عن اهتماماتي وانشغالاتي السينمائية. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى كيف يمكن أن أجد كتابة سينمائية تتطابق مع ما يقع حاليا في المجتمع المغربي. الخطاب أساسا هو خطاب سينمائي محض إنه بحث عن لغة سينمائية تعبر عن هموم وانشغالات وفرح المجتمع المغربي . وبموازاة ذلك أنا أمثل جيلا، بكل إحباطاته وأهدافه وأحلامه . ومن خلال أفلامي أريد أن أنقل هذا التصور وأعرف إلى أي حد أنا قريب من هذا الجيل الذي أمثله. الجيل الذي يحلم وحلمه دائما أمامه حواجز ، جيل في صراع مع الأب مع السلطة وفي صراع مع الماضي.
* هل يمكن اعتبار الحلم الذي لم يتحقق للجيل الذي تعبر عنه وتنتمي إليه هو ذلك الجنين الذي أرادت بطلة الفيلم إجهاضه؟
** أجيبك بطريقة غير مباشرة في الفيلم الأول "ظل الموت" كان قتل الأب كحل لم يكن مناسبا وهو الأمر الذي دفع الشخصية الرئيسية للانتحار لأن قتل الأب يعود بك لنقطة الصفر وقتل الأب يتطلب البديل، وفي غياب هذا البديل فإنه يضع الإنسان في الفراغ والعدم. وفي الفيلم الثاني لم يكن هناك قتل للأب بل إحياء للجنين والإيمان بالذات ، والمحافظة على الجنين هو الحل الذي اختارته الشخصية، إنها رؤية مختلفة تماما عن الفيلم الأول. الاختلاف بين قتل الأب والإيمان بالنفس وبالمستقبل هي دعوة لمواجهة الواقع بكل سلبياته ومشاكله.
* سأكون صادقا معك، في الحقيقة الآن بدأت تتوضح الرؤيا لكن من قبل لم أفهم شيئا في فيلمك "رقصة الجنين" هل هذا تقصير منك؟
في الحقيقة عندما يقول المتفرجون لم نفهم الفيلم فهذا أمر لا يسيء إلي لأنه يسدي لي خدمة. الهدف الذي يتوخاه الفيلم هو أن لا يأخذ الطريقة الخطية، ومن هنا ففيلمي نقطة تحول ..إنه فيلم مشوش . ولكن ما هو أساسي بالنسبة لي هو أن يقول المشاهد أن فيلمي يمنح المتعة ويثير الاهتمام. هناك لغة سينمائية وصورة حاضرة بقوة. وهذا بالنسبة لي هو التحدي الحقيقي. إن أساس الانشغال في الفيلم هو التعامل معه كقطعة موسيقية تتفاعل معها، تفرح ، تحزن، ولكن دون فهم نوتاتها وتقاسيمها. لقد كنت أكتب الفيلم وأنا أتساءل كيف أكتب فيلما يشبه القطعة الموسيقية بلحظاتها القوية ولحظات التحول ولحظات الهدوء إلخ. ينتهي الفيلم ويتركك في حالة خاصة تخرج عن الحالات التي تعودناها في الأفلام ذات الخط السردي الخطي بالمقدمة والعرض والخاتمة . وهو ما يختلف أساسا عن انشغالي الفلسفي في الوقت الراهن. أن يقول المشاهد: لم أفهم الفيلم، فهذا يرضيني.
*حقيقة الجمال حاضر والفهم غائب وهو ما دفع البعض للقول أن مفتكر يقدم سينما نخبوية.
** مادمنا نتحدث عن الفيلم القصير فالاختبار جائز ومحاسبتي تكون في غير محلها ، لأنه من أهداف الفيلم القصير هو الاختبار لأنه لا يدخل في إطار السيرورة التجارية التي من خلالها يمكن أن يحاسبك المنتج والموزع وغيرهما. إن في الفيلم القصير هامش من الحرية. لقد شاهدت أفلاما قصيرة أكثر تطرفا من أفلامي. كما لاحظت أن المشاهد الغربي يتفاعل بشكل مخالف مع فيلمي مقارنة بالمشاهد المغربي أو العربي.
* أين يكمن هذا الاختلاف؟
** الفرق يكمن في أننا نحن العرب ثقافتنا مرتبطة بالكلمة أساسا ، أغلب الأمور تمر عبر الكلمة . والكلمة بالضرورة يجب أن تكون مفهومة بدرجتها الأولى للفهم وللأسف لا نملك ثقافة للصورة ونحن نحاول الآن تأسيسها، ومازلنا في مرحلة البحث. مرجعيتنا "الصوروية" غربية شئنا أم أبينا ونحن نحاول الآن تكييفها مع الواقع الغربي، وبالتالي نسير نحو حل إشكالية الصورة . رإن أي قطعة من الديكور تكسب أهمية كبيرة لأنها تعبير عن أمر ما ، مثلها مثل النظرة أو الإنارة أو اللون . كل هذه العناصر تتماهى لتحكي قصة وتخدمها. المشاهد الغربي له قدرة أكبر على قراءة الصورة. أما بالنسبة لنا فالابتعاد عن التعبير اللغوي يجعل منك حالة خاصة ويتعامل معك الآخر على هذا الأساس.
* ننتقل إلى موضوع آخر. كيف كان تعاملك مع الممثلة أمال عيوش؟
** كنت أعرف أمال قبل إنجاز الفيلم اتصلت بها لأني أحسست أنها ممثلة مناسبة للدور. كان لها في البداية نوع من التخوف والتحفظ لأنها لم تكن تعرف طريقة اشتغالي وبعد أن حكيت لها السيناريو لقطة لقطة وجعلتها تعايش عوالمه قبلت وأنا كنت راضي عن أدائها لأنها ممثلة ملتزمة.
* وماذا عن مشاريعك المستقبلية؟
** أنا بصدد الإعداد لتصوير الفيلم القصير الثالث تحت عنوان "استيهامات" وهو فيلم أقل هستيريا من الأفلام الأخرى ، كي أتصالح مع جمهوري (يضحك) وفي نفس الوقت أكتب فيلما تلفزيونيا . وعلى المدى البعيد، أنا أفكر في مشروع الفيلم الطويل الأول.
* حدثنا أكثر عن "استيهامات"
** إنه فيلم يحكي عن لقاء ثنائي بين رجل وامرأة. الرجل الذي يلعب دوره محمد الجعيدي يريد أن يعيش مغامرة خاصة ويلتقي من إحدى بائعات الهوى وهذا اللقاء سيؤدي إلى مغامرة تفضي لنهاية ستفاجئ الجميع! إنه اختبار جديد لي وتهيئة للفيلم الطويل الأول.
* أظن أنك من المخرجين القلائل الذين لا يمتلكهم هوس الأفلام القصيرة الثلاث للوصول إلى الفيلم الطويل!
** إن المخرج والإخراج أمر يمتد مع الزمن ولا يمكن للإنسان أن يصبح مخرجا بين عشية وضحاها. إنه مشروع يتمدد ويمشي مع الزمن
ولحد الآن أي ،منذ 18 سنة من الاشتغال في السينما من دراسة وعمل وإخراج ، مازلت أتكون لأصير مخرجا حقيقيا والتكوين يأتي بالإبداع والمقارنة وهذا ما يحقق نضجا سينمائيا، وإبداعا بصفة عامة.

* وماذا عن الفيلم التلفزيوني؟
** التلفزة تقتضي طرحا آخر وتناول آخر . إنه يحكي عن طبيبة نفسية تعيش مغامرة مع إحدى مريضاتها حيث تظن أنها مسكونة بالجن بينما الطبيبة ترى الأمر غير مساير لقوانين العلم الحديث. وعلاقتها بالمريضة تجعلها تدخل في صراع خاص مع نفسها ومجتمعها وأسرتها وفي الأخير تكتشف أن قناعاتها العلمية موضوع شك. أنا لا أعطي جوابا ولكن العلم لم يستطع الإلمام بجميع الظواهر وتفسيرها.
* لقد لا حظنا أنك تطرح مشاكل ذات طابع وجداني خلافا للآخرين، يطرحون مواضيع ذات طابع يومي ..
** بالنسبة لي عدو الإنسان هو نفسه وليس الآخر، في الوقت الذي تحل مشاكلك مع نفسك وتتصالح معها، يمكنك بالتالي أن تواجه المجتمع بنضج وعقلانية إنه صراع داخلي وهذا ما يجعل المشاهد يجد صعوبة في الفهم لأني أحاول نقل صراع ذهني إلى صورة مرئية.
* ما هو محور فيلمك الطويل؟
** سأحاول أن أطرح فيه مسألة الإبداع، ما هو الإبداع؟ ما معنى أن تكون فنانا؟ ما رأي المجتمع في المبدع؟ وكيف ينظر له؟ وطبعا أصوغ كل هذه الأسئلة على شكل قصة وحكاية، هذه خطوط رئيسية فقط.
* لقد حللت مشكلة السيناريو كباقي المخرجين المغاربة بكتابة سيناريوهاتك بنفسك..
** أنا أكتبت أفلامي لأن لي تكوين في السيناريو كما في الإخراج، ونحن نعيش الآن أزمة حقيقية في الكتابة عبر عنها بشكل غير مباشر مهرجان طنجة الأخير. فالسينما المغربية لم يعد لها أي مشكل في كل ما هو "تقني" لم يعد هناك ارتجال أو بدائية في التقنية وأصبح المشكل يكمن في المضمون والحكي والإيقاع وهذا من اختصاصات السيناريو، لأن الفيلم الجيد ينطلق من سيناريو جيد منذ البداية. إنه مشكل حقيقي وكبير، وعلينا مواجهته بمساعدة الكتاب وتأطيرهم وتنظيم ورشات وتتبعهم.
* كيف ترى مستوى السينما المغربية؟
** إنه مستوى مشرف، هناك رغبة سياسية لتطوير السينما، وهناك جمهور متعطش للأعمال المغربية ويطلب المزيد. في وقت مضى كان مجرد عرض فيلم مغربي يعتبر حدثا في حد ذاته، أما اليوم فالمتفرج المغربي أصبح متطلبا ويخضع الفيلم المغربي لمقارنات قاسية، يجب تشجيع الجمهور للذهاب إلى القاعات السينمائية. وأظن أن السينما الآن بين أيادي أمينة على مستوى التسيير والقيمون على أمورها في مراكز القرار "يفهمون جيدا في السينما" وعلى المخرجين والمنتجين الآن أن يكونوا في المستوى وينصتوا لنبض المجتمع المغربي. يجب الاتحاد من أجل مشروع سينما في هذا البلد لا أقصد إنجاز فيلم بل مشروع كتابة سينمائية مغربية والتي لا ينجزها مخرج واحد بل المبدعون جمعاء من سينمائيين ونقاد وصحفيين الكل يضع لبنة صرح سينمائي مغربي متميز، لأن البلد لا يمكن أن يمثل في الخارج إلا بثقافته.
* هل صحيح أن هناك معركة خفية ومعلنة بين ما يسمى بجيل الرواد وجيل الشباب في حقل السينما؟
* إنها ليست معركة، لقد سبقنا جيل الرواد واستفدنا منهم كثيرا ونحن الآن بدورنا نريد أن نضيف للسينما المغربية إنها ليست معركة بل هو صراع الأب مع الابن إنه تمرد وتمرد خافت، ولا أحد منا يمتلك الحقيقة.
أجري الحوار جمال الخنوسي

09‏/02‏/2006


عمر سليم يقدم طبقا ثقافيا بتوابل مغربية

تعرض القناة الثانية برنامجا ثقافيا باللغة الفرنسية ( arts et lettres ) ينشطه عمر سليم مساء كل آخر اثنين من الشهر. البرنامج عمره ثلاث سنوات من الخبرة ، وتوفق كثيرا في اختيار مواضيع جذابة و متنوعة المضامين آخرها كان حول الكوميديا بحضور الطيب الصديقي و حميدو عبد الرؤوف و صلاح الدين بنموسى . و حلقة أخرى كان موضوعها الطبخ المغربي وضمت كلا من عبد الرحيم بركاش وشميشة وغيرهما . يقول عمر سليم مقدم البرنامج إن فكرته و كان ينتظر الوقت المناسب لإنجازها لأن مثل هذه البرامج نادرة في القناتين المغربيتين ، بالإضافة إلى أن المغرب اكتشف أن الثقافة يمكن لها أن تكون محركا اقتصاديا واجتماعيا وتخلق انتعاشا عاما . وقدم مهرجان الصويرة كمثال حيث خلق رواجا سياحيا واقتصاديا واجتماعيا لا يستهان به ، وأصبحت مدينة كالصويرة معروفة في جميع أنحاء العالم بمهرجان كناوة مثلا .
ولابد من الاعتراف بأن قسطا وافرا من جاذبية البرنامج مصدرها لباقة عمر سليم وحسن تدبيره للقاءات والتي أخذها عن تجربة طويلة في إذاعة ميدي 1 وكمدير برامج في القناة الثانية . حيث قام بمهام مختلفة وقدم برامج متنوعة في ميدي 1 . و من ذكرياته الطريفة أنه غطى القمة العربية الاستثنائية سنة 1987 وبعدها بالضبط قدم مباراة رياضية في كرة القدم!! ويضيف سليم بأن التعامل مع الراديو أصعب بكثير من التلفزيون لأن المسألة ليست تقنيات أو لوجستيك بل في الأول يجب نقل الأحاسيس اعتمادا على الصوت فقط بينما في الثاني فهناك بالإضافة للصوت ، الصورة و الديكور والضوء وغيرها من المؤثرات. فالتلفزيون له إشعاع لا تملكه الإذاعة ، حيث يعتبر المهنيون سنة واحدة في التلفزيون تقارب خمس سنوات في الإذاعة.
لكن الملاحظ هو أن البرامج الثقافية (وغير الثقافية أيضا) الناطقة باللغة العربية كتب عليها قالب متخشب و مصطنع ولغة "عالمة" لا تجذب أحدا ولا تخاطب أحدا وتناجي نخبة لا تفهمها بالأساس. فهل من الضروري للبرنامج الثقافي أن لا يفهمه أحد حتى يكون "ثقافيا" ويغرق في المفاهيم العرنسية المشوهة ؟ يقول سليم إنه اختيار اللغة الفرنسية لأنه متمكن منها ويتقنها . إضافة إلى أن جل أطوار دراسته كانت باللغة الفرنسية انطلاقا من البعثة الفرنسية مرورا ب "ليسي ليوطي" ووصولا إلى جامعة السربون الباريسية. ويضيف مازحا أن طريقة نطقه بالعربية "عروبية" جدا و ستنفر المشاهدين في خمس ثواني لا محالة!!
إن اللغة الفرنسية حسب عمر سليم لغة سهلة في التواصل مثلها مثل اللهجة الدارجة فهي أيضا مرنة إلا أنها محتاجة لنوع من الاهتمام و الرعاية. أما اللغة العربية فهي لغة جميلة ومتينة ولغة شعر و تحمل صورا تنطق بالجمال، إلا أنها صعبة وأمامها عدة عراقيل في بلد يعاني 50% من ساكنته من الأمية. وقد نجحت قلة من المنشطين المغاربة تجاوز هذه العقبة كنسيمة الحر وعتيق بنشيكر. ويرى سليم أنه على مقدمي البرامج التعامل "بلغة ثالثة" تجمع بين العربية البسيطة السلسة و الدارجة السهلة و المفهومة.
و من مميزات برنامج "فنون و آداب" انضباط الحوار و صرامته و التزامه بنقط متعددة ومختلفة معدة سلفا دون السقوط في النمطية أو الشراسة التي نلحظها في برامج قنوات أخرى حوارية وصدامية التي تعتمد على "صراع الديكة". و عندما تستفز عمر سليم بالقول أن برنامجه تقليد للبرنامج الفرنسي الشهير "حساء الثقافة" و مقدمه برنار بيفو يتهرب في لباقة ضاحكا: هل تعلم أن برنار بيفو كان معلقا رياضيا!! على أي حال طبختنا الثقافية نحن أيضا ممتعة و تحتاج للتشجيع.
جمال الخنوسي


"ميونخ" لمخرجه ستيفن سبيلبرغ :
فيلم جميل للمشاهدة .. بتحفظ !!

قبل أن تذهب لمشاهدة فيلم "ميونخ" لمخرجه ستيفن سبيلبرغ عليك أن تدع كل أفكارك واعتقاداتك على باب السينما، أزل عنك كل الشوائب والأفكار المسبقة التي ربما كونتها بقراءات هنا أوهناك حول الفيلم. عليك أن تدخل القاعة تملؤك رغبة واحدة و بلا خلفيات: "مشاهدة عمل فني" لابد أن الأمر سيكون صعبا لأننا نحمل جميعا قضية ( القضية الفلسطينية) في عقولنا وقلوبنا ونؤمن جميعا بمشروعيتها وعدالتها. كيف نوفق إدن بين هذه الازداوجية المزعجة أساسا لتقييم أي عمل فني. لنحاول.
الفيلم عرض عند صدوره في فرنسا في أكثر من 400 قاعة دفعة واحدة في 25 يناير الماضي. و يحكي قصة واقعية تتمحور حول العملية التي قام بها كومندو فلسطيني في الدورة الأولمبية بميونخ في 5 شتنبر 1972. الكوموندو الذي أطلق على نفسه اسم " شتنبر الأسود" استطاع أسر 9 رياضيين إسرائليين مشاركين في الألعاب. سيأخذ الكومندو 9 رهائن بعد قتل اثنين في محل إقامتهم بالقرية الأولمبية وبعد 23 ساعة سيقتل جميع الرهائن . لكن العالم ـ يقول صاحب الفيلم ـ سيكشف وجها جديدا للإرهاب حيث سيتابع العملية قرابة 900 مليون مشاهد مباشرة على شاشات التلفزيون.
بعد أن رفضت حكومة غولدامايير إبرام أي صفقة مع الكومندو الفلسطيني قررت القيام بعملية مضادة وانتقامية مما حدث في ميونخ سمتها "غضب الله" يترأسها عميل الموساد الشاب "أفنار" رفقة 4 رجال آخرين يتكفلون بملاحقة 11 عنصرا من منظمة "شتنبر الأسود" والذين اعتبرتهم إسرائيل المسؤولين على أحداث "ميونيخ".
العملية كلها ما زال يلفها نوع من الغموض لأن ملفاتها في إسرائيل مازالت مصنفة "سري للغاية" في بلد في حالة حرب دائمة.
الفيلم يتميز بتقنية عالية ويبرهن مرة أخرى على تمكن سبيلبرغ من أدواته السينمائية وقدرته الفائقة في التعبير. فشخصية البطل تجمع بين صفتين متناقضتين القوة والضعف، الثقة والشك.. هذا ما سيجعل إحدى شخصيات الفيلم تقول ، بعد فحص يدي البطل ، "بالرغم من رقتك فلك "يدا جزار".
الفيلم مدته ساعتان و40 دقيقة. وبالرغم من تكرار عمليات القتل لا يمكن اعتباره في أي حال من الأحوال فيلم "الحركة" ولا يطمح المخرج لذلك. بالرغم من أن تلك المشاهد محبوكة بشكل احترافي إلا أن سبيلبورغ تعمد أن يجعل المشاهد يتقزز من مشاهد الموت والعنف ويجعلنا نرغب ونتمى التعجيل بنهاية تلك المشاهد كما يتمنى الجميع نهاية صراع كتب له أن يدوم طويلا. مشاهد القتل كانت تدمر الضحية والقاتل أيضا حيث يخرج البطل كل مرة أكثر وحشية وأقل إنسانية.الفيلم يتجاوز التحديد الكلاسيكي للأفلام والصراع بين "الخير" و"الشر" حيث نصل في مستوى معين من الفيلم إلى فقدان بوصلة الخير والشر، ونصبح في حيرة من أمرنا حول التصنيف الذي يمكن أن نحدد به انتماء كل فرد للخندق المناسب. يحس البطل أنه يخسر قيما كان يؤمن بها. وتنجلي أمامه غيوم الاعتقاد الزائف. يكشف البطل في الأخير أن الضحايا الذين نفذ فيهم حكم الموت لا علاقة لهم بحادث ميونخ. سينقلب السحر على الساحر وسيحس البطل أنه مستهدف من الأعداء والأصدقاء معا. ليأخذ قرارا صعبا و عنيفا و مهينا للوطن حين يرفض العيش في إسرائيل وهي ضربة قوية لدولة هدفها الأسمى هو لم الشتات.
إن الكلمة الأساس في هذا الفيلم كما عبر عنها سبيليرغ هي كلمة "Home" يعني بيت والبيت يرمز للوطن، إن الصراع الفلسطيني الإسرائلي ليس صراع ديانات بل هو صراع حول البيت حول الأرض، حول الوطن وحول المطبخ الذي يشتهيه البطل و يحلم به أمام واجهة محل باريسي فخم . المطبخ الذي يريده مسرحا للممارسة هوايته المفضلة: الطبخ، الذي يحيلنا هو أيضا للأم والوطن الأم.
وحتى في البورتريه الذي رسمته له مجلة تيليراما الفرنسية فقد جعلت من سبيلبرغ اليهودي الأكثر شهرة في هوليود وقالت بأن سبيلبرغ عاش علاقة معقدة مع "يهوديته" حين كان صغيرا . فقد كان هدفا للشتائم من الأقران ووصفوه بجميع النعوت السلبية المعادية للسامية لدرجة
جعلته يتبرأ من اسمه وعائلته ويدعي أنه من أصل ألماني . إلى غاية سنة 1993 وفي قمة نجاحه سيتطرق و لأول مرة لانتمائه الديني من خلال فيلم "لائحة شيندلر" الذي جعل منه نصيرا لإسرائيل و بطلا يهوديا بعد أن كان مجرد مخرج أمريكي فذ.



لقد عبر في حوار سابق أنه حكى هذه القصة من وجهة نظر يهودية وأمريكية لأنه يهودي أمريكي. على أي حال فالموضوع شائك وموقف سبيليورغ كان سيحدث ردود أفعال قوية من هذا الطرف أو من الآخر. مهما كان حياده. فالفيلم مساند لإسرائيل و هذه مسألة لا نقاش فيها ومخرجه مساند لإسرائيل أيضا ويصرح بذلك بلا حرج لكنه بالرغم من ذلك كان نقده لاذعا و قاسيا. الزوبعة التي أحدثت حول الفيلم كانت حول إظهار سيبلرغ للفلسطينين كشخوص تحمل قيم "إنسانية" بدل كليشيهات الإرهاب المتداولة في السينما الهوليدية، الفلسطيني أصبحت له وجهة نظر وكلمة يقولها في صراع هو الخاسر الأول فيه. و حتى الولاء للوطن يصبح مهزوزا في الآخر الفيلم، ولن يبقى سوى الولاء الحقيقي للحب ، حب العائلة، الزوجة ـ الحبيبة و الطفلة الصغيرة وحتى الحلم بهذا الوطن الجميل يصبح كابوسا. المطبخ الذي لن يحصل عليه قط و الوطن الذي اختار هجره و الرحيل عنه إلى الولايات المتحدة، وهذا قسوة من سيبليرغ اتجاه إسرائيل. الفيلم ينقل صورة تحول دولة تبحث لها عن شرعية وفي نفس الوقت تكرر نفس فعلة الإرهابيين، الانتقام إذن ما هو إلا حلقة لولبية ستسقط الإنسان من درجة الإنسان إلى حضيض الوحوش.
ومن اللازم تسجيل نوع من الاستخفاف أو لنقل الاستسهال الذي لا نقبله من مخرج عبقري كسبيلرغ، حيث يطرح أفكارا مهزوزة في مشاهد يتعمد فيها الترميز الساذج مما يجعلنا نعتقد أن المخرج يشتم ذكاءنا ويستصغر تفكيرنا، وكمثال على ذلك المشهد الذي يتصارع فيه الفلسطيني والإسرائيلي حول المحطة الإذاعية التي يستمعون لها حيث يلح الإسرائيلي على أغنية عبرية بينما يصر الفلسطيني على لحن عربي ويتوصولون في الأخير إلى حل مرضي للجميع هو أغنية أمريكية شهيرة!! إضافة للتناقض الذي يجسده مشهد الحب بين البطل "أفنر" و زوجته ، حيث يختلط الفعل الحسي بما يحمل من حب وألفة والتحام بمشهد قتل الرهائن وتصفيتهم في ميونخ، حيث نلحظ سقطة لسيلبورغ باعتبار المشهد غير موفق.
يستغل المخرج عنف قتل الرهائن طول الفيلم حتى لا ينسى المشاهد المأساة الأولى مع أفعال القتل البشعة التي نفدها البطل ورفاقه. يبقى الفيلم طوال أطواره المختلفة مسكونا بها ويقحمها المخرج في كل لحظة حاسمة حتى نستسيغ درجات الوحشية التي يتعامل بها البطل. إنه تذكير مستمر وشرعنة لرد الفعل الإسرائلي مع الحفاظ على إنسانية القتلة بابتعادهم عن عائلات "الضحايا".و حرصهم على عدم إلحاق أي أذى بهم . الفيلم يجعل من الكل ضحية و كلا الطرفان في نهاية الأمر "بشر" وضحايا لصراعات سياسية و اقتصادية..
إن الفيلم خطوة للأمام و نوع من النقد الذاتي يتسم بالشجاعة التي ربما تنتظر منا نحن أيضا أي الطرف الآخر في الصراع شجاعة مماثلة ونقدا وخطوة للأمام. ومهما قدم من أطروحات يهودية اسرائيلية إلا أنه يبقى مع ذلك فيلما يطرح أسئلة محرجة حول الإنسان والحرب والدمار النفسي والسيكلوجي نتيجة صراع بدأ يأخذ بعدا أزليا.
جمال الخنوسي




الممثلة نفيسة بنشهيدة تفك رموز "القضية"
تصور الممثلة المغربية نفيسة بنشهيدة الفيلم التلفزيوني "القضية" الذي يخرجه نور الدين لخماري وتقوم فيه بدور مفتشة الشرطة العلمية زينب حجامي وهي طبيبة تذهب لمنطقة عين اللوح من أجل حل لغز جريمة غامضة يتكفل بها عناصر من الدرك الملكي . جريمة القتل ذهبت ضحيتها شابة في مقتبل العمر هي بنت أحد الأعيان وتحاول البطلة زينب بمساندة عناصر الدرك الوصول للقاتل . وكلما اقتربت أكثر من مرتكب الجريمة إلا واكتشفت أمور دفينة من شخصيتها. إن لزينب وجهان مختلفان فهي قوية وفي نفس الوقت حساسة ورقيقة، وتحاول ما أمكن إخفاء هذا الجانب من شخصيتها.
و تقول نفيسة عن الفيلم أنها أول مرة تمثل دور البطولة و قد تعرفت على نور الدين لخماري في شركة للانتاج . حيث تم اختيارها بعد عدة اختبارات . و تعتبر هذا الأمر مسؤولية كبيرة وضعها لخماري على عاتقها. و قد سبق لها أن قدمت من قبل فيلما قصيرا من إخراج رشيد الشيخ في شهر غشت الماضي وشاركها التمثيل يونس ميكري في فيلم بعنوان "الشامبرا" . كما مثلت أيضا في السلسلة السورية "ملوك الطوائف" للمخرج علي حاتم و تقول نفيسة إن الاشتغال مع السوريين فرصة مميزة. حيث لا ترى فرقا بين المغاربة والمشارقة لأن المخرج دائما مخرج وعلى الممثل الامتثال للمطلوب منه والفنان الحقيقي يجب أن يتأقلم مع جميع المخرجين ويأدي عمله بصدق وتفان لأن لكل مخرج أسلوبه ورؤيته. كما أن اقدام السوريين على اختيار الممثلين المغاربة هو اعتراف ضمني بكفاءتهم . أما فيما يخص لكنتهم المغربية تضيف نفيسة فهذا أمر على الجميع بدل مجهود لتجاوزه لكل من الممثل والمخرج على السواء . "وعلى كل حال فنحن المغاربة تعودنا الأداء بالدارجة العامية مع العلم أنها جميلة ومحببة وسهلة في التواصل."
و تحكي نفيسة عن طفولتها بكثير من الحنين حيث عشقت التمثيل منذ صغرها وراودها حلم أن تصبح ممثلة، و في دراستها بالأقسام الثانوية كانت تدرس المسرح . وبدل أن تهتم بدروسا ، كنت تعكف على حفظ أداور المسرحيات . و هذا بطبيعة الحال لم يمنعها من النجاح في الدراسة. حفظت نصوص موليير وشكسبير عن ظهر قلب وبعد حصولها على دبلوم في التسيير الفندقي والسياحي (من أجل إرضاء والدها فقط). تزوجت وأصبحت أما لبنتين و بقي دائما حلم التمثيل يراودها خصوصا لما وجدت تفهما من زوجها. فدخلت الكونسيرفاتوار بالدار البيضاء، تعلمت هناك التقنيات الجسدية وكيفية التحرك على الخشبة. تقول : "إن خشبة المسرح هي المكان الحقيقي الذي أرتاح فيه. بالرغم من جاذبية السينما إلا أن للمسرح نكهة خاصة واللقاء المباشر مع الجمهور لا يعوضه شيء. التقيت فنانين من مجال السينما وشجعوني على دخول هذا الميدان فهو يسمح لك بتقمص شخصيات متنوعة ومختلفة".
و عن تجربتها مع الإشهار تقول نفيسة "توصلت بعدة عروض إشهارية لكن رفضتها لأنها ذات بعد تجاري وليس إنساني. أنا أريد تقديم قصة وليس سلعة. الفنان الحقيقي هو الذي يقدم عملا ذا بعد إنساني وليس سلعة همها الربح. بالإشهار تخون أحاسيسك لأنها غير حقيقية ومصطنعة." و كانت أول تجربة لها في السينما منذ سنة ونصف في فيلم محمد حاتمي Une gazelle dans le vent حيث مثلت دور أستاذ للغة الفرنسية . بالإضافة لفيلم قصير لفائدة الأمم المتحدة من أجل الأطفال المرضى مع مخرج أمريكي أراد رصد مشاكل المغرب ( و بلدان أخرى كاليمن والأردن) المتعلقة بالطفل والسيدا والإجهاض والأمهات العازبات ومشاكل الولادة.
جمال الخنوسي

07‏/02‏/2006



بمناسبة تصوير فيلمه الجديد المخرج المغربي نور الدين لخماري لجريدة "صوت الناس" :
المخرجون المنافقون لم يعد لهم مكان في السينما المغربية .. و عليهم الانسحاب في هدوء لأن نهايتهم مسألة وقت.

في إحدى الفيلات بشارع آنفا بالدار البيضاء. وسط الحركة الدؤوبة لفريق التصوير وانشغاله بتوفير الجو المناسب لكل مشهد. خص المخرج المغربي المقيم في النرويج نور الدين لخماري جريدة "صوت الناس" بحوار بين تصوير مشهدين من العمل الجديد ليحدثنا عن الفيلم التلفزيوني ومشروعه السينمائي وكذا عن قضايا السينما المغربية و المعارك التي يخوضها. لخماري المزداد سنة 1964 بمدينة آسفي أنجز العديد من الأفلام القصيرة نال بها عدة جوائز وطنية و دولية ك "دعوة الموت" و "موزع الجرائد" و "العرض الأخير" و عرفه الجمهور العريض بفيلمه الطويل "النظرة" :

* في البداية ماذا يجري هنا بالضبط؟
** نحن منهمكون في تصوير مشاهد داخلية لفيلم تلفزيوني من إنتاج القناة الثانية اسمه "القضية"، ويحكي عن قصة مفتشة في الشرطة العلمية زينب حجامي التي تلعب دورها نفيسة بنشهيدة . إنها طبيبة تعمل مع الشرطة العلمية وتذهب لمنطقة عين اللوح من أجل حل لغز جريمة غامضة يتكفل بها عناصر من الدرك الملكي. جريمة القتل ذهبت ضحيتها شابة في مقتبل العمر هي بنت أحد الأعيان . تحاول البطلة زينب بمساعدة عناصر الدرك في الوصول للقاتل. وكلما اقتربت أكثر من مرتكب الجريمة إلا واكتشفت أمور دفينة من شخصيتها. إنه فيلم من نوع thriller psychologique
* بماذا تفسر هذا التحول من السينما إلى التلفزيون؟
** على المخرجين المغاربة جميعا أن يهتموا بالسينما والتلفزيون والإشهار أيضا، أي المجال المرئي برمته، يجب أن نكون حاضرين في هذه المجالات و نغطي جميع احتياجاته . فمثلا في قضية الإشهار قلة قليلة من المخرجين استطاعت أن تخطوا هذه الخطوة و عملوا في هذا الميدان . أنا أنجزت عدة وصلات إشهارية في النرويج وفي المغرب أيضا.
* لماذا هذا العزوف في رأيك؟
** لأن أصحاب الشركات مازالوا يحملون عقدة "الكاوري" ويلحون على طلبه، مع العلم أن مخرجينا لهم مستوى جيد. وأنا أرى أنه حان الوقت ليغزو المغاربة كل ما هو مرئي، هذا لا يعني أن نسد الأبواب على المخرجين الأوربيين، بل على المخرجين المغاربة إثبات كفاءاتهم وقدراتهم الإبداعية.
* لقد بدأت في حقل السينما منذ سنوات عدة، فهل تعتبر نفسك من جيل الرواد أم من جيل الشباب في السينما المغربية؟
** هذا سؤال مهم، هناك من يسمينا الموجة الجديدة أو جيل الشباب وآخرون يسموننا سينما المهاجرين، أنا أعتبر نفسي مخرجا مغربيا بلا مرادفات أخرى! فعلا درست في النرويج وأعيش و أعمل هناك ولن يكون هذا إلا أمرا إيجابيا بالنسبة لي وبالنسبة لعطائي داخل حقل السينما. يجب أن لا نسقط في فخ التصنيفات ، هناك نفس جديد وهو أمر إيجابي وصحي للسينما. نفس جديد وليس جيلا جديدا، "لأن السينما لاسن لها، ومازال أمامنا الكثير مما علينا فعله لأن السينما المغربية مازالت ورشة مفتوحة.


* وماذا عن "سينما المهاجرين"؟
** هناك أيضا من سمانا "سينما الدياسبورا" أو الشتات أنا ضد هذه التسمية"..
* لقد تكرس هذا التوجه في مهرجان طنجة على الخصوص.
** نعم وأنا كنت وسط هذه المعركة إن صح التعبير . ولكنها في الحقيقة معركة ليست بين جيل الشباب وجيل الرواد بقدر ما كانت معركة بين مخرجي الأفكار القديمة والبالية ومخرجين بأفكار حديثة ومتجددة. إنه صراع بين أفكار تريد أن تعود بالمغرب للوراء وأخرى تريد أن تسير به للأمام. أنا لا أومن بفكرة "سينما الهجرة" السينما لغة إنسانية عالمية وكونية. وأينما كنت يمكن أن تمارس هذا الشكل التعبيري الراقي لأنها غير مرتبطة بانتماء جغرافي. أنا لا أنكر أننا نتأثر بالمجتمعات التي نعيش فيها ، وهذا أمر طبيعي ، لكن السؤال الذي يجب طرحه: هل عملي ، أو عملنا نحن المخرجون الذين يعيشون في الضفة الأخرى، يضيف شيئا للمغرب؟ هل نحمل رسالة تعريفية بهذا البلد؟ إن كانت الإجابة في صالح مغربنا فأظن أن المكان الذي يعيش فيه المبدع لا أهمية له سواء كان في أوسلو أو باريس أو الدار البيضاء. أظن أن هذا النقاش ليس في صالح السينما المغربية.
* لقد ظهرت نقاشات من نوع آخر، تتمحور حول "مدى مغربية" هذه النوعية من الأفلام التي ينجزها "مخرجو المهجر".
** الحديث عن اعتبار أفلام المخرجين الذين يعيشون في المهجر أفلاما غير مغربية هو كلام ليس له أي أساس من الصحة، وقد برز هذا الطرح بشكل صارخ حول فيلم "ماروك". الفيلم يمكن انتقاده كعمل ابداعي إذا لم يرقنا نصفه بالرديء و نقول أن الشخصيات ليست لها مصداقية أو أن السيناريو ضعيف . ولكن ليس لأي أحد الحق في نزع "المغربية" عن هذه الأعمال. يدعون أن الفيلم أنجزته مخرجة تنتمي لطبقة راقية مغربية ، هذا أمر غريب! أنا مخرج من أصول فقيرة من مدينة آسفي وأنجز أفلاما عن الفقراء لأني أعرف هذا الوسط جيدا ، كما لي الحق في إنجاز أفلام عن الطبقة البورجوازية إذا أحببت، و لليلى المراكشي الحق في إنجاز فيلم عن الطبقات الفقيرة أيضا. يجب أن نتحلى بانفتاح في الرؤية وتقبل الأفكار مهما اختلفت وتنوعت. أنا لا أرى أن أحدا يملك الشرعية لتفريق صكوك الجنسية للأفلام. ولا أحد أكثر مغربية من نور الدين لخماري أو ليلى المراكشي أو غيرهما. إن ما جعلني أستفيض غيظا وحنقا هو مجموعة من المخرجين المنافقين، الذين ينجزون أعمالا تشبههم في النفاق والرداءة والقبح. يضحكون و يهللون مع ذلك المخرج الذي قال أن "ماروك" ليس فيلما مغربيا، وفي نفس الوقت يقولون للمراكشي "براڤو" أنت بطلة وعملك رائع!! مثل هذا النفاق نراه أيضا في الأفلام التي هي مجرد سرقة للأفكار " بلاجيا" مفضوحة . لم يعد لهم مكان في السينما المغربية .. و عليهم الانسحاب في هدوء لأن نهايتهم مسألة وقت.

* العديد منهم يقولون أيضا أنه لا يعقل لمخرجين من خارج المغرب ولا يعرفونه جيدا إنجاز أفلام حول المغرب وقضاياه!
** بالعكس ! أحسن الأفلام التي أنجزت حول المغرب أخرجها مبدعون يعيشون في الخارج ، وأتحدى من يقول غير ذلك. أني أعيش في أوسلو ولكن أعرف جيدا آسفي والمغرب الحقيقي برمته، خلافا لمخرجين آخرين مقيمين في المغرب ويعيشون في الفيلات ويركبون سيارات (4x4). هناك قلة استطاعت أن تنجز أفلاما جيدة عن المغرب وتعبر عنه.
* أعطنا مثالا عن مخرج تعتبره ناجحا؟
** جيلالي فرحاتي مثلا مخرج ناجح وتوفق في رؤيته. خلافا لآخرين أخطؤوا الطريق تماما ويعوضون فشلهم بالكلام الفج الذي لا معنى له. أنا لن أسقط في فخ "البوليمك" وأقول أن أفلامي أحسن من أفلامهم. ولكن أقول أن المخرج كيفما كان يمكنه التعبير عن الفكرة التي يريد بصدق. المخرج فيسكونتي مثلا كان رجلا غنيا جدا، ومع ذلك قدم أحسن الأفلام عن الفقراء. وعلى نفس المنوال هل يمكن أن نقول أن نبيل عيوش ليس له الحق في إنجاز فيلم "علي زاوا"!!

* في إطار بحثنا في فيلموغرافيا لخماري وجدنا عددا كبيرا من الأفلام القصيرة، لم هذا الاهتمام ؟
** المسألة راجعة لأني مقيم في بلد ليس فيه فرق بين الفيلم الطويل والقصير، ويولون جميع أنماط الفيلم نفس الاهتمام ، بالإضافة إلى أن الفيلم القصير يعطيني فرصة للتعبير عما أريد بالطريقة التي أريد. و كما تلاحظ فكل هذه الأفلام تتمحور حول الموت والوحدة لأنه في النرويج تمثل الوحدة مشكلة حقيقية هناك.
* من كتب سيناريو فيلم "النظرة" ؟
** أنا من يكتب سيناريوهات جميع أفلامي وفيلم "النظرة" يحكي قصة عودة مواطن فرنسي للمغرب من أجل طلب "الغفران" قال لي "أحد من الأشخاص إياهم" هذا فيلم ليس مغربيا لأنك تحكي الفيلم من عيون أجنبي!! هذه أفكار مريضة بالية.
* أظن أن فيلم "النظرة" يشعر المشاهد بنوع من الإنزعاج لأنه يرسم الآخر بشكل إيجابي ويكون رد فعل المغاربة سلبيا!
** سأقول لك شيئا بسيطا .. بطل الفيلم الفرنسي سرق ذاكرتي ، وشاهد الآلام والتعذيب الذي راح ضحيته المغاربة. نحن المغاربة قلبنا الصفحة وتجدهم الآن يزورون فرنسا ويتحدثون الفرنسية ويعلمونها لأطفالهم. بينما فرنسا لم تستطع حتى الآن الاعتراف بالفظاعات التي اقترفتها في مستعمراتها والمغرب أحدها. لم تقدم بعد اعتذارها ولم تعترف أنها انتهكت حقوق الإنسان وارتكبت فظاعات أكثر من سجن أبو
غريب. المغاربة كانت لهم الشجاعة لقلب الصفحة. المسألة الأخرى هي أني كنت أريد القول أن المعاناة إنسانية بالدرجة الأولى وليست مرتبطة بجنسية الإنسان.


* فيما يتعلق بالإنتاج..
** (مقاطعا) فيلم "النظرة" هو إنتاج مغربي نرويجي أمام فرنسيون فقد رفضوا.
* لماذا؟
** لأن هناك مشاهد للتعذيب أبطالها فرنسيون.
* كيف ترى راهن السينما المغربية؟
** السينما المغربية تسير في الاتجاه الصحيح لأن المسيرين في هذا البلد فهموا بأن الصورة هي أقوى سلاح يمكن الحصول عليه وبالصورة يمكن أن نغير المغرب ونربي الأجيال. وأنا أتوقع أنه بعد 5 سنوات إنشاء الله سنحتل المرتبة الأولى في المجال البصري في كل العالم العربي وإفريقيا. وأولئك المتخلفون الذين يريدون إقصاء الأفلام المجددة "كماروك" لا يعرفون أن اختلاف التعبير السينمائي وتنوعه يشكل غنى لنا و لوطننا ، و يبلور قوته . يجب أن تعكس السينما التنوع الفسيفسائي الذي يكون المغرب من عرب وأمازيغ ويهود ومسلمين وغيرهم.
* ماهي الخطوات مطلوبة للسير بعيدا بالسينما؟
** السيناريو، والسيناريو ثم السيناريو ألف مرة، لأني رأيت أفلاما خصوصا في المهرجان الأخير بطنجة لا تعرف لها أولا من آخر والشخصيات مهزوزة لا تكوين لها ولا تطور. بالإضافة لضرورة تطوير القدرة على ترجمة العمل المكتوب لصورة، فالكثير من السيناريوهات الجيدة أصبحت أفلاما قبيحة. والكثير من السيناريوهات الرذيئة أصبحت أفلاما مقبولة لأن المخرج مبدع وخلاق.
* هل هذا هو السبب الذي يجعلك تكتب سيناريوهات أفلامك؟
** نعم وأنا في بحث دائم عمن يساعدني في ذلك لكن دون جدوى.
* حدثنا عن مشروعك السينمائي الجديد؟
** إنه فيلم طويل عنوانه "الدار الكحلة" وليس الدار البيضاء casanegra وسينطلق التصوير في شهر أكتوبر بالدار البيضاء ..
* من سيمثل دور البطولة ؟
لم أختر الممثلين بعد..
* من كتب السيناريو؟
** (ضاحكا) أنا بالطبع.
أجرى الحوار جمال الخنوسي


05‏/02‏/2006

في حوار لجريدة صوت الناس مع المخرج عادل الفاضلي :
قدمت عملا مختلفا لأن المغاربة ملوا من الأعمال المصرية

ربما التصق اسم عائلة الفاضلي بكل من الأب عزيز و البنت حنان فالزول يذكره الجميع بتقديمه للنشرة الجوية في شكل مختلف و تشخيصه لدور "بئيس الديس" و الثانية عرفت في بأعمالها الفكاهية كحنان شو و سيبير حادة و أخيرا في برنامج تلفزيون الواقع الذي كانت تقدمه القناة الفضائية اللبنانية LBC تحت عنوان الوادي . عائلة الفاضلي تضم أيضا مخرجا شابا اسمه عادل هو أقل شهرة بحكم عمله خلف الكاميرا لكن الجمهور يعرف أعماله التلفزيونية ك "ولد الحمرية" و "المهمة" و" الشهيدة" و "الدم المغدور" و هو الآن في طور إتمام السلسلة البوليسية الجديدة. التقته جريدة "صوت الناس" و حدثها عن بدداياته و عن "لابريغاد" و قضايا أخرى :

* ماهي المراحل الفنية التي مر بها عادل الفاضلي ؟
** لقد مررت حتى الآن بمرحلتين أساسيتين الأولى مرحلة ما قبل الدراسة ، حيث استفدت كثيرا من كوني أنتمي لعائلة كل أفرادها يشتغلون في الفن و يعتبرونه محور حياتهم فوالدي عزيز الفاضلي كل المغاربة يعرفونه ويعرفون عطاءه و يتذكرونه بشخصية"بئيس الديس" إضافة لأختي حنان التي شاركتني في العديد من الأعمال. هذا الوسط الفني كان مدرستي الأولى التي تعلمت فيها قيمة الفن ومعناه . لقد أحسست أني دخلت مدمارا بدون اختيار لأني ولدت داخل الفن وفي "أسرة فنانة". في صغري شاركت في بعض الأعمال التليفزيونية والسينمائية و في مسرح الأطفال و برنامج TV3 مع المرحوم حميد بنشريف . واشتغلت أيضا مع والدي عزيز الفاضلي وأعماله الموجهة للطفل . وفي سنة 1989 سافرت إلى فرنسا و كان عمري آنذاك 19 سنة. درست في المعهد الحر للسينما الفرنسية حيث قضيت فيها 3 سنوات وبعدها درست في مدرسة "إيفيت" المختصة في السمعي البصري . وبعدها عدت إلى المغرب و اشتغلت مع مصطفى الدرقاوي كمساعد مخرج في أعماله التلفزيونية والسينمائية لمدة طويلة. ثم اشتغلت مع حنان في أعمالها التلفزيونية ك "فكاهة" و"ابتسامة" . بعدها قدمت أعمالي الخاصة وبدأت أحلق بأجنحتي و أعمالي ومجهودي الخاص من إنتاج وإخراج وكتابة. بدأت ببرنامج كوميدي أذيع في شهر رمضان اسمه "في انتظار أكسيون" كان برنامجا مكونا من ثلاث مراحل : أولا الإشهار حيث نقدم وصل إشهارية في شكل مرح ثانيا سلسلة "سيبير حادة" ثم اقتباس فيلم من السينما العالمية. كل هذا في جو من الفكاهة والكوميديا. قدمت مع حنان عملين في المسرح الأول هو "حنان شو" و "تيلي حنان" حيث قمنا بجولة فنية جبنا جميع أنحاء المغرب. بعدها قدمنا مسرحية في مسرح باريسي معروف اسمه "لوديفون دي موند" لمدة ثلاثة أشهر. وكان العرض متزامنا مع "سنة المغرب في فرنسا" وقد عرف إقبالا جماهيريا كبيرا. بعدها قدمت أعمالي التليفزيونية بداية "بولد الحمرية" ثم "المهمة" و" الشهيدة" ثم "الدم المغدور" وحاليا أنا في طور إنجاز سلسلة بوليسية جديدة صورنا حتى الآن 6 حلقات وبقيت 8 سننجزها عما قريب، اسم السلسلة " لابريغاد" وهي من تمثيل سعد التسولي و عزيز الفاضلي و فاطمة خير و إدريس الروخ و خالد بنشكرة وسعيد الباي.
* ألا تظن أن اقتحام عالم السلسلات البوليسية مغامرة كبيرة؟
** (ضاحكا) الفن كله مغامرة . أن تكون فنانا يعني أن تكون مجازفا ، ومهنتنا هي مهنة المغامرات، وإذا لم أغامر فمعناه أن أبقى ساكنا وسلبيا وهذا بطبيعة الحال منافي للفن وروح الإبداع. المجازفة هي التي تجعلنا نجرب ونتقدم ونحقق طموحنا ونكتشف الجديد وهذا ما يبحث عنه الجمهور.
* التجربة جديدة وحتى في فرنسا لم تلق السلسلات البوليسية النجاح المنشود.
** أنا لم أعتمد الطريقة الفرنسية أو الأمريكية في إنجاز السلسلة على شاكلة كولومبو مثل حيث تجد شخصية محورية واحدة تتميز بذكاء ثاقب وحس بوليسي مميز وفي نفس الوقت تحمل ثقل السلسلة على كاهلها. أنا لم أعتمد هذا الطراز. فالسلسلة تعتمد على القليل من الحركة ومجموعة أبطال "عاديين" لا بطلا واحدا. بالرغم من كون شخصية عزيز الفاضلي هي التي تجمع بينهم. وأنا أرى أن السلسلات البوليسية مطلوبة الآن من طرف الجمهور المغربي الذي يشتاق للجديد والفريد. وحتى تجربة الأفلام البوليسية التي قمت بها وكانت تعتمد على البحث البوليسي أحبها الجمهور وتفاعل معها. بالنسبة لنا السلسلات البوليسية مازالت في بدايتها وتتميز بطراوة عودها ، لذلك فالمغاربة يقبلون عليها بدون خلفيات سلبية ، بينما في فرنسا السلسلات البوليسية لها تاريخ. واختلاف التجارب يجعل المشاهد أكثر قساوة في الحكم على العمل. فقبل سلسلة "نافارو" عرف الفرنسيون " الكوميسير مولان" وغيره. لقد حاولت أن أجد خلطة خاصة بي وأتمنى أن أوفق والحكم للجمهور . اعتمدت القليل من الحركة، إضافة إلى سيناريو محبوك وقصة جذابة وإخراج يخدم هذه العناصر كلها. الحركة والأحداث المتسارعة لن تترك للمشاهد الفرصة للشعور بالملل.
* ماهي المعايير التي اعتمدتها في اختيار الممثلين الذين شاركوا في العمل؟
** أردت في الحقيقة ممثلين محترفين وجديين ولهم القدرة في تقمص أدوار مختلفة دون أن يعطوا الانطباع بأنهم يتصنعون أدوراهم. يقومون بواجبهم ويقدمون المطلوب منهم. إضافة إلى كونهم يعرفون جيدا كيفية التعامل مع الكاميرا. قبل أن نبدأ العمل عقدنا جلسات مطولة للتعارف وتحقيق نوع من الألفة والحميمية. شاهدت أعمالهم وشاهدوا أعمالي وارتبطنا بنوع من الثقة الأخوية ممزوجة بالصرامة في العمل. لقد اخترت الممثلين كما اختار الكوميسير الذي يلعب دوره عزيز الفاضلي في هذه السلسلة (بريغاد) الطاقم الذي سيشتغل معه داخل الكوميسارية من أجل محاربة الجريمة والتقصي. لقد بحث على كل واحد منهم وقام بنوع من "الكاستينغ" من أجل الوصول لادريس الروخ وسعد التسولي وفاطمة خير و بالتالي يكون "البريغاد" التي سنتابعها. إنهم يكونون مجموعة متناغمة ومتناسقة ومع ذلك فلكل شخصيته المستقلة والمتباينة . لقد قصدت في الحلقة الأولى إبراز هذا التميز والاختلاف و سيكتشف المشاهد الالتحام مع سيرورة الحلقات.
* هل الحلقات مترابطة في قصة واحدة؟
** لقد جعلت كل حلقة مستقلة بذاتها وتروي قصة أو لغزا كملف يشتغل عليه أفراد "البريغاد". وهذه الملفات تتسم بنوع من الجرأة والقوة كاختطاف الأطفال ، الاعتداءات الجنسية وغيرها. الأمر الآخر المميز للسلسلة هو أننا لم نطمح إلى تصوير تفاصيل الجريمة بل معرفة أسباب وقوعها : دوافع المجرم والدخول إلى أعماق تفكيره وتفاصيله النفسية وظروفه المجتمعية.
* لماذا اختيار هذه النوعية من المواضيع؟
** لقد أردت أن أمنح للسلسلة نوعا من الجدة في كل شيء.
* أليست مجازفة باعتبار السلسلة تلفزيونية أي ستمس شريحة عريضة من المشاهدين.
** أنا لم أتعمد الجرأة أو صدم المشاهد . هذه المواضيع أصبحت متداولة في نشرات الأخبار و على صفحات الجرائد فكيف لا نتطرق لها في سلسلة تلفزيونية؟! إننا بذلك نقدمها للمشاهد للتفكير فيها وبالتالي البحث عن الحلول لمشاكل كثيرة نتخبط فيها. الحوار هو الذي يحل المشاكل وليس التكتم عليها وتجاهلها. وأنا بعملي المتواضع إذا استطعت أن أخلق حوارا حول موضوع ما ، فأعتبر نفسي قد توفقت وحققت مبتغاي. أما الصمت والسكوت فلن نجني من وراءه شيء. والجمهور المغربي أصبح واعيا بمثل هذه الأمور ولم يعد يتقبل "أي شيء" .
* ما هو تقييمكم لتجربتكم التلفزيوينة؟
** مازالت أعتبر نفسي في البداية وأحاول أن أطور عملي مع كل تجربة، وأستفيد من أخطاء الماضي والسير دائما للأمام.
* لماذا لم تخط حتى الآن نحو السينما؟
** في الحقيقة هناك سببان اثنان : يتعلق الأول بالإمكانيات لأنه كما تعرفون الإنتاج السينمائي يتطلب دعما ماديا كبيرا حتى تنتج عملا في المستوى ، خصوصا من الناحية التقنية . حيث أن المخرج مطالب بجودة الصوت والصورة وهذا أضعف الإيمان . إضافة إلى أني لم أجد حتى الآن سيناريو في المستوى يشجعني على المغامرة ودخول المجال السينمائي الشائك. مازلت أنتظر الوقوع في حب القصة التي تحفزني وتغريني بالحكي. أريد لونا مختلفا وموضوعا متميزا.
* الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي أصبح محفزا.
** السيناريو الجيد بالنسبة لي أولوية والأمور المادية أبحث لها عن حل لاحقا. يلزمني سيناريو في المستوى. بالإضافة إلى أني كسبت جمهورا عريضا من خلال أعمالي التلفزيونية. وأنت تعرف مدى الإقبال على التلفزيون مقارنة مع السينما.
* لكن الإنتاج التلفزيوني استهلاكي أما السينما فخالدة.
** أنا لا أتعامل مع أعمالي التلفزيونية بهذا المنطق ولا أرى في التلفزيون نوعا من الاستهلاكية. بل يمكن للتلفزيون أن يخلد الأعمال الرائدة، التي تترك بصمتها.
*كيف ترون التحولات الهيكلية التي خضعت لها التلفزة المغربية؟
** لا يمكننا الحكم الآن لأن هذا التغيير لم نر ثماره بعد. يجب أن ندع لهم قليلا من الوقت. مع ذلك فإن التحول والتغيير إذا كان الهدف منه المضي إلي الأمام فهو أمر محمود ولا يمكننا إلا مباركته، لقد أصبحت التلفزة المغربية شركة مستقلة وبها دفتر تحملات يشجع المنتوج المغربي. الالتزام بتقديم الأعمال المغربية أمر إيجابي. فقد مللنا من الأفلام الغربية والمصرية وغيرها. المشاهد المغربي يريد أعمالا تعكس واقعه وتعبر عنه. إنه يريد أبطالا يشبهونه، ويضحك بطريقته المغربية ومع ممثلين مغاربة.
* كيف كان عملكم مع حنان الفاضلي؟
** كان تعاونا مثمرا وتجربة إيجابية وكأي تجربة أخرى كان فيها "صعود وهبوط" لكن في صالح العمل. كنا ننقاش الأفكار ونطرح الاقتراحات.
* ألم يساعدك الوسط الفني الذي تربيت في مسيرتك الفنية؟
** في الحقيقة الوسط الفني الذي ترعرعت فيه هو سيف ذو حدين. لقد ساعدني فعلا في إبراز مواهبي وتعلمت الكثير في مدرسة العائلة قبل المدرسة الحقيقية. لكن في نفس الوقت هذا الانتماء يتطلب مجهودا إضافيا من أجل إثبات الذات والبرهنة على قدراتي الإبداعية حتى لا يقال إنه ابن فلان، صعب جدا أن تحمل اسما معروفا. لكني استطعت أن أثبت أن هناك اسم "عادل الفاضلي" مستقل عن "عزيز وعن حنان
* سلسلة "لابريغاد" من إنتاج القناة الأولى. ما السر في تعاملكم المكثف معها مقارنة بالقناة الثانية.
** أفضل أن لا أجيب عن هذا السؤال حتى لا أقول لك كلاما لا يعني شيئا، كما يفعل السياسيون (ضاحكا). الجمهور هو هو وهذا هو المهم.
أجرى الحوار جمال الخنوسي


01‏/02‏/2006



ماجدولين الإدريسي : أنا لا أعتبر نفسي ممثلة إغراء

ماجدولين درست3 سنوات فنون الدرامى بمونرايال كندا و قامت بأدوار صغيرة في كندا ثم شاركت في أول فيلم لها مع حسن بنجلون "ولد الدرب" ثم "بانضية" لسعيد الناصري و "السمفونية المغربية" لكمال كمال و في التلفزة هناك "المتاهة"للمخرج والممثل حامد باسكيط، و "الفرح الصغير" للمخرج حميد بناني "سيد الغابة" مع كمال كمال "الطريق الصحيح". بمناسبة انطلاق عرض فيلم "السمفونية المغربية" في القاعات الوطنية التقتها "صوت الناس " في دردشة قصيرة :

* كيف كانت تجربتك في "السمفونية المغربية" مع المخرج كمال كمال
"السمفونية المغربية" هي أجمل تجربة خضتها حتى الآن بالرغم من أنه قد مضى على التصوير ما يقارب 3 سنوات. لأنها عمل متميز و يعتبر هذاالفيلم الأول من نوعه في المغرب فله لغة جدييدة وقالب جديد و يحتفي بالميسيقى و الفنان المغربي . مازال حنين الشهور الثلاثة التي أمضيتها داخل الديكور الغريب للفيلم يراودني. كما أن حبكته جعلت الممثلين يبدعون و يبرزون مواهبهم فلكل من الشخوص الإحدى عشر قصته الخاصة و في نفس الوقت هناك سياق واحد يجمعهم. لقد

* ما هو المشهد الذي أثر يك أكثر في الفيلم
** أعتبر مشهد محاولة الانتحار في الفيلم أكثر المشاهد تأثيرا و صدقا في التعبير و قد أخذ مني مجهودا كبيرا . و هو مشهد جوهري في نسق الفيلم و قد بدل فيه المخرج كمال كمال مجهودا جبارا . لذلك نلاحظ التعاطف الكبير للجمهور مع هذه الشخصية التي تتمتع بسمعة سيئة في مجتمعنا. و مع ذلك قبلها الجمهور و تفاعل معها.

* البعض يرى فيك ممثلة إغراء ..
** أنا لا أعتبر نفسي ممثلة إغراء و لم أتعمد قط ذلك بل أنا ممثلة تتمييز بالمهنية و أنفذ ما يطلبه مني الدور و المخرج. و مع ذلك تبقى أدواري تتسم بنوع من العفوية و غير مصطنعة أو مفتعلة ، فليس هناك تعمد للتعري أو الإباحية بل أساير ما يقتضيه مني الدور الذي أمثل.فلا يمكنني أن أرقص مثلا في علبة ليلية كما هو الحال في فيلم "السمفونية المغربية" دون أداء الرقصات المواتية للمكان و كذلك و ضع الهنداو و الماكيياج المناسبين مع العلم أني درست الرقص و الاستعراض مدة 17 سنة .

* ما هي مشاريعك المستقبلية ؟
** أستعد الآن لتصوير فيلم "الثلج في مراكش" و هو إنتاج سويسري لمخرج مغربي شاب يعيش هناك . و يحكي قصة أب يحلم بالذهاب إلى سويسرا البلد الجميل و له رغبة عارمة للعيش و سط ثلج ذلك البلد الخلاب . إلا أن السفارة السويسرية ترفض دائما طلب الفيزا الذي يقدمه لها فتضطر بنته التي ألعب دورها لأخذ والدها ، بعد أن تناوله مخدرا قويا ، إلى جبل لوكيمدن و توهمه أنه وصل إلى سويسرا.. لن أفصح عن البقية حتى أترك للقارئ فضول مشاهدة الفيلم.
أجرى الحوار جمال الخنوسي