03‏/07‏/2006

انتقام الفلسفة و العقل

جائزة الأطلس الكبير في دورتها 14
انتقام الفلسفة و العقل
بعد تهميشها لمدة طويلة .. هل يستعين العالم الإسلامي بالفلسفة مرة أخرى لمحاربة تيارات التطرف الديني؟ هل سنستحضر العقل لمحاربة اللاعقل؟.. أسئلة أصبحت مشروعة إذا ما لاحظنا الكم الهائل للكتب التي تصدر جاعلة موضوعها الفلسفة والعقل، وطارحة الإسلام موضع تساؤل ومسائلة. جائزة الأطلس الكبير التي تمنحها قسم التعاون و العمل الثقافي للسفارة الفرنسية بالمغرب. لم تسلم هي أيضا من هذه القاعدة، فـ11 كتابا التي تم اختيارها هناك على الأقل ستة كتب موضوعها الإسلام في صنف المقالة فنجد مثلا كتاب «إجتهاد» لبنسالم حميش أو «الإسلام، والمفكر فيه والممكن» لسالم الغماتي أو "تأملات مسلم معاصر" لمحمد طالبي وغيرها وحتى الترجمات انكبت هي أيضا على الفلسفلة لتكريس والعقل والفكر العقلاني فنجدها كتبا لإدغار موران وميشيل فوكو وجاك دريدا.
تم الاحتفال يوم السبت فاتح يوليوز بمدينة الرباط بالفائزين بجائزة الأطلس الكبير التي أحدثت من أجل تتويج كتب تم نشرها في المغرب وتسعى لتوطيد العلاقة بين الكاتب والناشر من جهة وبين الناشر والقارئ من جهة أخرى، حيث تعمل الجائزة والقيمون عليها على المساعدة في نشر الكتاب والتعريف به بالإضافة إلى تعزيز حضوره في كل الأنشطة والملتقيات التي تتبناها أو تشرف عليها المؤسسات الثقافية الفرنسية.

وهكذا فقد فاز في صنف المقالة كل من محمد بن ريان وعبد القادر كيطوني وعبد القادر كيوا وعبد الله العوينة ومحمد ناصيري عن كتابهم "المغرب، جهة وبلد وإقليم" عمل أشرف عليه الفرنسي جون فرانسوا تروان. وباختيار هذا الكتاب حاولت لجنة التحكيم تكريم مجموعة من الجغرافيين المغاربة والفرنسيين والتأكيد على أهمية المشاكل المرتبطة بتصور المجال وتنوعه في المغرب. كما أرادت لفت الانتباه إلى أهمية المقاربة الجغرافية للمشاكل المعاصرة والتي تجمع بين دراسة الموارد البشرية في علاقتها بالموارد الطبيعية. الكتاب هو إبراز أيضا للخصوصية المغربية التي تجعل من اختلافها الجغرافي وتنوعها الثقافي مصدرا لقوتها. كما أصرت لجنة التحكيم على التنويه بأعمال ذات قيمة مميزة ككتاب حليمة فرحات «الصوفية والزوايا بالمغرب العربي» و«الإسلام، المفكر فيه والممكن» لساليم الغماني وكتاب " الإسلاميون المغاربة، تحدي الملكية" لمليكة زغل.
أما جائزة الترجمة فكانت من نصيب سعيد بنكراد عن ترجمته لكتاب الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي». وبنكراد أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس وحاصل على دكتوراه الدولة في الأدب وله عدة ترجمات من بينها اشتغاله على كتاب شارل ساندرس «السيميولوجيات والتأويل، مقدمة للسيميولوجيات» سنة 2005 وترجمته لكتاب الإيطالي أومبيرتو إيكو "ست جولات في عوالم الرواية وخارجها" سنة 2005 أيضا.
إن ترجمة كتاب ميشال فوكو سيمكن القارئ العربي من الاطلاع على كتاب من كلاسيكيات الفكر الحديث وإبداع فيلسوف من أكبر الفلاسفة على مر التاريخ.
إن الكتب المختارة تعكس اهتمام المثقف المغربي والقارئ المغربي والقضايا الملحة التي تشغل فكره وتجعل مواضيع معينة محور انشغاله واشتغاله براهنيتها ومدى أهميتها لدى مجتمع يتحول ويتحرك إلى الأمام.
وجديد الجائزة هذه السنة والتي تبلغ قيمتها 40 ألف درهم لكل صنف هو انفتاحها على جميع دول المغرب العربي فنجد كتابا يتنافسون بجانب المغاربة من بلدان كتونس والجزائر الأمر الذي يفتح آفاق جديدة ويوسع دائرة الاهتمام لما فيه خير للكتاب ودور النشر. وقال جاك جوليار في الندوة الصحفية التي عقدت للإعلان عن الفائزين أن الاختيار كان جد صعب لأن تقييم الكتاب مسألة غير مضبوطة ولا تخضع لقوانين وقواعد محكمة وأن أهمية هذه الجائزة تكمن في فتح أبواب أمام القارئ العربي وتمكينه من الاطلاع على كتب لم تكن له القدرة على الوصول إليها من قبل. كما أنها تشجيع للفرنكوفونية وجعل اللغة الفرنسية لغة تواصل وأداة عمل ومنذ تأسيس هذه الجائزة تعاقب على رئاسة لجنة التحكيم أسماء وازنة كجون دارميسون وبيرنار بيفو وأمين معلوف ومحمد أركون وغيرهم وهذه السنة جاء دور المثقف الكبير جاك جيليار الكاتب بمجلة «نوفيل أوبسيرڤاتور» والفرنسة والمعروف بمناقشاته الساخنة وشغبهه على قناة «إل. سي. إي» الإخبارية وتتكون لجنة التحكيم من المؤرخ عبد الأحد السبتي ومحمد الصاوري وعبدو الفيلالي الأنصاري وصوفي بارليي كما تم الإعلان عن مشروع تعاون بين جامعة فرنسية «باريس 10» وجامعة عين الشق بالدار البيضاء من أجل إنشاء تخصصات جديدة ابتداء من الدخول الجامعي المقبل تجعل من مهن الكتاب شعبا يحصل بمقتضاها الطلبة علي شهادة الإجازة في مهن الكتاب لإضفاء نوع من الحرفية علي كل الأطوار التي تقطعها عملية النشر.
جمال الخنوسي