24‏/10‏/2011

رسالة إلى جثة العقيد


سيدي العقيد،

لست أدري إن كانت هذه الصفة المناسبة لك في هذه الظروف على وجه خاص، أم أنك تفضل، سيدي، أن أناديك بزعيم إفريقيا أو ملك الملوك، فأنا أعرف جيدا مدى أهمية الألقاب لديك، وتفننك على مدى سنوات بطشك الزاهرة في اقتنائها من أكبر مجلدات الوهم والشيزوفرينيا.
على أي حال، أكتب لك رسالة حيث أنت: في سرداب جرذان، أو ثلاجة صدئة، أو حتى في قبر بارد سترتاح فيه من ملاحقة شهور وفر وكر. كما سترتاح من تسجيل رسائل صوتية تافهة تبثها القنوات وتتحدث فيها عن نصر وهمي سيتحقق ولم يتحقق.
بالمقابل، ارتاح الملايين من الليبيين من خطبك العصماء التي تدوم ساعات وساعات، وأنت "تطزطز" في وجوههم: "طز طز في الناتو، طز طز في ساركوزي، طزطز في الأمريكان، طز طز في العالم...".
انتهى كل شيء، وارتاح الملايين من الليبيين من هرطقات الكتاب الأخضر الذي لوثته بدماء الأبرياء، فأخيرا لن يروا صورك وأنت تبدو كالديك المنفوخ، وصدرك مليء بنياشين البلادة والترهات والخزعبلات التي لا يقوى على فعلها غيرك.
لذلك اسمح لي أن أقول لك سيدي القائد إن العالم أصبح أكثر قتامة منذ رحلت عنا يا أكبر مهرج في العصر الحديث. كنا نحكي عنك القصص، ونتسلى بمغامراتك، ونروح عن أنفسنا بنكتك التي تغذيها نشرات الأخبار، وأنت تتنقل بين عواصم العالم تحمل خيمتك تحت إبطك، يجاري حمقك زعماء أوربا والأمريكان وشرذمة من "العريبان"، من أجل بترولك وسخائك و"خضرة" دولاراتك التي تفسر لماذا سميت كتاب ب"الأخضر".
ارتحت وأرحت سيدي العقيد: ارتاح الليبيون من بطشك وسيستردون أخيرا أموالهم التي هربتها، وأبناؤك، إلى بنوك سويسرا وليكسمبورغ، ودعمت بها قراصنة الواق واق، ومرتزقة بوليساريو، وإرهابيي الصحراء، على حساب شعبك الطيب الذي كان يئن تحت وطأة بلاهتك وتلابيب جلابيبك.
مع ذلك، آلمني كثيرا أن يصنع حادث مقتلك ربيع يوتيوب وتويتر وفايس بوك. آلمني أن تكتب عنك صحافة القمامة في بريطانيا في لغة تشف وأنت ممرغ في دمائك "من أجل ضحايا لوكربي". آلمتني عشرات الفيديوهات التي تملأ شبكة الانترنيت عن "القذافي قبل موته"، و"القذافي عند موته"، و"القذافي بعد موته". وصدمتني كثيرا الطريقة البشعة التي تمت تصفيتك بها، كما صدمني التهافت من أجل التقاط الصور بهواتف رخيصة مع جثتك التي اخترقها الرصاص.   
في الأخير، أريد أن أخبرك بأن مظاهر موتك البشعة وضعت زميليك في اليمن وسوريا في موقف حرج جدا، كما فتحت عيوننا على الوجه الحقيقي لربيعنا العربي: الربيع أيها الفاتح يعبق برائحة الزهور ويزهو بألوان الورود ويحتفل بالخضرة، أما ربيعنا فيعبق برائحة البارود وبألوان الخوذات ويحتفل بالأحمر... أحمر أحمر لون الدم ... كما تقول الأغنية. وكل ثورة وأنت بألف خير.
جمال الخنوسي