27‏/04‏/2012

"خيول الله" يقود عيوش إلى مهرجان كان

كشفت إدارة مهرجان كان السينمائي عن اختيار فيلم نبيل عيوش للمشاركة في فقرة "نظرة ما" بمناسبة الدورة المقبلة التي ستجري من 16 إلى 27 ماي المقبل.
وأعرب المخرج المغربي نبيل عيوش عن فخره بتمثيل المغرب في موعد سينمائي كبير من حجم مهرجان كان٬ من خلال فيلمه الجديد "خيول الله"، المقتبس عن رواية لماحي بنبين تحمل عنوان "نجوم سيدي مومن".
وقال عيوش في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بنبرة مؤثرة "إنها لسعادة كبيرة بالنسبة إلي وإلى الممثلين غير المحترفين الذين شاركوا في العمل٬ وكذا للطاقم التقني٬ لكن أساسا بالنسبة إلى المغرب وكل الذين يحبون ويؤمنون بالسينما".
ونشر الموقع الإلكتروني للمهرجان قائمة 17 فيلما تم انتقاؤها للعرض ضمن هذه الفقرة التي تعد ثاني أهم برنامج في المهرجان٬ بعد المسابقة الرسمية٬ ضمنها فيلم "خيول الله"، وتستضيف هذه الفقرة عادة أفلاما تتسم بالأصالة الفنية وتؤشر على مستقبل إبداعي واعد.
وكان الفيلم الجديد لنبيل عيوش أدرج ضمن لائحة مشاريع سنة 2010 للمؤسسة السينمائية لمهرجان كان "الورشة"٬ والتي تروم تقديم المساعدة بغرض البحث عن "تمويلات إضافية ضرورية لإخراج أفلام جديدة".
وتستلهم مادة الفيلم الأحداث الإرهابية التي عرفتها الدار البيضاء في ماي 2003، من خلال مسار ياسين٬ الشاب الذي يترنح في عوالم البؤس والعنف والمخدرات٬ والذي يرتمي في أحضان الإرهاب بعد عملية شحن عقائدي داخل السجن.
ويأتي هذا الاعتراف الرفيع بالنسبة إلى المسار السينمائي لنبيل عيوش٬ بتزامن مع الترحيب الذي يلاقيه حاليا فيلمه الوثائقي "أرضي" في القاعات الفرنسية.
وفي سياق متصل كشفت اللجنة المنظمة للمهرجان قائمة الأفلام الرئيسية التي تتنافس على جوائز المهرجان في نسخة هذا العام. ومن بين المخرجين الذين ينافسون على "السعفة الذهبية" المخرج الفرنسي جاك أوديار والبريطاني كين لوش والكندي ديفيد كروننبرج، والنمساوي مايكل هانكه. وأمام لجنة التحكيم التي يرأسها هذا العام المخرج الإيطالي ناني موريتي، أكثر من عشرين عملا سينمائياً لتختار من بينها الأعمال الفائزة بجوائز المهرجان.
وتبدأ فعاليات النسخة الخامسة والستين من المهرجان بعرض فيلم "مملكة بزوغ القمر" للمخرج الأمريكي ويس أندرسن، وبطولة بروس ويليس وإدوارد نورتن، ويحكي قصة عاشقين قاصرين قررا الفرار من منزليهما في نيو إنجلاند والهرب من السكان المحليين المعترضين على علاقتهما.
وتشهد نسخة هذه السنة من المهرجان حضورا سينمائيا عربيا لافتا إذ يشارك المخرج المصري يسري نصر الله مرشحا للسعفة الذهبية عن فيلمه "بعد الموقعة" الذي يلقي نظرة على تداعيات الربيع العربي في مصر، والذي كان يحمل سابقاً اسم "ريم ومحمود وفاطمة" وهو من بطولة منة شلبي، وباسم سمرة، وصلاح عبدالله وناهد السباعي.
ومن بين الأعمال المشاركة أيضاً فيلم "المدينة العالمية" للمخرج ديفيد كورنينبرج الذي يتوقع أن تشهد احتفاليات المهرجان حضوراً قويا لنجومه، إذ يلعب بطولته النجم الشاب روبرت باتينسون الذي تألق في سلسلة "الشفق" ويحكي قصة ملياردير يعرض نفسه لخطر الاغتيال ولأزمة مالية.
ومن الولايات المتحدة أيضاً، يعرض الفيلم الدرامي المثير "فتى الصحف" من بطولة زاك إيفرون ونيكول كيدمان وماتيو ماكونوهي وجون كيوزاك وإخراج لي دانييلز.
كما يعود المخرج الروماني كريستيان مونجيو إلى حي الكروازيه الذي يستضيف عرس "كان" الفني كل عام، بأحدث أعمالة "خلف التلال" الذي تدور أحداثه في دير أرثوذوكسي في ريف رومانيا، ويروي قصة صديقين نشآ وترعرعا معا في ملجأ للأيتام. ويأتي فيلم "خلف التلال" بعد خمس سنوات من فوز مونجيو بالسعفة الذهبية ليكون أول مخرج روماني يحظى بهذا الشرف برائعته "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان" التي كانت بمثابة غوص في أعماق الحياة اليومية في رومانيا إبان حكم نيكولاي تشاوشيسكو.
ويعود المخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي، الفائز بالسعفة الذهبية عام 1997، إلى مهرجان كان بفيلمه الجديد "كمن يعيش حالة حب"، وهو عمل رومانسي تدور أحداثه في اليابان.
والقائمة تشمل أيضاً فيلم "واقع" للمخرج الإيطالي ماتيو جاروني الذي فاز بالجائزة الكبرى ثاني أكبر جوائز المهرجان عام 2008  عن رائعته "جومورا" الذي ألقى نظرة عن كثب على العنف الذي يسود عالم مافيا كامورا الإيطالية.
أما المخرج الفرنسي الراحل كلود ميلر فمن المقرر عرض آخر أفلامه "تيريزا دي" في ختام المهرجان. وكان ميلر توفي في الرابع من أبريل الجاري بعد أن انتهى من  تصوير الفيلم المقتبس عن رواية للكاتب الفرنسي فرانسوا مورياك تحمل العنوان نفسه. وسوف يعرض الفيلم خارج إطار المنافسات.

25‏/04‏/2012

السيناريوهات المحتملة في أزمة دفاتر التحملات

مع بداية الأسبوع الجاري، شهد النقاش حول دفاتر تحملات القنوات التلفزيونية العمومية مرحلة جديدة. فبعد أن اتسم الأسبوع الأول بدفاع كل طرف عن هدفه: السياسي يتحدث عن الدستور والمقاربة التشاركية والشفافية، والمهنيون يتحدثون عن استقلالية التلفزيون من سطوة السياسي وطريقة اشتغالهم وقواعد البرمجة، يتميز الأسبوع الثاني من النقاش بتحوله إلى الهجوم مادام دفاع كل طرف عن موقفه لم يعط أكله لأن النقاش العمومي اقتصر على المهنيين من جهة وطرف داخل الحكومة من جهة أخرى دون أن ينخرط فيه المجتمع المدني (الجمعيات الحقوقية مثلا). سمعنا حزب العدالة والتنمية يهدد بالنزول إلى الشارع، ويتحدث عن البوليس الإعلامي وعجر القناة المالي... فيما يهاجم المهنيون الطرف الآخر بالقول إن الحكومة بقيادة الخلفي تطبق برنامجا إيديولوجيا ضدا على إرادة المغاربة.
وعندما تنتهي مرحلة الهجوم هذه سنكون أمام احتمالين اثنين: أولا استنزاف كل طرف لذخيرته ووقف إطلاق النار ثم الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتوافقات. أما الاحتمال الثاني، وهو الأسوأ، سيصيب طرف الطرف الآخر في مقتل، وهو حل لن يكون مفيدا لا للتلفزيون ولا للحكومة. وستكون نتيجته ضياع النقاش العمومي المفيد الذي سيصبح مجرد تصفية حسابات.
وسط هذه الزحمة من التصريحات والتراشق بالاتهامات، فضلت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري عدم الدخول في هذا الجدال حتى قبل بدايته، كي لا تصيبها رصاصة طائشة. فقد اختارت الهاكا عدم الحضور إلى الندوة الصحافية التي عقدها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، لتقديم دفاتر تحملات صورياد دوزيم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون. وفسرت بعض المصادر حينها عدم الحضور بحرص الهاكا على موقعها المؤسساتي كهيأة تقنين دستورية.
ومن هنا جاء الموقف الذي أعلن عنه الغزلي خلال درسه الأكاديمي حول "وسائل الإعلام في علاقتها بتحولات المجتمع السياسي، المغرب نموذجا"، يوم الجمعة الماضي، بمركز روابط التابع لكلية الحقوق بالدار البيضاء، إذ قبل الشروع في إلقائه أكد، رئيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أنه يحاضر بصفته أستاذا جامعيا بمنهجية تزاوج بين المفاهيم النظرية وتطبيقاتها في امتداد في الزمن، بغض النظر عن منعرجاته الآنية منذ تحرير القطاع، وبالتالي فلا يجب أن ينتظر الحضور منه، يضيف الغزلي، أن يدلي بتعليق أو أن يفصح عن موقف حول الأحداث الجارية اليوم في القطاع السمعي البصري.
هذا التوضيح الاستباقي من الغزلي كان جوابا على بعض الأسئلة التي طرحت منطقيا في ما بعد عند نهاية الندوة حول موقف الهاكا من الجدل الدائر هذه الأيام وحول توجهات دفاتر تحملات التلفزيون العمومي التي أعدتها الحكومة، إذ أكد حكيم القطاع السمعي البصري أن الهاكا ليس بإمكانها ولا من اختصاصها التخندق سياسيا، وهو مبدأ آمنت به وتمسكت به في اشتغالها على كل القضايا التي عرضت عليها منذ تأسيسها في سنة 2004،  مضيفا أنها تنأى بنفسها عن الدخول في الجدال الدائر حول دفاتر التحملات، على اعتبار أنه يضم رؤى ووجهات نظر متقاطعة ومتباينة سياسيا ومهنيا، ولا يمكن للهيأة أن تتخندق فيه، وإلا شكل ذلك مساسا باستقلاليتها، بل وحتى بوظائفها التحكيمية المبنية على انتصارها للقانون أولا، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن النقاش العمومي الموجود اليوم في الساحة في حد ذاته صحي ومفيد للقطاع، على اعتبار أنه ليس إلا امتدادا لمسار دشن قبل عدة سنوات.
في المقابل أكد الغزلي أن هذا الموقف المؤسساتي لا يعني الهروب إلى الأمام، بل على العكس مند ذلك فالهاكا تراقب وعن كثب تطورات هذا النقاش ومجلسها بصدد تكوين رؤيته وموقفه الخاص منها، بعيدا عن منطق ردود الفعل، وعيا منها بأن هيأة التقنين في بلدان مثل المغرب تعيش حراكا سياسيا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ينبغي أن تكون أيضا فاعلا في التغيير وضامنا للتوازنات المجتمعية المتعلقة بالقطاع السمعي البصري، كما هو الحال في البلدان المتقدمة التي تعترف بنجاح النموذج المغربي في مجال التقنين السمعي البصري في إطار الشبكات الفرنكوفونية والمتوسطية والإفريقية التي تولى أحمد الغزلي رئاستها خلال السنوات الثلاث الماضية، خاصة في مجال تدبير سؤال التعددية في مختلف المجالات السياسية والثقافية واللغوية والمجالية.
جمال الخنوسي

الكشف عن مكالمة هاتفية بين روبي ووالدها تدين برلوسكوني

كشفت تسجيلات تلفونية حصلت عليها جريدة "لاروبيبليكا" الإيطالية تورط رئيس الحكومة السابق، سيلفيو برلوسكوني في قضية المغربية كريمة المحروق المعروفة ب"روبي".
وعصفت الفضائح الجنسية التي جمعت بائعات الهوى والقاصرات مع برلوسكوني الملقب ب"الكافالييري" أو الفارس، بمستقبله السياسي، بعد أن تابعته نيابة ميلانو بخصوص علاقته بكريمة المحروق، ووجهت له تهمة "دعارة القاصرين وسوء استخدام السلطة" لأنه أقام علاقة معها وهى قاصر وتدخل لدى الشرطة للإفراج عنها وفق لائحة الاتهام.
ومن بين المكالمات التلفونية التي أوردها موقع جريدة "لاروبيبليكا" تسجيل كامل لحديث بين كريمة المحروق ووالده بالدارجة المغربية يعود إلى تاريخ 26 أكتوبر 2010.
وعبرت كريمة في المكالمة لوالدها عن قلقها من الحجم الذي بدأت تأخذه القضية وقالت، " جرات مشكلة كبيرة كبيرة..."، مضيفة أنه لحسن الحظ لم تشر الجرائد الإيطالية لاسمها الكامل، وأخبرت والدها أن الصحافة الإيطالية تلاحقها وتتحدث عن لقاءاتها مع سيلفيو برلسكوني رئيس الحكومة الإيطالية حينذاك.
وأضافت كريمة في حديثها إلى والدها بالدارجة "سيلفيو قال للمحامي ديالي قول ليها تسد فمها وانا مستعد نعطيها اللي بغات... ولا تنكر كلشي أو حتى تقول راها مسطية... المهم تخرجني من هاد الأمور.. وتقول بأني عمري ما عرفت الدرية عندها 17 العام أولا جات لداري".
وعندما سألها ولدها عن عدم اتصالها به منذ مدة قالت، "راه ماعنديش لفلوس وأنا سادة على راسي فالدار متنقدرش نخرج... هاد الصحافيين ماتايحيدوش من قدام الدار".
ويأتي ظهور التسجيلات عقب تصريحات عارضة أزياء مغربية تدعى إيمان فضيل التي كشفت خلال جلسة استماع ضمن محاكمة رئيس الوزراء السابق، بمحكمة ميلانو، أسرار وتفاصيل حفلات "البونغا بونغا" أو الجنس الجماعي التي كان ينظمها برلوسكوني في بيته. وقالت إيمان إن برلوسكوني استقبلها في مكتبه وعرض عليها ظرفا يضم 2000  أورو (حوالي 24 ألف درهم) مقابل خدماتها عن ليلة واحدة في فيلته بضاحية ميلانو.
وأوردت وسائل الإعلام الإيطالية أن تصريحات إيمان تضمنت تفاصيل حول "أداء فتيات" شاركن في حفلات "البونغا بونغا" على رأسهن نيكول ميناتي التي كانت طبيبة برلوسكوني وأصبحت نائبة عن منطقة "لومباردي". وقالت إنهن قمن باستعراض تعر أو "ستريبتيز" أمام الحاضرين.
وأكدت إيمان أنها عادت إلى إقامة برلوسكوني مرة أخرى بعد مرور ثلاثة أشهر على الزيارة الأولى تحت الضغط بين ماي ويونيو 2011.
جمال الخنوسي

22‏/04‏/2012

الإعلام العمومي بين هيمنة الحكومة ووصاية الدولة


أثارت دفاتر التحملات الخاصة بقنوات التلفزيون العمومي زلزالا غير مسبوق داخل الأوساط الإعلامية والسياسية بسبب توجهاتها التي اعتبرها البعض تدخلا في صلب عمل المهنيين، فيما رأي فيها آخرون تصريفا لتصور حزبي سيتم تعميمه على المجتمع بلبوس "الشفافية والحكامة". 
لقد كانت خطوة مصطفى الخلفي، وزير الاتصال غير محسوبة، إذ أن التلفزيون ليس جمعية أو حزبا بل مؤسسة اقتصادية يجب أن تضمن شروط الاستمرارية. لنضع أمام أعيننا أن المغاربة سيفرون من تلفزيون جدي أكثر من اللازم، ومن النقاش السياسي المفرط وغياب الترفيه والمتعة في التلفزيون. يقول الأمريكيون إن التلفزيون هو أولا وقبل كل شيء "إنترتايمنت" أي ترفيها. فشباب الفايسبوك لا تعنيه دفاتر تحملات الخلفي وما سينتج عنها من برمجة جافة، فالمرفق العمومي يجب أن يجد فيه الجميع، وبلا استثناء نفسه، والمهنيون (الذين يقولون إنه تم إقصاؤهم) الأكثر دراية بالموضوع، أما الوزير فيسطر الاستراتيجيات الكبرى للدولة ولا يدخل في تفاصيل التفاصيل (يمكن الإحالة هنا على فصل يتحدث عن ضرورة حضور رجل دين في البرامج الاجتماعية!).


إن مشكل التلفزيون المغربي لا يكمن في دفاتر التحملات والنقاش الهامشي الذي ارتبط بها حول القمار والأذان ونقل صلاة الجمعة... بل في الأسئلة الجوهرية حول التلفزيون وقواعد بناء إعلام حر وديمقراطي متحرر من قبضة السياسي. فلا أحد يملك الحقيقة بين يديه، ولا أحد له الجواب الشافي والكافي، وشروط النجاح وبذور الفشل لا توجد في إباحة إشهار القمار أو منعه، بل في تلبية حاجيات المهنيين وحرفيي السمعي البصري.
من الضروري الإجابة على سؤال جوهري حول تكلفة دفاتر التحملات التي رسم ملامحها الخلفي (وهو السؤال الذي لم يجب عنه خلال حضوره الأسبوع الجاري لنادي ليكونوميست)، إذ لا يعقل أن نضع دفتر تحملات دون أن نعرف جيدا كلفته المالية لأن أول شي سيسأل عنه المهني هو الموارد المالية لتنفيذ بنود الدفاتر الجديدة، والنقاش الحقيقي سيبدأ خلال مناقشة عقود البرامج وحينئذ سيطلب الخلفي من عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ووزير المالية الاستقلالي نزار البركة، تحضير الميزانية اللازمة التي يقدرها البعض بثلاثة أضعاف قيمة عقد البرنامج السابق. لا أحد يسطيع اليوم الإجابة عن سؤال الموارد المالية والبشرية واللوجستيك المطلوب (تطبيق دفاتر التحملات يلزمها مقر يقول البعض في سخرية).
إن دفاتر التحملات ليست عصا سحرية ستحل جميع مشاكل القطب العمومي، ولن يصبح التلفزيون أحسن بالضرورة لو طبقنا الدفاتر بحذافيرها. الإشكال أكبر من ذلك.
لقد تضمنت دفاتر التحملات بنودا مهمة لم يتم الالتفات إليها تخص الحكامة والشفافية، أو ربما هي أهم ما جاء فيها، ولم تثر كل هذا اللغط لأن حولها نوعا من التوافق، إلا أن الحكامة والشفافية اختلطت بلبوس السياسة وعانقت دفاتر التحملات البرنامج السياسي لحزب العدالة والتنمية. فالمشروع المجتمعي مستمر في الزمن بغض النظر عن الحكومات المتعاقبة. فإذا كانت الحكومة تكتب دفاتر التحملات فإن المشروع المجتمعي يكتبه المجتمع، وتكتبه الدولة بجميع مكوناتها. الإجراءات الوظيفية تقوم بها الحكومة أما الدولة فتتحدث عن الجوهر والسياسات الكبرى.
إن أزمة الخلفي مع الرأي العام والمهنيين وداخل الحكومة تكمن في أنه لم يضع أمام عينيه السلطة المضادة التي برزت بقوة، ولم يترك لنفسه نقطة للعودة كطارق بن زياد عندما أحرق جميع بواخره على سواحل إسبانيا، لكن نهاية مغامراته وتسرعه البطولي يبقى مجهولا. فالمتحول هو الحكومة والثابت هو الدولة.
جمال الخنوسي