27‏/06‏/2012

العرايشي يقود حملة تطهير داخل التلفزيون


يقود فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، حملة تطهيرية بدأت بإقالة مدير مديرية الدراما، توفيق بوشعرة، الذي أبلغ قبل أيام بالاستغناء عن خدماته. 
وأشارت مصادر مطلعة ل"الصباح" إلى أن رياح التغيير ستطول مسؤولين آخرين في الأسابيع القليلة المقبلة، مؤكدة أن المرحلة الجديدة تتطلب ضخ دماء جديدة، وتعيين رجال ونساء قادرين على مسايرة الرهانات الكبرى والتحديات التي تواجه الشركة.
وكانت «الصباح» أعلنت في وقت سابق أن الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون سيجري تغييرات مهمة بالشركة وسيتم تعيين مسؤولين جدد، إذ أن العرايشي يسعى إلى "فتح آفاق جديدة للتلفزيون العمومي بتزامن مع التغييرات التي يشهدها المجال السمعي البصري".
وتضاربت التفسيرات والأسباب الكامنة وراء الإطاحة ببوشعرة، إذ أرجعت مصادر مطلعة من داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون إقالة مدير مديرية الدراما إلى الاختلالات التي رصدها الرئيس المدير العام أخيرا في تدبير المديرية.
وأكدت المصادر ذاتها أن جرد الأعمال المنجزة، والمشاريع التي في طور الإنجاز كشفت بعض التجاوزات والاختلالات التي لم ترق للرئيس المدير العام الذي يسعى إلى إعادة الاعتبار إلى الإنتاج الدرامي في الشركة.
من جهة أخرى، ذهبت بعض المصادر إلى وقوف المشاكل التي تعرفها بعض الأعمال وراء التخلي عن بوشعرة، إضافة إلى المستوى المتدني لعملها.  
وسيوكل تسيير الملفات العالقة للمسؤول الفني بمديرية الدراما مصطفى صبحي وزميله عادل دوخو، تحت إشراف مدير الإنتاج العلمي الخلوقي، في انتظار الحسم في الهيكل التنظيمي الجديد للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الذي سيرى النور قريبا.
وفي السياق ذاته، أكدت المصادر نفسها أن البرمجة الرمضانية لهذه السنة وتدبير مديرية الدراما لها لم يكن في المستوى المطلوب، أضف إلى ذلك ارتفاع بعض الأصوات في دائرة المنتجين التي اشتكت من "الحيف" والتهميش مقابل إنتاج أعمال باهتة كما هو الحال بالنسبة إلى مسلسل "الغريب".
واعتبر آخرون قضية "سقوط" بوشعرة "تحصيل حاصل" مادام التنظيم الجديد الذي جاءت به دفاتر التحملات يمنح الدور الذي كان يقوم به بوشعرة إلى لجنة سيعينها العرايشي وسيوكل إليها انتقاء البرامج والأعمال بشكل محايد وشفاف.

12‏/06‏/2012

الفقيه اللي تسنينا باراكتو...



لا يجد المغاربة للتعبير عن سخطهم، اليوم، سوى القول "الفقيه اللي تسنينا باراكتو دخل الجامع بلغتو". والفقيه الذي يدور حوله الكلام والغمز واللمز ذو لحية مشذبة وصوت جهوري كان يصول ويجول في مجالس السياسية كالفارس المغوار يندد ويشجب تارة، ويعد ويتوعد تارة أخرى، لكن بعد أن نال مراده وحقق مبتغاه، انقلب على ذويه، وسار على نهج سابقيه ولدغ بني جلدته من الفقراء والكادحين.
فبنكيران، "ولد الشعب المحبوب"، بعد أن جلس على كرسي رئاسة الحكومة، وارتاح في مكتبه المكيف (من التكييف)، وقضى ما طاب له من الوقت في إرسال خطابات الشعبوية وتسليط الضوء على قضايا "رمزية" دون السير بها إلى أقصى حد (مثل "فضح لوائح الكريمات" التي نشرتها الجرائد قبل سنوات دون اتخاذ أي إجراء عملي بل سمعنا فقط الحديث عن الفساد وشعارات محاربة الريع)، ترك كل ذلك الفساد والريع ليزيد للكادحين في ثمن المحروقات!   
وحتى وإن افترضنا أن ما تقوم به حكومة بنكيران اليوم هو عين العقل، والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فإن حزب العدالة والتنمية "صنع مجده" و"حصد شعبيته" من الانتقادات التي وجهها لخصومه السياسيين، ومن الوعود التي منحها لشريحة واسعة من المحتاجين الذين آمنوا بالتغيير عن طريق الملتحين. فانقلب على الجميع اليوم وبدأ ب"قرصهم" من حيث لا يدرون.
لقد استهوى "فرانسوا هولاند" الفرنسيين بالصيغة التي وجدها مناسبة لكسب رضاهم عندما قدم صورة معاكسة لرئيس البذخ و"البلينغ بلينغ"، نيكولا ساركوزي، فكلفته كرسيه الرئاسي، وخرج من الباب الصغير للسياسة. وبعد مرور "سبع أيام الباكور" بدأ صوت الفرنسيين يعلو بعدما ملوا من صورة الرئيس "نورمال"، الذي يركب سيارة عادية، ويكتفي بدراجتين لتسهيل مروره، ويقف في الإشارات الحمراء... وغيرها من الإشارات التي تبرهن على أنه فعلا "نورمال"، وبدؤوا يطالبون بحلول لملفاتهم الساخنة ويصفون تصرفات الرئيس ب"التسويق السياسي".
نحن بدورنا عشنا هذه المرحلة من الماركوتينغ السياسي، وقضينا الأسابيع الأولى مع الحكومة "نورمال" المكونة من أولاد الشعب الذين يشبهوننا، ويأكلون مع العوام، و"يضربون البيصارة"، ويركبون "الكونغو"، ويلبسون البذلات الرخيصة ... مثلنا أو "تقريبا مثلنا".
لكن مع ذلك يجب الاعتراف أن بنكيران بالابتسامة التي تفارقه وجهه، وبقفشاته... تمكن من كسب ثقة الناس باعتباره رجلا صادقا يحمل نوايا حسنة أو من يطلق عليهم المغاربة "بوهالي" (بالمعنى الإيجابي للكلمة)، لكن "التبوهيل" والنوايا الحسنة حد الشعبوية لا تمنح حلولا ناجعة بل تبيع الوهم وتولد الإحباط. فالمغاربة وإن كانوا يحبذون "الشو" والفرجة السياسية، يحبذون أكثر من يمنحهم حلولا عملية لمشاكلهم.    
جمال الخنوسي

08‏/06‏/2012

حديث رئيس الحكومة مباشرة من جمهوريات "لي بانان"

إن كانت هناك حسنة للخرجة الإعلامية السياسية لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، فستكون حتما تحقيقه للفرجة التلفزيونية الغائبة في البرامج السياسية والحوارية في تلفزيوننا الحزين، إذ تمكن، ولله الحمد، رئيس الحكومة، بروحه المرحة، وقفشاته المتنوعة، وجاذبية حديثه، من تحقيق نسب مشاهدة لا ينافسها سوى مسلسل "خلود"، إن شاء الله.
لقد أحس بنكيران أن "الصهد" زاد، وأن "السخونية" تقترب، لذلك طلب برنامجا تلفزيونيا خاصا، اجتمعت فيه يد الأولى والثانية، حتى يبرر لملايين المغاربة أسباب الزيادة الأخيرة في ثمن المحروقات التي اكتوى المواطنون بنارها، وأشعلت لهيب الأسعار بالأسواق. كما لم يفته منح الوعود السخية التي تسيل اللعاب، وهدهد المواطنين بالأحلام الوردية المغلفة ببعض التعاويذ والحولقة والبسملة والتهليل والتكبير.
لكن، قبل أن نساير بعض المجموعات التي أطلقها خفيفو الظل على الشبكات الاجتماعية، تطالب بـ "سكيتشات بنكيران على التلفزيون مع مائدة الإفطار في رمضان"، دعونا نكن جديين قليلا: فالنقل التلفزيوني المشترك بين ثلاث قنوات (الأولى والثانية والعيون) ليس في محله بالمرة، بل حالة تلفزيونية شاذة لا تعرفها سوى جمهوريات الموز أو "لي بانان"، على حد تعبير بنكيران. ففلسفة التكامل التي يجب أن تسم قطبا عموميا مستقلا غير قائمة على نقل المادة نفسها في القنوات جميعها، إذ لن نشهد قط في فرنسا مثلا قناة عمومية اسمها "فرانس 2" تنقل حوارا مع الوزير الأول على القنوات الأخرى! كما أن اعتراف رئيس الحكومة بأنه طالب بلقاء خاص في التلفزيون يمكن أن نقول عنه الكثير، فلا أحد يقبل أن تكون باب دار البريهي مشرعة دائما للرئيس يدخل منها كلما أراد أو كلما وقع في ورطة في البرلمان؟! فالدستور الجديد قام بدسترة المعارضة البرلمانية ومنحها حقها في الإعلام العمومي بالشكل نفسه وبصيغة قريبة منها. والأهم من كل هذا  وذاك، أن النقل التلفزيوني المشترك تقليد مرتبط أساسا بالخطاب الملكي الذي له وزنه، وتوقيته الخاص، أما خرجات رئيس الحكومة فيمكن أن تتناوب عليها القنوات بشكل سلس دون أن يكون الموضوع مجالا للابتزاز الذي يمارسه بعض حوارييه بخصوص تجاهل التلفزيون العمومي لسكناتهم وحركاتهم في المداشر والأزقة والدروب.
من جهة أخرى، باءت جميع محاولات الإعلامية فاطمة البارودي، وشغب الصحافي المشاكس جامع كلحسن بالفشل، من أجل إخراج رئيس الحكومة من السكيتش الذي كتب له سيناريو مسبقا جهابذة "العدالة والتنمية"، فأخذ من بريقهما ومن حصتهما في الحديث، واستبد بنكيران بالكلام المبالغ فيه، في حين أن الكثير من النقط التي أثارها مردود عليها. فتعرضا إما للقمع (عندما قال لكلحسن: خليني نكمل هضرتي ما تقاطعنيش....)، أو للتسفيه والتمييع (عندما توجه إلى البارودي بالقول: ياكما باغية شي منصب ألالة فاطمة). رئيس الحكومة يظهر في التلفزيون العمومي المستقل ليجيب عن أسئلة الصحافي التي تعبر عن صوت المواطنين وليس لتمرير الخطابات التي يريد. اللقاء التلفزيوني يكون سؤالا وجوابا محددين ومضبوطين لتبديد الغموض وليس للحديث عن ربطة العنق والبترول الذي اكتشف في جزر الواق واق، واستظهار أثمان الخضر و"لي بانان" لا ندري من أي جهة مختصة حصل عليها؟ ومن أي سوق "تقدات" هذه الجهات ولاحظت أن ثمن "لي بانان" تراجع من 10 إلى 8 دراهم؟!
ماذا يعني نقل القنوات العمومية للوجه السمح لرئيس الحكومة ويستبد بشاشاتها استبدادا ليبشر الأرامل والمطلقات (مع احترامنا لهذه الشريحة الاجتماعية) بجنات عدن؟ ماذا يعني نقل التلفزيون للقاء خاص فيه من الفرجة والحولقة والبسملة أكثر من الحلول لقفة المغاربة؟
سيمل المواطنون حتما من "الفراجة" والهزل، وسيطالبون بحلول عملية وواقعية غدا أو بعد غد، وحينها لن تنفع ربطات عنق باب الحد، وقفشات جامع لفنا، وبترول دكالة أو"لي بانان" سوس.   

03‏/06‏/2012

إشهارات حاطة بالكرامة على أثير الإذاعة

أثارت بعض الوصلات الإشهارية التي تبثها المحطات الإذاعية جدلا واسعا بين المستمعين الذين اعتبروها مسيئة وحاطة بالكرامة. فبعد إشهار خاص بموقع إلكتروني يدعو إلى "بيع النسيبة" ويسخر منها ويشجع على التخلص منها، تبث بعض المحطات الإذاعية في الوقت الحالي إشهارا لمسحوق غسيل يتضمن رسالة تدعو المرأة لمعاملة زوجها بسوء، وتتحدث صراحة "عن المرأة التي تصبن زوجها" كسلوك إيجابي ومشجع.
وتطرح مثل هذه الوصلات الإشهارية إشكالا قانونيا وأخلاقيا نظرا لغياب نص قانوني صريح في الموضوع، إذ تعرف المادة 2 من القانون رقم 03-77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري الإشهار ب "شكل من أشكال الخطابات المذاعة أو المتلفزة سيما بواسطة صور أو رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو الصوتية التي يتم بثها بمقابل مالي أو بغيره، الموجهة لإخبار الجمهور أو لاجتذاب اهتمامه إما بهدف الترويج للتزويد بسلع أو خدمات، بما فيها تلك المقدمة بتسمية فئتها، في إطار نشاط تجاري أو صناعي أو تقليدي أو فلاحي أو مهنة حرة وإما للقيام بالترويج التجاري لمقاولة عامة أو خاصة".
ويحدد القانون نفسه الإشهار الممنوع في "الإشهار الذي يحتوي على عناصر للتمييز بسبب العرق أو الجنس أو الجنسية أو الديانة أوعلى مشاهد تحط من كرامة الإنسان أو تمس بحقوقه أو مشاهد العنف أو تحريض على سلوكات مضرة بالصحة وبسلامة الأشخاص والممتلكات أو بحماية البيئة؛ والإشهار ذي الطابع السياسي؛ والإشهار الذي يتضمن مزاعم وبيانات أو تقديمات مغلوطة أو من شأنها أن توقع المستهلكين في الخطأ؛ والإشهار الذي من شأنه أن يلحق ضررا معنويا أو بدنيا بالقاصرين والذي يهدف بالخصوص إلى ما يلي: تشجيع القاصرين بصفة مباشرة على شراء منتوج أو خدمة عن طريق استغلال قلة تجربتهم أو سذاجتهم أو حثهم بصفة مباشرة على إقناع آبائهم أو الأغيار لشراء المنتوجات أو الخدمات المعنية؛ واستغلال أو زعزعة الثقة الخاصة للقاصرين إزاء آبائهم ومعلميهم والأشخاص الذين لهم سلطة شرعية عليهم؛ وتقديم قاصرين في وضعية خطيرة دون سبب مشروع. والإشهار الذي يتضمن بأي شكل من الأشكال بيانات من شأنها أن توقع المواطنين في الخطأ أو تخرق حقهم في سرية المعلومات المتعلقة بحالتهم الصحية أو تتضمن بيانات كاذبة عن الصحة أو تحثهم على الممارسة غير القانونية لمهنة الطب أو ممارسة الشعوذة؛ والإشهار الذي يتضمن تشهيرا بمقاولة أو منظمة أو نشاط صناعي أو تجاري أو فلاحي أو خدماتي أو منتوج أو خدمة سواء من خلال محاولة تعريضه لاحتقار الجمهور أو سخريته أو بأي وسيلة أخرى".
من جهتها، تتحدث دفاتر تحملات المحطات الإذاعية بشكل ملح عن احترام الأشخاص والإشهار الكاذب والمضلل وصورة المرأة، إذ أصدرت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أخيرا، تقريرا حول "صورة المرأة في الإعلام السمعي البصري"عرض جردا تحليليا لمجموعة من المعطيات حول صورة المرأة في الإعلام السمعي البصري المغربي وتجارب مقارنة في مجال الضبط تتعلق بصورة المرأة، إلى جانب توجيه مجموعة من التوصيات لبعض المؤسسات المعنية من أجل النهوض بصورة المرأة في الإعلام السمعي البصري.
ويرى البعض أن مثل هذه الوصلات الإشهارية تفلت من العقاب لأنها تستغل فراغا قانونيا، إذ أغفلت النصوص الحديث عن صورة الرجل، لكن في المقابل ينصح آخرون بالاعتماد على البنود الخاصة بمس كرامة الإنسان من أجل سد الفراغ.
والملاحظ أن تدخل الهاكا في كثير من المناسبات المتعلقة يهذا الجانب كان رادعا، فقد شهدت الأعمال الرمضانية خلال موسمي 2005 و2006 مجموعة من الانزلاقات العنصرية حول السود مثلا، وجاءت في بعض السيتكومات عبارات من قبيل "العزي" و"مشمش فالليالي" و"سراق الزيت" وتدخلت الهيأة من أجل تنبيه القنوات التلفزيونية حول الخطابات العنصرية وهو ما أدى إلى اختفائها من شاشاتنا.
وفي مثال آخر، أذاعت محطة مغربية خاصة أغنية لفرقة "راب" سعودية تضامنت مع الجزائر ضد المصريين في عز الحرب الكروية، وفي الحين نبهت الهاكا القناة الموسيقية التي امتثلت بدورها ولم تبث الأغنية قط.
ويسير توجه آخر نحو الأخذ بعين الاعتبار طرق الإشهار المبنية على المبالغة التي تجعل التخوف من مثل هذه الوصلات الإشهارية بلا معنى، الأمر الذي يطرح إشكالا قانونيا وأخلاقيا واضحا يجب الحسم فيه بشكل قطعي.
جمال الخنوسي