30‏/05‏/2012

تخوفات من تكرار أزمة دفاتر التحملات في المجلس الوطني للصحافة


نفى وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، الحسم في صيغة نهائية لمشروع إنشاء المجلس الوطني للصحافة، وقال في اتصال مع "الصباح" إن  الحوار مازال مستمرا مع المهنيين من أجل تدقيق المشروع النهائي، معترفا بوجود خلافات، "أنا لا أحب أن أسميها نقطا خلافية بل محاور للنقاش".
وكانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية وجهت رسالة شديدة اللهجة في سابع مارس الجاري إلى وزير الاتصال انتقدت فيها تعامل الخلفي مع مشروع إنشاء المجلس. وجاء في مضمون الرسالة، "الآن نجد أنفسنا أمام وضعية تتميز بمفارقة تتمثل في أنه في الوقت الذي ينص فيه الدستور على حق المهنيين في تنظيم أنفسهم بكيفية ديمقراطية ومستقلة، ويمنع على السلطات العمومية أن تتدخل في هذا الشأن، باستثناء "التشجيع"، أصبحنا أمام وضع يزداد فيه تدخل وتحكم وزارة الاتصال في هذا المشروع، مقابل التوجه، عمليا، إلى التشكيك في تمثيليتنا وشرعيتنا".
وعبر مصطفى الخلفي عن رغبته في إنشاء هيأة مستقلة ديمقراطية قائلا، "أخذنا مشروع 2007 وأجرينا مجموعة لقاءات أسفرت عن الاتفاق حول مجموعة من المقتضيات... ومازالت هناك نقط يستمر حولها الحوار مع الهيآت النقابية حتى يحظى المشروع بقبول جميع الأطراف".
وأشار وزير الاتصال إلى أنه بعث ردا على الرسالة المذكورة للنقابة أكد فيها ضرورة الحوار وأن مضمون الرسالة قيد الدراسة.
وفي السياق ذاته، أكد يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في اتصال مع "الصباح"، أن فلسفة المجالس المنظمة لمهنة الصحافة مبنية على التسيير الذاتي للمهنة وليس تابعا لجهة رسمية. "التجارب العالمية كلها تسير في هذا السياق، والدستور كرس هذه الفكرة ويتحدث عن أن الصحافيين والمهنيين ينظمون أنفسهم والحكومة تشجع".
ويضيف مجاهد، "والواقع أن مشروع المجلس الوطني أصبح من خلال المقاربة المتبعة اليوم كأنه مشروع حكومي"، مهددا، "أن الدستور هو الفيصل بيننا.. وكل تجاوز من الحكومة سيجعلنا نصعد احتجاجاتنا. ولن نسمح للحكومة بالتصرف في ملف أخلاقيات المهنة، وسنقوم بحملة وطنية ودولية في هذا الاتجاه.. لأن هذا مجلس للصحافيين ويهم الصحافيين ولا دخل للحكومة فيه".
وأكد مجاهد أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران استقبله رفقة نائبه عبد الله البقالي، ورئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نور الدين مفتاح، وعبر لهم عن تفهمه لموقفهم خلال لقاء وصفه ب"الإيجابي".
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران انتقد خلال استقباله للثلاثي المذكور علانية طريقة تدبير وزير الاتصال، مصطفى الخلفي لمشروع دفاتر تحملات القنوات العمومية، وعبر عن استعداده لتلقي اقتراحات الطرفين بخصوص المجلس الأعلى للصحافة.
وعبرت المصادر ذاتها عن تخوفها من إرسال وزير الاتصال مشروع إنشاء المجلس الوطني للصحافة إلى الأمانة العامة للحكومة دون عقد اجتماع مع النقابات المهنية يعرض فيه وثيقة المشروع النهائية، وهي المقاربة ذاتها التي اعتمدها خلال إعداد دفاتر تحملات القنوات العمومية، وأحدثت زلزالا سياسيا ومجتمعيا ومهنيا انتهى بتحكيم ملكي تبعه سقوط ضحايا وتجميد دفاتر التحملات واستمرار العمل بالسابقة.
وفي سياق متصل جاء في المذكرة التي بعثتها النقابة إلى وزير الاتصال، "إننا نرفض أن يتحول "الجسم الصحافي" إلى هيأة، بطريقة مغلفة، على غرار هيأة المحامين وغيرها من الهيآت المنظمة بالقانون، لأن التنظيمات الديمقراطية لنقابات الصحافيين عبر العالم ترفض ذلك، كما نرفضه بدورنا.
إننا نستغرب من مقترحكم الذي يطرح مسألة المراقبة القضائية لانتخابات المهنيين، مما قد يوحي بأن هناك أزمة ديمقراطية أو ثقة في نزاهتنا. وهو أمر تعلمون أنه غير قائم وغير مطروح من أي جهة مدنية أو رسمية قبلكم.
ونذكر أن الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات لا تخضع لهذه المراقبة القضائية في انتخابات ممثليها وهيآتها. ومن هذه الأحزاب من يعين وزراءه في الحكومة، كما يمنح التزكيات للمرشحين في الانتخابات البرلمانية والبلدية وغيرها، وينصب أعضاءه في المجالس الوطنية المختلفة...  كما أن تنصيب العديد من المجالس الكبرى والهامة في بلدنا لم يخضع لهذه المقتضيات التي تقترحونها، علما أننا لا نعتقد أن المجالس المنصوص عليها في الدستور الجديد ستخضع لهذه المسطرة. إن المهنيين، خاصة الصحافيين، باعتبارهم المعنيين الرئيسيين بأخلاقيات المهنة سيكونون، حسب مقترحكم، مجبرين على المرور عبر انتخابات بمراقبة قضائية، بينما الفئات الأخرى في المجلس لن تخضع للمقتضيات نفسها.
إن تخويل المجلس الوطني للصحافة صلاحيات التدخل المباشر أو غير المباشر في مسألة دعم الصحافة قد يحرف هذه الهيأة عن أهدافها، التي يجب أن تنحصر في الأخلاقيات أساسا، ثم منح البطاقة المهنية كأمر ثانوي. أما الصلاحيات الأخرى فإنها تظل استشارية، حسب رأينا.
إننا نستحضر في ملاحظاتنا مختلف التجارب الناجحة والديمقراطية في العالم لمجالس وهيآت أخلاقيات الصحافة، والتي لا تقبل أي تدخل في سيرورتها، سواء في تأسيسها أو وضع قوانين لها أو تشكيلتها أو غير ذلك من التدخلات من أي جهة خارجها، خاصة إذا كانت حكومية، لأن هذا يضرب مصداقيتها".
جمال الخنوسي

عمر... قتل نفسه

قال مصطفى بنعلي، المدير العام السابق للقناة الثانية، إن عمر سليم "مكلف بمهمة تدنيس المدير العام السابق لدوزيم والقناة برمتها". وأكد بنعلي، الذي توارى إلى الظل منذ مدة، في لقائه مع "الصباح" أن سليم اختار مهاجمة "الحيط القصير" وإهانة مؤسسة عمل فيها مدة طويلة.
وتساءل بنعلي لماذا تأخر عمر سليم كل هذا الوقت قبل الاستجابة ل"نداء الضمير والمسؤولية" هل كان ضروريا أن يتم ذلك بعد "مغادرته الطوعية" وحصوله على تعويض عن السنوات التي "لم يشتغل خلالها" كما تبين من تصريحاته؟".
وأكد بنعلي، "حسب علمي ووفقا للمعطيات المتوفرة لدى قسم الموظفين بالقناة الثانية، كان عمر سليم يتقاضى أجرا خاما أساسيا قدره 33900 درهم، يضاف إليه التعويض عن السكن والأقدمية والتمثيل داخل المؤسسة. وكان يتقاضى الراتب نفسه سنة 2003 قبل تحملي مسؤولية الإدارة العامة للقناة. ولا أذكر أنني قمت برفع أجره خلال الفترة ما بين 2003 و2008 بنسبة تتعدى حدود 5 إلى 10 في المائة طيلة تلك الفترة، بل كان أجره الخام الأساسي في 31 دجنبر 2007 يبلغ 36 ألف درهم. لهذا أتساءل من أين أتى عمر سليم بالمبلغ المشار إليه في تصريحاته التي تناقلتها الصحف، أي 88 ألف درهم. ولا أظن أن الإدارة العامة الحالية للقناة رفعت أجره ليصل إلى هذا المستوى خاصة أنه صرح بعدم اشتغاله داخل المؤسسة".
وأشار بنعلي إلى أن عمر سليم، ومباشرة بعد التحاقه بالقناة الثانية في أبريل 2000 بالتزامن مع تولي نور الدين الصايل الإدارة العامة للقناة "كان يشغل منصب مدير البرامج، وكان ذلك كما يعلمه الجميع داخل المؤسسة شكليا وصوريا فقط لأن إدارة البرامج الفعلية والحقيقية كان يقودها نور الدين الصايل شخصيا نظرا لخبرته الكبيرة في المجال. فالصايل "ولد الناس" وواضح في مواقفه، أما سليم فليست له الكفاءة لتسيير مديرية وتدبير أمورها.. هو أولا وأخيرا صحافي. وعند تحملي مسؤولية الإدارة العامة للقناة، في 10 شتنبر 2003، وتجاوزا لهذا الوضع (مدير برامج بدون مهام حقيقية وعمل يبرر من خلاله ما يحصل عليه من أجر وامتيازات)، كلف عمر سليم بمهمة لدى الإدارة العامة مع الحفاظ على رتبته الإدارية مديرا، وكلفته بتحضير وتقديم برامج ثقافية من بينها "آر زي ليتر" وتمت الاستعانة بكفاءات لتمكينه من إنجاز هذا البرنامج من بينها عادل حجي. وكان هناك تتبع لأداء عمر سليم وقدمت ملاحظات للإدارة العامة كما هو موضح في الوثيقتين (أنظر الصورة)، من بينها أن المعني بالأمر يتغيب عن المؤسسة ولا يحترم شروط العمل ومعايير الجودة والنجاعة في الأداء المهني. فكيف تجرأ على الإدعاء أن المدير العام السابق "طلب منه البقاء في بيته والاحتفاظ بكل الامتيازات؟".
وعن أسباب توقف البرنامج الثقافي "آر زي ليتر" قال بنعلي، "استمر عمر سليم في تحضير وتقديم برنامجه إلى غاية 2006، تزامنا مع تشكيل القطب العمومي، إذ طلب سليم من مدير البث والبرمجة آنذاك (والمدير الحالي للبرامج والبث والبرمجة)، عدم إدراج البرنامج الثقافي في خريطة البرامج بدعوى أنه لن يتمكن من الاستمرار في إنجازه حسب قوله، لأن رئيس القطب العمومي (فيصل العرايشي) وعده بتعيينه مديرا لإذاعة دوزيم. فامتنع عمر سليم عن الاستمرار في إنجاز وتقديم البرنامج بناء على وعود لم تخرج قط إلى حيز الوجود من طرف من وعده بها، رغم أن الوعود لم تكن تتنافى مع الاستمرار في تقديم برنامج ثقافي كان يحضر مضمونه عادل حجي وكفاءات أخرى داخل المؤسسة".
وأشار بنعلي إلى أن سليم يهاجم الجميع بعد أن حصل على "تعويض العمر" من فيصل العرايشي حتى سميرة سيطايل (نائبة المدير العام، ومديرة مديرية الأخبار بدوزيم)، "أيظن أنه أكثر مهنية من سميرة سيطايل التي أختلف معها في كثير من الأمور لكنها كفاءة حقيقية و"راجل ونص". لقد كان سليم خلال فترة ما قبل شتنبر 2003 يستفيد من سيارة وظيفية وسائق (بشكل غير قانوني وغير مرخص له كتابيا من طرف المدير العام في ما يخص السائق)،  وبعد التاريخ المذكور (عند وصولي إلى إدارة القناة)، احتفظ بسيارته الوظيفية كمدير لكن تم إيقاف استفادته من خدمات السائق الذي ألحق بمصالح أخرى داخل المؤسسة، فكيف يصرح عمر سليم إذا أنه كان يستفيد من سائقين؟ أهي رغبة في التفاخر المبالغ فيه أم هناك دوافع أخرى؟ اما بخصوص السكن الوظيفي، فلم يكن عمر سليم قط يستفيد منه، بل كان يتقاضى تعويضا عن السكن وفقا لما هو معمول به داخل المؤسسة. على عمر سليم أن يوضح للمغاربة سبب خرجته هاته والأهداف الحقيقية وراءها بدل الادعاءات التي لا يعطي أدلة دامغة عليها وليقل للمغاربة من أين أتى براتب 88 ألف درهم شهريا!".   
جمال الخنوسي

مخطئ من يهدد حريتي



نفى نبيل عيوش، مخرج فيلم "يا خيول الله"، أن يكون اعترضته خطوط حمراء خلال إنجاز فيلمه حول أحداث 16 ماي الإرهابية. وقال مخرج "علي زاوا" في حوار مع "الصباح" من مهرجان كان، "الحمد لله أصبحت لنا في المغرب حرية تعبير واسعة ويجب أن نبقى يقظين كفنانين للمحافظة عليها، لأن هذه الحرية يمكن أن تكون مهددة خصوصا عندما أسمع بعض التصريحات حول سينما عائلية أو نظيفة. هنا أقول يجب أن نبقى حذرين فأنا لست ضد سينما العائلة بل أراها شيئا جيدا ومشجعا، لكن لا يجب أن تحل محل حريتنا الإبداعية. فالحديث عن سينما العائلة لا يمنع وجود سينما للاختراق والاحتجاج والحرية والاستقلال ... هذه هي السينما: فن لعامة الناس ... والشيء الوحيد الذي يجب أن يتحكم في خيارات الفنان هي قناعاته وما يريد التعبير عنه. وكل من يريد أن يحرمنا من هذه الحرية فهو مخطئ لأنه سيدخل في معركة خاسرة من البداية. وعلى الحكومة اليوم أن تهتم بأوراش محاربة الرشوة وإصلاح نظام التعليم... وليس التضييق على حرية الفنان".
وأضاف المخرج المثير للجدل، " أنا لا أحس بحريتي مهددة، لكن في المقابل هناك محاولات لربح مساحات وعلى جميع المسؤولين والفنانين أن يكونوا يقظين... في وزارة الثقافة ووزارة الاتصال ولجنة الدعم السينمائي... لأنه ليس هناك أسوأ من التحكم في الفن وحريته عن طريق الدعم الذي تمنحه الدولة. فما الذي يجعل الأفلام المغربية لها صدى، وتحضر في مهرجان كمهرجان كان هو أن فيلما مثل "يا خيول الله" أنجز في حرية تامة ودون رقابة أو خطوط حمراء".
وكان نبيل عيوش فاز بجائزة "فرنسوا شاليه" السبت الماضي، عن فيلمه الروائي "يا خيول الله" الذي عرض في مهرجان كان الخامس والستين في إطار فئة "نظرة ما".
وتأتي الجائزة تكريما لذكرى المراسل الصحافي الكبير فرنسوا شاليه الذي توفي عام 1996.
واعتبرت أمانة الجائزة أن "نبيل عيوش اختار أن يستلهم بتصرف من اعتداءات 2003  التي أدمت الدار البيضاء ليظهر كيف أن العوز الاقتصادي والنفسي يمكن أن يؤدي بشباب عاطلين عن العمل إلى التضحية بذواتهم...". وأضافت، "من خلال ذلك يحترم فيلم المخرج الموهوب نبيل عيوش معايير "روح فرنسوا شاليه" الذي يحرص دائماً على التذكير بواقع العالم".
ويركز الفيلم الذي من المنتظر عرضه في القاعات الوطنية بداية 2013، على سيرة أخوين ورفاقهما مفصلا وضعهم الاجتماعي والمعيشي إذ كبروا في أجواء من البؤس في حي صفيحي اسمه "سيدي مومن" حيث يسيطر الحرمان والعنف والتخلي، ما يدفع بصبية لا تتسع لهم الحياة إلى التطرف والموت.
وأكد عيوش ل"الصباح" أن ردود الأفعال كانت رائعة جدا من جانب الجمهور الحاضر، والنقاد والصحافة التي قدمت مقالات جيدة عن الفيلم في الصحافة العربية والأوربية والأمريكية. كما استفاد الفيلم من تغطية واسعة من قبل القنوات التلفزيونية. ومن المنتظر أن يشارك في مهرجانات أخرى، وتلقى إلى حدود الآن أكثر من ثلاثين عرضا.
وحول طريقة تعامله مع تيمة الإرهاب قال عيوش، إن ما أريده من خلال هذا الفيلم هو الحديث عن الإرهاب بشكل مختلف عما أنجز حتى الآن، خصوصا في السينما الأمريكية التي لا تعطي صورة معقدة عن الإشكالية وسقطت في مقاربة تسطيحية وتبسيطية: الأخيار من جهة والأشرار من جهة أخرى... أردنا أن نفهم كيف أن شبابا
متحدرين من حي سيدي مومن، ويعيشون على بعد كيلومترات من بيتي، في حي أعرفه جيدا سبق لي أن صورت فيه مشاهد من فيلمي "علي زاوا"، تحولوا إلى قنابل بشرية. فقررت بالتالي أن أنجز فيلما في الموضوع يعتمد على تفكير عميق وطويل وبحث مستفيض على خلفية دراسات وأبحاث لمختصين وعلماء اجتماع وأبحاث ميدانية لنعرف كيف أن شبابا لم  تكن لهم سوابق يتحولون إلى ارتكاب أعمال همجية".
وحول تعامله مع رواية "نجوم سيدي مومن" أكد عيوش أن ماحي بنبين، كاتب الرواية، منحه كل ثقته وأعطاه الضوء الأخضر ليتصرف في العمل بحرية تامة، "احتفظت بأشياء كثيرة في الرواية، وفي الوقت ذاته أضفت نظرتي السينمائية للأمور، فالفيلم غوص عميق في قلب هذا الحي من أجل فهم ما جرى، إذ يبدأ بالشخصيات الرئيسية وعمرها عشر سنوات تقريبا، وينتهي بانفجار 16 ماي. فالعمليات الانتحارية ليست هي موضوع الفيلم لأن كل ما يهمني هو ما جري قبل ذلك، فأنا لا أسعى لجعل العنف فرجة فبالنسبة إلي العنف ليس موضوعا فرجويا بالمرة".
وأكد عيوش على أن فيلمه لا يسعى لتقديم أجوبة أو يقدم تبريرا لما حدث، "هذا ليس دور المخرج، فلا يجب أن ننسى أن أحداث 16 ماي أسقطت أبرياء وشردت عائلات وأطفالا، و إذا كان هناك من يمكنه تقديم الصفح فهم عائلات الضحايا وليس المجتمع. أنا لا أحاكم أحدا في هذا الفيلم، أريد أن أفهم فقط ما حدث وكيف تحول أطفال عمرهم عشر سنوات إلى قنابل بشرية. وبعد ذلك أترك للمشاهد تكوين رأيه الخاص".

06‏/05‏/2012

التلفزيون رهينة الخلافات حول دفاتر التحملات

كان تدخل صاحب الجلالة حاسما في "معركة دفاتر التحملات" التي حمى وطيسها قبل أسابيع، وتراجعت الجيوش إلى الوراء وتعلم الطرفان أن الصوت العالي لا يعني أنك على صواب، وأن لغة الوعيد والتهديد لم يعد لها مكان اليوم.
لقد أبانت بداية تطبيق الجزء الأول من مقتضيات دفاتر تحملات القنوات العمومية أن الخصمين، وزير الاتصال مصطفى الخلفي، ومهنيي الإعلام السمعي البصري استوعبا أخطاء الأمس، ويتجلى ذلك في مجموعة من الملاحظات الدالة والمعبرة: فطن وزير الاتصال أن كثرة التصريحات تقتل روح التواصل وانتبه إلى أن خرجاته يجب أن تكون محسوبة، وبعد استقباله من طرف صاحب الجلالة أصبح متحفظا بشكل ملموس ويحسب لخرجاته الإعلامية ألف حساب. وبعد أن كان الحديث عن "دفاتر الخلفي"، أصبح الحديث اليوم عن دفاتر الحكومة وخياراتها... أضف إلى ذلك أنه توقف القصف والقصف المضاد وبالتالي الابتعاد عن الترويج ل"ضرورة" إقالة سليم الشيخ مدير دوزيم، ونائبته سميرة سيطايل، لأنه من الناحية السياسية تصريحات وتهديدات غير مقبولة وينقصها النضج، لأنه يجب ألا ننسى أن الخرجات الإعلامية للشيخ وسيطايل ملأت فراغا مهولا وقالا ما لم يتمكن أحد من قوله، كما نجحا فيما لم تستطع المعارضة السياسية القيام به.
نعم، انشغل رؤساء القنوات التلفزيونية على مدى شهر بالقيام بدور المعارضة ونفذوا ما كان حريا بالمعارضة السياسية القيام به تحت قبة البرلمان، معارضة سياسية لم تستطع مواجهة دفاتر التحملات في شقها الدستوري والقانوني واكتفت بالخطب السياسية الفضفاضة، فوجد المديرون أنفسهم في فاتح ماي أمام إكراه تطبيق بنود الدفاتر وبالتالي لجؤوا إلى ما يمكن أن نطلق عليه "البريكولاج" و"الديباناج" في تنزيل البنود.
ويمكن الحديث عن "البريكولاج" منذ اليوم الأول على مستويين اثنين مرتبطين بالمضمون والبرمجة: فالإشهار الذاتي الذي قامت به دوزيم للنشرات الجهوية يبرمج قبل أو بعد كبسولات استوديو دوزيم بشكل مقصود أي هناك نوع من "تقطار الشمع" على الدفاتر بين خيار متطور هو "استوديو دوزيم" وخيار مترهل يذكرنا بالبدايات الأولى للقناة الثانية في حقبة الثمانينات (استوديوهات جهوية قديمة وأجهزة تماثلية بشعة مقابل الإبهار بآخر تكنولوجيا استوديو دوزيم).
إن تنفيذ دفاتر التحملات لا يصرح به بشكل فج على الشاشة بل يتم تبنيه وترجمته "تلفزيونيا" من خلال تنزيل مهني لمقتضيات دفاتر التحملات (إلباس وجينغل...) أما ما قدمه الإشهار الذاتي فله معنى واحد وخطاب مباشر من القناة أن مصطفى الخلفي مدير برمجة وليس وزيرا يسطر الإستراتيجيات الكبرى.
إن النتيجة المؤسفة لما يحدث حتى الآن هو أن التلفزيون (الذي هو ملك لكل المغاربة) سيصبح رهينة للخلافات تصل حد التناحر بين طرفين ليسا بالضرورة مالكين للحقيقة.
إن دفاتر التحملات ليست أقل وأكثر من دفاتر تحملات "عادية" ولا يمكن ربطها بال"كلام الكبير" الذي يردده وزير الاتصال في كل مكان "أنا سأنزل الدستور... أنا سأنزل الحكامة... أنا سأنزل الشفافية..." الخلل لا يكمن في مدى مسايرة الدفاتر لمضامين الدستور، لكن التلفزيون يجب أن يعكس خيارات المجتمع برمته. لذلك لابد من حوار وطني أو مناظرة نحدد فيها خيارات المجتمع المغربي التي سنسقطها على التلفزيون وسنخرج بالتالي ب"عقد اجتماعي" هو أكبر وأسمى من دفاتر التحملات التي لا يتعدى عمرها ثلاث سنوات، وتتضمن خيارات ليست ممتدة في الزمان لأنها إجراء تكتيكي فقط.
الخوف كل الخوف هو أن تقتل دوزيم نفسها بنفسها، وتسير في معركتها نحو الانتحار
المهني. "يجب أن يبقى المهني مهنيا"، على حد قول رئيس القطب العمومي فيصل العرايشي، وبالتالي تجنب تصفية الحسابات على الشاشة. يجب أن تثبت دوزيم، ومعها سليم الشيخ وسميرة سيطايل، أن المكتسبات التلفزيونية الإيجابية (التي لا يمكن إنكارها) ملك للمغاربة، لذلك يجب أن يسير التلفزيون في طريقه دون التفريط في مكتسبات الأمس. مع الانتباه إلى وجود مؤسسة اسمها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، ضامنة للحرية والتعددية في إطار متابعتها البعدية للمجال السمعي البصري.