28‏/12‏/2013

أحب سينا وأكره الآخرين

مثلكم سخرت من سينا وهي تتلوى كالحية الرقطاء على موسيقى صاخبة، والابتسامة البلهاء مرسومة على وجهها. 
مثلكم شاركت جميع الخلان في الفايسبوك فيديوهاتها التافهة، وساهمت في انتشار عللها وكلماتها المقززة. 
ومثلكم نعلت الزمن الأغبر ونددت بسقوطنا إلى الحضيض وتنبأت بنهاية العالم. ومثلكم قلت إن سينا رويبضة من نوع آخر تندر بقرب الساعة التي لا ريب فيها.


لكني، مثلكم، كنت مخطئا، وأعلن أمامكم اليوم ثوبتي، وفي محراب الكلمات أقول إني مذنب مثلكم جميعا. فسينا لا تستحق منا كل هذا الحقد، وكل هذا التحامل. وبعد اطلاعي على جملة من عجائبها وتحفها التي تملأ الدنيا ضجيجا، تأكدت أنها لا تريدنا، ولا نعني لها شيئا، ولا تحتاج لعناتنا ولا كراهيتنا، فسينا مكتفية بسينا، وليذهب الآخرون إلى الجحيم. 
ولأنهم يقولون : "لا محبة إلا بعد عداوة"، أعلنها أمامكم اليوم جميعا: نعم أحب سينا التي تظهر بعفويتها الزائدة دون أدنى إحساس بالنقص.. أحب سينا التي تشهر أمام العالم خزعبلاتها وتغني "لايك إنجل" و"كيس مي كيس مي" كأنها لايك ليدي غاغا أو كاتي بيري.. أحب سينا التي تستفزكم وتبرز وضاعتكم وامتهانكم لفن "الحكرة" واحتقار الضعيف. 
وأكرهكم جميعا.. أنتم الذين يتصيدون فيديوهاتها للعنتها، أنتم من ينظر إلى عاهاتها بعهر العقبان التي تقتات من جثث القتلى وتلعق جراح الجرحى. 
سينا لا تحتاج إليكم ولكاميراتكم ولا لمكروفوناتكم ولا تريد حقدكم ولا ضغينتكم... 
فسينا لا تحتاج إعلام الفلول، ومواقع الدعارة الصحافية التي يتلخص همها الوحيد في الحصول على حفنة من النقرات، أو بؤساء الفايس بوك الذين يتحدد سقف سعادتهم في عدد "اللايكات" التي يحصلون عليها كل اليوم...
سينا محتاجة لمن يأخذ بيدها إلى أقرب عيادة للعلاج دون قدح أو إنقاص من إنسانيتها لأن ما دأبنا عليه جميعا هو نهش لحمها وازدرائها والسخرية من "حالتها" والتعامل معها كمسخ في سيرك الحياة. 
فوراء هذه الفتاة التي تستفز يقينياتنا، يكمن انسان له طموح أكبر منه، يعيش وهما كبيرا سيجعل اليقظة مدوية وخطيرة، فالسخرية التي نطعن بها سينا كل يوم ازدراء لضعيف يحتاج إلى المساعدة لا أقل ولا أكثر. 
لقد أظهرت سينا أننا المرضى الحقيقيون.. وكشفت أننا لم ننضج بعد، وما زلنا نحتفظ بقسوة الطفولة: فمن كان يلهث وراء المخبولين ليقذفهم بالحجارة.. يرمي اليوم سينا بأقدح النعوت في حائط الفايسبوك. 
حتى أصبح من الضروري اليوم أن نكتب على حائط الكثيرين منا: ممنوع رمي الأزبال. 

#عصيان_الكتروني يلغي مشروع قانون الإعلام الإلكتروني في المغرب

لا حديث هذا الأسبوع في المغرب سوى عن مشروع قرار المدونة الرقمية، الذي كانت الحكومة المغربية تعتزم عرضه على البرلمان قصد المصادقة والتصويت عليه قبل تنزيله على أرض الواقع، قبل أن تتراجع بسبب الضغوط التي مارسها صحافيون رقميون وصفوا مشروع القانون بأنه "سيف ديمقليطس سيسلط على رقاب ساكني الفضاء الالكتروني".
 
وقد حذر كثير من الصحافيين المغاربة من هذا القانون ووصفوه بأنه "ديكتاتوري" أرادت من خلاله الحكومة "الإجهاز على حرية التعبير في فضاء الإنترنت بعد أن أجهزت عليها في الشارع".
 
وقد أثار هذا المشروع  الذي نشر على الموقع الإلكتروني للأمانة العامة للحكومة المغربية نهاية الأسبوع الماضي جدلا قويا على مواقع التواصل الاجتماعي. 
 
فقد نادى أغلب المعنيين بضرورة التصدي لمسودة المدونة "المعدة لقمع الآراء والتضييق على حرية التعبير في العالم الافتراضي".
وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربيوزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي
x
وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي
وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي
وأمام هذا "الضغط الإلكتروني" اضطرت الحكومة ومعها وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي إلى التصريح لوسائل الاعلام الاثنين بنيتهما مراجعة بنود المدونة مع التأكيد على أنها "مشروع لا يزال قيد الدراسة".
 
مدونة رقمية لمراقبة الإنترنت
 
رأى الكثير من الصحافيين في المغرب أن تمرير المدونة سيضعهم "أمام  خطر داهم"، خصوصا بعد الاطلاع على المادة 73 من مشروع القانون الذي يمنع نشر "المحتويات المسيئة التي تظهر صراحة وضمنيا سواء بالصور أو بالكلمات مشاهد عنيفة أو مخالفة للأخلاق الحميدة وللنظام العام أو عناصر يمكن أن تشجع على التعسف أو عدم الاحتياط أو الاهمال أو يمكن أن تتعارض مع الدين الاسلامي أو المعتقدات السياسية للعموم أو الحياة الخاصة للأفراد.."
 
الصحافي المغربي جمال الخنوسيالصحافي المغربي جمال الخنوسي
x
الصحافي المغربي جمال الخنوسي
الصحافي المغربي جمال الخنوسي
وتعليقا على مضامين هذا البند، صرح الصحافي المغربي جمال الخنوسي قائلا "إنه بعيد عن حرية التعبير ويتعاطى مع القناعات السياسية والأفكار العامة بنوع من الترهيب"، مضيفا في حديث مع موقع قناة "الحرة" أن هذا الأمر "لا يليق بالمغرب والتحولات التي يعيشها".
 
ويضيف الخنوسي أن الطريقة التي تم بها عرض المدونة، "تثير الكثير من الأسئلة وتدعو إلى الخجل، بعد أن تم تمريرها بشكل سري وإعلانها بشكل متأخر ومتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع".
 
ورأى مدونون ومرتادو مواقع التواصل الاجتماعية، من جانبهم، أن من أسباب رفضهم للمدونة، هو عدم إشراكهم أثناء صياغتها، ويضيفون أن الوزارة الوصية فضلت بدل ذلك "اللجوء إلى خدمات مكتب استشارات قانونية فرنسي".
 
ودعا هؤلاء الناشطون إلى ضرورة فتح نقاش مجتمعي لأن هذه المدونة موضوع حساس وترهن مستقبل الاقتصاد الرقمي في البلد.
 
تمرد إلكتروني
 
دخل المدونون والناشطون المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي في 'عصيان إلكتروني' مفتوح منذ نهاية الأسبوع، وأعلنوا التمرد على المدونة، ولم يحل الإنجاز الكروي لفريق الرجاء البيضاوي بطل الدوري في نهائيات كأس العالم للأندية المقامة في المغرب، لم يحل بينهم وبين التعبئة الواسعة للتصدي إلكترونيا للخطوة الحكومية.
 
وقد تنوعت حملة العصيان الإلكتروني بين التعليق والتغريد، وإنشاء صفحات تضامنية، وتصميم شعارات وإعداد فيديوهات تحاول التنبيه لـ"المخاطر المحدقة بالفضاء الإلكتروني المغربي" الذي طالما اعتبر ملاذهم لممارسة الضغط على السلطة ولتعزيز الحريات في بلادهم:

وهذه نماذج من الحملة التي توزعت بين هاشتاق #عصيان_الكتروني و#المدونة_الرقمية_لن_تمر:



 






 
انتقادات للحكومة
 
أمام هذا الضغط، لم يدم صمت الحكومة طويلا، فسرعان ما خرج وزيرها في الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي حفيظ العلمي، ليوضح في وسائل الإعلام الإلكترونية أن المدونة هي "مجرد مشروع قانون قابل للمناقشة"، كما عبر في تغريدة على حسابه في تويتر عن ارتياحه للنقاش الذي يدور حاليا حولها:


غير أن ردود من أحسوا بأن المدونة تستهدفهم، ذهبت في جلها إلى أن "النقاش في الأصل يكون قبل إخراج المشروع للوجود" متهمين الوزير بأن ما أقدمت عليه الحكومة ينم عن نية على "وضع الجميع أمام الأمر الواقع". 
 
الاعلام التقليدي يفشل في المواكبة
 
ويرى الصحافي جمال الخنوسي الذي عمل في الصحافة المكتوبة قبل أن ينتقل إلى مجال الصحافة الإلكترونية، أن القضايا  التي خلقت جدلا واسعا في المغرب في الأشهر الأخيرة أبانت عن قوة حقيقية اسمها "نشطاء الإنترنت". 
 
ويشرح الخنوسي في حواره مع موقع قناة "الحرة" كيف أن "الصحافة الورقية كشفت عن عجزها على مواكبة النقاش حول المدونة الإلكترونية، وكيف أنها غابت عن هذا السبق، لأن أغلبها يحتجب عن الصدور أيام السبت والأحد، وهو التاريخ الذي أثيرت فيه هذه القضية".

روكو سيفريدي ليس مغربيا!

جمال الخنوسي
لو كنت ممثلة تبحث لها عن مكان تحت الشمس لصرحت للصحافة ولكل"جرانين" الدنيا أني "رفضت تقديم أدوار إباحية"، ولو كنت مخرجا مبتدئا لصنعت مجدي من مهاجمة كل من سبقني، ووصفت أفلامهم بالبورنوغرافية وسينماهم بالنجسة التي تخاطب الغرائز حتى أصنع لنفسي طهرانية تساير "موضة الوقت".


في الحقيقة لم يعرض علي أحد لا دورا إباحيا ولا محتشما، ووراء ابتسامتي المصطنعة تنهشني العطالة وتأكلني الرغبة في الظهور، كما أني كمخرج "فرض نفسه"، لا أعرف ما تعنيه كلمة "ساقطة" بل أخفي وراء لطفي الزائد، تملقي وانبطاحي، كي أبحث لنفسي عن موقع في لجنة سينمائية من اللجن التي تفرخ في كل مكان.
لا أنا فنانة "عابرة سرير" ولا مخرج فاشل، بل قارئ مل الخزعبلات التي تصدع رؤوسها كل يوم، وكأن كل الحوارات حول الفن والسينما يكتبها شخص واحد: نفس التعابير، نفس الكلمات، نفس الصيغ، ترهات كتبت بالحبر نفسه والسذاجة ذاتها.
“أرفض تقديم الأدوار الإباحية" تقول الممثلة من الدرك الأسفل، و"لا أقدم أفلاما ساقطة" يقول المخرج البدائي... وهلما جرا من الخزعبلات التي لا تليق سوى لملئ فراغات الجرائد أو لحملة اشهارية فاشلة لفيلم قادم.
كل هذه الأنا المتضخمة التي تميز بعضا من نجومنا تدعو إلى الشفقة والغثيان بالقدر ذاته، فدروس الأخلاق والعفة أصبحنا نسمعها من كائنات يمكن ان تبيع أي شيء من أجل دور كومبارص في فيلم مقزز، بعد أن أثر على سلامتها العقلية خليط البوتوكس والورع. وأشباه مخرجين تعلموا الحرفة من كثرة الوقوف إلى جانب "الماتيريال"، قريبين من السحليات منه الى شيء آخر من كثرة الانبطاح والتسول.
اسمحوا لي أن أفاجئكم بالقول إن روكو سيفريدي ليس ممثلا مغربيا، و"ليزا ديل سيارا" لا تحضر المهرجان الوطني بطنجة، و"جون بيروث" لا يطلب الدعم من المركز السينمائي.

روكو سيفريدي ليس مغربيا! لم يعرض علي أحد لا دورا إباحيا ولا محتشما، ووراء ابتسامتي المصطنعة تنهشني العطالة وتأكلني الرغبة في الظهور


اسمحوا لي أن أخبركم أني لا أفهم ما تقولون، فلم أر على مدى سنوات من المتابعة أفلاما ساقطة بل سينمائيين يشقون طريقهم بصعوبة، ويعبرون عن عوالهم باللغة التي يفهمونها، ولم أشهد أبدا أدوارا إباحية بل ممثلات يقمن بمهنتهن دون زيف أو سكيزوفرينيا.
إليكم جميعا أيها الفاشلون والفاشلات في كل شيء كان عليكم أن تتعلموا إغلاق أفواهكم قبل تعلم المشي، فنحن لا ننتظر منكم لا أدوارا اباحية ولا أفلاما ساقطة لأن الساقط الوحيد في كل هذا الضجيج هو أعمالكم التي تسمونها سينما

لماذا فشل الخلفي في إصلاح التلفزيون؟

جمال الخنوسي
إذا كان من اللازم تحديد خصلة واحدة فقط يتميز بها وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، سنذكر له براعته في انتقاء اللجن لكل شيء (لجنة لتنظيم المهرجانات، ولجنة تحديث إالقاعات السينمائية...)، وتسطير الكتب البيضاء (كتاب أبيض للصحافة الالكترونية، وآخر للسينما... )، وعقد المناظرات الوطنية (المناظرة الوطنية حول السينما...). واليوم يعود الوزير الشاب من جديد ليتوسل عقد مناظرة وطنية حول إصلاح الإعلام السمعي البصري بعد أن وصل القطاع في عهده إلى الموت.



أكثر من سنتين بعد معركة دفاتر التحملات تبث أن أحلام الخلفي لا علاقة لها بالواقع، حيث فشل في كل ما سطره بحماسة الشباب، وما كان أحلاما وردية باعها في وسائل الإعلام عن الحكامة والشفافية، وخزعبلات الكم والكيف وأسطورة الانتاج الوطني، والمقاربة التشاركية العزيزة على قلبه، وصل المجال برمته إلى الطريق المسدود، ويوجد اليوم في حالة كارثية حقيقية: القنوات العمومية تعيش على الإعادات، الشيء الجديد فيها نشرات الأخبار وحالة الطقس، أما حالة العاملين في السمعي البصري فتدعو للشفقة بعد أن فقد الكثيرون وظائفهم وركن جلهم للعطالة بعد أن سرحتهم شركات الانتاج التي لم تعد تقوى على تسديد رواتبهم، أو لم تعد تطلب خدماتهم لغياب انتاجات جديدة.  الصورة كارثية إذن، وما قيل قبل مدة حول دفاتر التحملات الغير الواقعية لم يقو الشاب الوزير على "تنزيل" شيء منها. ما الحل إذن؟الحل كما تفتقت بذلك نباهة الشاب الوزير هو "عقد مناظرة وطنية حول إصلاح الإعلام السمعي البصري"، لكن المهم هنا بالنسبة إلى الخلفي ليس المناظرة في حد ذاتها، فقد اكتسب باعا طويلا في تنظيم المناسبات والسفريات، بل الأساس هو الظفر برعاية ملكية، من أجل توفير الحماية وإخراس الألسن المزعجية. الرعاية الملكية بالنسبة إلى الخلفي مقاربة نفعية و"مصلحجية"، سيقي من خلالها نفسه من الاتهام بأن مبادراته وراءها خلفيات سياسية، (وإن كان الأمر كذلك)، وبالتالي سيطلب الرعاية كدرع سيحول أسلوب الرعاية إلى أسلوب جديد من الريع، يتجاوز التجانس اللغوي بين الكلمتين إلى حدود التنافر بين المقاربتين.  إن ما ما يقوم به الخلفي اليوم جبن سياسي يبرره بإقحام الملك في الشأن العام. وما عليه سوى تحمل مسؤولياته وتطبيق سياسة حكومية في منأى عن إقحام الملك في سياسة قطاعية. وإلا لماذا لم يطلب زميله الحبيب الشوباني،الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، بالرعاية الملكية قبل إطلاق الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة؟  لأنه قرر تحمل المسؤولية وليس الاختباء، والتهافت على الرعاية الملكية التي تفتح الباب أمام التأويلات والاستيهامات التي لا حدود لها: الرعاية تعطلات يعني الفوق ما باغيينش؟ الرعاية جات بزربا يعني الفوق راضيين؟؟؟؟ هنا تتجلى خطورة إقحام الملك في قضايا قطاعية لأن الرعاية تكون في سياقات تقاطع نماذجنا الوطنية مع نماذج أخرى، أما القضايا الداخلية فليتحمل المتهافتون على المناصب مسؤولياتهم، وإذا وقع تصادم بين المؤسسات فإن الملك هو الضامن لحسن سيرها طبقا للمادة 42 من الدستور.الحديث اليوم عن مناظرة وطنية أو دولية أو أي خزعبلات من هذا القبيل لا يعدو أن يكون هروبا إلى الأمام بعد أن أحرق الوزير سفنه على عتبة دار البريهي، إلا أنه خلافا لطارق بن زياد، خسر الخلفي معركته وينتظر اليوم الخلاص من "السماء”.


25‏/10‏/2013

بعد "ماروك"... ليلى المراكشي تقدم فيلما محبطا هدفه البوليميك واستفزاز الإسلاميين

جمال الخنوسي

إذا كانت ليلى المراكشي تثقن شيئا، فإنها تملك قدرة عجيبة على الإزعاج، ووضع أصبعها على الجرح لتؤلم أكثر أو تثير البوليميك من حولها.
بعد فيلمها الروائي الأول "ماروك" الذي أشعل جدلا ساخنا في 2004، تعود "الطفلة المشاغبة" بفيلم جديد طال انتظاره، رصدت له ميزانية لا بأس بها، وكاستينغ جمع أسماء وازنة مثل المصري عمر الشريف، واللبنانية نادين لبكي، والبلجيكية لبنى أزابال، والإسرائيلية هيام عباس.  
قدمت المراكشي إذن فيلمها الجديد، ذي الجنسية المغربية الفرنسية "روك ذا كاسبا"، في عرض ما قبل الأول، أمس الخميس، بالمركب السينمائي ميغاراما، لتحكي قصة عائلة تدفن رب الأسرة المتسلط. وعلى مدى أيام الجنازة الثلاث، يسترجع الجميع الذكريات وتحدث مصادمات، لتنكشف الأسرار وتبدأ تصفية الحسابات بعد رحيل رمز النظام المتسلط الذي تمنحه المراكشي اسم "مولاي الحسن"!
التحدي كان كبيرا، ووعدت ليلى بفيلم يثير النقاش حول وضع النساء، ليس في المغرب فحسب، بل في كل العالم العربي، وستثير في فيلمها الجديد قضايا شائكة مثل الجنس والإرث... وغيرها من المواضيع التي تثير حفيظة الإسلاميين الذين شكلوا أحسن حملة إشهارية لفيلمها الأول "ماروك" بكل ما صاحبه من ضجيج. الإسلاميون الذين تقول عنهم ليلى، " إنهم اليوم في السلطة، وهم أنفسهم الذي حاصروا فيلمي الأول، ماروك. ولكن يجب علينا أن نقاوم، لأن الثقافة لا تزال أفضل سلاح ضد الظلامية".
الأمل كبير إذن، وربما سيشكل "روك ذا كاسبا" إعلان نضج مخرجة شابة تعد بالكثير.

لسوء الحظ كانت النتيجة محبطة، وعلى مدى ساعة و40 دقيقة لم نعرف غير الإحباط والملل القاتل، وبدل فيلم ذكي كنا أمام عمل ينضح بالسذاجة. وفي انتظار الجدل كنا أمام الاستفزاز، وفي بحثنا عن العمق كنا أمام السطحية... اللغو ولا شيء غير اللغو، بكل لغات العالم! (الدارجة والفرنسية والانجليزية) حيث تهجى الجميع جملا بالدارجة المغربية غير مقنعة أو لم تكن في محلها، الفنانة راوية (فاطمة هراندي) الوحيدة التي لم تكن نشازا وسط الفوضى العارمة.
إن تصوير فيلم مبني على رصد العلاقات المتوترة والمتشنجة بين الشخصيات، تمرين صعب جدا، يفشل فيه المخرجون العتاه حتى في هوليوود، والحديث وجها إلى وجه مع الكاميرا تحد لم يفلح فيه حتى الآن سوى العبقري وودي ألان، فكانت سقطة المراكشي مدوية، وقدمت بالتالي فيلما مليئا بالكليشيهات، وحكاية مهلهلة كل تفاصيلها متوقعة، بنهاية ساذجة تدفعنا للقول إن المراكشي رفعت تحديا أكبر من إمكاناتها دون أن تنفعها نخبة الممثلين المرموقين، ولا العمل التقني الرصين أو جوقة المنتجين الأجانب... ولم تثر داخلنا لا الرغبة في النقاش، ولا الأمل في إطلاق الجدل أو الحديث عن المسكوت عنه... ولم تنل في نهاية المطاف سوى شرف المحاولة ولاشيء غير المحاولة.