ليسمح لي الريسوني ومريدوه أن أذكرهم بشيء بسيط اسمه التأريخ وحساب الأيام والسنوات، وهي طريقة ابتدعها الإنسان منذ مئات السنين، ويمكنهم إذا غابت عنهم معطياته البسيطة أن ينظروا أعلى هذه الصفحة ليعرفوا أننا في يناير 2010.
سبب هذا التأكيد العجيب هو أننا لا حظنا أن شرذمة من المتشددين، وجوقة من المريدين، سامحهم الله، يعيشون خارج التاريخ، وفي معزل عن الناس والسياق المجتمعي العام. ويتشبث "أهل الكهف" بأن يدافعوا باستماتة عن مجتمع فاضل يعيشونه في مخيلاتهم واستيهاماتهم المخضبة بلون البيترودولار.
ففي وقت يجد الملايين من المغاربة أنفسهم محاصرين بالمشاكل من كل حدب وصوب، وتطرح أمامهم يوميا العشرات من القضايا الآنية التي تتطلب حلولا حقيقية، وإجراءات عملية، يعود بنا "أهل الكهف" إلى نقاش بدائي حول الخمر وحكم التسوق من "أسيما" و"مرجان" والبكارة الاصطناعية وإرضاع زميل العمل ...
هل كان 30 مليون مغربي ينتظرون من الريسوني وجوقته أن يذكروهم في يناير 2010 أن الخمر حرام؟ بالطبع لا. هل كان 30 مليون مغربي ينتظرون من الريسوني أن يحرم لهم التسوق من المتاجر الكبرى التي تبيع الخمر ويتهم مخالفيه من الفقهاء ب"تلبيس إبليس"؟ قطعا لا.
إنه لمن المهين لنا جميعا نحن المغاربة أن نطل على العالم على الصفحة الأولى من جريدة وطنية بعنوان كبير "يا أنصار الخمر اتعظوا"، في حين يتحدث العالم عن الأزمة العالمية وعن زلزال هايتي وعن مدونة السير وعن غلاء المعيشة والجهوية والقضية الوطنية ...
إننا في يناير 2010 يا إخوان (من الأخوة!)، والإحصاءات أثبتت أن بعض المغاربة يعدون من أكبر مستهلكي المشروبات الكحولية، ويستهلكون سنويا ما مجموعه 131 مليون لتر، أي ما يمثل معدل 4.3 لترات لكل مغربي في السنة. لكن هذا ليس سببا لنخرج عليهم بحد السيف ونغير المنكر بالمتفجرات، لأن ما تفعله اليوم جوقات التكفير هو تهييج بسطاء التفكير، وتحديد الأهداف للمعتوهين. إنه انخراط في لعبة خطرة أبان لنا التاريخ مدى دمارها.
كفى من المتاجرة باسم الدين واتركوا الخلق لخالقه، ف"كل شاة تعلق من كراعها" كما يقول المثل المغربي، و"الحلال بين والحرام بين" كما يقول الفقهاء، واستمروا في سباتكم إذن، وأكملوا استيهاماتكم، واحلبوا البقرة المعطاء ما طاب لكم، واتركونا في همنا، ف"التيقار" هو الحل.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق