المخرج عزيز السالمي ل"صوت الناس" :
ـ مهما قدمت من الأفلام الطويلة سأعود دائما للفيلم القصير ، لأنه مجال فسيح للتعبير والاشتغال
عزيز السالمي مخرج مرح لكن فيلمه الأخير "عايدة" حزين لدرجة الكآبة . حزن يترك في حلق المشاهد غصة تعبر عن مدى تفاعل المشاهد مع الممثلة خلود في دور عايدة ، و صدق تعبير المخرج و تمكنه من أدواته . له عدة تجارب تلفزيونية أيضا ، منها فيلم "معطف أبي" من إنتاج القناة الثانية و تمثيل عبد القادر لطفي و سعاد صابر . التقته "صوت الناس" و كان لها معه الحوار التالي :
* كيف تتبلور فكرة فيلم جديد لعزيز السالمي ؟
** كل الأفلام التي كتبت وأخرجت تحمل جزءا مني ، فبداية فيلم "سبقت رؤيته" مثلا انطلقت من جملة قصيرة لممثلة في حالة اكتئاب : "لا أريد أن أشيخ في هذا البلد وأنا أمارس هذه المهنة". من هذه الجملة كونت فكرة وفيلما عن معاناة فنان معين في بلد ما . نفس الأمر بالنسبة لفيلم "عايدة" . عرفت أنا كذلك أناسا عانوا نفس معاناة "عايدة" مع المرض الخبيث. أنا أنطلق في أفلامي من شرارة صغيرة ، حدث، جملة... وبعد الخروج مما هو ذاتي أنطلق في تقنيات الكتابة والإخراج. لقد سألني البعض لماذا لا تظهر ملامح المرض بوضوح على البطلة ؟ ومن المؤسف أن تصدر مثل هذه الملاحظات عن نقاد سينمائيين لأنهم لم يعرفوا بعد بأني مخرج لا أومن بالأمور الواضحة والبديهية . أنا أتعامل بتفرد مع الأمور لأنه ـ كما يقال ـ في التفرد تصنع الأفلام. نفس الأمر في اللوحات التشكيلية ، ليس المطلوب مثلا من الفنان هو تقديم تفاحة كما هي في الواقع ، بل كما يراها هو . هذا ينطبق أيضا على المسرح والسينما وجميع الفنون . أنا أعبر بما هو داخلي وليس خارجي لأن التعبير بالمظهر هو أبسط وأسهل طريق.
* لقد اعتمدت على الإيحاء والتعبير الداخلي دون أن نرى البشاعة . و نفس الأمر استعملته في حنين البطلة لعشيقها وعناقها معه ، و هو في الحقيقة عناق مع الموت . هل هذا خوف من الوقوع في فخ الإباحة ؟
** سأعترف لك بأمر طريف، عندما أكتب أي سيناريو، فإني أكتب بشكل صريح لدرجة كبيرة، وأعير اهتماما بالغا لكل التفاصيل . و أكتب كل ما أريد أن أقدم وبشكل فاضح أحيانا ، يجعل قارئ السيناريو الأولي يجد في تعبيري نوعا من البورنوغرافيا. أنا أكتب دون أن يحضر معي أي رقيب. وبعد أن أنهي عملية الكتابة أعيد مراجعة عملي وأتمعن في مضمونه. أقوم باختلاق رقيب ذاتي وتحسين لغتي وتعبيري. لاأريد أن يرى المشاهد القبلة كما رآها في مئات الأفلام الأمريكية . سأقدم القبلة "العادية" عندما أستنفذ كل رموزي وأدواتي لتمثيلها. أنا أجتهد أكثر لكي تكون لي أفكار أعبر عنها دون أن أخلق عنفا في التعبير أو صدمة للمتلقي. لاحظ أنه في فيلم "عايدة" خيال البطلة التي ترتدي ملابسها أجمل وأصدق تعبيرا من اللقطة ذاتها لو أظهرت الممثلة تغير ملابسها . خيال المتلقي يلعب دورا مهما هنا. لم أرد أن أبين الدمار الذي لحق بالبطلة جسديا وبشكل ظاهر ، و إلا سيكون رد فعل المشاهد كالتالي : "خير لها أن تموت" . أريده أن يقول : "حرام أن تموت" إنها لعبة الحياة والموت.
* ألا يعكس هذا الفيلم خوفا دفينا من الموت ؟
** لقد طرحت في فيلمي موضوعا سينمائيا مازال "طابو" بالنسبة لجميع الديانات وهو الانتحار. الكل يخاف الموت ، و من قال غير هذا مهما بلغ من العمر أو الإيمان ، كاذب. لا أظن أحدا ينزلق الى الموت ولا يتشبث بالحياة ، إنها غريزة . إننا نعرف ماذا نضيع ولكن لا نعرف ماذا سنجد ، مهما تشبثنا بالدين والروحانيات ، هناك الخوف من العقاب والحساب لأن الإنسان خطاء بطبيعته. كل منا يحمل ثقلا لا يعرفه إلا هو. لا أظن أن أحدا منا يفكر في الموت بشكل هين وسهل . الفرق هو أن هناك من يصبح الموت عنده هاجسا وهوسا ملاحقا له ولتفكيره ، و بالتالي تفسد عليه حياته وموته. وهناك من يراه قضاء و قدرا . وحتى عندما نبكي على الموتى فإننا في الحقيقة نبكي موتنا نحن أثناء رؤية الجسد يهوي في الحفرة.
* ما هو جديد عزيز السالمي ؟
** أنا أشتغل حاليا في فيلم قصير جديد، لأني عاشق حقيقي للفيلم القصير. و مهما قدمت من الأفلام الطويلة سأعود دائما للفيلم القصير ، لأنه مجال فسيح للتعبير والاشتغال دون هوس الشباك. ولا أقوم بما صنع آخرون " وإعداد ثلاثة أفلام في يوم واحد" كما هو الحال في الإشهار الشهير للشامبو "ثلاثة في واحد" ، رغبة في الحصول على ترخيص من أجل دخول لعبة الإنتاج الوطني . لقد أصبح الكل يقوم بإنتاج أفلام قصيرة في عجالة حتى يتمكن من دخول مضمار أوسع .
*متى سنرى فيلمك الطويل ؟
** لقد حصلت على دعم لإنجاز فيلم طويل اسمه "حجاب الحب" الموضوع سري لغاية الشروع في العمل. حصلت من المركز السينمائي على دعم قدره مليونا درهم، وأنا الآن في طور البحث عن موارد أخرى لأني أقدر ميزانية الفيلم ب4,5 ملايين درهم. كما أن هناك مشروع فيلم مع القناة الأولى في شهر فبراير القادم اسمه " بنت الشيخة" كتب السيناريو عبد الهادي حديفة و يحكي عن تخوف امرأة متزوجة من انكشاف أمر كون أمها كانت "شيخة" . و بالمناسبة انظر ما يحدث الآن حول تسمية "الشيخة" مع مجلة "تيل كيل"!
أجرى الحوار : جمال الخنوسي
ـ مهما قدمت من الأفلام الطويلة سأعود دائما للفيلم القصير ، لأنه مجال فسيح للتعبير والاشتغال
عزيز السالمي مخرج مرح لكن فيلمه الأخير "عايدة" حزين لدرجة الكآبة . حزن يترك في حلق المشاهد غصة تعبر عن مدى تفاعل المشاهد مع الممثلة خلود في دور عايدة ، و صدق تعبير المخرج و تمكنه من أدواته . له عدة تجارب تلفزيونية أيضا ، منها فيلم "معطف أبي" من إنتاج القناة الثانية و تمثيل عبد القادر لطفي و سعاد صابر . التقته "صوت الناس" و كان لها معه الحوار التالي :
* كيف تتبلور فكرة فيلم جديد لعزيز السالمي ؟
** كل الأفلام التي كتبت وأخرجت تحمل جزءا مني ، فبداية فيلم "سبقت رؤيته" مثلا انطلقت من جملة قصيرة لممثلة في حالة اكتئاب : "لا أريد أن أشيخ في هذا البلد وأنا أمارس هذه المهنة". من هذه الجملة كونت فكرة وفيلما عن معاناة فنان معين في بلد ما . نفس الأمر بالنسبة لفيلم "عايدة" . عرفت أنا كذلك أناسا عانوا نفس معاناة "عايدة" مع المرض الخبيث. أنا أنطلق في أفلامي من شرارة صغيرة ، حدث، جملة... وبعد الخروج مما هو ذاتي أنطلق في تقنيات الكتابة والإخراج. لقد سألني البعض لماذا لا تظهر ملامح المرض بوضوح على البطلة ؟ ومن المؤسف أن تصدر مثل هذه الملاحظات عن نقاد سينمائيين لأنهم لم يعرفوا بعد بأني مخرج لا أومن بالأمور الواضحة والبديهية . أنا أتعامل بتفرد مع الأمور لأنه ـ كما يقال ـ في التفرد تصنع الأفلام. نفس الأمر في اللوحات التشكيلية ، ليس المطلوب مثلا من الفنان هو تقديم تفاحة كما هي في الواقع ، بل كما يراها هو . هذا ينطبق أيضا على المسرح والسينما وجميع الفنون . أنا أعبر بما هو داخلي وليس خارجي لأن التعبير بالمظهر هو أبسط وأسهل طريق.
* لقد اعتمدت على الإيحاء والتعبير الداخلي دون أن نرى البشاعة . و نفس الأمر استعملته في حنين البطلة لعشيقها وعناقها معه ، و هو في الحقيقة عناق مع الموت . هل هذا خوف من الوقوع في فخ الإباحة ؟
** سأعترف لك بأمر طريف، عندما أكتب أي سيناريو، فإني أكتب بشكل صريح لدرجة كبيرة، وأعير اهتماما بالغا لكل التفاصيل . و أكتب كل ما أريد أن أقدم وبشكل فاضح أحيانا ، يجعل قارئ السيناريو الأولي يجد في تعبيري نوعا من البورنوغرافيا. أنا أكتب دون أن يحضر معي أي رقيب. وبعد أن أنهي عملية الكتابة أعيد مراجعة عملي وأتمعن في مضمونه. أقوم باختلاق رقيب ذاتي وتحسين لغتي وتعبيري. لاأريد أن يرى المشاهد القبلة كما رآها في مئات الأفلام الأمريكية . سأقدم القبلة "العادية" عندما أستنفذ كل رموزي وأدواتي لتمثيلها. أنا أجتهد أكثر لكي تكون لي أفكار أعبر عنها دون أن أخلق عنفا في التعبير أو صدمة للمتلقي. لاحظ أنه في فيلم "عايدة" خيال البطلة التي ترتدي ملابسها أجمل وأصدق تعبيرا من اللقطة ذاتها لو أظهرت الممثلة تغير ملابسها . خيال المتلقي يلعب دورا مهما هنا. لم أرد أن أبين الدمار الذي لحق بالبطلة جسديا وبشكل ظاهر ، و إلا سيكون رد فعل المشاهد كالتالي : "خير لها أن تموت" . أريده أن يقول : "حرام أن تموت" إنها لعبة الحياة والموت.
* ألا يعكس هذا الفيلم خوفا دفينا من الموت ؟
** لقد طرحت في فيلمي موضوعا سينمائيا مازال "طابو" بالنسبة لجميع الديانات وهو الانتحار. الكل يخاف الموت ، و من قال غير هذا مهما بلغ من العمر أو الإيمان ، كاذب. لا أظن أحدا ينزلق الى الموت ولا يتشبث بالحياة ، إنها غريزة . إننا نعرف ماذا نضيع ولكن لا نعرف ماذا سنجد ، مهما تشبثنا بالدين والروحانيات ، هناك الخوف من العقاب والحساب لأن الإنسان خطاء بطبيعته. كل منا يحمل ثقلا لا يعرفه إلا هو. لا أظن أن أحدا منا يفكر في الموت بشكل هين وسهل . الفرق هو أن هناك من يصبح الموت عنده هاجسا وهوسا ملاحقا له ولتفكيره ، و بالتالي تفسد عليه حياته وموته. وهناك من يراه قضاء و قدرا . وحتى عندما نبكي على الموتى فإننا في الحقيقة نبكي موتنا نحن أثناء رؤية الجسد يهوي في الحفرة.
* ما هو جديد عزيز السالمي ؟
** أنا أشتغل حاليا في فيلم قصير جديد، لأني عاشق حقيقي للفيلم القصير. و مهما قدمت من الأفلام الطويلة سأعود دائما للفيلم القصير ، لأنه مجال فسيح للتعبير والاشتغال دون هوس الشباك. ولا أقوم بما صنع آخرون " وإعداد ثلاثة أفلام في يوم واحد" كما هو الحال في الإشهار الشهير للشامبو "ثلاثة في واحد" ، رغبة في الحصول على ترخيص من أجل دخول لعبة الإنتاج الوطني . لقد أصبح الكل يقوم بإنتاج أفلام قصيرة في عجالة حتى يتمكن من دخول مضمار أوسع .
*متى سنرى فيلمك الطويل ؟
** لقد حصلت على دعم لإنجاز فيلم طويل اسمه "حجاب الحب" الموضوع سري لغاية الشروع في العمل. حصلت من المركز السينمائي على دعم قدره مليونا درهم، وأنا الآن في طور البحث عن موارد أخرى لأني أقدر ميزانية الفيلم ب4,5 ملايين درهم. كما أن هناك مشروع فيلم مع القناة الأولى في شهر فبراير القادم اسمه " بنت الشيخة" كتب السيناريو عبد الهادي حديفة و يحكي عن تخوف امرأة متزوجة من انكشاف أمر كون أمها كانت "شيخة" . و بالمناسبة انظر ما يحدث الآن حول تسمية "الشيخة" مع مجلة "تيل كيل"!
أجرى الحوار : جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق