الصيغة الجديدة لأفلام الحب و العنف تصنع الحدث في هوليود
مع مطلع كل سنة جديدة تنطلق التكهنات و التخمينات من أجل تحديد الأفلام التي ستصنع الحدث خلال الشهور المقبلة ، و تتنافس على أفخر الجوائز في المهرجانات العالمية المعروفة و على رأسها جوائز الأوسكار في شهر مارس المقبل . و لقد كانت عودة المخرج الكبير ستيفن سبيلبرغ بعمل جديد هو "ميونيخ" حدثا مميزا في حد ذاته ، لما يتميز به المخرج الأمريكي المعروف من تاريخ و قدرة هائلة على الخلق و تجديد الأفكار. و بموازات عمل سبيلبرغ تظهر أعمال أخرى لمخرجين و فنانين ليسوا في حجمه و شهرته ، إلا أنهم بالرغم من ذلك يصنعون نجوميتهم بجدة أفكارهم و طرقهم المتميزة في تناولها و التعامل معها. ومن بين هذه الأفلام هناك عمل يقال عنه إنه أجمل فيلم يروي قصة حب بعد فيلم "love story" و آخرون يقولون عنه إنه أحسن فيلم عرفته السينما الأمريكية منذ 30 سنة . و منذ خروجه للساحة و هو يحصد الجوائز تلو الأخرى ، كان أهمها الأسد الذهبي لمهرجان البندقية في دورته الثانية و الستون. و سيعرف طريقه للشاشات الفرنسية في 18 يناير . إنه فيلم le secret de Brokeback montain الذي يقوم بالأدوار الرئيسية فيه كل من هاد ليدغر و جاك غيلنهال و آن هادوي و ميشيل ويليامس. و يحكي الفيلم الذي صور بين ماي و غشت 2004 عن اثنين من رعاة البقر "جاك" و "إينس" المكلفان بحراسة قطيع من الأغنام في بروكباك ماوتين صيف سنة 1963 . و في عزلتهما و سط الغابات و الحقول و الطبيعة الموحشة تتحول صداقتهما إلى حب وانجداب قوي غير منتظر . و في نهاية الرحلة سيفترق "الصديقان" و سيتزوج رينس بخطيبته ألما و يتزوج جاك بصديقته لورين. و عند لقائهما بعد أربع سنوات كانت نظرة واحدة كافية لإشعال نار اعتقداها قد خمدت ، فيصعد لهيبها من جديد.
الفيلم مأخوذ عن قصة نشرتها الكاتبة أني برولكس على صفحات جريدة النيويوركر سنة 1997 و عهد لكل من لاري ماكمونتري و ديانا أوسانا لتحويلها لسيناريو فيلم سينمائي . و يقول المخرج التايواني "أنج لي" على موقع بشبكة الانترنيت إنه لم يكن يريد إنجاز أي فيلم إلا إذا كان مخيفا و حساسا في نفس الوقت ، خصوصا مع النجاح الباهر الذي حققه فيلمه tigre et dragon "كنت على وشك الخوض في تجربة أخرى لولا أنني قرأت السيناريو و أتممته بعيون دامعة !!"
و بنشر قصة الحب على صفحات الجريدة ثم نشرها كرواية تحت عنوان "أقدام في الوحل" نالت إعجاب الكثير من القراء و المتتبعين . لكن الخوف من كونها قصة علاقة بين رجلين حال دون إقدام أحد على الخطوات اللازمة لاقتباسها سينمائيا. و يقول المنتج جيمس شاموس إنه منذ مدة طويلة و هو يحاول إقناع الشركات الكبرى بتبني فكرة الفيلم ، إلا أن كل الاستديوهات الهوليودية رفضت المشروع و اعتبرت العرض غير مغر.
و بعيدا عن الآراء المسبقة و رد الفعل السلبي الذي أحدثه الفيلم في الأوساط الأمريكية المحافظة باعتباره مساسا برمز راعي البقر الذي يجسد عمق الثقافة الأمريكية أو باعتباره مجرد قصة مثليين جنسيين فقط ! يبقى الفيلم قصة حب بسيطة بين كائنين جمعها الحب و فرقتهما "نظرة الآخر".
و في لون مختلف يبرز فيلم lord of war الذي أعتبر بمثابة "سكار فيس" القرن الجديد. فقدأخرجه أندرو نيكول صاحب فيلم "مرحبا بكم في غاتاكا" و كاتب سيناريو "ترومان شو" و يلعب أدواره الرئيسية نيكولاس كيج و إيتان هوك و يصور فيه الوجوه المختلفة لتاجر سلاح يبني فلسفته على الإحصاءات . فإن كان هناك 1 من كل 12 كائنا على الأرض يملك سلاحا فإن السؤال الذي يطرحه بطل الفيلم هو كيف يسلح الإحدى عشر الباقين. و ينصح زبناءه باقتناء الكلاشينكوف ذات السمعة الطيبة التي لم يتذمر منها أي كائن "حي"!
ولد البطل يوري في أكرانيا قبل نهاية الاتحاد السفياتي و سقوط المعسكر الشرقي . و بعد وصوله إلى أمريكا يتقمص شخصية مهاجر يهودي يبدأ حياته العملية في مطعم تديره العائلة . لكن سرعان ما سيكتشف تجارة أكثر ربحا و مردودية. فيستغل حسه الكبير في المغامرة و المساومة ليتطور و يكبر و يصبح بالتالي أكبر تاجر سلاح . ويساعده غناه في الظفر بقلب المرأة التي تعلق بها قلبه ، لتنتهي قصة الحب بينهما بالزواج الذي سيثمر طفلا بدون أن تعلم الزوجة عن نشاط زوجها الحقيقي شيئا. وبعلاقاته المتشعبة في الشرق سيطور تجارته السرية ، و في كل مرة بالمغامرة و المجازفة متنقلا بين البيوت النيويوركية الفخمة وقصور دكتاتورات إفريقيا أو هاربا من ملاحقة محقق فيدرالي . وتستمر الأمور على هذا المنوال إلى أن يلاحقه تأنيب الضمير ..
الفيلم الذي انطلق تصويره في 4 غشت 2004 و بدأ عرضه في دجنبر الماضي ، يعطي منذ بدايته تقديما للرسالة التي يريد تمريرها ، حيث تتبع الكاميرا مسار رصاصة تستقر في رأس طفل إفريقي . وبسيناريو محبوك و عبقرية مخرج كان لا بد من بطل يجسد الفوضى التي يعرفها العالم و التسارع و التسابق المحموم نحو القتل و الموت ،و إلا سيصبح العمل شريطا وثائقيا أو مجرد درس في "التاريخ و الجغرافيا". لكن النجم نيكولا كيج سيزرع الحيوية في الشخصية بأدائه المتميز و البسيط الذي عودنا عليه منذ فيلمه سيلر و لولا مع دافيد لينش و طوال مسيرته الفنية.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق