تسود حالة من الترقب داخل مقر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون بعد "المنع" الذي طال الحلقة الأخيرة من برنامج "الوسيط"، في انتظار عودة الرئيس المدير العام، فيصل العرايشي، من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إيجاد حل جدري والفصل بين "الإخوة الأعداء" داخل الشركة.
وفي سياق متصل، يطرح حادث إلغاء برنامج "الوسيط"، الذي جمع من خلاله وسيط الشركة، زهور حميش، كلا من نوفل الرغاي، المدير المركزي للاتصال والتسويق والدراسات الإستراتيجية والتعاون الدولي بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والزميل لحسن عواد عن مجلة "نيشان"، دقائق قبل بث حلقة يوم السبت الماضي على الساعة الواحدة زوالا التي كان موضوعها البرمجة الرمضانية، عدة تساؤلات حول البرنامج واستقلاليته والهدف من إنشاء مؤسسة الوسيط برمتها، إذ كيف يعقل أن يكون البرنامج "صوتا للجمهور" وصوتا للإدارة في الآن ذاته؟
فالمادة 134 من دفتر التحملات الخاص بالقناة الأولى يلزم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون بتعيين وسيط في إطار الإنصات إلى جمهورها، واتخاذ التدابير المواتية لاستقبال ملاحظات المشاهدين والمستمعين وتوفير الأجوبة وإجراءات الاستجابة التي تقتضيها.
وحسب المادة نفسها، "لا يمارس الوسيط أي مسؤولية تحريرية داخل الشركة، كما أنه لا يتدخل أبدا في اختيار، وإعداد وإنجاز البرامج". وذلك ضمانا لاستقلاليته.
ويلزم دفتر التحملات الشركة بإنتاج وبث برنامج "الوسيط" بشكل دوري، على الأقل مرة في الشهر، ضمن خدمتها التلفزيونية، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الشركة.
وبعد حادث منع "الوسيط" فإن استقلاليته غدت في كف عفريت، إذ لم يعد البرنامج سيد نفسه بل أصبح يحذف ويذاع حسب المزاج وحسب الجو العام داخل الشركة، وحسب الحروب الصغيرة المنتشرة هنا وهناك. وهذا تطور نوعي في علاقة التلفزيون بالمشاهد الذي لم يعد يعمل من أجل التلفزيون والخدمة العمومية، بل طبقا لحسابات ومزاج والأجندة الشخصية لأصحاب القرار. وأصبحت بالتالي شبكة البرامج تدفع ثمن الحسابات الشخصية من خلال حذف برامج وظهور أخرى نتيجة المزاجية.
ولن يؤثر هذا "المنع" على علاقة التلفزيون بجمهوره فحسب، بل يمكن أن يعرضه إلى عقوبة من طرف الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري التي تحرص على التزام المتعهدين العموميين والخواص بمقتضيات دفاتر التحملات.
وفي الإطار ذاته تلزم المادة 133 الخاصة باحترام البرمجة من الفصل الثاني الخاص بالعلاقات مع الجمهور في دفتر تحملات الأولى، القناة بالإعلان عن برامجها، على أبعد تقدير، خمسة عشر يوما قبل أول يوم بث برامج الأسبوع المعني. كما تلتزم بعدم تغييرها داخل أجل يقل عن عشرة أيام من يوم البث، وإلزامها بتبليغ الهاكا، بأي تعديلات.
وفي حالة مماثلة، أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في 6 غشت 2008 قرارا يتضمن توجيه "إعذار" إلى القناة الثانية قصد احترام التزاماتها في مجال البرمجة، بخصوص إلغاء حلقة يوم 9 يوليوز 2008 من برنامج "مباشرة معكم".
وكانت الحلقة مخصصة لمناقشة الأحداث التي عرفتها مدينة سيدي إيفني، وألغيت دون سابق إخبار للجمهور وللهيأة العليا بذلك، ودون مراعاة الآجال والشروط المقررة لذلك طبقا لمقتضيات المادة 38.1 من دفتر تحملاتها، مما يشكل استهتارا بالجمهور وإخلالا بالتزامات القناة.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق