فهمتكم ... كما يمكن أن يقول أكثر من حاكم عربي في هذه الأيام السوداء التي انقلبت فيها الأمور رأسا على عقب، وتحول الربيع العربي إلى صحراء قاحلة، وغدا مستقبل العديد من الشعوب على كف عفريت.
فهمتكم ... رغم أن النتائج والأرقام التي كشفت عنها دراسة "ليكونوميست"، مفزعة وتبرز شيزوفرينيا متجذرة بين خطاب شبابي طهراني يقدس العفة ويبدأ العلاقة الجنسية في 12 سنة! بين الشباب الذين يفضلون شريكة ترتدي الحجاب ويعيشون "كوكيبيناج" أو المساكنة قبل أن يتعلموا المشي!
فهمتكم ... أقولها اليوم لكل الشباب الذين ينشغلون بالجنس أكثر من انشغالهم بالسياسة، وتلهيهم رغباتهم الذاتية الملحة على الخوض في مغامرة كبيرة هدفها مصلحة هذا الوطن وتعزيز طرقه نحو التغيير والتطور.
فهمتكم ... لأنه يجري في عروقكم من التيستوستيرون أكثر من الكريات الحمراء والبيضاء مجتمعة، وتعميكم اللهفة الجنسية عن النظر في شيء آخر.
فهمتكم... لأنه إذا ما نظرتم إلى رجال السياسة ونساءها في هذا البلد ستشعرون بالاشمئزاز والتقزز، فالسياسيون لا يخطئون في حقنا وفي حق شبابنا بإستراتيجياتهم الفاشلة، إذا كانت لهم إستراتيجية أو رؤية أصلا، بل يقترفون جرائم ضد الإنسانية بمناظرهم المخجلة وسحناتهم المقززة. إنهم رموز للقبح وجهابذة في قلة الذوق واختصاصيون في فن البشاعة.
فهمتكم... لأن الفضائيات والأنترنيت تمنحكم كل يوم فرصة النظر إلى برلمانيات إيطاليات وسياسيات يونانيات ومناضلات بولونيات. ونشرات الأخبار تفصل لكم مغامرات رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلوسكوني، الذي يجمع عليه 32 فتاة في ليلة صاخبة ليمارس معهن "البونغا بونغا". في وقت يلملم فيه برلمانيونا جلابيبهم لاقتناص آخر فرصة للرحيل والترحال إلى بر أمان مختلف و"التغماس" في "كاميلة" جديدة.
فهمتكم ... لأن جاذبية النساء أكبر من جاذبية رجال السياسة المقرفين، افتحوا شاشاتكم الصغيرة لتروا نماذج القرف التي تدعو إلى الغثيان.
في فيلم "السفارة في العمارة" أذكر أن العبقري عادل إمام يقول لوزير الداخلية الذي حثه على مراعاة الوطن والمصلحة العليا للدولة في تعاملاته، في حركة كوميدية خفيفة، "يجب أن لا تتعارض المصالح العليا للدولة مع مصالحي السفلى".
مع ذلك، منكم من يخرج إلى الشارع، ويحتج بصوت عال. منكم من يذهب إلى مقرات الأحزاب ويدعو إلى تغيير إيجابي، ومنكم من يحلم ويناقش ويجادل لبناء مغرب جديد.
فهمتكم ... فأنتم أبطال حقيقيون، ومغامرون على درجة كبيرة من الشجاعة.
