اكتشف المغاربة قبل سنوات وجها مفزعا لحياتهم الجنسية، وقدمت لهم جريدة بدأت تشق طريقها نحو النجاح مرآة لجراحهم وانحرافاتهم ومشاكلهم السرية وقضايا غرف النوم المدسوسة. فتهافت الآلاف من القراء المتعطشين على "الأحداث المغربية" وركنها الشهير "من القلب إلى القلب" إما بدافع الفضول أو غريزة "البص" والتلصص.
وكان هول صدمتهم كبيرا لما اكتشفوا أن "الشر" يسكن في بيت الجيران، وربما في بيوتهم، إلى درجة أن بعض "العايقين" بدؤوا يشككون في صدق ما يكتب، ويتهمون زملاء لنا باختلاق الحكايات الغريبة والعجيبة لاستقطاب المزيد من الفضوليين وبالتالي المزيد من القراء.
لكن في الحقيقة، كثيرا ما يفوق الواقع الخيال. وكل ما نشره الزملاء عن اغتصاب الأطفال وزنى المحارم ... ليس إلا وجهنا نحن الذي لا نحبذ أن نراه. ولذلك تعرضت الجريدة وفريقها إلى هجمة شعواء يعرف الجميع من يقف وراءها.
وقبل الباب الشهير "من القلب إلى القلب"، كانت الدكتورة آسية أقصبي ترد على أسئلة القراء في جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، وعرفت بدورها نجاحا كبيرا، كما حوربت بدورها من المتطرفين والمتشددين ومدمني اليوتوبيات الطهرانية إلى أن توقفت التجرية فجأة.
وقبلهم جميعا كانت الأستاذة مليكة الملياني أو كما كان يعرفها المغاربة باسم "السيدة ليلى"، ترد على مشاكل المستمعين كل صباح على أمواج الإذاعة الوطنية، ورغم أنها كانت مشاكل "لايت" تناسب طبيعة الإعلام العمومي آنذاك، إلا أنها استحوذت على نسب استماع مهمة جدا تفوق تلك التي يحصل عليها بعض البهلوانات الجدد في الأثير.
مع ذلك، من يراوده الشك في أن "شيئا ما ليس على ما يرام"، ويصر على ريبته، ليسأل أقرب طبيب أو أخصائي في الجنس قريب إليه، سيسمع من الحكايات والقصص والمآسي ما يشيب له شعر الرضيع. سيسمع عن المرأة العذراء بعد 10 سنوات من الزواج، وعن الطليقة التي تركها زوجها لأنها "متقفة"، من (التقاف وليس الثقافة).
إن للمغاربة شغفا شديدا للمعرفة والتطلع على أمورهم الجنسية يحملها وعيهم القديم الجديد بأهمية الجنس في حياتهم وراحتهم وسلامتهم وصحتهم، لأن عواقب غياب الثقافة الجنسية السليمة لها عواقب وخيمة يمكن أن يكون انفصال بين الشريكين أو إصابة بالأمراض الجنسية القاتلة.
إن الجهل لا يؤدي إلى الطلاق فحسب بل قد يقود إلى الهلاك أيضا.
جمال الخنوسي