ماذا تعني استضافة دوزيم لعبد الإله بنكيران وظهور زعيم
البيجيدي في "برايم تايم" أو وقت الذروة؟ لا شيء، فالرجل رئيس الحكومة
الجديد ومن الطبيعي استضافته في وسائل الإعلام العمومية من أجل التعرف عليه أكثر
وعرض تصوراته.
هذا تفسير تلقائي وعفوي لمبادرة دوزيمية ليست اعتباطية،
لكن أن يحضر بنكيران على القناة الثانية من خلال برنامج معاد هو
"ميزونكور" الذي يقدمه الصحافي حميد برادة، بث أول مرة في 28 فبراير
الماضي، فتلك حكاية أخرى وحدث يقبل قراءات متعددة، وطرح أكثر من سؤال.
لابد من التنبيه أولا إلى أن استضافة أول رئيس الحكومة
أمر محمود يدخل في صميم وظائف الإعلام العمومي وما تقتضيه دفاتر تحملاتها، إذ كانت
القناة الثانية ستقوم بعمل صحافي رصين، بل بخبطة حقيقية، في لغة أهل الإعلام، لو
كانت تمتلك الشجاعة الكافية لذلك. فبنكيران ليس رئيس حكومة "الواق واق"
أو رجلا يسكن ديرا في الفيافي البعيدة، وكان من الممكن استضافته في "برنامج
خاص" كما دأبت القناة على ذلك في فرص سابقة أقل أهمية.
والملاحظ كذلك هو أن تلك الحلقة كانت ضعيفة جدا، بل إنها
أضعف حلقة من سلسلة البرنامج المتميز: فمستوى النقاش كان هابطا جدا وأخذ طابعا
"لايت" تحاشى النقاش السياسي العميق دون أن يمنح "الزعيم"
إمكانية التعبير، وبالتالي تقديم "الوجه الحقيقي" لبنكيران وحزبه. زد
على ذلك فرنسيته المشتتة وعقدة لسانه الذي ربطته صعوبته في التعبير. كلها عناصر
إذن قدمت صورة مهزوزة عن "ليدرشيب" أو زعامة إسلامية تمكنت من حصد 25 في
المائة من أصوات الكتلة الناخبة!
ويمكن السير في هذه القراءة بعيدا، إذ أن الأمر لم يقتصر
على بنكيران فحسب، بل إن زميله سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني وعضو
الأمانة العامة في حزب العدالة والتنمية، تعرض بدوره إلى ما يشبه
"الاستنطاق" باعتباره جنسا صحافيا اكتشفته مديرية الأخبار بالقناة
الأولى.
فعند استضافته ليلة إعلان نتائج الانتخابات خضع لاستنطاق
حول ما سيفعله حزبه غدا في هذا المشكل أو ذاك، وتم ربط أسئلة بلاطو الأخبار التي
تتميز بضيق الوقت، بروبورتاجات حول مشاكل المداشر والدواوير النائية والانتظارات
الآنية للناس!
وإذا ما افترضنا حسن النية وابتعدنا عن القراءات المغرضة
فسيكون "حادث بنكيران" مجرد سوء في التقدير وكمينا غير مقصود، بل هي
"نيران صديقة" من قناة عبرت أخيرا عن "ولائها" للحاكم الجديد
من خلال الإفراج عن صحافيات متحجبات ظهرن فجأة ليلة إعلان النتائج، عملا بالمثل
المغربي الشهيرة "اللي تزوج مي نكولو خالي".
جمال الخنوسي