كشف
تقرير أعدته الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أخيرا، حول مدى احترام القنوات
التلفزية العمومية الثلاث: "الأولى" و"القناة الثانية"
و"قناة ميدي 1 تي في"، لالتزاماتها الكمية المتعلقة بالإشهار خلال شهر
رمضان المنصرم، والمحددة في دفاتر تحملاتها، أن القنوات الثلاث احترمت عموما
الالتزامات المذكورة دون احتساب الإشهار غير التجاري، باستثناء بعض التجاوزات
الطفيفة، المتمثلة في تجاوز القناة الثانية المدة الإجمالية للإشهار في الساعة
الواحدة بحصص تتراوح بين 5 ثوان ودقيقة و15 ثانية، وتجاوز القناة الأولى للفاصل
الزمني بين وصلتين متتاليتين داخل البرنامج نفسه بحصص تتراوح بين 7 ثوان ودقيقتين
ونصف. أما ميدي 1 تي.في، فلم تتجاوز الحصص المحددة لها بحكم أن هذه القناة لا زالت
في طريق التأسيس لعلاقات تمويلية دائمة مع المعلنين.
ورغم
أن البعض قد يعتبر بأن إحصائيات الهاكا بخصوص الإشهار في رمضان الواردة في هذا
التقرير تدحض جملة وتفصيلا ما سبق أن ذهب إليه وزير الاتصال مصطفى الخلفي تحت قبة
البرلمان عندما هاجم التسونامي الإشهاري للقنوات العمومية خلال رمضان وقال إنه
"لم يشاهد إلا إشهارا تتخلله بعض البرامج"، إلا أن تدقيقا في بعض
المعطيات الواردة في دفاتر تحملات القنوات الثلاث، تظهر عدم وجود أي تعارض بين
تصريحات الخلفي وإحصائيات الهاكا على اعتبار أن كليهما بنا ملاحظاته على أسس
مختلفة.
فالخلفي
عندما انتقد القصف الإشهاري المكثف خلال رمضان، كان بهدف تحسيس الجميع بأهمية
التعديل الذي أدخله على دفاتر التحملات الجديدة التي أثارت الكثير من الجدل
ولازالت تنتظر مصادقة الهاكا، والمتمثل في استبدال عبارة "18 دقيقة كمدة
إجمالية للإشهار في ساعة واحدة" المعتمدة في الدفاتر الجاري بها العمل حاليا
منذ سنة 2009، بعدما جرى تمديد العمل بها بعد أزمة دفاتر مارس الماضي، بعبارة
"18 دقيقة كمدة إجمالية للإشهار في ساعة مسترسلة"، بمعنى أن القنوات لن
يعود بإمكانها مستقبلا أن تبرمج مثلا 18 دقيقة من الإشهار مباشرة قبل الساعة
السابعة مساء ثم تمرر سلسلة من 5 أو 10 دقائق لتعاود برمجة 18 دقيقة مثلها مباشرة
بعد السابعة مساء، وإنما ستصبح ملزمة باحتساب بداية الساعة المنصوص عليها في دفاتر
التحملات الجديدة ببداية بث وصلة إشهارية معينة وليس ببداية الساعة الزمنية
العادية، مما سيقود إلى خلق تباعدات في برمجة الوصلات الإشهارية وبالتالي يقلل من
قوة إحساس المشاهد بالقصف الإشهاري المتتالي. أما بالنسبة إلى الهاكا، فإحصائياتها
الأخيرة استندت لمفهوم "الساعة الواحدة" أي الساعة الزمنية العادية كما
هي معتمدة في دفاتر التحملات القديمة إلى حين اعتماد الدفاتر الجديدة، وبالتالي
فاحترام القنوات لالتزاماتها الكمية على مستوى الإشهار خلال رمضان كما جاء في
تقرير الهاكا، لا يعني بالضرورة عدم شعور المشاهد بالحضور المكثف للإشهار، لأن
طريقة "برمجته" بصورة متقاربة "متعمدة" وليست المدة المخصصة
له، هي التي تولد هذا الإحساس لغايات تجارية محضة للقنوات التلفزيونية، رغم
أنها قنوات عمومية يفترض فيها قانونيا
وحتى عرفيا الالتزام بمبادئ الخدمة العمومية لا بمبادئ الخدمة التجارية.
يذكر
أن استبدال الخلفي لعبارة "18 دقيقة من الإشهار في الساعة الواحدة"
بعبارة "18 دقيقة من الإشهار في ساعة مسترسلة" كان قد أدرج في دفاتر
التحملات الجديدة في نسختها لشهر مارس الماضي والتي صادقت عليها الهاكا، كما لم
يشمل هذه العبارة أي تعديل في النسخة الجديدة المعروضة حاليا على الهاكا للمرة
الثانية، بمعنى أنها حصلت على دعم وتأييد جماعي من طرف اللجنة الوزارية المكلفة
بتعديل دفاتر التحملات ولم تكن محط خلاف بين أعضائها.
جمال الخنوسي