مشاهد جثت الأطفال المنكل بها وأعضائهم المقطعة تجعلنا نكفر بكائن اسمه الإنسان
كان أحد أصدقائي ممن فضلوا الهجرة إلى كمدا، واختار الاستقرار لسنوات بإقليم "كيبك"، يحكي بتفكه عن سكان الجزء الشمالي للقارة الأمريكية، قائلا إن الناس هناك درجات، ففي المرتبة الأولى نجد النساء والأطفال اللذين يتمتعون بوضع اعتباري خاص، ثم تأتي في المرتبة الثانية الحيوانات التي تتمتع برغد العيش والحماية المطلقة، ثم في المرتبة الأخيرة الرجال كآخر شريحة في سلم المجتمع الكندي.
وكان صاحبنا هذا يزيد من حنقنا، نحن سكان هذا الكوكب العجيب، عندما يؤكد أنه في ظلام الليل الدامس من الأفضل أن تخرج المرأة لأداء أية مهمة صعبة أو مستعجلة، لأن من المرجح أن يعترض بعض اللصوص طريق أي رجل في ظلمة ممر جانبي، أو زقاق مهجور، في حين سوف يفكرون ألف مرة إذا كان الأمر يتعلق بامرأة أو طفل لأن حسابهم سيكون عسيرا جدا، ولن يرحم القضاء جورهم على "ولية أو حرمة" تنتمي إلى الجنس اللطيف وتتربع على رأس هرم المجتمع.
أما في هذا الكوكب العجيب الذي يسمى المغرب، فالأمر مختلف تماما، حيث أعراض الأطفال مستباحة وطفولتهم مغتصبة، وبراءتهم مسلوبة، إذ يكتشفون في عمر مبكر قساوة الحياة وظلم الكائن البشري، وخسة الآخر الذي يتربص بضعفهم، من خلال دروس يلقنها لهم ذئاب بشرية بلا رحمة.
في فرنسا مثلا، قرر الرئيس نيكولا ساركوزي أن يعرض، في شهر نونبر المقبل، على أنظار البرلمان قانونا يحرم مغتصبي الأطفال من التمتع بأي نوع من التخفيف أو العفو الذي يمنحه المشرع الفرنسي، بل أكثر من هذا، فعندما يقضي مغتصب الأطفال المدة المحكوم بها لن يغادر الزنزانة إلا إذا خضع إلى إخصاء كيماوي يقضي على رغباته الجنسية وميولاته الوحشية نحو الأطفال.
أمريكا كانت سباقة بدورها، إلى تطبيق مثل هذا الإجراء الذي تبنته العديد من الولايات منذ سنوات، أما في المغرب فلا شيء، الفراغ والخواء، وكأن أطفالنا "رخاص" إلى هذا الحد.
فما الذي سيمنع هذه الكلاب المسعورة من التربص بأبنائنا وبناتنا ليسرقوا من فلذات أكبادنا براءتهم وهم مازالوا في عمر الزهور؟ ما الذي سيثنيهم عن أفعالهم الإجرامية وتلبية نزواتهم الحقيرة؟
لا شيء، مادامت تصدر في حقهم أحكام رحيمة يعيشون عقبها الرغد في بعض المؤسسات السجنية هي أحسن من عيشتهم البئيسة السابقة.
لقد أصبحنا اليوم مطالبين بحزم أكبر، ورصانة أقوى، وحذر أشد، لأن الأمر استفحل بشكل لا يطاق، وغدا الأطفال مستهدفين بشكل خاص من فئة معينة من الذئاب البشرية المريضة.
إن مشاهدة صور هؤلاء الضحايا الأطفال، وجثثهم المنكل بها، وأعضائهم المقطعة، ورؤوسهم المهشمة، وحالة آبائهم وأمهاتهم المأساوية، تجعلنا نكفر بالإنسان وبشيء اسمه حقوق الإنسان، وتدفعنا، في أسف، إلى التفكير مليا فيما يدعو إليه البعض من مناهضة لعقوبة الإعدام.
وبعد خليل وياسين، وحالات أخرى في تطوان والعرائش والعيون وتارودانت وغيرها، فقدنا إيماننا بشيء اسمه الإنسان، فالحق في العيش يجب أن يظفر به بنو آدم بعد جهد لأننا لسنا في "غابة لا مكان فيها للضعفاء"، أما القمامة وحثالة المجتمع فمكانها أصلا معروف.
جمال الخنوسي
كان أحد أصدقائي ممن فضلوا الهجرة إلى كمدا، واختار الاستقرار لسنوات بإقليم "كيبك"، يحكي بتفكه عن سكان الجزء الشمالي للقارة الأمريكية، قائلا إن الناس هناك درجات، ففي المرتبة الأولى نجد النساء والأطفال اللذين يتمتعون بوضع اعتباري خاص، ثم تأتي في المرتبة الثانية الحيوانات التي تتمتع برغد العيش والحماية المطلقة، ثم في المرتبة الأخيرة الرجال كآخر شريحة في سلم المجتمع الكندي.
وكان صاحبنا هذا يزيد من حنقنا، نحن سكان هذا الكوكب العجيب، عندما يؤكد أنه في ظلام الليل الدامس من الأفضل أن تخرج المرأة لأداء أية مهمة صعبة أو مستعجلة، لأن من المرجح أن يعترض بعض اللصوص طريق أي رجل في ظلمة ممر جانبي، أو زقاق مهجور، في حين سوف يفكرون ألف مرة إذا كان الأمر يتعلق بامرأة أو طفل لأن حسابهم سيكون عسيرا جدا، ولن يرحم القضاء جورهم على "ولية أو حرمة" تنتمي إلى الجنس اللطيف وتتربع على رأس هرم المجتمع.
أما في هذا الكوكب العجيب الذي يسمى المغرب، فالأمر مختلف تماما، حيث أعراض الأطفال مستباحة وطفولتهم مغتصبة، وبراءتهم مسلوبة، إذ يكتشفون في عمر مبكر قساوة الحياة وظلم الكائن البشري، وخسة الآخر الذي يتربص بضعفهم، من خلال دروس يلقنها لهم ذئاب بشرية بلا رحمة.
في فرنسا مثلا، قرر الرئيس نيكولا ساركوزي أن يعرض، في شهر نونبر المقبل، على أنظار البرلمان قانونا يحرم مغتصبي الأطفال من التمتع بأي نوع من التخفيف أو العفو الذي يمنحه المشرع الفرنسي، بل أكثر من هذا، فعندما يقضي مغتصب الأطفال المدة المحكوم بها لن يغادر الزنزانة إلا إذا خضع إلى إخصاء كيماوي يقضي على رغباته الجنسية وميولاته الوحشية نحو الأطفال.
أمريكا كانت سباقة بدورها، إلى تطبيق مثل هذا الإجراء الذي تبنته العديد من الولايات منذ سنوات، أما في المغرب فلا شيء، الفراغ والخواء، وكأن أطفالنا "رخاص" إلى هذا الحد.
فما الذي سيمنع هذه الكلاب المسعورة من التربص بأبنائنا وبناتنا ليسرقوا من فلذات أكبادنا براءتهم وهم مازالوا في عمر الزهور؟ ما الذي سيثنيهم عن أفعالهم الإجرامية وتلبية نزواتهم الحقيرة؟
لا شيء، مادامت تصدر في حقهم أحكام رحيمة يعيشون عقبها الرغد في بعض المؤسسات السجنية هي أحسن من عيشتهم البئيسة السابقة.
لقد أصبحنا اليوم مطالبين بحزم أكبر، ورصانة أقوى، وحذر أشد، لأن الأمر استفحل بشكل لا يطاق، وغدا الأطفال مستهدفين بشكل خاص من فئة معينة من الذئاب البشرية المريضة.
إن مشاهدة صور هؤلاء الضحايا الأطفال، وجثثهم المنكل بها، وأعضائهم المقطعة، ورؤوسهم المهشمة، وحالة آبائهم وأمهاتهم المأساوية، تجعلنا نكفر بالإنسان وبشيء اسمه حقوق الإنسان، وتدفعنا، في أسف، إلى التفكير مليا فيما يدعو إليه البعض من مناهضة لعقوبة الإعدام.
وبعد خليل وياسين، وحالات أخرى في تطوان والعرائش والعيون وتارودانت وغيرها، فقدنا إيماننا بشيء اسمه الإنسان، فالحق في العيش يجب أن يظفر به بنو آدم بعد جهد لأننا لسنا في "غابة لا مكان فيها للضعفاء"، أما القمامة وحثالة المجتمع فمكانها أصلا معروف.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق