توفي المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري صباح يوم أمس (الاثنين) بمنزله في حي بولو بمدينة الدار البيضاء عن سن تناهز 75 عاما.
وعلمت "الصباح" من مصادر مقربة من الجابري أن المفكر المثير للجدل رحل إثر سكتة قلبية بعد تدهور حالته الصحية منذ مدة، إلا أنه تعايش مع مرضه وظهر عليه تحسن طفيف في الآونة الأخيرة.
وسيوارى جثمان الفقيد الثرى ظهر اليوم (الثلاثاء) بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء.
وأثار الجابري، المتزوج وأب لخمسة أبناء جميعهم أطباء، بمشروعه الفكري، الكثير من المعارك الفكرية وخلق جدالا واسعا بين المثقفين والمفكرين بين مدافع ومنتقد.
وولد المفكر المغربي في 27 دجنبر سنة 1935، بمدينة فكيك. ودرس بها ثم غادرها إلى (الدار البيضاء)، حيث انخرط في خلايا العمل الوطني في بداية الخمسينات،كما كان قياديا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ظل يشغل لفترة طويلة عضوية مكتبه السياسي، قبل أن يعتزل العمل السياسي ليتفرغ لمشاغله الأكاديمية والفكرية. وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب بالرباط.
واشتغل الراحل أستاذا للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط إلى غاية 2002، وصدرت له عدة كتب ومؤلفات أثارت جدلا واسعا من بينها، "نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي" سنة 1980 و"العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي"، و"تكوين العقل العربي (نقد العقل العربي 1)"، و"بنية العقل العربي (نقد العقل العربي 2)" و"العقل السياسي العربي (نقد العقل العربي 3)"، و"العقل الأخلاقي العربي (نقد العقل العربي 4)"، و"مدخل إلى القرآن"، و"مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي"، و"معرفة القرآن الحكيم أو التفسير الواضح حسب أسباب النزول" في ثلاثة أجزاء وهو أول تفسير علماني للقرآن.
وتمكن محمد عابد الجابري عبر سلسلة "نقد العقل العربي" من القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل"، أي العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى. وفي نهاية تلك السلسلة يصل المفكر الكبير إلى نتيجة مفادها أن العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الابتكار.
وحاز الجابري على امتداد مساره الحافل، على عدة جوائز من بينها جائزة بغداد للثقافة العربية في يونيو 1988، والجائزة المغاربية للثقافة بتونس في ماي 1999، وجائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي، سنة 2005، وجائزة الرواد من مؤسسة الفكر العربي ببيروت سنة 2005، وميدالية ابن سينا من اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة بالرباط في 16 نونبر 2006، ثم جائزة ابن رشد للفكر الحر في أكتوبر 2008 بالعاصمة الألمانية برلين.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق