رئيس إدارة شؤون الأديان بالخارجية الفرنسية قال ل"الصباح" إن حواره مع أركون هدفه فهم تحول الإسلام من دين إلى أيديولوجيا ثورية
أجرى الحوار: جمال الخنوسي
أكد جوزيف مايلا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والإسلام وسوسيولوجيا النزاعات، والرئيس السابق للمعهد الكاثوليكي في باريس، ورئيس إدارة شؤون الأديان بوزارة الخارجية الفرنسية، إلى ضرورة الوصول إلى ميزان معين بين الانفتاح والتأكيد على الهوية.
وأشار المفكر الفرنسي في حوار مع "الصباح" إلى أن النموذج الفرنسي فريد من نوعه لأنه يتضمن فكرة العلمنة، "لكل بلد خصائصه التي ينطلق منها، وما يميز فرنسا عبر التاريخ، انطلاقا من الثورة الفرنسية، هي قضية المواطنة التي تعطي للفرد كل الحرية والإرادة ليتصرف كما يرى بالنسبة إلى أفكاره الخاصة واحترام دينه وشعائره. ولكن عندما تأتي إلى المجال العام عليك أن تكون محافظا على هوية لا هوية فوقها، وهي هوية المواطن".
وفي السياق ذاته، اعتبر رئيس إدارة شؤون الأديان بوزارة الخارجية الفرنسية، أن البعض فهم خطأ أن هناك توجها معاكسا للإسلام، "أنا لا أرى ذلك مطلقا. كما تعرفون، ففي فرنسا هناك بناء مساجد وغيرها من المرافق التي تمكن من ممارسة جميع الطقوس الإسلامية ولا أرى أي حملة كما يشاع".
اسمحوا لي أن نبدأ بموضوع فيه كثير من الحزن، ونتذكر المفكر الراحل محمد أركون. كيف كان اشتغالكما معا على كتاب "من منهاتن إلى بغداد - ما وراء الخير والشر"؟
أود، بادئ ذي بدء، أن أحيي ذكرى محمد أركون الذي أعتبر نفسي تلميذا لديه، وأدين له بكل ما أعرفه عن الفكر الإسلامي والعلوم السياسية والفلسفية.
أما عن الكتابة المشتركة، فإن الفكرة بدأت بعد أن تداولنا حول شؤون ما بعد 11 شتنبر، ورأينا أن هناك حاجة ماسة إلى التفكير في المكونات الأساسية للعقل العربي وفهم العلاقات بين الغرب والعالم العربي والإسلامي. وبدأنا بفكرة أن نكون شركاء في الكتابة قبل أن يقترح علينا المسؤول عن دار النشر، جعل الكتاب حوارا بيننا، إذ رأى أن من الأجدى والأنسب أن يكون هناك تفاعل بين الأفكار، وإذا ما عبر الأستاذ أركون عن فكرة معينة أكون له "بالمرصاد الثقافي والفكري" والعكس صحيح، (يضحك).
وماذا عن مضمون الكتاب؟
فكرة الكتاب كانت مزدوجة: من ناحية أردنا أن نبحث في المقولات الأساسية في الفكر الإسلامي المعاصر. وكيفية استغلال العامل أو المكون الديني في تبرير العمل السياسي. فانطلقنا من أحداث 11 شتنبر دون أن نجعلها المحور الأساسي. كان منطلقا فكريا لكي نتعمق أكثر في الفكر الإسلامي المعاصر، وتحركنا إرادة حقيقية للبحث في المقولة "الإسلاوية".
ومن الناحية الثانية، وبطلب من الأستاذ أركون، قصدنا التفكير والبحث في كيفية استعمال الإسلام في بناء دولة ما بعد الاستقلال. وبكونه جزائريا، كان له إلمام مباشر لفهم كيف تكونت قضية الإسلام، وكيف تحول من فكرة دينية محضة إلى معبر لتكوين ايديولوجيا ثورية عربية إسلامية.
أما الفكرة الثانية التي واكبت نشأة هذا الكتاب، فترتبط بالعلاقة بين الشرق والغرب. وكيف شنت أمريكا الحرب على العراق وما ترتب عليها من تداعيات.
قلتم في تصريحات سابقة إن الحوار بين الأديان ضرورة ملحة الآن، لماذا؟
أنا أعتقد أن الحوار أساسي كي يكون المرء مطلعا على التكوين الفكري للغربي أو العربي أو الصيني.. أي الآخر عموما. فمن عادتنا اختصار الفكرة الثقافية ومحورتها داخل نوع من "الستيريوتيب" أو "الاختصار الفكري" أو في ما يكون سلبيا، وهذا ناجم من عدم تفهم فكرة الغير أو ثقافة الغير.
بالفعل وضعتنا العولمة بجوار ثقافات متعددة. فأنا اليوم في الرباط وأطلع في الآن نفسه على ما يجري في أمريكا الشمالية أو الصين. ومن خلال الوسائل المرئية والمسموعة تتكون لدي فكرة عما يجري حول العالم، لكن هذه الفكرة أؤطرها بعبارة أو عبارتين أختزل فيهما كل شيء وأتصور أنني فهمت ما يدور في هذه البلاد، في الوقت الذي ساهمت في فهم فكرة الغير ومنطقه.
المسألة الثانية تأتي من فكرة أن العولمة لا ثقافة لها، إذا أردت أن تفهم ما هي ثقافة العولمة ستجد نفسك محتارا، لأن كل الثقافات تتمحور حول هذه العولمة، البعض قال إن هناك فكرة سائدة في العولمة، وهي الثقافة السائدة والطاغية والمهيمنة اليوم، هي ثقافة الغرب وخاصة أمريكا. لكن هذا الوضع كان صحيحا منذ عشر سنوات أما اليوم إذا أردت أن تكون مطلعا على الثقافة والكتب والموسيقى والمطبخ ستلحظ وجود موسيقى العالم وأكلات "معولمة".. هذه فكرة حسنة فالفرد ليس مسكونا اليوم بثقافة واحدة. فقد أصبح مثلا للعالم العربي قناة مهمة كالجزيرة، ونحن في فرنسا نؤكد على قناة فرانس 24، والأمر ذاته في البرازيل، وفي أمريكا "سي إن إن" حاضرة، وفي انجلترا هناك "بي بي سي"...
أعتقد أن هناك تفاعلا بين كل هذه المكونات الجديدة نتجنب من خلالها هيمنة واحدة أو طاغية على الكل.
لكن هناك نقطة أساسية، نحن اليوم نبحث في ما سنسميه بالعربية "الصناعات الثقافية"، فإذا أردت أن تتواصل مع العالم وتوصل فكرتك، عليك أن تكون اقتصاديا وتكنولوجيا، تمتلك كل هذه الوسائل التي تسمح لك بالتواصل مع ثقافة أخرى. أما إذا كنت بلدا صغيرا لا ميزانية له، فإنك حتما لا تستطيع أن تبني مشروعا جبارا ك"الجزيرة" أو "سي إن إن".
ما يحدث اليوم وما حدث في وقت سابق يوحي بأن الثقافات تسير نحو الانغلاق أكثر مما تسير نحو الانفتاح...
نعم (يصمت). هذا يدعونا إلى التفكير في ظاهرة أساسية: الانفتاح من جهة والانغلاق من جهة أخرى. الانفتاح موجود ومحركه الأساسي هو الاقتصاد.. المال يفتح كل شيء ما دمنا دخلنا في عالم ليبرالي لا يؤمن بالحدود.
في الوقت نفسه هناك ظاهرة أخرى معاكسة يمكن أن نلخصها في الانكماش على الذات، بمعنى أنه كلما أتتنا أفكار من الخارج، نرى أن ردة الفعل الأولى هي الدفاع عن الهوية. هذا ما يخيفنا.. فشعوب العالم تتعامل بالمنطق ذاته كلما أحست ب"غزو من الخارج"، فتريد بالتالي أن تتأكد من هويتها. وما نشهده اليوم في أوربا، وفي بعض إنحاء العالم العربي هو ردة فعل تؤكد على الهوية خوفا من الضياع في مهب رياح العولمة.
أنا أتفهم هذا الوضع ولا أقبله أتفهمه لأنه رد فعل طبيعي، إذ من البديهي أن يكون الإنسان متشبثا بهويته مؤكدا على مصيره، مهتما بمآل هويته، ولكن في الوقت ذاته، يجب أن نقبل أنه أصبحت للعالم تحولات لا عودة فيها، ولا غنى عنها، نحن في طور النمو في عالم جديد، وعلينا أن ندخل على هذا العالم نوعا من الانضباط أو ما نسميه نحن في فرنسا "تقنين العولمة". أما فكرة أننا إذا أغلقنا حدودنا وأصبحنا نعيش ما بين "نحن ونحن" فكل آفاق المستقبل قد نسدها ولن نرى مستقبلا لأولادنا.
وما يلفت الانتباه اليوم، هو أن ثقافة الجيل الجديد منفتحة أكثر فأكثر على عالم جديد بلا حدود. أعتقد أن علينا الوصول إلى ميزان معين بين الانفتاح والتأكيد على الهوية، فالتأكيد على الهوية أساسي ومن باب السيادة الشخصية وتفادي التمزق الثقافي أو انفصام الشخصية الثقافية. وإذا أكدت على هويتك وثقافتك فباستطاعتك أن تتوجه إلى الآخر أما إذا كنت ضعيفا بالنظر إلى من أنت فمواجهتك للعالم تكون ضعيفة ومتضعضعة.
بالنسبة إليكم، هل تساؤل فرنسا عن هويتها هو نوع من التراجع؟
سؤال وجيه أود أن أجيب عليه في مرحلتين: في المرحلة الأولى أريد أن أشير إلى الموجة التي تشهدها أوربا (في اسبانيا وإيطاليا وهولندا وبريطانيا) والأسباب التي دعت إلى التساؤل حول الهوية الوطنية. في الوقت نفسه، نشأ هذا النقاش في فرنسا حول النقاب أو ما يسمى الحجاب الكامل. هناك نوع من سوء فهم حول الغاية التي جعلت الحكومة الفرنسية تتخذ القرار وسن القانون المعروف. الغاية والغاية الوحيدة هي الحفاظ على النموذج الاجتماعي الذي يؤكد على المواطنة دون أن يكون هناك انعكاس أو تدخل ل"التعددية الثافية" أو "الطائفية".
النموذج الفرنسي أكد منذ الثورة الفرنسية على انخراط الإنسان الفرنسي في نموذج اجتماعي يؤكد على الهوية والمواطنة دون أن يميز في الدين أو الجنس أو العرق أو الأصل ويجعل غاية هذا المجتمع الانخراط. فانخرط في فرنسا الايطاليون والبولنديون والجماعات البرتغالية.. ولفرنسا تاريخ عريق لاستيعاب الشعوب التي تأتي من الخارج، وكان هذا الاستيعاب يأتي وفقا لنموذج أوربي سائد. لكن اليوم الهجرة لم تعد تأتي من أوربا فحسب، بل تأتي من الجنوب والشرق، وهناك تقاليد وأفكار وأنماط حياة ليست هي نوع النمط المألوف. وأنا أعتقد أنه ستكون هناك مرحلة احتكاكية قبل التآلف والانخراط، ولابد أننا وصلنا هذه المرحلة بالذات والبعض يؤكد عليها وآخرون متفائلون باعتبارها مرحلة انتقالية. فاتخذت الحكومة الفرنسية مجموعة من التدابير، خوفا منها أن يكون النموذج الاجتماعي مهددا بنموذج آخر، وتسقط في التعدد الثقافي الذي يطغى على النموذج الانخراطي، لأنها تود أن تحافظ على الانخراط والاندماج في المجتمع الواحد.
إذا تأملنا في النموذج الهولندي أو البريطاني نرى أن هناك تآلفا أو تعايشا بين مجتمعات. ففي لندن مثلا هناك أحياء بكاملها تعيش بنمط باكستاني أو هندي أو عربي وتتقبل بعض الدول الأوربية هذا النموذج الذي نسميه نحن النموذج الأنجلوسكسوني بشكل عام.
ألا ترون أن النموذج الانجلوسكسوني أكثر نجاحا اليوم؟
لا أعتقد ذلك، لا بد أنكم سمعتم تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا مركل الأخيرة التي قالت فيها إن نموذج التعددية الثقافية أتى على نهايته، لأنه ثبت وجود صعوبة بالنسبة إلى مسألة التعايش. انتبهت ألمانيا إلى ذلك مع وجود جالية تركية مهمة في ألمانيا انغلقت على نفسها ولها وسائل إعلامها، وتتكلم لغتها ولا تود الانخراط في المجتمع الأوسع. بريطانيا بدورها بدأت تنظر من جديد في النموذج السائد.
أنا أرى أن النموذج الفرنسي فريد من نوعه، لأنه يتضمن فكرة العلمنة غير الموجودة في العالم سوى في هذا البلد. وأرى أنه من دواعي التكابر أو العجرفة أن نقول إن على العالم أن يتبع النموذج الفرنسي. أنا لا أقول ذلك، ولكن أقول إن لكل بلد خصائصه التي ينطلق منها، وما يميز فرنسا عبر التاريخ انطلاقا من الثورة الفرنسية هي قضية المواطنة التي تعطي للفرد ملء الحرية والإرادة ليتصرف كما يرى بالنسبة إلى أفكاره الخاصة واحترام دينه وشعائره. ولكن عندما تأتي إلى المجال العام عليك أن تكون محافظا على هوية لا هوية فوقها، وهي هوية المواطن.
البعض فهم خطأ أن هناك توجها معاكسا للإسلام، أنا لا أرى ذلك مطلقا، كما تعرفون، ففي فرنسا هناك بناء مساجد وغيرها من المرافق التي تمكن من ممارسة جميع الطقوس الإسلامية ولا أرى أي حملة كما يشاع.
ما أوحى بوجود مثل هذه الحملة هو التسييس الذي خضعت له قضية البرقع، إذ أن الحالات لا تتجاوز 500 أو 600 في فرنسا كلها، أي أننا بعيدون عن ظاهرة اجتماعية مهددة للنموذج الاجتماعي تستحق كل هذا الاهتمام وهذه الجلبة...
ربما، هذه وجهة نظر. الحكومة الفرنسية تريد أن تتفادى تفشي هذه العادة ...
هي ضربة استباقية نوعا ما ...
(يضحك) ارتأت الحكومة الفرنسية أن من الجدير العودة إلى الأساسيات أو الأركان الأساسية للعقد الاجتماعي، ومن هذه الأركان قضية الانخراط الواحد والعيش الواحد دون تمييز بين المسلم واليهودي والبوذي ... هذا شعور مرهف عند فرنسا كما تعلم (يضحك).. الفصل بين الدين والدولة قائم في جميع المجالات، وأنا أتفهمه من باب تفهم حق كل دولة في أن تحافظ على نموذجها والعيش المشترك بشكل يجعل من الأمن والتفاعل بين الناس أساسيا دون الدخول في متاهات وفي جدل وأعمال عنف حول كل هذه الأمور. ما يحدث في الهند مثلا وفي بقاع أخرى من العالم، يجب أن يعلمنا أن التعدد الثقافي يجب أن نضبطه حتى يكون عاملا إيجابيا وليس سلبيا.
ألا ترون أن مقولة التعايش لا تتماشى ومفهوم الإقصاء؟ هناك شرائح مختلفة داخل المجتمع الفرنسي، خصوصا المتحدرة من أصول مغربية أو مغاربية، تعاني الإقصاء وهو أمر لا يستقيم مع شعار التعايش الذي تحدثتم عنه.
أرى أنا كلمة إقصاء قوية جدا...
لنقل تهميشا
علينا أن نعترف أن هناك نوعا من التهميش، لكن أعتقد أن فرنسا دولة قانون، والمنطلق الأساسي هو احترام القانون. وقد سنت عدة قوانين صارمة وتدابير في مجالات عديدة من أجل تجاوز أي تهميش أو تمييز خصوصا في ميدان العمل.
وكل من أحس بتمييز مقصود المحاكم الفرنسية كفيلة بفض مثل هذه النزاعات والحسم فيها.
لنعد إلى قضية وسائل الإعلام، ألا ترون أن هيمنة الغرب على وسائل الإعلام تجعله يحاور نفسه؟
لا أعتقد ذلك، أعطيك كمثال قناة "الجزيرة" وتطور "الصناعات الثقافية" في العالم الثالث، فالهند مثلا أكبر مصدر للأفلام سينمائية...
إذا سمحتم، أظن أن الجزيرة مثال سيئ، فالصورة التي قدمتها القناة القطرية عن العرب والمسلمين هي صورة ابن لادن والزرقاوي وأيمن الظواهري، واكتشف الغرب الجزيرة عبر مقاطع الفيديو وخطابات الموت والتهديد للغرب..
أنا لا يمكن أن أقول مثل هذا الكلام ... لكن تطور "الصناعات الثقافية" في العالم الثالث يجعلها تتنافس مع دول الغرب، أما المضمون الثقافي لوسائل الإعلام وغيرها فهذا خاضع إلى تحليلاتكم كصحافي.
بوكس1: مديرية الاستشراف مؤثرة في القرارات
أسست مديرية الاستشراف التابعة للخارجية الفرنسية منذ 40 سنة من طرف "ميشيل جوبير"، وهي دائرة مكونة من اختصاصيين في شؤون مناطق العالم تبحث بشكل مستقل عن السياسة القائمة، يقول جوزيف مايلا، رئيس إدارة شؤون الأديان، "نحن نحاول أن نرى أبعد من الأمور السياسية المطروحة حول القضايا ذات الاهتمام السياسي والاقتصادي الآني".
ثم يضيف، "إنها دبلوماسية التفكير والتأمل أكثر من دبلوماسية الفعل أو العمل. نحن نرى التحولات الكبرى ونتساءل عن انعكاسها على مصالحنا الوطنية. بالطبع نحن نواكب ما يجري في العالم كل يوم ومهتمون في الآن ذاته كيف سكون الاقتصاد والعالم بعد 20 سنة، كيف تتطور المجتمعات وماذا سيكون مصير أوربا، وتحولات الاقتصاد والسياسة والدين الذي أصبح قسما من أقسام دائرة الاستشراف بفضل "بيرنار كوشنير" (وزير الخارجية السابق)".
وعن مدى تأثير هذه المديرية في القرارات قال مايلا، "نعم، فعندما يتخذ القرار ندخل بعض التساؤلات. صحيح أن الأمر يعود في النهاية إلى الوزير لكن عليه أن يأخذ بعين الاعتبار جميع التفاعلات والآراء ويتخذ القرار في آخر المطاف، فنحن نأتي بالجواب المناسب والأسئلة الدقيقة".
وحول تفاؤله بخصوص مستقبل العالم، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط والإسلام وسوسيولوجيا النزاعات، نحن نعيش في عالم خطير، ونعيش تحديات جمة، لكن هناك انفصام بين الدول التي تطورت من جهة، والعالم المنسي الذي لا نتكلم عنه من جهة أخرى. فعندما نتحدث عن "جي 8" أو "جي 20" هناك "جي 172" أي سواد العالم الذي لا نتعاطى شؤونه. علينا أن ننتبه إلى تطور متوازن في العالم، وننتبه إلى مشاكل كبرى مثل المجاعة والعنف الذي أصبح حقيقة مفزعة. أنتم تعرفون في المغرب، الذي يعتبر بلد أمن وطمأنينة، كم هي المخاطر المحدقة بكم. وبعض الدعوات إلى العنف التي تحيط بنا اليوم أمور لا تعالج في إطار مغربي أو مغاربي بل تواجه وتعالج على المستوى الدولى ... مع ذلك أنا متفائل".
بوكس 2: "من منهاتن إلى بغداد - ما وراء الخير والشر"؟
الكتاب حوار بين مختصين في شؤون العالمين العربي والإسلامي، هما محمد أركون وجوزيف مايلا. ويرمي إلى تبيان معاني اعتداءات 11 شتنبر، التي أيقظت الفوارق والاختلافات الكثيرة التي تباعد بين "الشرق" و"الغرب"، وأعادت إلى الأذهان سلسلة من التساؤلات التي لا تنتهي حول مستقبل الإسلام.
ويستعرض هذا الحوار النقاش، مواجهة الدين مع الحداثة، والمسائل الجيوسياسية التي تثيرها سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ويحاول أن يحدد وظيفة السياسة الأوربية المطلوبة في غمار هذه الأحداث.
ويسعى المفكران إلى فهم أبعاد تحول الفكر الإسلامي عن مساره، ويسألان إن تم تجنيد الحركات الإسلامية وتوظيفها بقصد هذا التحول. ويدعوان إلى إعادة اكتشاف تاريخ الإسلام، وقراءته بلغة جديدة لا تغفل كم الأحداث الهائل الذي عصف بالعالم الإسلامي، وتسعى إلى انخراط الإسلام في مسار التاريخ العالمي.