منتج نغموتاي اتهم غريمه ب"الجفاف الفني" والفد يقول إن المريني يبحث عن بطولة إعلامية لا يستحقها
إذا صدق إدريس المريني منتج برنامج "نغموتاي" في نيته مقاضاة الكوميدي حسن الفد، وذهب إلى المحكمة من أجل رسم الحدود بين الهزل والسخرية من جهة، والتجريح والبسالة من جهة أخرى، سنكون أمام سابقة "هزلية" تستحق منا وقفة تفكير.
فليس المريني وحده من اغتاظ من "الفد تي في"، بل كثيرون أعلنوا سرا وعلانية امتعاضهم مما جاء في الكبسولات الساخرة ووصفوها ب"الابتذال" و"التجريح" و"القذف".
من جهة أخرى من حق الكوميدي أن يتساءل: متى كان للفنان الساخر أصدقاء فقط، وهل يستحق الكوميدي غير المزعج هذا اللقب أصلا؟!
إن قضية الفد و"نغموتاي" تحتم علينا طرح أسئلة جدية وأكثر شمولية: أين تنتهي الكوميديا وتبدأ "البسالة"؟ هل من حق الفنان أن يجعل من أي موضوع عنوانا لسخريته؟ ما هي حدود الهزل؟ وهل للكوميديا خطوط حمراء؟ وأين ينتهي الضحك ويبدأ التجريح والقذف؟
بالنسبة إلى إدريس المريني، فإن ما جاء به الفد كان له انعكاس سلبي على برنامج "نغموتاي" وزعزع فريق العمل. كما وصف الفد ب"الجفاف في الإبداع" لأن أسهل طريق هو النيل من كرامة الناس واتهامهم بقبول إكراميات 50 درهما". ثم، يؤكد المريني "كما ذهب الفد بعيدا في انتقاداته، سنذهب نحن بدورنا بعيدا في مقاضاته".
لننظر الآن إلى الموضوع من زاوية الفكاهي. فالكوميديون الذين يطلون علينا من خلال القنوات العمومية في موقف لا يحسدون عليه، إذ أمامهم لائحة طويلة من الممنوعات والخطوط الحمراء والزرقاء وكل ألوان الطيف. وفي الآن ذاته يطلب منهم إضحاك الجمهور أمام "زلايف الحريرة" و"كتبان السفوف" و"غابات الرزيزة". لذلك يقلب حسن الفد سؤال "هل يمكن أن نضحك من كل شيء؟" ليسأل بدوره "هل يمكن أن نغضب من كل شيء؟"، في إشارة إلى أن النقاش المفتعل أخيرا هو نوع من التضييق على حرية الفنان وقدرته على الإبداع.
ويضيف الفد، "لست أنا ولا المريني أبطال رمضان، لأن الأبطال الحقيقيين هم من عملوا بجد على مدى شهور طويلة من أجل إنجاح "الفد تي في" وإخراجها بالشكل الذي شاهدناه عليه. نحن لا نستحق هذه البطولة الإعلامية...". كما أشار الفد إلى ضرورة تدقيق بعض المفاهيم، "أنا ليست كوميديان أو ساخرا بل أنا فنان يقوم بمعالجة فنية لظواهر المجتمع".
وفي خطوة غير متوقعة، عبر الفد عن استعداده لتقديم اعتذار إلى المريني إذا شعر بنوع من الحيف، "للتعبير عن حسن نيتي.. هذا نبل مني".
إن القضية التي تجمع الفد والمريني لن تكون حتما الأخيرة، وسيبقى الخلاف دائما بين الفنان و"ضحيته" لأن الخلاف الجوهري سيظل دائما قائما بين من لا يرى للفن قيودا أو حواجز، وبين من يؤمن بأن رسم حدود للضحك لا يعني بالضرورة المنع أو القمع "لأنه حتى في أرقى المجتمعات ديمقراطية نجد حدودا لا يمكن تجاوزها كي لا تعم الفوضى".
جمال الخنوسي