تميز عهد الملك محمد السادس بنقلة كبيرة في مجال السمعي البصري جعلت من التجربة المغربية خصوصا في مجال الضبط والتقنين، فريدة في العالم العربي.
ولبدأ مسلسل التحولات برفع احتكار الدولة للقطاع السمعي البصري، ثم تأسيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري كتجربة فريدة، وصدور قانون الاتصال السمعي البصري 77 / 03 الذي يضع المقتضيات القانونية لتنظيم القطاع بشقيه العمومي والخاص.
كما شهد حكم الملك محمد السادس تحولا في الإعلام العمومي وأصبح ما يسمى "القطب العمومي" الذي تجتمع فيه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون مع القناة الثانية "دوزيم"، وذلك بعد الرأي الاستشاري الذي رفعته الهاكا إلى صاحب الجلالة بهذا الخصوص.
وتم تعزيز القطب العمومي بقنوات جديدة هي الأمازيغية والرابعة والسابعة والرياضية والسادسة والمغربية، وقنوات إذاعية مثل قناة محمد السادس للقرآن الكريم وبعض المحطات الجهوية.
كما منحت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري 10 تراخيص إذاعية جديدة لمحطات خاصة، وقناة تلفزيونية واحدة هي ميدي 1 سات. وتعززت هذه التراخيص بمنح أخرى لأربع محطات إذاعية جديدة.
وإلى حدود اليوم هناك 12 حوض استماع يتم تغطيتها بشكل كامل من طرف إذاعة عمومية وإذاعات خاصة من الجيل الأول من التراخيص والجيل الثاني من التراخيص، أضف إلى ذلك أن هذه الإذاعات تمنح تنوعا لغويا بين العربية والامازيغية ... ومضامين متنوعة بين موسيقية واقتصادية ورياضية ونمط العيش والعالم القروي.
وساهم تحرير القطاع الإذاعي في نمو رقم معاملات القطاع بحوالي 40 في المائة مقارنة مع فترة ما قبل التحرير، كما ساهم في خلق فرص حقيقية للشغل بزيادة 19 في المائة مقارنة مع فترة ما قبل التحرير، ما يعادل أكثر من 600 منصب شغل مباشر بين 2007 و2009.
ومع تحرير المجال السمعي البصري، تحررت عقول المغاربة من قيود فرضت على ما يمكن أن يتتبعوا من برامج، وما فرضه الإعلام الرسمي على مدى سنوات، كما ساهمت من أجل أن يصبح للمستمع، والمواطن عموما، الحق في فتح نقاش حول مواضيع حساسة وهامة تخص ظواهر مجتمعية ومصير البلاد.
وهكذا أصبحت مدينة الدار البيضاء تستقبل حاليا 17 إذاعة، كما تستقبل 7 أحواض استماع 14 إذاعة، وأربعة أحواض استماع تستقبل بين 10 و 12 إذاعة. ويلا حظ من خلال هذه الأرقام الانتشار الواسع للإذاعات الخاصة في إطار عملية دمقرطة الولوج للإذاعات، إذ أن جميع أحواض الاستماع البالغ عددها 12 حوضا، تشملها التغطية الإذاعية الخاصة، في حين أنه قبل خمس سنوات كان الفراغ مطلق والصمت سائدا.
كما أصبحت للمغرب قناة عمومية جديدة هي ميدي 1 تي في، وذلك بعد أن تدخلت الدولة لإنقاذها بعد أن تخلى عنها المساهمون الفرنسيون مع وصول الرئيس نيكولا ساركوزي، كما حصلت فيما بعد على ترخيص البث الأرضي.
أضف إلى كل هذا إطلاق التلفزة الرقمية الأرضية بعد اقتراب نهاية البث الهرتزي المعمول به الآن في أفق 2015. كما تمت دسترة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري كمؤسسة حكامة في عهد الملك محمد السادس، ذات مهام أساسية مثل ضمان التعبير التعددي عن تيارات الفكر والرأي.
كما أبانت تجربة الدستور الأخير انفتاحا غير مسبوق لوسائل الإعلام العمومية والخاصة على جميع تيارات الفكر والرأي في الإعلام العمومي والخاص، وهو ما رصده التقرير الأخير الذي أصدرته الهاكا.
جمال الخنوسي