مكن التحقيق القضائي في وفاة الطفل المغربي يونس جراتلو، من الكشف عن عناصر جديدة تدين والد الضحية، محمد جراتلو بقتل ابنه.
وكشفت الخبرة التي أجريت على ألياف الأنسجة التي وجدت على ملابس الضحية، أن الأب والأم نقلا ابنهما جثة هامدة، وبرهنت على أن أنسجة الملابس التي كان يرتديها الوالدان ليلة وفاة يونس: وهي بذلة بالنسبة إلى محمد جراتلو، ومعطف بالنسبة إلى والدته نعيمة، وجدت بقايا منها على الضحية، وفي سيارة العائلة.
واوردت جريدة "هيت لاتست نيوز" نقلا عن المحققين قولهم إن نتائج الخبرة دليل إدانة للوالدين اللذين ادعيا تلك الليلة أنهما كانا يرتديان "بيجامة" بالنسبة إلى الأب و"قميص" بالنسبة إلى الأم، وبأنهما نقلا جثة الطفل في سيارتهما.
وفي الإطار ذاته، رصدت كاميرات إحدى محطات البنزين سيارة محمد جراتلو ليلة الحادث، الأمر الذي يؤكد أن المتهم أخفى بعض المعطيات حول جدول تحركاته. كما عثر المحققون على آثار دماء في جميع أنحاء المنزل، ورصدوا تسجيل محادثة بين الأب والأم، تحمل فيه الأخيرة مسؤولية "هذه المأساة" إلى الوالد.
وأشارت وسائل الإعلام البلجيكية إلى أن المحققين متأكدين أكثر من أي وقت مضى من أن الأب الموجود رهن الاعتقال منذ تسعة أشهر، هو قاتل ابنه، وأنه رغم نفيه للجريمة فإنه فشل في اختبار كشف الكذب.
وأشارت وسائل الإعلام البلجيكية إلى أن المحققين متأكدين أكثر من أي وقت مضى من أن الأب الموجود رهن الاعتقال منذ تسعة أشهر، هو قاتل ابنه، وأنه رغم نفيه للجريمة فإنه فشل في اختبار كشف الكذب.
وتعود حكاية مقتل الطفل يونس جراتلو، إلى ليلة 25/26 أكتوبر 2009، عندما اختفى في ظروف شديدة الغموض، بعد شجار حاد بين والديه وصفته النيابة العامة في حينه بالعنيف، اضطرت معه الأم إلى الخروج ليلا "لاستنشاق الهواء"، تاركة الباب غير مغلق، مما سهل انسلال يونس خارج المنزل دون إثارة انتباه أبيه الغاضب من جراء ما حدث، حسب رواية العائلة.
وبعد ساعات عادت الأم إلى المنزل لتلاحظ غياب ابنها يونس. وبمجرد إشعار الشرطة، قامت باستنطاق كل أفراد العائلة فورا، طيلة يومين، رغبة منها في الوصول إلى نتائج في أقصى سرعة ممكنة.
وحسب اعترافات والدي يونس وأخيه الأكبر، اتضح للشرطة أن خلافا حادا نشب بين الزوجين ليلة الأحد 25 أكتوبر، خرج يونس بعده، لكن كل أفراد العائلة نفوا بشكل قاطع أن تكون لهم يد في اختفائه.
وشككت الشرطة في رواية العائلة مما جعلها تمدد فترة اعتقالها الاحتياطي، كما نسقت جهودها مع الشرطة الفرنسية، نظرا لقرب مقر سكنى عائلة جراتلو من الحدود البلجيكية الفرنسية. كما أخبرت الشرطة الدولية لمساعدتها في العثور على يونس.
وبعد مرور أيام، أعلنت ممثلة النيابة العامة، العثور على يونس ميتا، وجثته تطفو فوق مياه بحيرة كومين، الواقعة بإقليم تورني المتاخم للحدود البلجيكية الفرنسية، وأن التشريح سيعطي الملامح الأولى للطريقة التي مات بها، رغم أن الجثة تم العثور عليها في حالة سيئة. ولم تصرح، حينذاك، لا الشرطة ولا النيابة العامة، بأي جديد حول أسباب وطريقة تصفية يونس، مما كان يعني أن التحقيق سيواصل إلى أن يتم الكشف عن القتلة، فيما ظلت العائلة المتهمة الأولى في هذه النازلة، إلى أن يسدل الستار على هذا اللغز الخطير.
وحير اختفاء يونس وتصفيته بهذه الطريقة المحققين ومعهم الرأي العام، فإذا كانت مسؤولية الوالدين في اختفائه، غير مستبعدة، باعتبار أن الشرطة البلجيكية أعطت الأولوية لهذه الفرضية، وتحاول ربط اختفاء يونس بشجار الأبوين، فإن كل الفرضيات الأخرى تظل ممكنة، خاصة أن بلجيكا عرفت سوابق مماثلة في اختفاء الأطفال وقتلهم (لبنى بنعيسى وجولي وميليسا..الخ). كما أن ظاهرتي الشذوذ، والتحرش الجنسي بالأطفال في تنام مستمر.
واستحوذت قضية الطفل المغربي على اهتمام واسع من وسائل الإعلام والرأي العام البلجيكي والفرنسي. وبقيت التحقيقات على مدى الشهور الأخيرة تراوح مكانها دون ظهور أي خيط جديد يبدد الغموض عن قضية مقتل يونس منذ العثور على جثته.
وكانت الشرطة البلجيكية أرسلت لجنة من المحققين إلى المغرب بعد عودة والدي الطفل إليه لقضاء مدة في بلدهما الأصلي، ودفن جثمان ابنهما في الدار البيضاء. ويرجع المحققون الاهتمام بأفراد العائلة نظرا للمكالمات الهاتفية التي جمعت الأسرة الصغيرة في بلجيكا وأفراد من العائلة في المغرب ليلة اختفاء يونس.
وقد قام عدد من ممثلي وسائل الإعلام المغربية والبلجيكية والفرنسية بتغطية مراسيم تشييع جنازة الطفل.
وأمر قاضي التحقيق في نونبر 2010 باعتقال والدي الطفل الضحية، اللذين يعيشان منفصلين. فأودع الأب محمد جراتلو سجن تورناي، فيما وضعت الأم نعيمة بسجن "مونس" بعد أن وجهت إليهما، بشكل رسمي، تهمة التسبب في إصابات جسدية أفضت إلى الموت دون نية القتل مع ظروف التشديد لأن الضحية قاصر وابن المتهمين. وأفرج عن الأم في وقت لاحق، في حين بقي الأب رهن الاعتقال إلى اليوم.
وقامت الشرطة بتفتيش لمنزل العائلة، والاستماع من جديد إلى أفرادها والتحري حول "علامة وجدت على وجه الضحية"، إلا أن الأب أنكر الضرب، فيما اعتبر المحققون تفسيرات الوالدين "غير مقنعة".
وأثيرت مع بداية التحقيقات فرضيات متعددة منها حادث الغرق وحادثة سير. وخلص تشريح الجثة إلى التخلي عن فرضية صدم سيارة، كما أثار والد يونس فرضية الاختطاف، لكن عدم وجود طلب فدية جعل المحققين ينفون هذه الفرضية أيضا. فبدأت الشكوك تحوم حول الأب الذي وصفته الصحف البلجيكية ب"الستيني العنيف والمدمن على المشروبات الكحولية".
جمال الخنوسي