القناة الثانية تخلف وعدها مرة ثانية
فيلم "خيال الذيب" أو كارنفال الرداءة
تبادر إلى ذهني وأنا أشاهد الفيلم الجديد الذي أنتجته القناة الثانية "خيال الذيب" سؤال جوهري ما زلت أبحث له عن جواب حتى الآن.
أليست السياسية القاضية بتقديم عملين شهريا من إنتاج القناة يكون على حساب الجودة؟
في سؤال لعبة الكم والكيف يتيه المشاهد والمتتبع المغربي.
هل نسير على هذا المنوال لتحقيق نوع من الكم و نحقق تراكما سيتحول إلى الجودة و التميز مع مرور الوقت؟ أم أن ما يحدث هو فقط تعلم "الحسانة في رؤوس اليتامى"؟
أو ان الخطوة المثلى هي الاكتفاء بإنتاج أفلام محدودة مع تمكينها من كل آليات الإنتاج التلفزي وتوفير جميع الظروف الصحية المادية منها على الخصوص والمعنوية؟
قدمت القناة الثانية أول أمس بأحد فنادق الدار البيضاء. العرض الأول للفيلم التلفزيوني الجديد "خيال الذيب" الذي أخرجه محمد عهد بنسودة وكتب السيناريو محمد اليوسفي. ويحكي قضية بعض السكان الذين يعملون في ضيعة كبيرة ولم يستطيعوا الحفاظ عليها. بعد أن غادرها صاحبها السي تاجر قصد العلاج ولم يعد. كثر الظنون حول غيابه، مما جعل الخدم يدخلون بيته فرادى وجماعات متربصين من كل المنافذ، لينهبوا ما فيه من أثاث. ويتلفوا من فرط جهلهم لوحاته الزيتية ومكتبته التي كانت تحتوي نفائس الكتب والتحف النادرة . كما لم تفلت معالم المنزل الهندسية من الضياع، هكذا أمسى البيت والبستان الجميل خرابا فالجميع تناسى عطف السي تاجر وكرمه الواسع.
فجأة وتحت تيار الظلام رحل السي عيسى وزوجته زهرة من الدوار، يحملان معهما ثروة وأسرارا لم تكن في الحسبان. لكن شيئا فشيئا بدأت تطارد الجميع لعنة البيت الذي كان مسرحا لأطماعهم . كما فقدوا الثقة فيما بينهم وظهرت الخيانة في أسرهم وتفشت البطالة في منطقتهم...
أدى الأدوار الرئيسية في الفيلم كل من محمد بسطاوي محمد عاطفي وإدريس الروخ وسعيدة بعدي و نفيسة الدكالي. وقد كان أداء الجميع جد متوسط إن لم نقل هزيلا مقارنة مع مستواهم المعهود، و تألقهم في أعمال سابقة و خصوصا سعيدة بعدي المعروفة بأدائها المسرحي المتقن و محمد بسطاوي الذي أساء له ظهوره في هذا الفيلم (مشهد صراخه الليلي "أنا راجل" الذي يدوم أكثر من 5 من أبشع ما يكون).
في الحقيقة لم نجد أي بصيص أمل أو بريق نور يمكن أن يشجع على متابعة هذا الفيلم لأنه ممل لدرجة كبيرة. فالمدة الحقيقية للفيلم لا تتجاوز 30 دقيقة . إما الساعة و 20 دقيقة التي هي عمر الفيلم فليست إلا إعادات وإعادة الإعاءات. حيث تكررت العديد من المشاهد اللقطات و عانينا من مشاهدة أخرى ثلاث مرات. لقدأخذت جل المشاهد وقتاً أكبر مما تستحق فجاءت لتلبي رغبة المخرج في إطالة الوقت بمشاهد غير مؤثرة في العمل الدرامي، فلو حذفت لبقيت القصة واضحة و ساذجة ولا تحتمل الحكي ولا تستحقه.
لقد أخطأ المخرج محمد عهد بنسودة في اعتماده على تقنية "الفلاس الباك" أو العودة إلى الوراء بشكل متكرر ، فقد أفقدنا التركيز على القصة وأبعادها. فتقنية الفلاش باك يلجأ لها المخرجون كمنفذ آخير لا مناص منه لأنهم يعرفون مدى خطورتها و تأثيرها السلبي على المشاهد وفقدانه السريع للخيط الرابط. لقد جعلنا نحس أننا نرى نتفا متفرقة و مشاهد بلا مغزى أو معنى. فيما حاول كاتب السيناريو محمد اليوسفي أن يعطي للقصة بعدا و ترميزا لكنها افتقدت الجاذبية والمتعة التي هي أساس أي عمل تلفزيوني. و فشل في رسم الشخصيات التي ظهرت باهتة و مهزوزة بلا ملامح.
كما كرس إحساس الملل عند المشاهد بطئ القصة وتكرار الأحداث والتمطيط الذي كان الهدف منه ملء حيز زمني لا غير. فالأحداث مع قلتها كانت متوقعة و معروفة من البداية و لم يكن هناك أدنى تشويق.
لابد للقناة الثانية إذن أن تساءل نفسها وتعيد النظر في معايير اختيارها للأعمال ولمن يعملون على إنجازها. لأن "خيال فيلم" الذي شاهدناه يعمق الهوة فقط بين المشاهد المغربي وإنتاجه المحلي ويزكي أطروحة التوجه للإنتاج القادم من الضفة الأخرى وبالتالي كساد الأعمال الفنية وانهيارها.
جمال الخنوسي
فيلم "خيال الذيب" أو كارنفال الرداءة
تبادر إلى ذهني وأنا أشاهد الفيلم الجديد الذي أنتجته القناة الثانية "خيال الذيب" سؤال جوهري ما زلت أبحث له عن جواب حتى الآن.
أليست السياسية القاضية بتقديم عملين شهريا من إنتاج القناة يكون على حساب الجودة؟
في سؤال لعبة الكم والكيف يتيه المشاهد والمتتبع المغربي.
هل نسير على هذا المنوال لتحقيق نوع من الكم و نحقق تراكما سيتحول إلى الجودة و التميز مع مرور الوقت؟ أم أن ما يحدث هو فقط تعلم "الحسانة في رؤوس اليتامى"؟
أو ان الخطوة المثلى هي الاكتفاء بإنتاج أفلام محدودة مع تمكينها من كل آليات الإنتاج التلفزي وتوفير جميع الظروف الصحية المادية منها على الخصوص والمعنوية؟
قدمت القناة الثانية أول أمس بأحد فنادق الدار البيضاء. العرض الأول للفيلم التلفزيوني الجديد "خيال الذيب" الذي أخرجه محمد عهد بنسودة وكتب السيناريو محمد اليوسفي. ويحكي قضية بعض السكان الذين يعملون في ضيعة كبيرة ولم يستطيعوا الحفاظ عليها. بعد أن غادرها صاحبها السي تاجر قصد العلاج ولم يعد. كثر الظنون حول غيابه، مما جعل الخدم يدخلون بيته فرادى وجماعات متربصين من كل المنافذ، لينهبوا ما فيه من أثاث. ويتلفوا من فرط جهلهم لوحاته الزيتية ومكتبته التي كانت تحتوي نفائس الكتب والتحف النادرة . كما لم تفلت معالم المنزل الهندسية من الضياع، هكذا أمسى البيت والبستان الجميل خرابا فالجميع تناسى عطف السي تاجر وكرمه الواسع.
فجأة وتحت تيار الظلام رحل السي عيسى وزوجته زهرة من الدوار، يحملان معهما ثروة وأسرارا لم تكن في الحسبان. لكن شيئا فشيئا بدأت تطارد الجميع لعنة البيت الذي كان مسرحا لأطماعهم . كما فقدوا الثقة فيما بينهم وظهرت الخيانة في أسرهم وتفشت البطالة في منطقتهم...
أدى الأدوار الرئيسية في الفيلم كل من محمد بسطاوي محمد عاطفي وإدريس الروخ وسعيدة بعدي و نفيسة الدكالي. وقد كان أداء الجميع جد متوسط إن لم نقل هزيلا مقارنة مع مستواهم المعهود، و تألقهم في أعمال سابقة و خصوصا سعيدة بعدي المعروفة بأدائها المسرحي المتقن و محمد بسطاوي الذي أساء له ظهوره في هذا الفيلم (مشهد صراخه الليلي "أنا راجل" الذي يدوم أكثر من 5 من أبشع ما يكون).
في الحقيقة لم نجد أي بصيص أمل أو بريق نور يمكن أن يشجع على متابعة هذا الفيلم لأنه ممل لدرجة كبيرة. فالمدة الحقيقية للفيلم لا تتجاوز 30 دقيقة . إما الساعة و 20 دقيقة التي هي عمر الفيلم فليست إلا إعادات وإعادة الإعاءات. حيث تكررت العديد من المشاهد اللقطات و عانينا من مشاهدة أخرى ثلاث مرات. لقدأخذت جل المشاهد وقتاً أكبر مما تستحق فجاءت لتلبي رغبة المخرج في إطالة الوقت بمشاهد غير مؤثرة في العمل الدرامي، فلو حذفت لبقيت القصة واضحة و ساذجة ولا تحتمل الحكي ولا تستحقه.
لقد أخطأ المخرج محمد عهد بنسودة في اعتماده على تقنية "الفلاس الباك" أو العودة إلى الوراء بشكل متكرر ، فقد أفقدنا التركيز على القصة وأبعادها. فتقنية الفلاش باك يلجأ لها المخرجون كمنفذ آخير لا مناص منه لأنهم يعرفون مدى خطورتها و تأثيرها السلبي على المشاهد وفقدانه السريع للخيط الرابط. لقد جعلنا نحس أننا نرى نتفا متفرقة و مشاهد بلا مغزى أو معنى. فيما حاول كاتب السيناريو محمد اليوسفي أن يعطي للقصة بعدا و ترميزا لكنها افتقدت الجاذبية والمتعة التي هي أساس أي عمل تلفزيوني. و فشل في رسم الشخصيات التي ظهرت باهتة و مهزوزة بلا ملامح.
كما كرس إحساس الملل عند المشاهد بطئ القصة وتكرار الأحداث والتمطيط الذي كان الهدف منه ملء حيز زمني لا غير. فالأحداث مع قلتها كانت متوقعة و معروفة من البداية و لم يكن هناك أدنى تشويق.
لابد للقناة الثانية إذن أن تساءل نفسها وتعيد النظر في معايير اختيارها للأعمال ولمن يعملون على إنجازها. لأن "خيال فيلم" الذي شاهدناه يعمق الهوة فقط بين المشاهد المغربي وإنتاجه المحلي ويزكي أطروحة التوجه للإنتاج القادم من الضفة الأخرى وبالتالي كساد الأعمال الفنية وانهيارها.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق