يحتاجون إلى حطب التدفئة أكثر من حاجتهم إلى فهلوة الخبراء والمفاهيم التربوية الكاسدة
"شوف خطهم رديء.. ماعندهم يدين باش يكتبوا"، هكذا يعبر مدير إحدى المدارس القابعة على علو 1950 مترا بالقرب من أعلى قمة جبلية في المغرب عن تذمره من قساوة الطبيعة وهجمة البرد الشرسة، إذ يبدو خط التلاميذ وكتابتهم المرتعشة على أوراق الامتحان، كأنها طلاسم طبيب على وصفة الدواء، لا يفهم كنهها إلا الصيدلي المتمرس.
صحيح، تلاميذ الأطلس يحصلون دوما على أدنى النقط في مادة الخط. هذا اليقين ليس نابعا عن تقرير دولي كتلك التقارير التي تلسع ظهر الوطن كل يوم، أو من دراسة "ميدانية" أنجزها أحد الخبراء انطلاقا من مكتبه المكيف، أو نتيجة مشروع خماسي أو سداسي أو عشري، مثل تلك المشاريع الوزارية التي لا قرار لها ولا حد، بل نتاج واقع عايناه ويعانيه المئات من المعلمين والمعلمات، ويلسع ببرده جنود الخفاء هؤلاء، رفقة الآلاف من الأطفال الذين لا تقوى أناملهم الصغيرة المجمدة بفعل الصقيع والانخفاض القياسي لدرجات الحرارة، على الكتابة وجر القلم.
في مدرسة "إيغرم نوكدال"، التي تقع بين مدينتي مراكش وواررزات مثلا، اضطر مدير المدرسة إلى تأجيل الامتحانات الخاصة بالمستوى السادس عن الموعد المقرر بفعل التساقطات الثلجية، التي منعت التلاميذ من الوصول إلى المركزية حيث يجرى الامتحان الموحد. وحتى بعد تقرير موعد جديد اضطر الآباء إلى اصطحاب أبنائهم إلى المدرسة خوفا عليهم من هذه المغامرة. وزاد في معاناة الجميع البرد القارس الذي شل الأنامل المجمدة، التي لم تعد تقوى على حمل الأقلام، وكتابة الأجوبة، وبالتالي جني ثمار جهد الدراسة والتحصيل، ومعاناة قطع عشرات الكيلومترات، وتحدي قساوة الطبيعة.
لأن القسم يفتقر إلى حطب التدفئة أو أية وسيلة أخرى "لتسخين" هذه الأجساد الغضة.
أطفال إيغرم مثلهم مثل أطفال امسمرير وبومالن وتاينانت ... لا يفرحون بالثلج وشكله الصوفي الأبيض، لأنه عدو لهم وجحيم ليلهم ونهارهم، الأطفال هناك لا يصنعون رجل الثلج، ولا يضعون عوض أنفه جزرة طويلة، لأن الصقيع يلسع أصابعهم والجزرة غذاء ثمين لهم.
لست أدري إن كانت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر وهلم جرا، تعرف شيئا عن هؤلاء الأطفال وعن معاناتهم، ولا أعرف إن كانت المكاتب المكيفة تجعل المسؤولين يحسون بمعانات الآلاف من التلاميذ والمئات من المعلمين والمعلمات "المرهونين" جراء الثلج.
لتعلم وزارة اخشيشن التي يتفنن خبراؤها في تطريز الأخمس والأسدس والأشطر الدراسية جمعاء، ويتسابقون على استيراد المفاهيم التربوية المعقدة من الخارج، ويتباهون باستعمال "الطرائق التعليمية التعلمية المهلبية"، ليعلم كل هؤلاء إذن، أن الأطفال هناك يحتاجون إلى حطب التدفئة أكثر من حاجتهم إلى فهلوة الخبراء والمفاهيم التربوية الكاسدة.
جمال الخنوسي (موفد الصباح الى وارززات)
"شوف خطهم رديء.. ماعندهم يدين باش يكتبوا"، هكذا يعبر مدير إحدى المدارس القابعة على علو 1950 مترا بالقرب من أعلى قمة جبلية في المغرب عن تذمره من قساوة الطبيعة وهجمة البرد الشرسة، إذ يبدو خط التلاميذ وكتابتهم المرتعشة على أوراق الامتحان، كأنها طلاسم طبيب على وصفة الدواء، لا يفهم كنهها إلا الصيدلي المتمرس.
صحيح، تلاميذ الأطلس يحصلون دوما على أدنى النقط في مادة الخط. هذا اليقين ليس نابعا عن تقرير دولي كتلك التقارير التي تلسع ظهر الوطن كل يوم، أو من دراسة "ميدانية" أنجزها أحد الخبراء انطلاقا من مكتبه المكيف، أو نتيجة مشروع خماسي أو سداسي أو عشري، مثل تلك المشاريع الوزارية التي لا قرار لها ولا حد، بل نتاج واقع عايناه ويعانيه المئات من المعلمين والمعلمات، ويلسع ببرده جنود الخفاء هؤلاء، رفقة الآلاف من الأطفال الذين لا تقوى أناملهم الصغيرة المجمدة بفعل الصقيع والانخفاض القياسي لدرجات الحرارة، على الكتابة وجر القلم.
في مدرسة "إيغرم نوكدال"، التي تقع بين مدينتي مراكش وواررزات مثلا، اضطر مدير المدرسة إلى تأجيل الامتحانات الخاصة بالمستوى السادس عن الموعد المقرر بفعل التساقطات الثلجية، التي منعت التلاميذ من الوصول إلى المركزية حيث يجرى الامتحان الموحد. وحتى بعد تقرير موعد جديد اضطر الآباء إلى اصطحاب أبنائهم إلى المدرسة خوفا عليهم من هذه المغامرة. وزاد في معاناة الجميع البرد القارس الذي شل الأنامل المجمدة، التي لم تعد تقوى على حمل الأقلام، وكتابة الأجوبة، وبالتالي جني ثمار جهد الدراسة والتحصيل، ومعاناة قطع عشرات الكيلومترات، وتحدي قساوة الطبيعة.
لأن القسم يفتقر إلى حطب التدفئة أو أية وسيلة أخرى "لتسخين" هذه الأجساد الغضة.
أطفال إيغرم مثلهم مثل أطفال امسمرير وبومالن وتاينانت ... لا يفرحون بالثلج وشكله الصوفي الأبيض، لأنه عدو لهم وجحيم ليلهم ونهارهم، الأطفال هناك لا يصنعون رجل الثلج، ولا يضعون عوض أنفه جزرة طويلة، لأن الصقيع يلسع أصابعهم والجزرة غذاء ثمين لهم.
لست أدري إن كانت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر وهلم جرا، تعرف شيئا عن هؤلاء الأطفال وعن معاناتهم، ولا أعرف إن كانت المكاتب المكيفة تجعل المسؤولين يحسون بمعانات الآلاف من التلاميذ والمئات من المعلمين والمعلمات "المرهونين" جراء الثلج.
لتعلم وزارة اخشيشن التي يتفنن خبراؤها في تطريز الأخمس والأسدس والأشطر الدراسية جمعاء، ويتسابقون على استيراد المفاهيم التربوية المعقدة من الخارج، ويتباهون باستعمال "الطرائق التعليمية التعلمية المهلبية"، ليعلم كل هؤلاء إذن، أن الأطفال هناك يحتاجون إلى حطب التدفئة أكثر من حاجتهم إلى فهلوة الخبراء والمفاهيم التربوية الكاسدة.
جمال الخنوسي (موفد الصباح الى وارززات)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق