شريط وثائقي أظهر رجل الأمن المغربي كأب حنون يقبل المواطنون يده وكمتسلط يجادل النساء في عذريتهن
عرضت القناة المعرفية "فرانس 5"، أول أمس الثلاثاء، في إطار سلسلة وثائقية تحت عنوان "الكوميساريات حول العالم"، حلقة خاصة عن المغرب، إذ نقل الشريط الحياة اليومية لرجال كوميسارية درب الكبير، الحي الشعبي الموجود في قلب الدار البيضاء، من خلال حالات متباينة وقضايا مرتبطة بالمعيش اليومي، اعتبرها الشريط ضربا من "الجريمة الصغيرة".
ونقل الشريط الذي عرض ضمن برنامج "في مواجهة العالم" حالات متنوعة اعتبرها مرآة لمغرب يتحول بشكل سريع، ويسير نحو المستقبل بخطى حثيثة، لكن مثقلا بتقاليد وطقوس ومعتقدات خاطئة، إنها الصورة التي تعكسها حالة مجموعة من النسوة زرن الكوميسارية لتقديم شكاية حول فبركة صورة إحداهن عارية بواسطة الحاسوب والانترنيت، يتناقلها الرجال عبر هواتفهم المحمولة، وفي الآن ذاته تعتبر المشتكية ما حدث سحرا وعملا شيطانيا يسخر فيه "الأعداء" الجان والشعوذة.
لقد ربحت إدارة الأمن الوطني الكثير، من خلال تسويق صورتها في الخارج، وبرز "الكوميسير زايد" ورجاله أبطالا حقيقيين يؤدون عملهم في ظروف صعبة داخل أحياء يعيش سكانها في ظروف مزرية، وتباينت الحالات والمشاكل بين العميقة ذات البعد الإنساني المؤلم والحالات البسيطة ذات البعد الكوميدي الصرف، دأب رجال الكوميسارية على التعامل معها بالقساوة أحيانا وبتفهم ورحمة أحيانا أخرى.
لكن إلى جانب كل هذا قدم التلفزيون الفرنسي صورة عكسية عن المغرب من خلال تركيز الحالات في حيز زمني محدود لا يتعدى 50 دقيقة، وبدا بلدا تنخر جسده المشاكل النفسية والاجتماعية والظواهر السلبية، عمل الشريط على نقل الشق الغرائبي والفرجوي منها (الشاب الذي يريد نكاح والدته العجوز، الشيخ الذي ينكح صبيا...)، وتمكن البرنامج، غير الصالح لأقل من 10 سنوات، في دقائق معدودة من محو صورة "الكارط بوستال" السياحية التي اشتغل المغرب على رسمها على مدى سنوات.
وفي السياق ذاته أبرز الشريط أن المقاربة الأمنية لم تعد كافية، بل المطلوب تعامل مختلف مع الجريمة يعتمد بالأساس على مقاربة سوسيولوجية ونفسية بدل الزج بأشخاص يشكون من اضطرابات نفسية في السجن دون مراعاة لحالاتهم.
وتعمد الشريط الوثائقي التركيز على إلحاح المحققين على سؤال فتاة "حيحت" داخل حمام ألحقت به خسائر وأضرارا، اضطر رجال الكوميسير زايد إلى إخراجها بالقوة كما ولدتها أمها من "البرمة"، عن عذريتها (واش أنت بنت ولا مرا؟) وبعد ارتباكها أذعنت الفتاة وردت على السؤال، إلا أن المحقق لاحقها بأسئلته "شكون بيك؟" و"شكون مولاك؟" وهي التعابير التي حيرت المترجم الفرنسي وقدمت لملايين المشاهدين حول العالم صورة عن مجتمع بدائي تحشر فيه الشرطة أنفها في كل شيء وتسائلك عن أي شيء.
والأخطر من كل هذا وذاك، أن التلفزيون الفرنسي من خلال هذا الشريط الوثائقي، استباح هوية المتهمين وعرض وجوههم دون أن يكلف أصحابه عناء إخفائها باستثناء الصبي القاصر الذي تحرش به عجوز، مع الحرص على إظهار وجه الأم والمتهم، والأمر نفسه بالنسبة إلى جميع المتهمين الآخرين الذين لم يدانوا بعد، وضربت لهم القناة "الطر" على المستوى العالمي، انطلاقا من الرجل الذي حاول الاعتداء على المحارم جنسيا مرورا بالفتاة "المحيحة" في الحمام ووصولا إلى الشيخ المتحرش بالصبيان.
إنها وجوه المغاربة المستباحة، وعوراتهم المعروضة على الملأ، في حين يحرص التلفزيون الفرنسي نفسه على إخفاء وجوه القاصرين والمتهمين والمارة في الشارع العام والعلامات التجارية والعبارات الإشهارية، إنها نظرة الآخر المتعالي للمجتمعات المتخلفة التي تستبيح كل عوراتها لأنها على ما يبدو ماركة غير مسجلة.
جمال الخنوسي
عرضت القناة المعرفية "فرانس 5"، أول أمس الثلاثاء، في إطار سلسلة وثائقية تحت عنوان "الكوميساريات حول العالم"، حلقة خاصة عن المغرب، إذ نقل الشريط الحياة اليومية لرجال كوميسارية درب الكبير، الحي الشعبي الموجود في قلب الدار البيضاء، من خلال حالات متباينة وقضايا مرتبطة بالمعيش اليومي، اعتبرها الشريط ضربا من "الجريمة الصغيرة".
ونقل الشريط الذي عرض ضمن برنامج "في مواجهة العالم" حالات متنوعة اعتبرها مرآة لمغرب يتحول بشكل سريع، ويسير نحو المستقبل بخطى حثيثة، لكن مثقلا بتقاليد وطقوس ومعتقدات خاطئة، إنها الصورة التي تعكسها حالة مجموعة من النسوة زرن الكوميسارية لتقديم شكاية حول فبركة صورة إحداهن عارية بواسطة الحاسوب والانترنيت، يتناقلها الرجال عبر هواتفهم المحمولة، وفي الآن ذاته تعتبر المشتكية ما حدث سحرا وعملا شيطانيا يسخر فيه "الأعداء" الجان والشعوذة.
لقد ربحت إدارة الأمن الوطني الكثير، من خلال تسويق صورتها في الخارج، وبرز "الكوميسير زايد" ورجاله أبطالا حقيقيين يؤدون عملهم في ظروف صعبة داخل أحياء يعيش سكانها في ظروف مزرية، وتباينت الحالات والمشاكل بين العميقة ذات البعد الإنساني المؤلم والحالات البسيطة ذات البعد الكوميدي الصرف، دأب رجال الكوميسارية على التعامل معها بالقساوة أحيانا وبتفهم ورحمة أحيانا أخرى.
لكن إلى جانب كل هذا قدم التلفزيون الفرنسي صورة عكسية عن المغرب من خلال تركيز الحالات في حيز زمني محدود لا يتعدى 50 دقيقة، وبدا بلدا تنخر جسده المشاكل النفسية والاجتماعية والظواهر السلبية، عمل الشريط على نقل الشق الغرائبي والفرجوي منها (الشاب الذي يريد نكاح والدته العجوز، الشيخ الذي ينكح صبيا...)، وتمكن البرنامج، غير الصالح لأقل من 10 سنوات، في دقائق معدودة من محو صورة "الكارط بوستال" السياحية التي اشتغل المغرب على رسمها على مدى سنوات.
وفي السياق ذاته أبرز الشريط أن المقاربة الأمنية لم تعد كافية، بل المطلوب تعامل مختلف مع الجريمة يعتمد بالأساس على مقاربة سوسيولوجية ونفسية بدل الزج بأشخاص يشكون من اضطرابات نفسية في السجن دون مراعاة لحالاتهم.
وتعمد الشريط الوثائقي التركيز على إلحاح المحققين على سؤال فتاة "حيحت" داخل حمام ألحقت به خسائر وأضرارا، اضطر رجال الكوميسير زايد إلى إخراجها بالقوة كما ولدتها أمها من "البرمة"، عن عذريتها (واش أنت بنت ولا مرا؟) وبعد ارتباكها أذعنت الفتاة وردت على السؤال، إلا أن المحقق لاحقها بأسئلته "شكون بيك؟" و"شكون مولاك؟" وهي التعابير التي حيرت المترجم الفرنسي وقدمت لملايين المشاهدين حول العالم صورة عن مجتمع بدائي تحشر فيه الشرطة أنفها في كل شيء وتسائلك عن أي شيء.
والأخطر من كل هذا وذاك، أن التلفزيون الفرنسي من خلال هذا الشريط الوثائقي، استباح هوية المتهمين وعرض وجوههم دون أن يكلف أصحابه عناء إخفائها باستثناء الصبي القاصر الذي تحرش به عجوز، مع الحرص على إظهار وجه الأم والمتهم، والأمر نفسه بالنسبة إلى جميع المتهمين الآخرين الذين لم يدانوا بعد، وضربت لهم القناة "الطر" على المستوى العالمي، انطلاقا من الرجل الذي حاول الاعتداء على المحارم جنسيا مرورا بالفتاة "المحيحة" في الحمام ووصولا إلى الشيخ المتحرش بالصبيان.
إنها وجوه المغاربة المستباحة، وعوراتهم المعروضة على الملأ، في حين يحرص التلفزيون الفرنسي نفسه على إخفاء وجوه القاصرين والمتهمين والمارة في الشارع العام والعلامات التجارية والعبارات الإشهارية، إنها نظرة الآخر المتعالي للمجتمعات المتخلفة التي تستبيح كل عوراتها لأنها على ما يبدو ماركة غير مسجلة.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق