احتضنتـ، صباح أول أمس (الأحد)، القاعة الشرفية، بالمعرض
الدولي للكتاب والنشر، الذي تنظم دورته 18 بالدار البيضاء، تحت الرعاية السامية
لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى غاية 19 فبراير الجاري، لقاء حول الفن
السابع كان محوره "السينما والكتابة الروائية: تواصل أم انقطاع؟" بحضور
حمادي كيروم، ومحمد اشويكة، وسعد الشرايبي، وعبد الرزاق الزاهر، ومولاي إدريس
الجعيدي، وحميد اتباتو، ويوسف آيت همو، وتسيير عبد الإله الجوهري.
وافتتح الناقد السينمائي، حمادي كيروم، الجلسة بالحديث
عن الرواية والكتابة السينمائية من خلال طرح سؤال جوهري "ما سينما؟"
باعتبار أنه سؤال مشروع طرحه "أندري بازان" في الأربعينات في كتاب يحمل
السؤال نفسه. وفي السياق ذاته، طرح الفيلسوف الفرنسي، جون بول سارتر، السؤال نفسه
"ما الأدب؟"، كما طرح جيل دولوز وقبله هايدجر "ما الفلسفة؟".
يقول كيروم، "أرى أن طرح هذا السؤال أصبح مستعجلا
ومشروعا لأن التكنولوجيا الحديثة كسرت الحدود بين السينما والتلفزيون
والفيديو". وكي يشرح مفهوم الكتاب طرح الناقد السينمائي، مفهومي اللغة
والأسلوب حسب تعريف "رولان بارت"، إذ أن اللغة الإنسانية لغة مشتركة
داخل المجتمع، ومستعملة من طرف آخرين، والشيء نفسه بالنسبة إلى اللغة السينمائية،
فجميع الناس يستعملونها لأنها هي العالم، وكي يطوعها، على المخرج أن يعيد إليها
بكارتها الأولى. أما الأسلوب فهو ذات المؤلف وميتولوجيته، وهو في الوقت نفسه
مخياله التي يجمع فيه أحلامه وعقده وقيمه. "إذن بين اللغة المشتركة والأسلوب
ينبت مفهوم الكتابة... إذ لا ينبت أفقيا أو عموديا لكن متفرعا بين ذات المبدع والتاريخ.
هذه الكتابة هي التي ستخلق مفاهيم أخرى مثل مفهوم الأدبية أو الروائية التي أسسها
الإرث الأرسطي، وطورها علماء السرد مثل جيرار جينيت. ونعني بالأدبية كل ما يجعل
نصا ما أدبا (فعقد النكاح نص ولكن ليس أدبا)".
ويضيف كيروم، "استلهمت مفهوم السينماتوغرافيا الذي
نحته "روبير بروسون" في كل أفلامه، خصوصا "يوميات راهب في
الأرياف"، ونعني بالسينماتوغرافيا كل ما يجعل من الفيلم سينما لأنه ليس كل
فيلم سينما. وأظن أن هذا النوع من الكتابة السينمائية هو الذي يساعد المخرج على
نقل العمل الأدبي أو يمنعه من ذلك. وإذا أردنا أمثلة يمكننا الحديث عن رواية
"مادام بوفاري" لفلوبير التي اقتبست أكثر من 10 مرات" من "جون
رونوار" في الثلاثينات إلى "كلود شابرول" في نهاية القرن الأخير.
وتجلى مشكل شابرول في أنه كتب سيناريو جيدا عن حدوثة جيدة، لكنه أخرج فيلما رديئا
عن رواية جيدة، لأنه لم يستطع أن يخلق السينماتوغرافيا أي الكتابة السينمائية التي
يمكن أن تترجم الأدبية. غير أن "روبير بروسون" فهم هذه العملية فجعل من
رواية "يوميات راهب في الأرياف" عملا عظيما احتفظ للنص الروائي بقوته وأضاف عملا عظيما
للسينما".
جمال الخنوسي