من الطبيعي أن يتمتع الشاعر الحقيقي بالحس المرهف والصور الجمالية الراقية والكلمة الصادقة البديعة التي يوحي له بها شيطانه، فتلك أوصاف لا يستقيم بدونها الشعر ولا يعرف المرء في غيابها طريقا للإبداع.
لكن أن يقترن كل هذا بلسان سليط وصراحة ساحقة فذاك هو الشاعر العربي الكبير أحمد فؤاد نجم الذي لم يسلم من "أذاه" الجميل، وقرصه اللذيذ أحد، خلال الأمسية البديغة التي ضمته ومن يحبونه ويعشقون شعره، اول أمس (الثلاثاء) في المكتبة الوطنية بالرباط في أمسية أكثر من ناجحة.
منذ البداية أعلن نجم ألوان الأمسية عندما احتفى بشكل بديع بابن الشهيد المهدي بن بركة، "الذي اغتالته الرجعية المغربية بمشاركة الموساد (المخابرات الإسرائيلية)، والمخابرات الأمريكية". ووقفت القاعة تصفق بحرارة لهذا التكريم الجميل والالتفاتة النبيلة.
كما سال الشاعر العربي الكبير عن صديقه القديم أحمد السنوسي المعروف ب"بزيز"، فأجابه الحاضرون أنه ممنوع، فرد نجم بخفة دمه المعهودة "هو بزيز ده بيهرب حشيش؟"، متوجها في الآن ذاته إلى المسؤولين عن الإعلام في المغرب من أجل مناشدتهم لرفع الحضر عن الفكاهي المغربي.
وأكد الشاعر ذي التجربة الانسانية الفريدة أن أمام المغرب فرصة كبيرة من أجل النهوض والازدهار بقيادة ملك شاب، كله طموح، محفزا الجميع على ضرورة الالتفاف حوله "من أجل بناء المغرب الشامخ".
ولم يفوت نجم الفرصة، كي يصوب سهام شعره اللاذع إلى عدو الأمس واليوم الصحافي محمد حسنين هيكل الذي لقبه ب"ميكي"، ساخرا منه وحاطا من برنامجه على قناة الجزيرة، متهما إياه بالاستبداد 18 سنة، وموجها له سبابا وشتائم، "يلعن أبوك يا أمريكاني".
وحكى الشاعر الثائر قصته مع نجم قناة الجزيرة عندما وصف هيكل أغاني نجم والشيخ إمام ب"صرخة الجياع التي سيقتلها بالثخمة"، فهب الشاعر الكبير في وجهه، "أنت لا تستطيع شراء "شبشبي"، ولا منديل الشيخ إمام".
ووصف نجم غريمه هيكل ب"المخبر"، مدللا على قوله بحكاية طيار مصري اشتكى حال الجيش إلى الصحافي، وبعد أقل من ساعتين نزل الطيار المسكين ضيفا في زنزانة نجم بمعتقل القلعة.
وأمتع الشاعر المتمرد الذين تجاوبوا مع شعره وقفشاته وحكاياته بشكل تلقائي، بحكايته مع "كلب الست" (أم كلثوم)، إذ قرأ نجم على صفحات الجرائد الرسمية خبرا تحت عنوان، "حفظ التحقيق في قضية كلب الست"، (عرفت حينها أن لأم كلثوم التي أعشقها كلبا وأن هذا الكلب مناضل مادامت له قضية !)، وخاصة القصة أن كلب أم كلثوم قضم رجل طفل فقير مر بالقرب من قصر كوكب الشرق، وتمادى بعض "الصحافجية" عندما نشروا حوارات مع الطفل الضحية يقول فيها إنه سعيد لان كل ست عضه! فكتب نجم قصيدة بعنوان "كلب الست" أزعجت الرئيس المصري وأم كلثوم معا.
وسخر الشاعر العربي من وزراء الداخلية في مصر مشيرا غلى ان كل وزير داخلية حبسه إلا وسجن في زنزانة بالقرب من زنزانته، مبرزا في ذلك العديد من الأمثلة غاية في المتعة والظرف. وقال نجم إن أحد الضباط العتاه طلب من الشاعر موعدا "للحديث في الفن" اما عرف أن الثنائي نجم وإمام يؤلفان الاغاني، فرد عليه الشاعر ذي اللسان السليط، "إنت تتكلم في الضرب، تتكلم في لبشتم واللكم، في الكلبشات، مال أمك ومال الفن، يا ابن الشموطة؟".
وغادر نجم النجوم القاعة بعد أن ضرب لنا موعدا قريبا "حاجي تاني للمغرب"، ونحن دائما في شوق الانتظار.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق