دعوكم من جميع القنوات التلفزيونية، والمحطات الإخبارية المتخصصة للبحث عن أخبار مقتل أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، واتركوا عنكم قناة "أورونيوز" و"سي إن إن" و"فرانس 24"، فقد أتيتكم اليوم بالخبر اليقين عن ملابسات مقتل أشهر مطلوب للعدالة في تاريخ البشرية.
لا داعي إذن لتحويل انتباهكم إلى قناة "الجزيرة" التي تشعر باليتم بعد موت أكبر مخرج لمسلسل القتل الذي دام عشر سنوات، وصنعت مجدها على فيديو الحلقات التي كانت تتوصل بها بين الفينة والأخرى، فأنا اليوم، أتواضع قليلا، وأتقاسم معكم "سكوب" خطيرا جدا، لم تنتبه إليه القوات الأمريكية الخاصة، ولا جميع وكالات الاستخبار العالمية. إذ ستكونون واهمين لو اعتقدتم أن العم سام هو من قتل بن لادن الذي بقي عشر سنوات يتمتع برغد العيش في قصر صغير يبعد 100 كيلومتر عن إسلام أباد في قلب باكستان، في زمن الأقمار الاصطناعية التي تمسح كل شبر في المريخ، وليس في الأرض فحسب.
استعدوا لتتلقوا مني خبر اليقين، فمن قتل بن لادن هم سبعة رجال يسكنون مدينة مراكش، في بلاد الشرفاء الأدارسة، رجال تغنى بهم الشعراء والفنانون وخلد اسمهم التاريخ، تاريخ التصوف والعلم والورع وليس تاريخ الدم والموت والأشلاء.
فكما هناك لعنة الفراعنة عند المصريين القدماء، هناك لعنة "سبعة رجال" التي لحقت ببن لادن ولم تمهله أكثر من أربعة أيام، حتى جاءت بخبره من أقصى البلاد في شرق آسيا. فما أن لملم رجال مراكش جراحهم، بعد عملية مقهى أركانة يوم الخميس الماضي، حتى كانت نهاية الرجل الأسطورة الذي دوخ أمريكا وكل العالم وقال فيه بوش الابن تهديده الشهير على طريقة "كاو بوي".. "نريده حيا أو ميتا".
ولابد أن ضرب مدينة مراكش خطأ استراتيجي وتكتيكي من تنظيم القاعدة والمنتسبين إليه، كما أنه من اليقين أن بن لادن لم يكن يعرف خريطة السادة والأولياء في المغرب، بلد الشفاء، ولا علم له عن اجتماع سبعة منهم من ذوي البركات في المدينة الحمراء، فلم يمهلوه طويلا، وانتقموا من جهله وتطاوله، وبالتالي حقق الرجال السبعة ما لم تحققه قوى أعظم دولة في العالم.
انتهى الرجل، اللهم لا شماتة، بعد أن زرعت أفكاره الموت في كل مكان، دون أن يعرف أن مراكش المدينة الأسطورية يحرسها سبعة رجال أشداء معروفين بورعهم وتقواهم هم يوسف بن علي الصنهاجي، المعروف عند المراكشيين بصاحب الغار، لأنه كان يعيش في كهف بعدما ابتلي بالجذام. وعياض بن موسى اليحصبي، المعروف بالقاضي عياض، الذي قضى عشرين سنة في القضاء بسبتة وغرناطة، فكان مثالا للقاضي النزيه العادل. وأبو العباس أحمد بن جعفر الخرجي السبتي، من أكبر أولياء المدينة وأشهر رجالاتها وأكثرهم دعوة للخير والصدقة. وأبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، الذي طاف مدن الحجاز ومصر والقدس، وعرف بالكرامات التي كانت تصدر عنه. بعد موته نقل جثمانه إلى مراكش التي لم يزرها إلا مرة واحدة. وعبد العزيز بن عبد الحق التباع، الذي تلقى تكوينه العلمي في فاس. وأبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني الذي اتبع الطريقة الشاذلية التي تستند إلى حب الرسول والمداومة على ذكر الله تعالى. وعبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الضرير، الذي فقد بصره في صباه، ولكن ذلك لم يمنعه أن يتحدى عاهته، ويكتسب العلم والمعرفة.
هذه مراكش إذن التي تعيش في كنف رجالها السبعة، هم رموز للزهد في الحياة والسعي للخير، وحفظ القرآن الكريم، ونشر تعاليم الإسلام السمح. هذه مراكش التي غدرت بها خفافيش الظلام، وتربص بها دعاة الموت الذين استغلوا كرمها وكرم رجالها ونسائها وأطفالها.
هذه مراكش إذن التي تعيش في كنف رجالها السبعة، هم رموز للزهد في الحياة والسعي للخير، وحفظ القرآن الكريم، ونشر تعاليم الإسلام السمح. هذه مراكش التي غدرت بها خفافيش الظلام، وتربص بها دعاة الموت الذين استغلوا كرمها وكرم رجالها ونسائها وأطفالها.
فمن لا يحب مراكش لا يحب الحياة أصلا.
جمال الخنوسي