وضعت طفلا غير شرعي في 18 من عمرها ودعت إلى"الجهاد المقدس" واعتنقت الإسلام الراديكالي
إعداد: جمال الخنوسي
تقديم
لم يكن اسم "مليكة العرود" جديدا على الساحة الإعلامية، بل شخصية معروفة تعتبرها وسائل الإعلام "زبونا جيدا". فعندما تناقلت وكالات الأنباء خبر اعتقالها في 11 دجنبر الجاري رفقة خلية غدت تحمل اسمها، كان اسمها متداولا لمدة طويلة ومعروفة لدى الجميع بنشاطاتها الداعمة للإسلام الراديكالي، كما أنها تورطت في قضايا وواجهت مشاكل عديدة مع العدالة في سويسرا وبلجيكا.
من تكون إذن مليكة العرود؟ وما الذي جعل امرأة تلبس قمصانا تحمل عبارة "سيكسي"، إلى تبني "البوركة" وتقديس بن لادن والترويج للإرهاب؟
بداية متعثرة
تبلغ مليكة العرود 49 سنة، عاطلة عن العمل، ولدت في مدينة طنجة، ووصلت إلى بلجيكا سنة 1964، أبوها كان عاملا، ولها أربعة إخوة وأخوات.ربيت منذ سن صغيرة في بلجيكا. وعندما كبرت، تمردت على تربيتها الإسلامية، وكان زواجها الأول في سن الثامنة عشرة قصيرا وتعيسا. وقد حملت بطفلة بعد ذلك خارج نطاق الزواج. لم تكن مليكة قادرة على قراءة اللغة العربية، ولكن اكتشافها للقرآن المترجم إلى الفرنسية دفعها إلى اعتناق الإسلام المتشدد، وبالتالي الزواج من عبد الستار دحمان، وهو تونسي موال لأسامة بن لادن.
في عام 2001، تبعت زوجها إلى أفغانستان، وبينما كان يتدرب في معسكر ل"القاعدة"، وضعت في معسكر للنساء الأجنبيات في جلال أباد. وكأجنبية سمح لها بأن ترتدي نقابا أسود بدلا من البوركة.
وبعد اغتيال زوجها للقائد الأفغاني لتحالف الشمال أحمد شاه مسعود عشية الهجمات الإرهابية في نيويورك (11 شتنبر)، ومقتله على يد حرس مسعود، احتجزت العرود لفترة قصيرة لدى أتباعه، فاتصلت وهي مذعورة بالسلطات البلجيكية التي رتبت لعودتها الآمنة إلى وطنها. وقال مسؤول رفيع في المخابرات البلجيكية ل"أنترناشونال هارلد ترابيون"، "أخرجناها من هناك، واعتقدنا أنها ستتعاون معنا. وقد كنا مخدوعين". وقال القاضي جان لوي بروغريير الذي كان القاضي المتخصص في قضايا مكافحة الإرهاب في فرنسا في ذلك الحين إنه أجرى مقابلة مع العرود لان المحققين اشتبهوا في أنها شحنت إلى زوجها معدات إلكترونية استخدمت في القتل. وقال: "إنها راديكالية جداً، وخبيثة جداً وخطيرة جداً".
وحوكمت العرود مع 22 آخرين في بلجيكا بتهمة التواطؤ في قضية مقتل شاه مسعود. ولكونها أرملة في حالة حداد ومرتدية قناعا أسود، تمكنت من إقناع المحكمة بأنها لم تكن تعلم شيئا عن خطط زوجها. وقد برئت لعدم توافر أدلة ضدها. غير أن موت زوجها دفعها إلى حياة جديدة. وقالت إن "أرملة شهيد تعتبر مهمة جدا في نظر المسلمين".
التحريض على الإرهاب
بعد أن أصبحت مليكة "أرملة الشهيد"، استخدمت مكانتها الجديدة للتعرف الى "إخوانها وأخواتها الجدد" على الشبكة العنكبوتية. وكان أحدهم معز الكرسلاوي، وهو تونسي يصغرها ببضع سنوات، كان لاجئا سياسيا في سويسرا. فتزوجا وانتقلا الى قرية سويسرية صغيرة. وهناك أخذا يشغلان مواقع عدة على الشبكة العنكبوتية ومنتديات الدردشة الالكترونية ورصدتهما السلطات السويسرية بصفتهما أول حالة إجرامية متصلة بالانترنت في البلاد.
فمن مقر إقامتها بسويسرا أدارت مليكة أربعة مواقع على الإنترنت، استـعملت من طرف مجموعات راديكالية، بهدف تبادل المعلومات والترويج لأفكارها، كما بـثت من خلالها مشاهد عنيفة لإعدامات وعمليات تعذيب.
وأدارت مليكة رفقة زوجها الكرسلاوي، منتديات حوار استعملت من طرف مجموعات أصولية راديكالية، لتبادل المعلومات وبهدف الترويج لأفكارها، واتـضح أن شبكة القاعدة كانت من بين الجهات التي استفادت من المنتديات المذكورة.
أفكار مقلقة
كانت وسائل الاعلام منذ البداية تعتبر مليكة "زبونا جيدا" وكانت قائدة "الحرب المقدسة" ضد "الغرب الفاسد"، تطلب من كل من يريد محاورتها من وسائل الإعلام، دفع 10 آلاف أورو أي أكثر من 12 مليون سنتيم من أجل ترديد "خطابات الحقد" التي تنشرها على شبكة الانترنيت تحت اسم مستعار هو "أم عبيدة". وتقول في تصريح ل"أنترناشونال هارلد ترابيون": "الرجال في الإسلام عادة أقوى من النساء، لكنني اثبت أن خوف الله هو المهم ولا أحد سواه. والمهم أيضا أنني امرأة وهناك رجال لا يريدون التحدث حتى لا يتورطوا في المتاعب. وحتى عندما أتورط شخصيا في المتاعب فانا أتحدث (...) أنا اكتب بطريقة قانونية وأعرف ماذا أفعل. أنا بلجيكية، وأعرف النظام".
بالنسبة إلى مليكة تبقى حكومة "طالبان" إسلامية نموذجية، والتقارير عن سوء معاملتهم للنساء كاذبة، وتقول مؤكدة: "لم تواجه النساء مشكلات تحت حركة "طالبان" فقد كانت توفر لهن الأمن". فيما كان تمردها الوحيد ضد البرقع، الرداء المقيد الذي فرضته الحركة على النساء، والذي وصفته ب"حقيبة بلاستيكية".
وكتبت عن الحربين في العراق وأفغانستان أن "فيتنام ليست شيئا مقارنة بما ينتظركم في بلادنا. أطلبوا من أمهاتكم وزوجاتكم أن يوصين بتحضير نعوشكم"، وأضافت موجهة الكلام إلى أتباعها: "النصر يلوح في الأفق، يا إخوتي وأخواتي. دعونا نكثف دعاءنا".
وظهرت مليكة في لقاء مع شبكة "سي إن إن" قبل عامين، وصفت خلاله "الحب" الذي كانت تشعر به هي وزوجها الراحل تجاه زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.وقالت العرود آنذاك: "يشعر معظم المسلمين بحب لابن لادن. لقد كان هو الرجل الذي وقف في وجه العدو الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، ونحن نحبه لأجل ذلك".ووصفت العرود ما تشعر به بعد موت زوجها بالقول: "أن تكون المرأة زوجة شهيد، فهذا بالفعل ذروة الإسلام".
كما قامت بنشر كتاب يحمل عنوان "جنود النور" وقدمت نفسها على أنها "الابنة الصغيرة والزوجة وأخت كل المجاهدين".
المحاكمة في سويسرا
انتبهت السلطات السويسرية إلى مليكة، وقدمتها إلى محاكمة كانت الأولى من نوعها، وأدانت المحكمة الجنائية الفدرالية في بلـينزونا، الزوجين بتهمة تقديم الدعم للإرهاب عبر مواقع ومنتديات أشرفا على إدارتها في شبكة الإنترنت، وحكمت على الزوج المتهم الرئيسي بالسجن عامين (ستة أشهر منها نافذة( وعلى مليكة بستة أشهر مع وقف التنفيذ.واستجاب قضاة المحكمة لأغلب طلبات المدعي العام، الذي طالب بعامين ونصف سجنا (من بينها 12 شهرا نافذة للمتهم الرئيسي مـعز الكرسلاوي)، وقد أدِيـن من طرف المحكمة بتقديم الدعم لمنظمة إرهابية وبعرض أعمال عنف وبتقديم معلومات لصناعة أسلحة، وكان قرار الاتهام قد اعتبر أن الكرسلاوي، "دعـم بشكل نشط خطـة للإرهاب الجهادي من خلال وضعه على ذمة مجرمين وسيلة اتصال حديثة وناجعة".وإثر الإعلان عن الحكم، عبـر المدعي العام المناوب للكنفدرالية كلود نيكاتي عن ارتياحه، وفي تصريحات لوسائل الإعلام، قال نيكاتي "إن مبررات الحـكم، ستنجـم عنها سلسلة من النتائج"، في إشارة حسبما يبدو، إلى الهزيمة القاسية التي مُـني بها الادعاء العام في شهر فبراير الماضي، عندما برأت المحكمة نفسها سبعة من المتهمين، يشتبه في تقديمهم الدعم لمنظمة إجرامية تدور في فلك القاعدة.واعترفت مليكة وزوجها أمام المحكمة، بقيامهما بالإشراف على إدارة هذه المواقع، لكنهما رفضا تحمل أي مسؤولية عن مضمونها وصرحا بأن عدد المستعملين للمواقع كان يفوق الألف شخص، وبأنه كان يتم إدخال بعض المعلومات دون معرفتهما، لكن القاضي برنار بيرتوسا، رئيس المحكمة الجنائية الفدرالية استبعد هذا الاعتراض واعتبر أن المتهمين لم يكونا مجرد متعاطفين مع ما وصفها بالقضية الإرهابية، بل سانداها بشكل نشط من خلال منتديات الحوار التي أسـساها على شبكة الإنترنت، وقال القاضي "إن الإنترنت تحول إلى سلاح أضحت أهميته الإستراتيجية اليوم، أساسية".واقتصرت التهمة الموجهة إلى مليكة، على تقديم الدعم لمنظمة إرهابية والتواطؤ في تجسيم العنف، وحكمت عليها بستة أشهر مع تأجيل النفاذ (لفترة تستمر 3 أعوام)، فيما كان المدعي العام طالب ب12 شهرا غير نافذة.
العودة إلى بلجيكا
بعد انتهاء قضيتها في سويسرا عادت مليكة إلى بلجيكا حيث كان النظام مرارا متساهلا معها، إذ احتجزت مع 13 آخرين في إطار مؤامرة يشتبه في تدبيرها لتحرير إرهابي مدان من السجن ولتنفيذ هجوم في بروكسيل، لكن القانون البلجيكي اقتضى إطلاق سراحهم خلال 24 ساعة ولم توجه إليهم تهم، كما ان التحريات لم تسفر عن ظهور أسلحة أو متفجرات أو وثائق تدينهم. فعادت الى بيتها لحشد الناشطين على موقعها الالكتروني، كما كانت تتلقى أكثر من 1100 دولار شهريا (حوالي مليون سنتيم) كمخصصات بطالة.
وقال غلين اودينارت مدير الشرطة الاتحادية البلجيكية للصحافة إن "جهادها ليس قيادة عملية، ولكن إلهام الآخرين لشن الجهاد. وتتمتع بالحماية التي توفرها بلجيكا. وفي الوقت نفسه فهي خطر محتمل".
وتدعي مليكة أنها لا تقوم بنشر أي إرشادات حول صنع القنابل، وليست لديها نية كي تستخدم السلاح بنفسها، ولكنها تحث الرجال المسلمين على الذهاب للقتال وتدعو النساء إلى تبني القضية. وقالت "أم عبيدة" في إحدى المقابلات، "ليس دوري أن أقوم بالتفجيرات، هذا شيء يدعو إلى السخرية. أنا لدي سلاح وهو الكتابة والكلام. هذا هو جهادي، إذ يمكنك القيام بالكثير عن طريق الكلام. وتعد الكتابة قنبلة هي الأخرى".
ليلة القبض على مليكة
في 11 دجنبر الجاري اعتقلت الشرطة الفيدرالية في بلجيكا مليكة العرود رفقة 13 آخرين للاشتباه في صلتهم بتنظيم القاعدة، وتخطيطهم لهجمات انتحارية تستهدف زعماء الاتحاد الأوربي المشاركين في قمة الاتحاد. وشملت المداهمات مدينتي "لييج" و"بروكسيل". وصرحت مصادر حكومية أن الشرطة اعتقلت المشتبهين بشكل وقائي للشك في قيامهم بالتخطيط لهجمات إرهابية خلال قمة الاتحاد الأوربي، وذكرت مصادر قضائية بلجيكية أن السلطات تشتبه في أن المعتقلين هم أعضاء خلية إسلامية على صلة بتنظيم القاعدة ويضمون 3 أشخاص وصلوا لتوهم من أفغانستان، حيث تلقوا تدريبات للقيام بهجمات انتحارية وأحدهم قام بتوديع أسرته وأصدقائه، وكان يبدو مستعدا لارتكاب هجوم، إذ حصل على الضوء الأخضر لتطبيق المخطط وودع أقرباءه، "لأنه يريد الذهاب إلى الجنة بضمير مرتاح".وبعد مثول المتهمين أمام قاضي التحقيق تم الاحتفاظ بخمسة شباب تتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 سنة إضافة إلى مليكة الأكبر منهم سنا.
وأكد المتحدث باسم النيابة العامة أن المرأة التي وجه إليها الاتهام رسميا تلعب "دورا مهما" في القضية. ووصفتها مصادر أمنية بأنها "أسطورة حية" بالنسبة إلى القاعدة، كاشفة أن العملية هدفت إلى ضرب تهديدات محتملة تتزامن مع انعقاد قمة للاتحاد الأوربي في بروكسيل، مع الإشارة إلى أن أجهزة الأمن كان لديها 24 ساعة فقط للتحرك.ونفذ عملية الاعتقال 242 رجل شرطة شاركوا في 16 عملية مداهمة شملت مدينتي "لييج" و"بروكسيل".ووصفت مصادر قضائية هذه العملية ب"الأكثر أهمية" على التراب البلجيكي، تورط فيها أشخاص شاركوا في تدريبات في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان.وأكدت المصادر على الدور الذي تلعبه مليكة العرود في التنسيق والتخطيط للعملية، وكذا ضلوعها في مخططات نزار طرابلسي والمجموعة التي سافرت للتدريب في أفغانستان.ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في قضية مليكة في 7 من يناير المقبل بطلب من محاميي الخلية، وأوردت جريدة "لوجورنال دي ديمونش" عن مصادر قضائية، أن المتهمين الستة الذين ألقي عليهم القبض قبل عشرة أيام، سيمكثون رهن الاعتقال إلى غاية التاريخ المذكور لإعطاء الفرصة للدفاع من أجل الاطلاع وفحص الملفات.
وبلغ حجم المتابعات 32 ملفا ضخما تضم عشرات الآلاف من الصفحات والوثائق (30 ألف صفحة)، المتعلقة ب14 متهما الذين اعتقلوا في بداية المداهمات في 11 دجنبر الجاري، والذين تربطهم علاقة بخلايا "جهادية"، ثمانية منهم يتابعون في حالة سراح.
إعداد: جمال الخنوسي
تقديم
لم يكن اسم "مليكة العرود" جديدا على الساحة الإعلامية، بل شخصية معروفة تعتبرها وسائل الإعلام "زبونا جيدا". فعندما تناقلت وكالات الأنباء خبر اعتقالها في 11 دجنبر الجاري رفقة خلية غدت تحمل اسمها، كان اسمها متداولا لمدة طويلة ومعروفة لدى الجميع بنشاطاتها الداعمة للإسلام الراديكالي، كما أنها تورطت في قضايا وواجهت مشاكل عديدة مع العدالة في سويسرا وبلجيكا.
من تكون إذن مليكة العرود؟ وما الذي جعل امرأة تلبس قمصانا تحمل عبارة "سيكسي"، إلى تبني "البوركة" وتقديس بن لادن والترويج للإرهاب؟
بداية متعثرة
تبلغ مليكة العرود 49 سنة، عاطلة عن العمل، ولدت في مدينة طنجة، ووصلت إلى بلجيكا سنة 1964، أبوها كان عاملا، ولها أربعة إخوة وأخوات.ربيت منذ سن صغيرة في بلجيكا. وعندما كبرت، تمردت على تربيتها الإسلامية، وكان زواجها الأول في سن الثامنة عشرة قصيرا وتعيسا. وقد حملت بطفلة بعد ذلك خارج نطاق الزواج. لم تكن مليكة قادرة على قراءة اللغة العربية، ولكن اكتشافها للقرآن المترجم إلى الفرنسية دفعها إلى اعتناق الإسلام المتشدد، وبالتالي الزواج من عبد الستار دحمان، وهو تونسي موال لأسامة بن لادن.
في عام 2001، تبعت زوجها إلى أفغانستان، وبينما كان يتدرب في معسكر ل"القاعدة"، وضعت في معسكر للنساء الأجنبيات في جلال أباد. وكأجنبية سمح لها بأن ترتدي نقابا أسود بدلا من البوركة.
وبعد اغتيال زوجها للقائد الأفغاني لتحالف الشمال أحمد شاه مسعود عشية الهجمات الإرهابية في نيويورك (11 شتنبر)، ومقتله على يد حرس مسعود، احتجزت العرود لفترة قصيرة لدى أتباعه، فاتصلت وهي مذعورة بالسلطات البلجيكية التي رتبت لعودتها الآمنة إلى وطنها. وقال مسؤول رفيع في المخابرات البلجيكية ل"أنترناشونال هارلد ترابيون"، "أخرجناها من هناك، واعتقدنا أنها ستتعاون معنا. وقد كنا مخدوعين". وقال القاضي جان لوي بروغريير الذي كان القاضي المتخصص في قضايا مكافحة الإرهاب في فرنسا في ذلك الحين إنه أجرى مقابلة مع العرود لان المحققين اشتبهوا في أنها شحنت إلى زوجها معدات إلكترونية استخدمت في القتل. وقال: "إنها راديكالية جداً، وخبيثة جداً وخطيرة جداً".
وحوكمت العرود مع 22 آخرين في بلجيكا بتهمة التواطؤ في قضية مقتل شاه مسعود. ولكونها أرملة في حالة حداد ومرتدية قناعا أسود، تمكنت من إقناع المحكمة بأنها لم تكن تعلم شيئا عن خطط زوجها. وقد برئت لعدم توافر أدلة ضدها. غير أن موت زوجها دفعها إلى حياة جديدة. وقالت إن "أرملة شهيد تعتبر مهمة جدا في نظر المسلمين".
التحريض على الإرهاب
بعد أن أصبحت مليكة "أرملة الشهيد"، استخدمت مكانتها الجديدة للتعرف الى "إخوانها وأخواتها الجدد" على الشبكة العنكبوتية. وكان أحدهم معز الكرسلاوي، وهو تونسي يصغرها ببضع سنوات، كان لاجئا سياسيا في سويسرا. فتزوجا وانتقلا الى قرية سويسرية صغيرة. وهناك أخذا يشغلان مواقع عدة على الشبكة العنكبوتية ومنتديات الدردشة الالكترونية ورصدتهما السلطات السويسرية بصفتهما أول حالة إجرامية متصلة بالانترنت في البلاد.
فمن مقر إقامتها بسويسرا أدارت مليكة أربعة مواقع على الإنترنت، استـعملت من طرف مجموعات راديكالية، بهدف تبادل المعلومات والترويج لأفكارها، كما بـثت من خلالها مشاهد عنيفة لإعدامات وعمليات تعذيب.
وأدارت مليكة رفقة زوجها الكرسلاوي، منتديات حوار استعملت من طرف مجموعات أصولية راديكالية، لتبادل المعلومات وبهدف الترويج لأفكارها، واتـضح أن شبكة القاعدة كانت من بين الجهات التي استفادت من المنتديات المذكورة.
أفكار مقلقة
كانت وسائل الاعلام منذ البداية تعتبر مليكة "زبونا جيدا" وكانت قائدة "الحرب المقدسة" ضد "الغرب الفاسد"، تطلب من كل من يريد محاورتها من وسائل الإعلام، دفع 10 آلاف أورو أي أكثر من 12 مليون سنتيم من أجل ترديد "خطابات الحقد" التي تنشرها على شبكة الانترنيت تحت اسم مستعار هو "أم عبيدة". وتقول في تصريح ل"أنترناشونال هارلد ترابيون": "الرجال في الإسلام عادة أقوى من النساء، لكنني اثبت أن خوف الله هو المهم ولا أحد سواه. والمهم أيضا أنني امرأة وهناك رجال لا يريدون التحدث حتى لا يتورطوا في المتاعب. وحتى عندما أتورط شخصيا في المتاعب فانا أتحدث (...) أنا اكتب بطريقة قانونية وأعرف ماذا أفعل. أنا بلجيكية، وأعرف النظام".
بالنسبة إلى مليكة تبقى حكومة "طالبان" إسلامية نموذجية، والتقارير عن سوء معاملتهم للنساء كاذبة، وتقول مؤكدة: "لم تواجه النساء مشكلات تحت حركة "طالبان" فقد كانت توفر لهن الأمن". فيما كان تمردها الوحيد ضد البرقع، الرداء المقيد الذي فرضته الحركة على النساء، والذي وصفته ب"حقيبة بلاستيكية".
وكتبت عن الحربين في العراق وأفغانستان أن "فيتنام ليست شيئا مقارنة بما ينتظركم في بلادنا. أطلبوا من أمهاتكم وزوجاتكم أن يوصين بتحضير نعوشكم"، وأضافت موجهة الكلام إلى أتباعها: "النصر يلوح في الأفق، يا إخوتي وأخواتي. دعونا نكثف دعاءنا".
وظهرت مليكة في لقاء مع شبكة "سي إن إن" قبل عامين، وصفت خلاله "الحب" الذي كانت تشعر به هي وزوجها الراحل تجاه زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.وقالت العرود آنذاك: "يشعر معظم المسلمين بحب لابن لادن. لقد كان هو الرجل الذي وقف في وجه العدو الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، ونحن نحبه لأجل ذلك".ووصفت العرود ما تشعر به بعد موت زوجها بالقول: "أن تكون المرأة زوجة شهيد، فهذا بالفعل ذروة الإسلام".
كما قامت بنشر كتاب يحمل عنوان "جنود النور" وقدمت نفسها على أنها "الابنة الصغيرة والزوجة وأخت كل المجاهدين".
المحاكمة في سويسرا
انتبهت السلطات السويسرية إلى مليكة، وقدمتها إلى محاكمة كانت الأولى من نوعها، وأدانت المحكمة الجنائية الفدرالية في بلـينزونا، الزوجين بتهمة تقديم الدعم للإرهاب عبر مواقع ومنتديات أشرفا على إدارتها في شبكة الإنترنت، وحكمت على الزوج المتهم الرئيسي بالسجن عامين (ستة أشهر منها نافذة( وعلى مليكة بستة أشهر مع وقف التنفيذ.واستجاب قضاة المحكمة لأغلب طلبات المدعي العام، الذي طالب بعامين ونصف سجنا (من بينها 12 شهرا نافذة للمتهم الرئيسي مـعز الكرسلاوي)، وقد أدِيـن من طرف المحكمة بتقديم الدعم لمنظمة إرهابية وبعرض أعمال عنف وبتقديم معلومات لصناعة أسلحة، وكان قرار الاتهام قد اعتبر أن الكرسلاوي، "دعـم بشكل نشط خطـة للإرهاب الجهادي من خلال وضعه على ذمة مجرمين وسيلة اتصال حديثة وناجعة".وإثر الإعلان عن الحكم، عبـر المدعي العام المناوب للكنفدرالية كلود نيكاتي عن ارتياحه، وفي تصريحات لوسائل الإعلام، قال نيكاتي "إن مبررات الحـكم، ستنجـم عنها سلسلة من النتائج"، في إشارة حسبما يبدو، إلى الهزيمة القاسية التي مُـني بها الادعاء العام في شهر فبراير الماضي، عندما برأت المحكمة نفسها سبعة من المتهمين، يشتبه في تقديمهم الدعم لمنظمة إجرامية تدور في فلك القاعدة.واعترفت مليكة وزوجها أمام المحكمة، بقيامهما بالإشراف على إدارة هذه المواقع، لكنهما رفضا تحمل أي مسؤولية عن مضمونها وصرحا بأن عدد المستعملين للمواقع كان يفوق الألف شخص، وبأنه كان يتم إدخال بعض المعلومات دون معرفتهما، لكن القاضي برنار بيرتوسا، رئيس المحكمة الجنائية الفدرالية استبعد هذا الاعتراض واعتبر أن المتهمين لم يكونا مجرد متعاطفين مع ما وصفها بالقضية الإرهابية، بل سانداها بشكل نشط من خلال منتديات الحوار التي أسـساها على شبكة الإنترنت، وقال القاضي "إن الإنترنت تحول إلى سلاح أضحت أهميته الإستراتيجية اليوم، أساسية".واقتصرت التهمة الموجهة إلى مليكة، على تقديم الدعم لمنظمة إرهابية والتواطؤ في تجسيم العنف، وحكمت عليها بستة أشهر مع تأجيل النفاذ (لفترة تستمر 3 أعوام)، فيما كان المدعي العام طالب ب12 شهرا غير نافذة.
العودة إلى بلجيكا
بعد انتهاء قضيتها في سويسرا عادت مليكة إلى بلجيكا حيث كان النظام مرارا متساهلا معها، إذ احتجزت مع 13 آخرين في إطار مؤامرة يشتبه في تدبيرها لتحرير إرهابي مدان من السجن ولتنفيذ هجوم في بروكسيل، لكن القانون البلجيكي اقتضى إطلاق سراحهم خلال 24 ساعة ولم توجه إليهم تهم، كما ان التحريات لم تسفر عن ظهور أسلحة أو متفجرات أو وثائق تدينهم. فعادت الى بيتها لحشد الناشطين على موقعها الالكتروني، كما كانت تتلقى أكثر من 1100 دولار شهريا (حوالي مليون سنتيم) كمخصصات بطالة.
وقال غلين اودينارت مدير الشرطة الاتحادية البلجيكية للصحافة إن "جهادها ليس قيادة عملية، ولكن إلهام الآخرين لشن الجهاد. وتتمتع بالحماية التي توفرها بلجيكا. وفي الوقت نفسه فهي خطر محتمل".
وتدعي مليكة أنها لا تقوم بنشر أي إرشادات حول صنع القنابل، وليست لديها نية كي تستخدم السلاح بنفسها، ولكنها تحث الرجال المسلمين على الذهاب للقتال وتدعو النساء إلى تبني القضية. وقالت "أم عبيدة" في إحدى المقابلات، "ليس دوري أن أقوم بالتفجيرات، هذا شيء يدعو إلى السخرية. أنا لدي سلاح وهو الكتابة والكلام. هذا هو جهادي، إذ يمكنك القيام بالكثير عن طريق الكلام. وتعد الكتابة قنبلة هي الأخرى".
ليلة القبض على مليكة
في 11 دجنبر الجاري اعتقلت الشرطة الفيدرالية في بلجيكا مليكة العرود رفقة 13 آخرين للاشتباه في صلتهم بتنظيم القاعدة، وتخطيطهم لهجمات انتحارية تستهدف زعماء الاتحاد الأوربي المشاركين في قمة الاتحاد. وشملت المداهمات مدينتي "لييج" و"بروكسيل". وصرحت مصادر حكومية أن الشرطة اعتقلت المشتبهين بشكل وقائي للشك في قيامهم بالتخطيط لهجمات إرهابية خلال قمة الاتحاد الأوربي، وذكرت مصادر قضائية بلجيكية أن السلطات تشتبه في أن المعتقلين هم أعضاء خلية إسلامية على صلة بتنظيم القاعدة ويضمون 3 أشخاص وصلوا لتوهم من أفغانستان، حيث تلقوا تدريبات للقيام بهجمات انتحارية وأحدهم قام بتوديع أسرته وأصدقائه، وكان يبدو مستعدا لارتكاب هجوم، إذ حصل على الضوء الأخضر لتطبيق المخطط وودع أقرباءه، "لأنه يريد الذهاب إلى الجنة بضمير مرتاح".وبعد مثول المتهمين أمام قاضي التحقيق تم الاحتفاظ بخمسة شباب تتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 سنة إضافة إلى مليكة الأكبر منهم سنا.
وأكد المتحدث باسم النيابة العامة أن المرأة التي وجه إليها الاتهام رسميا تلعب "دورا مهما" في القضية. ووصفتها مصادر أمنية بأنها "أسطورة حية" بالنسبة إلى القاعدة، كاشفة أن العملية هدفت إلى ضرب تهديدات محتملة تتزامن مع انعقاد قمة للاتحاد الأوربي في بروكسيل، مع الإشارة إلى أن أجهزة الأمن كان لديها 24 ساعة فقط للتحرك.ونفذ عملية الاعتقال 242 رجل شرطة شاركوا في 16 عملية مداهمة شملت مدينتي "لييج" و"بروكسيل".ووصفت مصادر قضائية هذه العملية ب"الأكثر أهمية" على التراب البلجيكي، تورط فيها أشخاص شاركوا في تدريبات في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان.وأكدت المصادر على الدور الذي تلعبه مليكة العرود في التنسيق والتخطيط للعملية، وكذا ضلوعها في مخططات نزار طرابلسي والمجموعة التي سافرت للتدريب في أفغانستان.ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في قضية مليكة في 7 من يناير المقبل بطلب من محاميي الخلية، وأوردت جريدة "لوجورنال دي ديمونش" عن مصادر قضائية، أن المتهمين الستة الذين ألقي عليهم القبض قبل عشرة أيام، سيمكثون رهن الاعتقال إلى غاية التاريخ المذكور لإعطاء الفرصة للدفاع من أجل الاطلاع وفحص الملفات.
وبلغ حجم المتابعات 32 ملفا ضخما تضم عشرات الآلاف من الصفحات والوثائق (30 ألف صفحة)، المتعلقة ب14 متهما الذين اعتقلوا في بداية المداهمات في 11 دجنبر الجاري، والذين تربطهم علاقة بخلايا "جهادية"، ثمانية منهم يتابعون في حالة سراح.
شئ عجيب و قصه رهيبه و شيقه
ردحذفسؤال: من انت ايها النكره
ما هو الاسلام رديكالي ؟؟
هل دين المسلمون اي اسلام في رديكالي .. و غير ردكالي ؟؟
هل الاسلام دين الذي جاء به محمد..
فيه اعتدال و فيه يا خذ ببعض و يكفر ببعض و يهجر بعض؟؟؟