الوزيرة الفرنسية ذات الأصول المغربية ضحية حرب قذرة تحرك خيوطها أطراف عنصرية ومتزمتة
إن حالة رشيدة داتي وزيرة العدل الفرنسية، وابنة حي سباتة الشعبي بالدار البيضاء، لا يتمناه المرء لا للعدو ولا للحبيب، أو كما يقول المثل المغربي فإن وضعها مثل وضع الكافر "المزلوط" .. لا دنيا ولا آخرة! فحارسة أختام الجمهورية لا تجد لها سندا في بلد الأنوار حيث تضع يدها على "إحدى وزارات السيادة"، ولا في بلدها الأصلي المغرب الذي تعامل فيه البعض مع وضعها بشكل أخلاقوي ضيق، ورأى في بطنها المنتفخة حملا سفاحا من رجل نكرة.
مشوار رشيدة داتي وزيرة العدل لم يكن قط سهلا منذ دخولها حكومة فرانسوا فيون في أبريل 2007، مسيرة مليئة بالأحقاد والأسرار والضربات تحت الحزام وفوقه، ومع ذلك بقيت تلك السيدة واقفة إلى أبعد مدى، تتلقى اللكمات والضربات تلو الأخرى، تحاك حولها الدسائس، وتنشر بخصوصها الأقاويل بغية النيل منها، ومع كل صدمة كان الجميع يظن أن هذه الضربة أو تلك ستكون الأخيرة، أو القاضية على آمالها والتي ستطيح بها، وتهشم رأسها "القاسحة".
لقد غدت رشيدة ضحية حملة إعلامية ممنهجة، والملف الأخير الذي خصصته مجلة "لوبوان" كان قاسيا ومتحاملا إلى درجة تدفع للاعتقاد أنها "صفقة" مدفوعة الأجر من أعدائها. وتساءلت وسائل إعلام أخرى عن هوية من يحرك خيوط المؤامرة، وذهبت وزيرة التعليم العالي فاليري بيكريس مدافعة عن زميلتها، إلى القول إن الكثيرين ممن يفتحون أفواههم القذرة بالحقد، لم يقوموا حتى بربع الإصلاحات التي حققتها داتي. فجوبهت بحركة استقالات، واتهمت بالمزاج التسلطي والإفراط في استخدام السلطة، كما دخلت في مواجهة مفتوحة مع سلك القضاء بسبب تلك الإصلاحات معتبرين إياها نكسة في تاريخ القضاء الفرنسي.
ولم يشارك الفرنسيون وحدهم في هذه الحملة الشعواء، فانضم إليهم الانجليز أيضا، وتحدثت "التايمز" عن التخبط والارتباك الذي يسيطر على ساركوزي بشأن من أسمتهما الثنائي الناعم" رشيدة داتي و "راما ياد" وزيرة حقوق الإنسان الملقبة ب "كوندوليزا رايس فرنسا".
وأورد تقرير لجريدة "دايلي تيليغراف"، غضب ساركوزي من داتي، التي طالما اتهم دائما بأنه يقربها منه أكثر من اللازم، مشيرا إلى "فقدانها الحس والبراعة السياسيين وعشقها وولعها بالثراء، الأمر الذي أرهق موظفيها ورئيسها على حد سواء"، كما أصرت في أعقاب انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة في رابع نونبر الماضي على الحصول على رقم الهاتف المحمول للرئيس المنتخب.
لقد وضع ساركوزي شديد الذكاء "صغيرته العربية" في "فم المدفع"، واختارها ذرعا في الواجهة، كي تتلقى الضربات نيابة عنه. ووسط كل هذا اللغط والأحداث المثيرة التي تليق بمسلسل "صابون" أمريكي، حددت المرأة لنفسها تاريخا محددا للرحيل وترك الجمل بما حمل، وغدت سيدة قرارها عندما فأجات الكل ببطنها المنتفخة، وكأنها تمهلهم بتسعة أشهر للرحيل.
وإذا كان الفرنسيون يتابعون حكاية طفل داتي من باب التشويق والدعابة السياسة، فقد اتخذ الأمر عندنا بعدا أخلاقويا فجا، وأصبحت تقذف ضمنيا تارة، وصراحة في الكثير من الأحيان، بأقبح النعوت خاصة في التعامل مع حملها وأب طفلها "اللقيط".
رشيدة وصولية، رشيدة متملقة، رشيد انبطاحية .. من الممكن أن تكون داتي كل هذا على السواء، لكنها تبقى امرأة قوية وقفت في وجه الجميع، وفرضت قواعد اللعبة على طريقتها، وحققت ما لم تتمكن امرأة ذات أصول عربية أخرى من تحقيقه.
إن المشكل الحقيقي لرشيدة داتي يكمن في انتمائها إلى ضفتين يتجاذبانها كل بخصوصيته وإكراهاته، ويضع مؤخرتها حسب التعبير الفرنسي بين كرسيين. فما كانت تعتقده غنى لها ولتجربتها، ورمزا لاندماج الأقليات، أصبح اليوم سياطا تجلد بها بلا هوادة وعائقا تدفع ضريبته الغالية كل يوم.
جمال الخنوسي
إن حالة رشيدة داتي وزيرة العدل الفرنسية، وابنة حي سباتة الشعبي بالدار البيضاء، لا يتمناه المرء لا للعدو ولا للحبيب، أو كما يقول المثل المغربي فإن وضعها مثل وضع الكافر "المزلوط" .. لا دنيا ولا آخرة! فحارسة أختام الجمهورية لا تجد لها سندا في بلد الأنوار حيث تضع يدها على "إحدى وزارات السيادة"، ولا في بلدها الأصلي المغرب الذي تعامل فيه البعض مع وضعها بشكل أخلاقوي ضيق، ورأى في بطنها المنتفخة حملا سفاحا من رجل نكرة.
مشوار رشيدة داتي وزيرة العدل لم يكن قط سهلا منذ دخولها حكومة فرانسوا فيون في أبريل 2007، مسيرة مليئة بالأحقاد والأسرار والضربات تحت الحزام وفوقه، ومع ذلك بقيت تلك السيدة واقفة إلى أبعد مدى، تتلقى اللكمات والضربات تلو الأخرى، تحاك حولها الدسائس، وتنشر بخصوصها الأقاويل بغية النيل منها، ومع كل صدمة كان الجميع يظن أن هذه الضربة أو تلك ستكون الأخيرة، أو القاضية على آمالها والتي ستطيح بها، وتهشم رأسها "القاسحة".
لقد غدت رشيدة ضحية حملة إعلامية ممنهجة، والملف الأخير الذي خصصته مجلة "لوبوان" كان قاسيا ومتحاملا إلى درجة تدفع للاعتقاد أنها "صفقة" مدفوعة الأجر من أعدائها. وتساءلت وسائل إعلام أخرى عن هوية من يحرك خيوط المؤامرة، وذهبت وزيرة التعليم العالي فاليري بيكريس مدافعة عن زميلتها، إلى القول إن الكثيرين ممن يفتحون أفواههم القذرة بالحقد، لم يقوموا حتى بربع الإصلاحات التي حققتها داتي. فجوبهت بحركة استقالات، واتهمت بالمزاج التسلطي والإفراط في استخدام السلطة، كما دخلت في مواجهة مفتوحة مع سلك القضاء بسبب تلك الإصلاحات معتبرين إياها نكسة في تاريخ القضاء الفرنسي.
ولم يشارك الفرنسيون وحدهم في هذه الحملة الشعواء، فانضم إليهم الانجليز أيضا، وتحدثت "التايمز" عن التخبط والارتباك الذي يسيطر على ساركوزي بشأن من أسمتهما الثنائي الناعم" رشيدة داتي و "راما ياد" وزيرة حقوق الإنسان الملقبة ب "كوندوليزا رايس فرنسا".
وأورد تقرير لجريدة "دايلي تيليغراف"، غضب ساركوزي من داتي، التي طالما اتهم دائما بأنه يقربها منه أكثر من اللازم، مشيرا إلى "فقدانها الحس والبراعة السياسيين وعشقها وولعها بالثراء، الأمر الذي أرهق موظفيها ورئيسها على حد سواء"، كما أصرت في أعقاب انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة في رابع نونبر الماضي على الحصول على رقم الهاتف المحمول للرئيس المنتخب.
لقد وضع ساركوزي شديد الذكاء "صغيرته العربية" في "فم المدفع"، واختارها ذرعا في الواجهة، كي تتلقى الضربات نيابة عنه. ووسط كل هذا اللغط والأحداث المثيرة التي تليق بمسلسل "صابون" أمريكي، حددت المرأة لنفسها تاريخا محددا للرحيل وترك الجمل بما حمل، وغدت سيدة قرارها عندما فأجات الكل ببطنها المنتفخة، وكأنها تمهلهم بتسعة أشهر للرحيل.
وإذا كان الفرنسيون يتابعون حكاية طفل داتي من باب التشويق والدعابة السياسة، فقد اتخذ الأمر عندنا بعدا أخلاقويا فجا، وأصبحت تقذف ضمنيا تارة، وصراحة في الكثير من الأحيان، بأقبح النعوت خاصة في التعامل مع حملها وأب طفلها "اللقيط".
رشيدة وصولية، رشيدة متملقة، رشيد انبطاحية .. من الممكن أن تكون داتي كل هذا على السواء، لكنها تبقى امرأة قوية وقفت في وجه الجميع، وفرضت قواعد اللعبة على طريقتها، وحققت ما لم تتمكن امرأة ذات أصول عربية أخرى من تحقيقه.
إن المشكل الحقيقي لرشيدة داتي يكمن في انتمائها إلى ضفتين يتجاذبانها كل بخصوصيته وإكراهاته، ويضع مؤخرتها حسب التعبير الفرنسي بين كرسيين. فما كانت تعتقده غنى لها ولتجربتها، ورمزا لاندماج الأقليات، أصبح اليوم سياطا تجلد بها بلا هوادة وعائقا تدفع ضريبته الغالية كل يوم.
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق