الأحزاب اليمينية سعت إلى منع "أسلمة" سويسرا وفرنسا تتشبث بحق العبادة والحرية الدينية
تحولت أنظار جميع المسلمين، يوم الأحد الماضي، إلى سويسرا التي فجرت مفاجأة كبيرة بحظرها بناء المآذن على المساجد والمراكز الإسلامية الجديدة.
وصوت نحو 57.5 في المائة من المشاركين في الاستفتاء على مشروع القانون، ونظم هذا الاستفتاء بناء على مبادرة من قبل "حزب الشعب" الذي يدعو إلى منع "أسلمة" سويسرا.
وأعربت الكثير من القوى السياسية في سويسرا نفسها، عن صدمتها لهذه النتيجة، خصوصا الأحزاب السويسرية والأوساط الاقتصادية المعارضة للمبادرة المناهضة للمآذن، التي أطلقها ساسة من أقصى اليمين وحظيت بتأييد حزب الشعب السويسري الذي ينتمي إلى اليمين المتشدد، والاتحاد الديمقراطي الفدرالي.
ولم تشغل هذه القضية العالم الإسلامي فحسب، بل امتدت إلى نقاش واسع حول القيم الكبرى مثل الحرية والديمقراطية، إذ عبر وزير الشؤون الخارجية الفرنسي "برنارد كوشنير" عن قلقه قائلا، "لقد صدمت لقرار حظر بناء المآذن في سويسرا"، واعتبر نتيجة هذا الاستفتاء "تعبيرا عن التعصب". وأضاف كوشنير، "لقد صدمت من هذا القرار السلبي من وجهة نظري، لأن النظرة إلى سويسرا ستختلف وسيطلق عليها بلد قامع للأديان إذا لم يسمح ببناء المآذن في البلاد".
وأضاف "آمل أن تعيد سويسرا النظر في هذا القرار، لأنني أكره التعصب والعنصرية، كما أن بناء المآذن في المساجد ليس مشكلة كبيرة"، ويتساءل كوشنير، "هل تعتبر من الإهانة لبلد ما لديها جبال مرتفعة وجود بناء آخر أعلى قليلا؟".
وفي السياق ذاته، استبعد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية "لوك شاتيل"، إجراء فرنسا لنقاش بشأن حظر بناء المآذن في البلاد مثلما حدث في سويسرا، مشيرا إلى أن الدستور الفرنسي ينص على العلمانية، ولكنه أيضا ينص على التعبير عن حق العبادة والحرية الدينية.
وأضاف شاتيل، أن فرنسا جمهورية اختارت أن تكون علمانية ولكنها تحترم في الوقت نفسه ديانة كل مواطن.
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن الاستفتاء كان يجب أن يكون "بنظرة جدية"، أما "فولفجانج بوسبانخ" نائب الحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا فقال "إن القرار جاء نتيجة لخوف الأوربيين من "أسلمة المجتمع".
وفي النمسا، اعتبرت الأحزاب اليمينية نتيجة الاستفتاء السويسري تعبيرا عن رفض شعبي لما وصفوه ب"التطرف الإسلامي الراديكالي"، لكن في المقابل اعتبرت جهات أخرى أن المشهد الحالي يبعث على الخوف والقلق من صعوبة التعايش بين اليمين المتصاعد ضد الوجود الإسلامي، ورغبة المسلمين في أداء فرائضهم داخل المساجد، مشيرة إلى أن المجتمع الأوربي منذ 30 عاما لم يكن يعانى هذه الإشكاليات، فالمعماري النمساوي "ريتشارد لوجنر" هو من صمم مئذنة مسجد ضاحية "فلوريدسدورف" بالعاصمة فيينا، وبلغ ارتفاع المئذنة 32 مترا ولم يقابل الأمر آنذاك بالاحتجاج والمظاهرات.
وصرحت "أسماء جهانغير"، المقررة الخاصة المعنية بمسألة حرية الدين والمعتقدات بالأمم المتحدة، بأن تصويت السويسريين مثير للقلق. وأضافت أن هذا الحظر يعد تقييدا لحرية المعتقد، ويمثل تمييزا ضد المسلمين في سويسرا، مشيرة إلى أن حظر بناء المآذن يخالف التزامات سويسرا "بموجب قانون حقوق الإنسان".
جمال الخنوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق