16‏/03‏/2010

"العظام الجميلة" فيلم يسائل الحياة والموت

يحكي قصة فتاة تشاهد معاناة عائلتها وقسوة مغتصبها بعد موتها
عندما أخرج "بيتر جاكسون" ثلاثيته الملحمية الشهيرة "سيد الخواتم" ظن البعض أن المخرج العبقري وجد ضالته، واكتشف العالم الذي يبدع فيه أكثر. إلا أن الرجل فاجأ الجميع من خلال فيلم يجمع بين الإثارة والشاعرية والحزن يحمل عنوان "العظام الجميلة أو "the lovely bones" مؤكدا أنه يكره التكرار أو التخندق في خانة معينة، بل هو عاشق للبحث في عوالم جديدة والسباحة في مياه مجهولة.
ويقول المقربون من جاكسون إن رواية "العظام الجميلة" التي صدرت في 2002 للكاتبة الأمريكية "أليس سيبولد" وحازت على أعلى مبيعات السنة ذاتها، التي اقتبس منها الفيلم، لم تكن تفارق المخرج أثناء تصوير الجزء الأخير من "سيد الخواتم" التي صنعت شهرته الواسعة وجعلت المخرج النيوزيلندي يقطف ثلاث جوائز أوسكار.
وتجري أحداث السيناريو عام 1973، حول الفتاة الصغيرة "سوزي سالمون" التي تتعرض للاغتصاب والقتل في بداية الحكاية، حتى تفتح عينيها مرة أخرى لترى أنها قد وصلت إلى الجنة، ومن هناك تشاهد عائلتها التي دمرت وهم يدفنونها في المقبرة، وتشاهد قاتلها وهو يخفي أدلة الجريمة استعدادا لجريمته المقبلة، فتحاول بإرادتها وإيمانها وكل ما تملك هناك، إيقافه وفضحه وتخفيف الألم الذي حل بأسرتها.

ويحكي "بيتر جاكسون" بشكل شاعري حياة "سوزي" الجديدة بسعادتها في اكتشاف جمال العالم الآخر، وحزنها وهي تراقب عائلتها تئن وتتعذب لفراقها.
إن "العظام الجميلة" فيلم يتحدث عن الحب بمعناه الكبير، يسائل الحياة والموت بسلاسة، ويجعلنا المخرج منذ الوهلة الأولى نتحول إلى "فلاسفة" رغما عنا، نسائل أنفسنا كما تسائلنا الصورة وتخلق أمامنا علامات الاستفهام الكبيرة لأسئلة وجودية.
فالفيلم لا يطمح إلى التشويق البوليسي، أو إلى الملاحقات التي تقطع أنفاس المشاهدين، بل الهدف منه هو تحريك الأحاسيس والمشاعر من أجل الانتباه أولا إلى مشكل ذي بعد عام، هو اغتصاب الأطفال والجرائم البشعة التي تنفذ ضد شريحة ضعيفة وبريئة. والفيلم ثانيا نداء لنحيا الحياة كما هي، أي أن نكون سعداء في انتظار السفر الأخير.
الفيلم إذن قصيدة شعر حزينة، جميلة وقاسية كالحياة. فيلم مختلف عن الوصفة الهوليوودية وتوابل السينما الأمريكية، استعان فيه المخرج بأسماء كبيرة لتحقيق مبتغاه، لأن صدق الإحساس هو الوحيد الكفيل بتحريك مشاعر المتلقي، لذلك أسند للممثلة الشابة المرشحة للأوسكار "ساوورس رونان" دور سوزي سالمون، والفائزة بجائزة الأوسكار "راشيل ويز" دور الأم، والمرشّح للأوسكار "مارك ويلبيرغ" دور الأب، والفائزة بالأوسكار "سوزان ساروندون" دور جدة سوزي، وأخيرا "ستانلي توتشي" المرشح بدوره لجائزة الأوسكار دور قاتل ومغتصب سوزي.
ويرى بعض النقاد في "العظام الجميلة" أو "العظام الرقيقة" نوعا من المراجعة الذاتية التي تتمحور حول استعداد سوزي للصفح عن قاتلها، ورأى بعض نقاد الأدب في الرواية أنها تنتمي الى تيار ما بعد اعتداء الحادي عشر من شتنبر 2001، والرغبة في الصفح عما حدث ونسيان المأساة.
لكن الفيلم مبني على ترقّب المشهد التالي ومعرفة ما إذا كان القاتل سيدفع ثمن جريمته أم لا وكيف. ولا شيء في سياقه يحمل رغبة ما في النسيان والغفران، على العكس ها هي سوزي تقول بعد موتها وتحولها إلى روح هائمة: "حين كنت صغيرة لم أكن أكره أحدا. لكنني الآن لا أملك إلا الكره".
جمال الخنوسي

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف10:50 ص

    فلم رائع جدا ... واحساسي في الفلم اروع ... شكرا لك اخي جمال

    ردحذف
  2. غير معرف7:07 م

    من اروع الافلام الي شفتا

    ردحذف