19‏/01‏/2006


"معطف أبي" فيلم تلفزيوني جديد لعزيز السالمي

تعرض القناة الثانية هذه الليلة الدراما الاجتماعية "معطف أبي" من إخراج عزيز السالمي و سيناريو المحجوب شهيب. و يحكي الفيلم قصة المختار (عبد القادر لطفي) الرجل المسن الذي جعلت منه طفولته البائسة وانعكاسات الفقر و التعاسة، تركيبة من العقد. وهو زوج و أب لثلاثة أبناء هم خالد (يوسف جندي) و جميلة (السعدية لاديب) و هاجر (سكينة التباع) . لكن بالرغم من وصوله لسلم الثراء وامتلاكه لعدد كبير من الضيعات الواسعة، ظل البخل الشديد رفيقا لدرب المختار. و في أحد الأيام، يصر فجأة لأسباب لا يعرفها إلا هو. أن لا يفارق جسمه أبدا معطف قديم اقتناه من بائع خردة. مما تسبب في خلاف دائم بينه و بين زوجته رحمة (سعاد صابر) التي لم تستطع فهم ذلك السلوك الغريب و الغامض. يمضي المختار في بخله إلى درجة لم يعد يعيرفيها أي اهتمام للمشاكل التي تعترض أبناءه. فخالد البالغ من العمر ثمانية و عشرون سنة مل البحث عن العمل رغم حصوله على شواهد عليا، و صار يحلم فقط بالسفر بعيدا. أما جميلة فمازالت طالبة و تمر بعلاقة عاطفية صعبة مع إنسان فاشل وانتهازي. و في المقابل، هناك حسن (مالك أخميس) صديق العائلة ، عاطل هو الآخر و متيم بجميلة، إلا أن حياته سيصبح لها معنى حين سيجد عملا. لكن إلى متى سيظل البخل و حب المال يعميان المختار و يبعدانه عن واجبه الأسري؟
في الحقيقة لم يتطلع الفيلم للإجابة عن هذا السؤال بقدر ما جعل القصة البسيطة للمختار جسرا يعبر من خلاله لمواضيع أخرى شائكة ربما كانت ستشعر المشاهد بالملل، خصوصا أنها مستهلكة و أصبحت تيمة أساسية في الحقل السينمائي المغربي، تحت اسم سينما الهجرة . لقد جعل السالمي قصة خفيفة تحمل هموما كبيرة ، و كان ذكيا في هذه المزاوجة حتى يجنب المشاهد تخمة المشاكل و ثقل الهموم و الخطاب المباشر الذي كان عدوا للفرجة التلفزيونية منذ وقت طويل.
مع ذلك يبقى خطاب الفيلم جد متشائم و سلبي و لا يرى أي حل ممكن سوى "الحكريك" و الرحيل ، وردد بشكل ببغاوي الخطاب السائد حول "الدراسة التي لا تنفع" و "الجنة الموجودة في الضفة الأخرى" و كليشاهات الشباب الذي لا يحلم إلا بالهجرة و البحث عن البديل في مكان آخر. و لم يكلف السالمي نفسه عناء انتقادها بل يحسسنا في الكثير من الأوقات أنه يزكيها. كما تعامل مع الشخصيات تعاملا أخلاقيا و عاقب بقسوة الفتاة باعتبارها أخطأت و أذنبت. وتعمد المخرج أن يفهمنا و بإلحاح أن شيئا ما !! يحدث بين الفتاة و صديقها. و ربما هذا ما جعل القناة تصنف الشريط ممنوعا على أقل من 10 سنوات.
في جانب آخر يبقى أداء الممثلين هو الانتصار الكبير لهذا العمل حيث انهم تألقوا دون استثناء ، أما سعاد صابر فقد عودتنا على التميز و لم نحس قط في أي لحظة من اللحظات أنهم يمثلون لأن أداءهم اتسم بنوع من التلقائية و البساطة، جعلتنا مثلا نتعاطف مع الأب و نكرهه في نفس الوقت. الشيء الجميل عند عزيز السالمي هو أنك لا تمل من شخوصه المرحة و وتيرة الحكي متناغمة و يستطيع أن يفاجئك في أي لحظة ، كما فاجأنا في آخر لقطات الفيلم بظهوره ليأخذ المعطف من الممثل عبد القادر لطفي، ويخلق تزاوجا طريفا بين الواقع و المتخيل. كما اعتمد على تقليد يقوم به بعض مخرجي الأفلام الهزلية و ذلك بعرض ما يسمى "لوبيتيزيا" أي اللقطات المرحة التي حذفت في المونتاج أو حدثت أثناء التصوير.
و من النقط الإيجابية الأخرى التي تحسب للشريط الذي أنتجته القناة الثانية هو حواره الدارجي النظيف الذي اتسم بالواقعية. و في نفس الوقت لا يحمل تعابير زنقاوية مع الحرص على تجنب الحوار المنمق و المبتذل.
عزيز السالمى صاحب الأفلام القصيرة "سبق رؤيته" 1991 و"على جناح السلامة" بطولة سعيدة باعدي و حميد زوغي سنة 2002 و "عايدة" بطولة خلود سنة 2004 و شارك به في المهرجان الوطني الأخير للفيلم بطنجة، يستعد الآن لإنجاز فيلم طويل اسمه "حجاب الحب" و حصل على دعم مليوني درهم من المركز السينمائي المغربي. و له مشروع فيلم تلفزيوني مع القناة الأولى في شهر فبراير القادم اسمه " بنت الشيخة" كتب السيناريو عبد الهادي حديفة . و يحكي عن تخوف امرأة متزوجة من انكشاف أمر كون أمها كانت تشتغل بمهنة اعتبرتها "غير شريفة"!.
جمال الخنوسي

هناك 4 تعليقات: