26‏/01‏/2006



في أول حوار له بعد صمت طويل
مخرج"السمفونية المغربية"كمال كمال ل"صوت الناس" : "الحرب ألم متبادل والسمفونية تعطي المتعة والأبدية ضدا على الموت والزوال"

عندما تشاهد فيلم "السمفونية المغربية" تعلم أنك أمام مخرج عاشق للموسيقى و مولع بها . فكمال كمال مخرج يتجاذب حياته الفنية اهتمامان اثنان : الموسيقى و السينما. فقد كانت بدايته في معهد الطرب الغرناطي بوجدة، ثم درس الأدب الفرنسي في الجامعة ، وبعدها التحق بالمعهد الحر للسينما بباريس شعبة السيناريو. اشتغل في الفيديو كليب و الإشهار قبل إنجاز فيلمه الأول "طيف نزار" و له أعمال تلفزيونية ك"سيد الغابة"و السيتكوم "عائلة محترمة". و الآن يحتفي بمولوده الجديد "السمفونية المغربية". إلتقته جريدة "صوت الناس" ليحدثها عن سمفونيته و قضايا السينما المغربية و مشاريعه المستقبلية :
* كيف تولدت الفكرة الأولى للفيلم؟
** في الحقيقة كنت أفكر في فيلم آخر. يدور حول عزم مجموعة من الناس بناء بحيرة من أجل جلب السواح لزيارة قريتهم، لكن الفكرة لم تنضج بما فيه الكفاية . كما أن السمفونية أقرب، لأن لي سمفونية مؤلفة مسبقا. كنت أتناقش دوما مع الممثل محمد بسطاوي في هذه الأمور لأنه كان سيؤدي الدور الرئيسي لولا انتقاله إلى تصوير فيلم آخر. كنا نحلم معا، ووجدت أن السمفونية أقرب إلى نفسي من أي شيء آخر. هناك درس أولي نتعلمه في كتابة السيناريو: على الكاتب أن لا يكتب فيما لا يعرف وسيكون أصدق إذا كتب في أمور هو ملم بها.
* ما هو الخطاب الذي أردت توجيهه من خلال فيلم "سمفونية مغربية"؟
** الفيلم مبني على مقولة نيشه:"من يريد قتل الوحش يجب أن يحرص على ألا يصبح وحشا". قصة حميد ـ بصفته الشخصية المحورية ـ عايش حرب لبنان وسقط في فخ القتل ، وهو يبحث عن الغفران ، وفي نفس الوقت هو خائف من الفتاة التي تتقاسم معه مسكنه، و التي تبحث لنفسها عن سبيل للانتقام من الشخص الذي تسبب في موت أمها، وهذا ما دفعه ليحكي لها رفقة الصديقة اليهودية عن مآسي صبرا وشتيلا لكي لا تقع في نفس الفخ. كما أنه سيتدارك زلته بالسمفونية التي ألفها، فكما تلقى الألم فقد ولد هو أيضا الألم للآخرين إنها الحرب، ألم متبادل والسمفونية تعطي المتعة والأبدية ضدا على الموت والزوال.
* ما علاقة الفيلم باهتماماتكم الموسيقية؟
** أنا موسيقي قبل أي شيء درست الموسيقى وحلمت دائما أن أكتب سمفونية وحققت رغبتي ...
* هذا يظهر جليا في الفيلم فالموسيقى المصاحبة تدل على أن من أنجزه له دراية بالموسيقى..
** أنا موسيقي ، وكانت لي فرقة وغنيت وأصدرت ألبوما في فرنسا والمغرب بين 1984و1985 . وللأسف لم يلاق النجاح لأن صوتي لم يسعفني في ذلك. لكن بقي حبي للموسيقى دفينا، ومن خلال السينما وجدت الطريق لتمرير موهبتي.
* هل يمكنك القول إن قصة الفيلم تعكس التجربة الشخصية لصاحبه؟ وان السمفونية هي سمفونيتك؟
** أردت أن أقول في الفيلم انه على المرء مقاومة الصعاب من أجل التعبير عما يخالجه. أنا كذلك ولدت و ترعرعت في وسط بسيط وكانت الموسيقى والسينما أمرا بعيد المنال، خاصة الموسيقى الكلاسيكية. مسؤولية الإنسان هي أن يقول ما يفكر فيه ويحقق ما يصبو إليه بغض النظر عن جودته، وشخصيات السمفونية تشبهني في هذا الجانب المثابر. أن تقول أحب أن أشتغل في السينما بداية الثمانينات أمر كان يستدعي الغرابة والاستهزاء أيضا. كان أمرا يبدو بعيد المنال خصوصا أن المغرب آنداك كان لا يملك قاعدة سينمائية . وفي فرنسا كان من الصعب تحقيق ذلك لأي عربي أومغاربي! كان الأمر صعبا، مع ذلك بالمثابرة تحقق مرادي. كما هو الحال بالنسبة لشخصيات الفيلم فهم يعيشون في وسط قذر ومع ذلك يريدون عزف سمفونية!
* هناك من يعتبر قيامكم بعدة مهام في السيرورة الانتاجية للفيلم هو انقاص من قيمة المبدعين الآخرين.
** لا على الإطلاق ، أنا موسيقي وأحب الموسيقى وفي نفس الوقت أنا سيناريست وهذه دراستي. كنت أتمنى أن أكتب سيناريوهات لزملائي من المخرجين لكن هذا يتطلب وقتا كبيرا. السيناريو الحقيقي يتطلب أكثر من سنتين لتختمر الفكرة وسنة كاملة للكتابة ، وأبعد من هذا أنا أتمنى أن أجد سيناريو جيد لكاتب آخر ومستعد لإنجازه فورا. لكن للأسف غالبا السيناريوهات التي عرضت علي ليست في نفس توجهي الفكري. هناك أزمة حقيقة فيما يخص السيناريو لأن غالبية ممن يكتبون في المغرب يكتبون السيناريو بالسليقة ودون دراية معمقة . ربما أنا ونرجس النجار الوحيدان اللذان درسا السيناريو أما الآخرون فيعتمدون فقط على الفطرة وليس الدراسة و التعرف على تقنيات الكتابة الصارمة. من الممكن أن ينجحوا ويقدموا نتائج جيدة لكن مع ذلك يبقى للسيناريو تقنياته ، بالإضافة إلى الموهبة طبعا. وإذا أردنا أن نتقدم بالسينما لابد من مدارس ومعاهد متخصصة في السيناريو . السينما طريق شاق ولا يمكن أن تسير فيه إلا إذا كنت متيما بحبها، أنظر مثلا لبناء الديكور لقد تطلب منا ذلك مجهودا جبارا، وأعطى النتيجة التي أتمنى أن تروق الجمهور المغربي.. أما فيما يخص المونتاج، فقد قمت به لسبب بسيط: لم أكن أملك الإمكانات الكافية لطلب خدمة "مونتور" آخر، مع العلم أنه لدينا من يقوم بهذه المهمة على أحسن وجه. لقد أخذ مني الفيلم أكثر من الميزانية التي رصدت له. بالنسبة للموسيقى المصاحبة كان من الممكن أن أطلب من ملحن القيام بالمهمة و ربما تكون النتائج جميلة إلا أنه يمكن أن يخطأ الطريق أو التوجه الذي أريد أن أسير فيه . في الديكور أيضا أنا الوحيد الذي يعرف الجو العام الذي أريد أن يمر فيه الفيلم. أكثر من هذا فحتى مدير التصوير حددت له نوع الإضاءة الذي أريد عن طريق التقاط الصور العشوائية . وبعد الاشتغال عليها بالحاسوب، حددت له اللون ونوع الصورة الذي أريد.
* استمر العمل في الفيلم 4سنوات لماذا كل هذا الوقت؟
** المشكلة كلها ذات طابع انتاجي، فقد استهلك الفيلم أكثر من الميزانية المخصصة له . قدم المركز السينمائي 270 مليون والقناة الثانية قدمت 60مليون في البداية ثم أضافت 40مليون أخرى. إنه نقص إمكانيات فقط.
*لم يفز فيلمك في المهرجان الوطني للفيلم بأي جائزة هل تعتبرون هذا إجحافا في حق الفيلم؟
العجيب في لجنة تحكيم المهرجان، أنها لا تضم سينمائيين. لتقييم فيلم سينمائي يجب أن تكون سينمائيا وتعرف كل لقطة كيف أمكن تصويرها ، وفي المهرجانات العالمية كلها تضم لجن التحكيم في ثناياها سينمائيين كبارا. جائزة التصوير مثلا أعطيت لفيلم داوود أولاد السيد ـ مع احترامي له لأنه صديق عزيزـ كانت هذه الجائزة من أغرب ما يكون، لأنه فيلم صور في كل أطواره تحت الشمس وفي واضحة النهار!! شيء عجيب بل وطفولي أيضا. هذا بغض النظر على أن فيلم داوود جميل ونال إعجابي، كان الأحرى أن يفوز بمثل هذه الجائزة فيلم فريدة بليزيد مثلا .. أو فيلم ماروك فصورته جميلة بل رائعة، وبدل مجهود كبير فيها. جائزة واحدة أو اثنتين فقط كانتا في محلهما. هذا لا يعني أنني أقول أن فيلمي كان يجب أن يفوز بجوائز.. إطلاقا، أنا جائزتي أخذتها داخل قاعة عرض فيلمي بالتجاوب الذي حصل معه. لو كان في لجنة التحكيم مخرجون كبار و لم ينوهوا به، كنت حينذاك أشعر أن فيلمي ينقصه الكثير. مع احترامي لقدرات الفعاليات المكونة للجنة في مجالات تخصصها ، إلا أنني أعتبر أنهم غير مؤهلين للحكم على فيلم . كنت أنتظر حصول أفلام أخرى على الجوائز لكن ذلك لم يحدث!!
*أية أفلام كنت ترشح؟
** "ماروك"مثلا لليلى المراكشي
* أظن "ماروك" تدخلت فيه اعتبارات أخرى
* نعم اعتبارات فكرية ، لقد تتبعت المنافشة. لكن التقنيات لا علاقة لها بالفكر، التصوير، الصوت، الإخراج، الممثلين.. أظن أن "ماروك"و"السمفونية المغربية" كانا ضحايا للمهرجان. أنا لا أعتبر نفسي قد أنجزت رائعة من الروائع لكن مهما كان عملي صغيرا فأنا أعرف قيمته.

* لقد طالب البعض بمنع فيلم "ماروك" من العرض ..
** الإلغاء ممنوع .. أي فيلم يمكن مناقشته .. إن لم تكن متفقا معه انتقده .. لكن الإلغاء مرفوض لأن الكثير من الفنانين والمناضلين ذاقوا السجن والألم من أجل حرية الرأي. رأي ليلى المراكشي يجب أن يحترم.. أنا لا أتفق معها لكن أحترم رأيها و لا ألغيه ، وهذا هو خطأ العسلي بصفته مخرج سينمائي ويمكن أن يقع مستقبلا في نفس الفخ. فحرية الرأي مقدسة.
* أصبح الآن الحديث عن منع الأفلام التي تستفيد من «التمويل الخارجي» ..
** هذا غباء !! السينما في العالم كله تعتمد على دعم داخلي وخارجي، ما لم يفهمه البعض للأسف هو أن السينما إنسانية ، والحديث عن سينما وطنية موقف متخلف للغاية. هناك سينما مغربية وليست وطنية ، الحديث عن الوطنية يعني الانغلاق ورفض الآخر ، بينما في السينما نلبس جميعاً "السموكينغ" كما هو الحال في المهرجانات الكبرى ، ممنوع الزي الوطني أو الجلابة و الطربوش . إنك إنسان فقط بغض النظر عمن تكون مغربي فرنسي انجليزي، مسيحي ... السينمائي كونية، إنها الحرية والإنسانية...إذا منعت الآخر فهذا يعني أنك انتهيت ولم تعد في حقل السينما بل أصبحت تنتمي للعهد الستاليني أو النازي ... يمكن الحديث عن السينما المغربية كانتماء جغرافي ، أما الوطنية فمفهوم متجاوز الآن ، وأصبح يحيل إلى مفهوم ضد الآخر. والسينمائي ليس له الحق في التكلم بمثل هذه اللغة.
** نعود لمسألة لجنة التحكيم ألا ترى أن اختلاف مشارب أعضاءها هو غنى لها وتمثيل للجمهور العريض والمختلف؟
في كل المهرجانات العالمية يكون على الأقل رئيسها حاصلا على أوسكار أوسعفة ذهبية . أنظر على سبيل المثال مهرجان مراكش .. آخر مرة كان سكورسيزي في اللجنة ..
* وبماذا تفسر هذا "التفرد المغربي"؟
* (مبتسما) لست أدري ربما كان هناك تخوف من وضع مخرجين مغاربة في لجنة التحكيم ، ويكون هناك ميل أو حيف بحكم الصداقات التي تربط بينهم.
* لكن أظن أن المخرجين المغاربة هم نفسهم المخرجين المشاركين في المسابقة لأن عددهم أساسا قليل.
** صحيح، في الحقيقة كان هناك تخوف من تكرار ما حدث في المهرجان الوطني بوجدة ، حيث كانت لجنة التحكيم مكونة من مخرجين وممثلين مغاربة ووقع نوع من "التعاطف" بين أعضاء اللجنة وأصدقائهم المشاركين في المسابقة. وأظن بأن نور الدين الصايل (مدير المركز السينمائي المغربي) أراد تجاوز هذا المشكل بالابتعاد عن تحديد سينمائيين في لجنة التحكيم لكي لا يتكرر ما وقع في وجدة.
* وماذا تقترحون إذن؟
** أنا لا أقترح، إنها ليست مهمتي، أظن أنه علي أن أنظر لاحقا إلى تكوين لجنة التحكيم قبل أن أوافق على إدراج فيلمي في المسابقة الرسمية. كدت أرفض في المهرجان الآخير دخول الفيلم للمسابقة لولا أني راعيت شعور الممثلين ورغبتهم في التباري وربما الحصول على جوائز في التمثيل. التقنيون كذلك كان لهم نفس الطموح خصوصا أنهم قاموا بعمل جبار في هذا الفيلم.
* أين تفضل العمل في التلفزيون أم السينما؟
بطبيعة الحال السينما، لأن التلفزة عمل استهلاكي ، بينما السينما عمل فكري يتميز بالدوام والأبدية فالفيلم يمكن مشاهدته بعد عام ، عشرة أعوام، مائة سنة، مثله مثل الكتاب أو اللوحة التشكيلية، تبقى في التاريخ إذا كانت لها قيمة فنية.
* نتحدث الآن عن تجربتكم الرمضانية في السيتكوم ما هو تقيمكم لهذه التجربة؟
أقول عنها ما قلته من قبل فاتهموني بأني أشتم الصحافة والصحفيين ، و أنعتهم بأنهم لا يحسنون المشاهدة ولا يعرفون قراءة الأعمال. مما دفع بالكثيرين لاتخاذ موقف سلبي مني و من أعمالي. بالنسبة للسيتكوم، كان ثلثا حلقاته في مستوى جيد . الثلث الآخر كان فيه نقص نظرا لضيق الوقت. ربما ارتكبت خطأ حينما تحدثت عن أمور ليس لها ارتكاز في ثقافتنا المغربية. لقد كان بث السيتكوم في فترة الدروة (PRIME TIME) و المغاربة لا يعرف جميعهم إيلفيس مثلا أو المتنبي أو جيم مورسون أو جون لينون. على كل حال سيتكوم "عائلة محترمة " بلغ فيه معدل مشاهدة 42٪ وهو أمر جد هام. وفي حالاته السيئة وصل 32٪ . لقد عملنا بجد و تفان ، أخطأنا مرات وأحسنا مرات أخرى . أهم شيء هو أننا عملنا بصدق. لا ننسى أن وقت الفطور الرمضاني فترة جد "خطيرة" لأن المشاهد لا يكون تركيزه فيما يشاهد بقدر ما يركز في أمور آخرى، لقد قمنا بتجارب من قبل على عينة عشوائية من المشاهدين في قاعة مظلمة ، فكانوا يضحكون طويلا بينما في فترة الفطور كان ضحكهم يقل! لأن ذهنهم مشتت . هذا ما صرحت به لإحدى الصحف وقلت أن المشاهد لا يركز في فترة الفطور على السيتكوم لأنه يأكل ويتكلم و... لذلك كان الحكم علينا قاسيا. لكنه حرف ما صرحت به و أغضب الصحافة و الصحفيين ، لذلك أمتنعت عن تقديم أي تصريح وربما حواري معك الآن جاء ليقطع شهورا من الصمت والمقاطعة. لقد قلت مرارا لمثل هؤلاء الصحفيين أرجوكم قولوا فقط ما أصرح به ولا داعي أن تحرفوا أقوالي لتصنعوا "سكوب" أو خبطة صحفية. أنا أحترم الصحافة ومع ذلك لاحظت أن فيلمي تم التضييق عليه من طرف الجريدتين المكلفتين بتغطية المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.
كانت تلك وسيلتهم للانتقام مني!! ماذا كانوا ينتظرون .. أن أصنع رائعة من الروائع؟ 30حلقة في مدة شهرين ، بينما تطلب مني فيلم مدته ساعة ونصف 3سنوات! لا تطلبوا المستحيل لأنه لا يمكننا إنجاز سيتكوم بالمقاييس الأمريكية فليست لنا ثقافة السيتكوم ولا الإمكانيات الأمريكية ولا تقنياتها. نحن في طور التعلم هذا منتوج محلي والمنتوج الوطني لا يجب انتقاده وأقولها وأكررها المنتوج الوطني لا يجب انتقاده خاصة الانتاج الاستهلاكي ، يجب الحفاظ عليه إلى غاية بلوغه سن الرشد. المصريون مثلا لا ينتقدون مسلسلاتهم وإنتاجاتهم... السوريون واللبنانيون كذلك.
* لكن المصريين يشنون الآن حربا ضد مسلسلاتهم والمستوى الهابط الذي انحدرت إليه الدراما المصرية.
** ربما هذا أمر جديد أنا عشت معهم ولم ألحظ فيهم هذا قط.
* الإشارة لمواطن الضعف في عمل ما تتوخى بالأساس السير إلى الأمام وتحسين العمل الإبداعي ..
أنت تتحدث عن النقد، لكن في بلادنا لا وجود للنقد وأتحدى أيا ممن يكتبون في التلفزة أن يكون له ثقافة التلفزيون أو ثقافة النقد.
* لقد أثرت فيما قبل حفيظة الصحافين و الآن ستثير حفيظة النقاد ..
** هذا واقع أنا لا أتكلم على نقاد السينما الذين لهم أسماء متميزة كسكري و كيروم .. بل أتحدث عن نقاد التلفيزيون أنا أتحداهم حتى في تقديم تعريف بسيط لكلمة نقد. إنهم مجرد مبتدئين حصلوا على الباكالوريا أو الإجازة ثم درسوا سنة في معهد الصحافة و ويظن نفسه بعدها ناقدا ، ويسمح لنفسه بالتهجم على الآخرين. النقد شيء آخر و محمود .. يتوخى إظهار محاسن ومساوئ العمل من أجل تصحيح مساره .. أما من أتحدث عنهم فهم يشتمون بشكل فج، ويسبون الممثلين ويهزؤون منهم .. هذه دناءة. في مهرجان خريبكة التقيت ناقدا إفريقيا قال لي بعد مشاهدته لفيلمي " طيف نزار" فيلمك له مساوئ كثيرة و محاسن كثيرة ..حاول إصلاح الخلل والتشبث بمواطن الجمال . التزمت بما قال لي و تطورت. وكيفما كان الحال "فالسمفونية المغربية" تقنيا وإخراجيا أحسن من "طيف نزار" لقد استفدت من ملاحظات النقاد الحقيقيين .. أنا أعرف صحفيين أو نقاد يقولون مصطلحا رائجا "غادي نريبو" لاحظ معي !! بينما دوره هو البناء وليس العكس.
* نعود للفيلم ، العديد من المتتبعين اعتبروا النهاية سلبية و مصدرها "الفوق" و اعتبروا هذا الخطاب غير ملائم للمرحلة التي يمر بها المغرب؟
** إنه ليس حل بل تشجيع .. تاريخ الموسيقى والأدب يقول ان الأمراء هم رعاة الفن والموسيقى والثقافة كلها. أنا لا أعتبر النهاية حلا بل تشجيعا و رعاية. في الأدب العربي الشعر والشعراء كانوا كلهم يعيشون في كنف الأمير. الأمور تغيرت نسبياً عندنا والحل لم يأت «من فوق» بل من صنيع «الشماكرية».
* لماذا اعتمدت على نفس الوجود في السيتكوم والفيلم الطويل؟
** لأنهم مواهب حقيقية تتسم بالتفاني في العمل. وقد بذلوا مجهوداً جباراً وعانوا كثيراً في إنجاز «السمفونية المغربية» والعديد منهم لم يتوصل بمستحقاته حتى الآن . إنهم عاشقون للفن فقط : ادريس العمراني و عزيز حطاب وماجدولين و يونس ميكري و رفيق بوبكر.. الفنان المغربي يضحي بحياته ليقدم الفن والجمال و يموت فقيرا!
أجرى الحوار : جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق