08‏/02‏/2007

ـ "مختفون" ومترفون ـ

ـ "مختفون" ومترفون ـ

تنطلق وصلته على بعد أيام قبل بث الحلقة، وجه الصحفي عادل بنموسى بلا ملامح ،يعد المشاهدين بالمزيد من الهم والغم والنكد. تنفلت منه بين الحين والآخر، وهو في صلب محنة من المحن، ابتسامة هي من عادات مقدمي البرامج، ومن إرث تقديمه لنشرات الأخبار.
إنني أعترف وبكل صراحة بالقدرات المحترمة لبنموسى، وطريقته المميزة لجذب انتباه المشاهدين، بالإضافة للروبورطاجات الجيدة. المشكل يكمن بالأساس في فكرة البرنامج ككل، والتي تعرض وتستعرض هموم الناس ونشرها كغسيل متسخ.
إن برنامج «مختفون» هو عرض سادي لهموم الآخرين وللحمهم ودمهم يقبل عليه المشاهدون كمصاصي الدماء لشفطها ولعق جراح المكلومين.
صحيح أن للبرنامج فوائد كثيرة، وأهمية لا نختلف حولها، وساعد على لقاء الكثير من المختفين والمغتربين، لكن طريقة التعامل مع «هؤلاء» تجعل البرنامج يخرج عن سياقه. فكاميرات البرنامج تصر على نقل التفاصيل المؤلمة والقابلة للإستغلال، عناق ودموع وارتعاش الأيدي .. إنه نوع من استغلال غريزة «البص» التي تجعل من الكاميرا عيون ملايين المشاهدين. وتتغذى من مآسي المختفين. وتوفر في الآن ذاته للقناة الثانية «روسيتة» لا تحلم بها. فالإقبال الهائل الذي يعرفه البرنامج يترجم في آخر الأمر بملايين الإشهار.
وماذا يبقى لمجموعة من «المشردين» و«التالفين» والغارقين في الوحل ...؟
لا شيء ...
وبين الفينة والأخرى يطلعنا البرنامج بنجاحاته الخارقة التي يسوقها بنقل دموع الفرحة والعناق، ويبكي ملايين المغاربة ذوي «القلوب الطايبة» أو عملاً بالمثل الشعبي «شوف هم الناس يهون عليك همك».
«هابي أند» أو نهاية سعيدة، على الشاكلة الهوليودية، تبيعنا إياها القناة الثانية دون حاجة لا «لتوم كروز» ولا «لميغ رايان» .. ممثلون ببلاش ووصلات إشهارية بالملايين وعباد الله «تتحشتف» قلوبهم أمام المشاهد الدرامية.
إنها الوصفة السحرية لبرامج تلفزيونات الواقع، مداخيل بالملايير وبرامج «رخيصة» لا تكلف الكثير للقناة: لا استوديو، ولا ديكور، ولا أي شيء.
وصفة برنامج "مختفون" قديمة جداً وعرفت انطلاقتها منذ عشرات السنين في فرنسا مع برنامج «Perdu de vue» الذي كان يقدمه جاك براديل وعرف نجاحاً كبيراً في خريف 1990. وكان يرى فيه البعض إعلانا عن نهاية البرامج الوثائقية لأن المشاهد أصبح مدمنا على رؤية حياة «العوام». المحللون النفسيون أجمعوا على أن هذ النوعية من البرامج عرض فاضح للحم الطري والنيء، وإبراز لمشاكل إنسانية ومنحها بعداً فرجوياً، وصورة مأساوية لمجتمع يفقد أخلاقيات التعامل مع الآخر واحترام خصوصيته.
نوع من الخلط يدخل في إطار السيرورة التلفزيونية التي تريد السير بكل شيء لأقصى درجة وإظهار كل شيء والتعبير عن كل شيء. وفضح كل شيء .. لكن بأي ثمن؟
جمال الخنوسي

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف4:02 م

    من أبسط وأهم الحلول التي يمكن اعتبارها في المتناول و بالمجان اجبار وتفريج الهموم مع الله طبعاأن نستأدن الجهات المختصةوتسمح للبرنامج باحصاء ا
    لمشردين(المجانين) في كل مجمل التراب الوطني وتقديم صورهم ومعلو مات عنهم في الاعلا م علهاتكون الطريق الانجع والاقرب لتفريج هموم دويهم.

    ردحذف