29‏/05‏/2010

أن تسمع إلتون جون في الرباط

عندما كتبت الأديبة الإيرانية آذر نفيسي روايتها الشهيرة "أن تقرأ لوليتا في طهران" لم يكن قصدها الاحتفاء برواية "لوليتا" المثيرة للجدل في حد ذاتها أو كاتبها الروسي فلاديمير نابوكوف، بل إن نفيسي التي فصلت من عملها كأستاذة جامعية للأدب الإنجليزي في بلدها إيران بسبب رفضها ارتداء الحجاب، كانت تقصد رمزية الممنوع ضدا على القهر والتهميش، وتجعل بالتالي من قراءة "لوليتا" مظهرا من مظاهر الحرية التي يسلبها إياها الواقع الإيراني المتزمت وضغوطه القاسية.

وتروي الكاتبة في روايتها التي صدرت بالإنجليزية عام 2003 في الولايات المتحدة التي نفيت إليها عام 1997، على مدار فصولها الضخمة جلساتها مع طالباتها في بيتها في طهران، حيث تختار معهن كتبا في الأدب للقراءة والدرس، وفق معيار الإيمان العميق لمؤلفي تلك الكتب بالطاقة السحرية للأدب، الأدب الذي يمكنه صياغة العالم المظلم في إيران حيث حراس "الأخلاق" الذين يعاقبون النوايا ويوزعون صكوك الطهارة، يتربصون بالجميع، وتصبح قراءة رواية "ممنوعة" مثل "لوليتا" نوعا من النضال ودليلا على الممانعة والصمود في وجه القهر.
في المقابل، ماذا يعني أن تسمع "إلتون جون" في الرباط؟ ماذا يعني أن يحج أكثر من 40 ألف مغربي إلى منصة حي السويسي للمشاركة في مظاهر الفرح وروح الانفتاح في موازين؟
يعني أن المغاربة ليسوا قطيعا من النعاج أو شعبا قاصرا ينتظر من شرذمة أن تملي عليه خياراته أو يلجأ إلى فقيه مسلوب يحرم عليه نوتات البيانو وكل مظاهر الفرح في الحياة.
لقد ارتفع صوت إلتون جون وعلت موسيقاه، ليلة أول أمس الأربعاء، دون أن يتحول المغاربة، فجأة، إلى طائفة من "الشواذ". وفي الوقت نفسه أصيب بالإحباط أولئك الذين كانوا يتصورون أن الفنان البريطاني سيغني بمؤخرته العارية وسيعانق البيانو "سفاحي" يصفع الريح مناطقه الحساسة. وكان موقف المغاربة واضحا، وحج الناس لرؤية فنان عالمي قادمين من الدار البيضاء وطنجة وفاس ومكناس وأكادير، بل منهم من تحمل عبء السفر من بلجيكا وإسبانيا. وتابعوا تحت حراسة أمنية مشددة وناجعة أطوار حفل تاريخي.
يجب الاعتراف أن حضور موازين والاحتفال مع ميكا والتون جون وسانتنا وعبد الهادي بلخياط ... مثله مثل قراءة لوليتا في طهران، تعبير عن رفض القمع ومنطق الوصاية الذي يريد أن يفرضه علينا جميعا حفنة من المتعصبين والمتشبعين بأفكار طالبان البائدة.
تقول نفيسي عن إيران، "هذا بلد يؤول كل إيماءة تأويلا سياسيا أيا كانت تلك الإيماءة، وهم يجدون أن ألوان منديل رأسي وربطة عنق أبي تمثل رموزا للانحلال الغربي وللنزعة الإمبريالية، حلق اللحي ومصافحة الجنس الآخر والتصفيق أو الصفير في التجمعات العامة، كلها تقليعات غربية، إذا فهي دليل دامغ على الانحلال، وهي جـزء مـن خـطة الغـرب للـتقليل من شأن ثقافتنا".
وإذا لم نفكر في وضع حد فاصل لكل هذه الخزعبلات، لن يبقى أمامنا سوى أن نقرأ "لوليتا" ونسمع التون جون.. قبل أن يحل الظلام.
جمال الخنوسي

05‏/05‏/2010

باريس... حيث تتعايش "خبائث" محلات الجنس مع مطاعم الحلال

شوارع بالعاصمة الفرنسية تجمع بين السيكس شوب ومطاعم خاصة بالمغاربة والمسلمين

على مدى شارع بيكال وكليشي، حيث تنتشر محلات الجنس والسيكس شوب باعتبار المنطقة مركز الجنس في العاصمة الفرنسية باريس، تتقاطع محلات "خبائث" الجنس مع محلات أخرى ومطاعم خاصة بالمغاربة والجزائريين والمسلمين عموما، تتبجح باستعراض "لابيل" أو علامة الحلال، وبأن لحمها على خلاف المطاعم الأخرى"100 في المائة حلال" ومخالف أيضا للحم الحرام الموجود في محلات الجنس المجاورة.
في فرنسا، غدت مسألة اللحوم الحلال والطريقة الإسلامية في ذبحها، إضافة إلى تجنب الطبخ باستعمال الخمور أو الكحول، أحد العلامات المميزة لمجموعة من المحلات والمطاعم. أكثر من هذا، غدت هذه القضية مسألة نقاش ذي بعد اقتصادي وسياسي أيضا ومؤشرا بالنسبة إلى المجموعات العنصرية على "أسلمة المجتمع الفرنسي".
يقول عبد الرفيع الشاب المغربي الذي يسير أحد هذه المحلات، أنه لا يرى أي اعتراض في فتح متجره إلى جانب محلات الجنس، "كلها في حالو .. هكذا علمتنا فرنسا".
يبتسم الشاب المغربي في خجل قائلا إنه يقدم أشهر المأكولات التقليدية المغربية ويعرف بالمطبخ المغربي وبغناه ولذته.
ويضيف الشاب البالغ 28 سنة، "نحن هنا في حي قريب من سكن جالية كبيرة من العرب والمسلمين وكما ترى فتجارتنا تعرف رواجا كبيرا .. الحمد لله".
غير بعيد عن محل عبد الرفيع تسطع الألوان الحمراء القانية للطاحونة الشهيرة لمحل الاستعراض "لومولان غوج" ذائع الصيت. يصطف أمامه حشد كبير من السياح ينتظرون دورهم للدخول إلى صرح الاحتفال بالجسد وبين الفينة والأخرى يقترب متطفلون من محله.
غير بعيد عن مطعم عبد الرفيع الذي استضافني "وتهلى فيا لأني ولد لبلاد" محلات أخرى تركية ولبنانية تعتمد على "الحلال" ذاته، وإلى جانبها محلات "ستريبتيز" حيث ترقص نساء عاريات يتلوين كالأفاعي على نغمات موسيقي صاخبة.
تقف أمام هذه النوعية من المحلات رجال أو نساء سود في غالب الأحيان، يتحرشون بالمارة في الشارع، ويحثوهم على زيارة المحل، مثيرين غرائزهم بعرض لائحة الخدمات التي يقدمها المحل.
لمتحف الاثارة الجنسية أو "لوميزي دو ليغوتيزم" زبائنه أيضا إذ يعرض المكان في طوابقه المختلفة تاريخ الأدوات والألعاب والأجهزة التي ابتكرها الأقدمون لزيادة الاثارة والاستمناء في مختلف الحضارات والأزمنة والأمكنة. ولا بأس لأي زبون، بعد سفره التاريخي الطويل، بأخذ أكلة شرقية 100 في المائة حلال، ربما تكون شوارمة أو غيرها من الأصناف التي يعرضها المحل المجاور الذي يشرف عليه طباخ ذو بطن بارزة وشارب كث ولكنة سورية.
وعندما يحل الظلام يعج المكان بعاملات الجنس اللائي يعرضن خدماتهن ومفاتنهن. هذه باريس كما قال عنها طه حسين في وقت من الأوقات، "بلد الجن والملائكة"، بلد اللحم الحلال واللحم الحرام، بلد حيث تتعايش "خبائث" السيكس شوب مع المطاعم 100 في المائة حلال.
جمال الخنوسي

الصايل يرفع دعوى ضد جريدة "المساء"

تنضاف إلى دعوى رفعها المخرج حميد بناني والصحافي نعيم كمال بتهمة السب والقذف

علمت "الصباح" أن نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، رفع دعوى قضائية ضد جريدة "المساء" ومديرها رشيد نيني، على خلفية ما أسماه "الحملة المنظمة" التي تتوخى "النيل من كرامته ومساره المهني".
وذكرت المصادر ذاتها أن الصايل قرر اللجوء إلى العدالة، " بعد أن ضاق ذرعا من المستوى الذي وصل إليه النقاش".
وفي السياق ذاته، أكد المخرج حميد بناني، في اتصال مع "الصباح" عزمه رفع دعوى قضائية بتهمة "السب والقذف"، من طرف الجريدة ومديرها.
وأضاف بناني أنه "عوض الحديث عن فيلمي الجديد "الطفل الشيخ" في الصحافة الوطنية، لفقت لي الأكاذيب والأباطيل التي لا أساس لها من الصحة".
واستغرب بناني العلاقة المتوترة بين الجريدة المذكورة والسينمائيين المغاربة، معبرا في الآن ذاته عن حيرته "أمام هذه الهجمة الشرسة".
وأضاف المخرج، "توصلت بالدعم على مدى دفعتين كما هو معمول به في القانون المنظم لصندوق الدعم عن فيلمي الأخير، وأنتظر منحي الدفعة الثالثة والأخيرة، دائما حسب القوانين المعمول بها، ولا أرى أي تحيز أو محاباة".
وحول لجوئه إلى القضاء قال بناني، "ما تعرضت له يمس كرامتي، ومن حقي أن أرد بما يكفله لي القانون والقضاء في البلاد، فأنا لم أسب أحدا ولم أهاجم أحدا، أنا رجل متفائل بالسينما المغربية، أعمل في صمت".
وكان الصحافي وعضو المجلس الأعلى للاتصال للسمعي البصري، نعيم كمال رفع بدوره دعوى قضائية ضد الجريدة، معتبرا ما يتعرض إليه "نوعا من الإرهاب الفكري"، مضيفا أنه ينتظر من القضاء أن يأخذ مجراه ويقوم بالتحقيقات اللازمة من أجل إظهار الحق وكشف ما أسماه "خيوط التدليس والافتراء".
وأعلن نعيم كمال يوم الجمعة الماضي، أنه سيرفع دعوى قضائية ضد مدير نشر جريدة "المساء" بسبب ما اعتبره افتراء وقذفا في حقه، بعد أن كتب رشيد نيني في عموده "شوف تشوف" ليوم الجمعة الماضي، أنه كان حاضرا سنة 2002 ، عندما سلم نور الدين الصايل، شيكا من القناة الثانية لنعيم كمال كنوع من "المساعدة".
وأشار نعيم كمال إلى أن إصدار شيك من طرف القناة الثانية باعتبارها مقاولة خاضعة للقانون العام، "أمر له ضوابط ومساطر ولابد أن تحقيق القضاء سيكشف عن الافتراء والظلم الذي طالني".
من جهته، أكد الشاعر صلاح الوديع عن حقه في متابعة جريدة "المساء" على خلفية ما نشر ضده بعد أن أعلن تضامنه مع نور الدين الصايل من خلال توقيعه على عريضة مساندة المدير العام للمركز السينمائي المغربي.
وفي السياق ذاته تتواصل حملة التوقيعات على عريضة التضامن مع نور الدين الصايل، إثر ما أسمته العريضة "الحملة التي تشنها جريدة "المساء" ومديرها على الصايل وعلى السينمائيين المغاربة". وبرزت أسماء لشخصيات وازنة مثل المخرجة نرجس النجار، والممثلة لطيفة أحرار، والبروفيسور حكيمة حميش، رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، والمخرج أحمد البوعناني، ونعيمة البوعناني، والمناضلة الحقوقية خديجة الرويسي، والمناضل عبد الفتاح بناني، والكاتب إدريس الخوري والناقد السينمائي مصطفى المسناوى، والإعلامي محمد العربي المساري والكاتبة كريستين السرفاتي والصحافي فهد يعتة.
وتجدر الإشارة إلى استمرار حملة التوقيع والتضامن على العنوان الالكتروني petitionsolidarite@yahoo.fr، علما أن عريضة تضامنية أخرى توجد على الموقع الاجتماعي "فايس بوك"، كما يمكن الاطلاع على لائحة التوقيعات المحينة على موقع http://petition2010.blogg.org
جمال الخنوسي

نعيم كمال: كيف سينظر إلي ابني بعد الافتراء الذي لفق لي!

الصحافي وعضو المجلس الأعلى للاتصال للسمعي البصري قال ل"الصباح" إن ما تعرض له نوع من الإرهاب الفكري

اعتبر نعيم كمال، الصحافي المعروف وعضو المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، الحملة التي يتعرض لها "نوعا من الإرهاب الفكري"، مضيفا أنه ينتظر من القضاء أن يأخذ مجراه ويقوم بالتحقيقات اللازمة من أجل إظهار الحق والكشف عما أسماه "خيوط التدليس والافتراء".
وكان نعيم كمال أعلن يوم الجمعة الماضي، أنه سيرفع دعوى قضائية ضد مدير نشر جريدة "المساء" بسبب ما اعتبره افتراء وقذفا في حقه، بعد أن كتب رشيد نيني في عموده "شوف تشوف" ليوم الجمعة الماضي، أنه كان حاضرا سنة 2002 ، عندما سلم نور الدين الصايل، شيكا من القناة الثانية لنعيم كمال كنوع من "المساعدة".
وقال نعيم كمال، في اتصال مع "الصباح"، إنه سيلتقي مع المحامي الذي سيتكلف بالمسطرة، اليوم (الاثنين)، للوقوف على الإجراءات الأخيرة من أجل رفع الدعوى. وأضاف كمال، "لا أريد أن أدخل في جدل عقيم، ومهاترات لا طائل منها، وفي تبادل للسباب والشتائم التي لا تليق بمركزي، بل سألجأ إلى القضاء كلما مست كرامتي".
وتحدث عن الأضرار التي لحقت به وبعائلته جراء هذه القضية، متسائلا، "كيف ستكون نظرة ابني لي عندما يقرأ مثل هذا الافتراء في الجريدة؟"، مشيرا إلى أن "اللجوء إلى القضاء وحده الكفيل بصيانة كرامتي أمام ابني الذي أعلمه قيم الحق والعدل واحترام الآخر وأمام عائلتي والمجتمع ككل".
وأكد نعيم كمال الذي يعتبر من بين أنشط حكماء الهاكا، أن هذه القضية مثال حي على أهمية النقاش الدائر منذ أشهر حول علاقة الصحافة والمجتمع، "لا يمكن للصحافي أن يكون فوق القانون ويدير ما بغى، أو يقول ما بغى"، ثم يضيف، "الأمور وصلت إلى حدود لا تتصور من الفوضى والإسفاف".
وأشار الصحافي إلى تقبله جميع أشكال الجدل وألوان النقاش التي تصل في بعض الأحيان حد "البوليميك"، حول قضايا متنوعة مهما كان حجم الخلاف فيها، "أنا ولد المهنة، يمكن أن أقبل النقاش والاختلاف في قضايا شتى، ونمارس حولها "البوليميك" كجزء من العمل الصحافي، أما كرامتي ونزاهتي فتلك مسألة أخرى وقضية لا تقبل التهاون".
وأشار نعيم كمال إلى أن إصدار شيك من طرف القناة الثانية باعتبارها مقاولة خاضعة للقانون العام، "أمر له ضوابط ومساطر ولابد أن تحقيق القضاء سيكشف عن الافتراء والظلم الذي طالني".
وأوضح نعيم كمال في بلاغ صدر يوم الجمعة الماضي، أنه سيطلب من العدالة "فتح تحقيق لإثبات جنحة الافتراء والقذف" المتضمنين في مقال مدير نشر جريدة "المساء".
واعتبارا لذلك، قال نعيم كمال "إنني سألجأ إلى القضاء للدفاع عن شرفي طبقا للقوانين الجاري بها العمل وللمطالبة بأن يقدم السيد نيني حجته في ما ادعاه، دون التنازل عن حقي في جبر الضرر الناتج عن هذا الاتهام"، ثم أضاف، "أؤكد أولا، أنني أعتز بالصداقة التي تربطني منذ ما يقارب ثلاثة عقود برجل من طينة نور الدين الصايل".
جمال الخنوسي

"كيف كيف" تمنح قبلة مسمومة لاستوديو دوزيم

آلة الدعاية والتشهير عصفت بمرشح في البرنامج وعرضت مستقبله للخطر

لمن لا يعرف منكم قصة "نيكولاف"، اسمحوا لي أن أرجع بكم قليلا إلى الوراء. اسمه الكامل "نيكولاف توموف بوريسلاف" بلغاري الجنسية، مقيم بالمغرب وأحد المشاركين السابقين في النسخة الأخيرة من برنامج "استوديو دوزيم". إلى هنا الأمر طبيعي بالنسبة إلى مراهق يسعى إلى "المجد" و"الشهرة" كما أوهمته بذلك الوصلات الإشهارية للبرنامج المعروف. لكن فجأة دخلت مجموعة "كيف كيف" التي تنصب نفسها ممثلا رسميا لمثليي المغرب على الخط، وأعلنت بشكل أرعن عن "مثلية" الشاب و"ضرورة دعمه". وعممت المجموعة في إطار حملاتها الدعائية رسالة تحت عنوان، "مشارك من ستوديو دوزيم .. مثلي!"، تحدثت فيها عن مثلية المشارك، و"تسخير فنه ونجوميته مستقبلا للدفاع عن القضية (تعني قضية المثليين)" وكأنه "جورج مايكل" أو "إلتون جون" أو حتى "فريدي ميركوري" زمانه.
البقية يعرفها الجميع، انطلقت أبواق الترويج من جهة ومدافع القصف وآلات التنكيل من جهة أخرى لتنهش لحم الشاب وتمرغ سمعته في الوحل، وسقط "بوريسلاف" واستوديو دوزيم والقناة الثانية برمتها ضحية رعونة مجموعة اسمها "كيف كيف"، وتهور إعلامي في التعامل مع "الحدث" وغدت القناة الثانية مطالبة فجأة بإجراء كاستينغ مخابراتي حول الميولات الجنسية للمرشحين (!؟).
إن التعامل مع مرشح استوديو دوزيم السابق من لدن بعض الأطراف، له اسم بغيض واحد هو "العنصرية"، عنصرية تجاه شخص ذنبه الوحيد أنه "مختلف". إنه شكل من أشكال التحريض ضد شاب يمكن أن نقول عنه إنه "مبنت" أو "محلون" أو أي وصف بئيس آخر من قاموسنا المبتذل، لكن مع الاحتفاظ بحق الرجل وكرامته، إذ لم يقل قط إنه مثلي أو له هذا التوجه، فكيف نعطي لأنفسنا الحق في وصفه بأنه (.....)، ونصدر الأحكام التي يمكن أن تنسفه وتهدد استمرار حياته الهادئة في مدينة صفرو.
صحيح أن مجموعة المثليين المغاربة، التي تنشط من إسبانيا، تتحمل مسؤولية كبيرة في ما يحصل للضحية. فكانت دعوة "كيف كيف" إلى دعمه "قبلة مسمومة" تلقاها المراهق ذو الاسم العصي في غفلة منه، إلا أن التعامل الإعلامي المتساهل مع المسألة، عن حسن أو سوء نية، زاد في تفاقم الوضع وعجل برحيله تفاديا ل"صداع الراس". ف"نيكولاف" بالنسبة إلى المجموعة الكيفكيفية التي تحترف التواصل، ضربة حظ وهدية من السماء كي تحقق برابغنداها المعتادة حول "أنشطة" وهمية في طنجة، ومؤتمرات "سرية" في مراكش، ومحاضرات في المريخ، ومجلة إلكترونية ليس لها من المجلة سوى الاسم... وغيرها من الخزعبلات التي ترددها كل يوم بشكل ببغاوي حتى تبقى في الواجهة، وتساهم في "إشعاعها" الوهمي، في حين عصفت "كيف كيف" بشاب لا يد له في المثلية ولا في غيرها.
لقد وجد "نيكولاف" المسكين نفسه بين مطرقة مجموعة تريد أن تتاجر به لتحقيق "انتصارات" وهمية، وسندان متربصين بالحرية والخيارات الشخصية للناس وقذفهم في "خصوصياتهم" (كما حدث ل"مليودة" المحجبة التي تعلم عاملات الهوى طرق الوقاية من داء السيدا، في وقت سابق).
لنتفق جميعا على أن هدف "كيف كيف" لم يكن قط مساعدة الشاب البلغاري الذي عاش 20 سنة في المغرب، لأن أي مغربي يعلم جيدا أن إعلان مثلية مرشح استوديو دوزيم هو عملية ذبح له، وطعنة من الخلف ووأد لمسيرته. إنها خطوة ساقطة من المجموعة المذكورة كي تركب "كتفي" البلغاري، أو أي منطقة أخرى من جسده، لتعرف بقضيتها وتصنع انتصاراتها الرخيصة على حساب الأبرياء الذين سيدفعون ثمنا باهظا.
جمال الخنوسي

يا خسارة!

نتفق جميعا على ضرورة إطلاق حوار بين الصحافة والدولة مهما كانت تغليفاته ومسمياته، أو المكان الذي سيقام فيه. إلا أنه بالنسبة إلينا حوار سابق لأوانه خرج قيصريا ومشوها، لأن الصحافة، على الأقل في الحقبة الحالية، في حاجة إلى الحديث إلى نفسها وإطلاق جدل مع ذاتها وبدء حوار صحافة صحافة، قبل أن تناقش أي طرف من الأطراف الأخرى.
فهذا المجتمع الذي نناقش أو الدولة التي نريد أن نجلس معها على طاولة الحوار ندا للند، تريد مخاطبا حقيقيا صلبا وموحد الصفوف، في حين أن واقع الحال يقول غير ذلك. فالنقابة الوطنية للصحافة لم تعد ممثلة لجميع أطراف الجسم الصحافي، والناشرون مقسمون، والصحافيون يتبادلون السب والقذف. إذ أن ما نشهده أخيرا من معارك ضارية وسط عرين صاحبة الجلالة خصوصية مغربية محضة: الصحافيون يتراشقون بالسكاكين، ويتبادلون الطعنات والسباب في مواجهة سادية عجيبة. فعن أية وحدة صفوف سنتحدث وأي مواقف موحدة سنتخذ في ظل المصالح المتباينة والمتفرقة بل المتناقضة في بعض الأحيان؟!
إننا هنا بصدد تضييع موعد حقيقي لأن الحوار مع الدولة أو مع المجتمع مرحلة مصيرية في تاريخ الصحافة المغربية، ولا يمكن القبول بدخولها على هذا النحو: أقلام مكسورة وأفكار مشتتة وسمعة في الحضيض.
أكثر من هذا، يشير الكثيرون إلى أن مشكلة الصحافة مشكل أخلاقيات مهنة بالأساس. إلا أن هذه الأخلاقيات لا يمكن أن يجدها الصحافيون في أي مكان آخر غير بيتهم الداخلي، لا في حضن المجتمع ولا في أحضان الدولة، لأننا لن نعيد اختراع العجلة، كما يقال، فأخلاقيات المهنة لا يمكن وضعها أو الحسم فيها إلا من طرف المهنيين أنفسهم ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن ننتظر من "السياسي" إملاء نظرته لما هو صحافي. لماذا؟
لأن السياسي محتاج إلى الصحافة ولا يمكنه العيش أو الاستمرار بدونها، إلا أنه يذبحها في أول فرصة تقدم إليه لانتقادها. فالسياسي انتهازي مع الصحافي، ويطلب في الآن ذاته أن يكون الصحافي مهنيا مع السياسي. وبعض التدخلات التي شهدتها قبة البرلمان خلال الجلسة الافتتاحية للحوار خير دليل على ذلك. فهل هذا السياسي مؤهل أصلا للحديث عن أخلاقيات المهنة داخل الصحافة في الوقت الذي يشتعل بدوره داخل حقل سياسي يفتقد لكثير من الأخلاقيات؟!
جمال الخنوسي

المأزق المهني بين المساءلة السياسية والتأطير القانوني

الحوار الوطني كشف تباين وجهات النظر وسوق إعلاميا بناء على رمزية المكان

همت جلسات الحوار على مدى جميع الجلسات محاور تتقاطع عند مسألتين أساسيتين: أولا، كيفية ضبط الصحافة المكتوبة، وثانيا كيفية ضبط القطاع السمعي البصري. وانطلقت الجلسات بمشاركة فاعلين مهنيين وسياسيين وحقوقيين وممثلي الإذاعات ومجلس المنافسة... يجمعهم الوعي بهذا الرهان المستقبلي الهام.
وفي ما يخص الصحافة المكتوبة كان هناك إجماع على وجود حالة من التوتر بين الصحافة من جهة والدولة من جهة أخرى، يتجلى في ثلاثة معالم كبرى هي أولا، المأزق الذي يوجد فيه حاليا مشروع تعديل قانون الصحافة الذي مازال يراوح مكانه منذ مدة، ولم يخرج بعد إلى حيز الوجود. ثانيا، الأحكام أو العقوبات الحبسية والمالية التي صدرت في حق مجموعة من الصحافيين، وثالثا، المأزق الذي توجد فيه فكرة إحداث مجلس وطني للصحافة.
كل هذه العناصر مجتمعة، أكدت وجود أزمة عميقة لا بد من الخروج منها، فكانت محاولة وزارة الاتصال للخروج منها، وتمثلت في النداء إلى فتح حوار بين الدولة والصحافة في شتنبر الماضي، لكنها فكرة لم تتحقق على أرض الواقع لأن الطبقة السياسية ارتأت أن مثل هذا الحوار الذي تريد وزارة الاتصال أن تقوده، لا يمكن أن يعطي نتائج أكبر مما خرجت به المناظرة الوطنية الأولى حول الصحافة في ماي 2005، بعهد الوزير نبيل بن عبد الله، وبالتالي ارتأوا أن تنقل الفكرة إلى مكان آخر، وبالضبط إلى البرلمان، على أساس أن تكون المبادرة هذه المرة مبادرة لثلاثة فرق برلمانية هي الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة. ويستبدل العنوان من علاقة الصحافة والدولة بعلاقة الصحافة والمجتمع.
وتم "تسويق" هذه المبادرة اعتبارا لما سمي رمزية المكان، أي قبة البرلمان. كما تم تعويم الفكرة من حوار الصحافة والدولة إلى حوار الصحافة والمجتمع من أجل تقليص توتر أعصاب جميع الأطراف وامتصاص الغضب.
وانطلق الحوار بغض النظر عن كل تلك الآراء التي قدمت حينها حول مدى قانونية هذه المبادرة وأهدافها العلنية والمضمرة، ومن هم الواقفون وراءها حقيقة. وظهرت خلال المناقشة ثلاثة اتجاهات أساسية: أولا، جهة تدافع عن إحداث مجلس وطني للصحافة يجب إخراجه إلى حيز الوجود بالصيغة التي تحدث بها عنه مشروع قانون الصحافة، لأن المشروع تحدث سلفا عن المجلس. ثانيا، جهة ترى أن المجلس الوطني للصحافة يجب أن ينص عليه في قانون خاص، وثالثا، جهة أخرى ترى أن الصحافة ليست في حاجة إلى مجلس وطني وإنما تكتفي بالتنظيم الذاتي، وإحداث مجلس مهني وتفعيل المؤسسات الموجودة أصلا كما هو الشأن بالنسبة إلى الهيأة الوطنية المستقلة لأخلاقيات المهنة وحرية التعبير التي يرأسها أحمد مشيشي، والتي أحدثت سنة 2005 وظلت حبرا على ورق. علما أنها تجمع في عضويتها ممثلين عن الصحافة والناشرين واتحاد كتاب المغرب وبعض الفاعلين في هذا المجال. وكذا تفعيل ميثاق الأخلاقيات وعقد البرنامج الموقع بين الدولة والصحافة.
وفي السياق ذاته، استغلت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري فرصة مشاركتها في هذه الجلسات العادية للتأكيد على الرأي الذي سبق أن أعلنت عنه بخصوص ما سبق أن راج من إمكانية إلحاق الصحافة المكتوبة بالهاكا، إذ أكد أحمد الغزلي رئيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في حوار سابق مع "الصباح" أن هذا أمر لا يعني الهاكا لعدة أسباب: الأول أن لنا قضايا مختلفة ومعقدة نخوض فيها الآن لا تترك لنا المجال للاهتمام بمجال آخر، تماما كما يحدث في بعض المجالس الإفريقية وكذا المجلس البرتغالي، التي تجمع بين تقنين السمعي البصري وتقنين الصحافة المكتوبة، حيث تخصص هذه المجالس 80 في المائة من المجهود في تقنين الصحافة المكتوبة دون تحقيق نتيجة تذكر كفيلة برفع المستوى، بل أكثر من هذا، يؤثر هذا المجهود بشكل سلبي على عملها الخاص لتقنين السمعي البصري. إن تقنين السمعي البصري من جهة، وتقنين الصحافة المكتوبة من جهة أخرى، شقان تحكمهما عناصر وخصوصيات متباينة ولا يمكن بأي شكل من الأشكال الجمع بينهما"، ثم يضيف، "نحن نرى الحل لهذا الإشكال العويص في إيلاء سلطة التقنين الذاتي لمهنيين سابقين (نوع من الحكماء) يتميزون بسمعة ومكانة اعتبارية داخل الجسم الصحافي، لأن المشكل الحقيقي والتحدي الكبير يكمن في توفير الشروط الضرورية لتمتيع الهيأة المعنية بتقنين الصحافة المكتوبة بالشرعية والمصداقية اللازمتين".
أما الموضوع الثاني المتعلق بتنظيم قطاع الاتصال السمعي البصري، فقد تم الوقوف عند حصيلة 10 سنوات من تحرير السمعي البصري التي يمكن إجمالها في إعادة هيكلة القطاع البصري العمومي بإدماج القناة الثانية والشركة الوطنية ضمن قطب واحد بغية الوصول إلى نوع من التكامل والتوافق بين القنوات، وتسوية وضعية إذاعة ميدي 1 ومحطة "سوا" من خلال إحداث دفاتر تحملات، وخلق إذاعات خاصة جديدة بلغ عددها لحدود اليوم 14 محطة خاصة بين الجيل الأول من تراخيص الهاكا والجيل الثاني، إذ أصبح بإمكان المواطن المغربي أينما وجد داخل التراب المملكة الولوج إلى ست إذاعات على الأقل. كما شهدت العشر سنوات الأخيرة تنوعا في العرض التلفزي العمومي من خلال إضافة قناة "أفلام" والأمازيغية و"الرياضية" و"المغربية" و"الرابعة" و"السادسة" وتحويل "ميدي 1 سات" إلى قناة عمومية بعد أن كانت قناة خاصة (يتوفر المغرب اليوم على تسع قنوات تلفزيونية عمومية و15 محطة إذاعية عمومية). هذا إضافة إلى تقوية احترام أخلاقيات المهنة إذ سبق للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أن أصدرت مجموعة من القرارات بهذا الخصوص سواء في حق الإذاعات أو القنوات التلفزيونية (أصدرت الهاكا حوالي 250 قرارا). كما تحقق خلال هذه الفترة احترام تعددية التعبير، خصوصا من خلال قراري الهاكا المتعلقين بتدبير التعددية السياسية في الإذاعة والتلفزة خلال الفترة الانتخابية وخلال الفترة العادية. وبين هذا وذاك أصبح المستهلك للإذاعة والتلفزة خلال الآونة الأخيرة في قلب المعادلة السمعية البصرية إذ لم تعد الإذاعة صوتا ل"المخزن" بل صوتا للمسمعين.
لكن إلى جانب كل هذه المكتسبات، بقيت العديد من الإشكاليات العالقة التي حظيت بمناقشات مستفيضة خلال جلسات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، منها ماهية المرفق العام (أي كيفية المزاوجة بين مهمة المرفق العام والاستجابة لانتظارات المعلنين الذين هم في واقع الأمر يمولون القناة، حالة دوزيم مثلا)، وسؤال الجودة (ما معنى الجودة؟ هل هي تحسين للذوق؟ أي ذوق؟ ما علاقة النظرة الذاتية بالموضوعية؟)، وسؤال المنافسة الأجنبية للقنوات المحلية (هل يجب تسليح قنواتنا بالإمكانات المادية نفسها التي في حوزة منافسيها أم علينا خلق استراتيجية مختلفة والمراهنة على القرب؟)، وسؤال مدى احترام التعددية. وكلها ورشات مفتوحة تحتاج بدورها إلى مناظرات وجلسات حوار جديدة.
جمال الخنوسي

وفاة صاحب "نقد العقل العربي"

توفي المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري صباح يوم أمس (الاثنين) بمنزله في حي بولو بمدينة الدار البيضاء عن سن تناهز 75 عاما.

وعلمت "الصباح" من مصادر مقربة من الجابري أن المفكر المثير للجدل رحل إثر سكتة قلبية بعد تدهور حالته الصحية منذ مدة، إلا أنه تعايش مع مرضه وظهر عليه تحسن طفيف في الآونة الأخيرة.
وسيوارى جثمان الفقيد الثرى ظهر اليوم (الثلاثاء) بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء.
وأثار الجابري، المتزوج وأب لخمسة أبناء جميعهم أطباء، بمشروعه الفكري، الكثير من المعارك الفكرية وخلق جدالا واسعا بين المثقفين والمفكرين بين مدافع ومنتقد.
وولد المفكر المغربي في 27 دجنبر سنة 1935، بمدينة فكيك. ودرس بها ثم غادرها إلى (الدار البيضاء)، حيث انخرط في خلايا العمل الوطني في بداية الخمسينات،كما كان قياديا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ظل يشغل لفترة طويلة عضوية مكتبه السياسي، قبل أن يعتزل العمل السياسي ليتفرغ لمشاغله الأكاديمية والفكرية. وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب بالرباط.
واشتغل الراحل أستاذا للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط إلى غاية 2002، وصدرت له عدة كتب ومؤلفات أثارت جدلا واسعا من بينها، "نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي" سنة 1980 و"العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي"، و"تكوين العقل العربي (نقد العقل العربي 1)"، و"بنية العقل العربي (نقد العقل العربي 2)" و"العقل السياسي العربي (نقد العقل العربي 3)"، و"العقل الأخلاقي العربي (نقد العقل العربي 4)"، و"مدخل إلى القرآن"، و"مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي"، و"معرفة القرآن الحكيم أو التفسير الواضح حسب أسباب النزول" في ثلاثة أجزاء وهو أول تفسير علماني للقرآن.
وتمكن محمد عابد الجابري عبر سلسلة "نقد العقل العربي" من القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل"، أي العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى. وفي نهاية تلك السلسلة يصل المفكر الكبير إلى نتيجة مفادها أن العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الابتكار.
وحاز الجابري على امتداد مساره الحافل، على عدة جوائز من بينها جائزة بغداد للثقافة العربية في يونيو 1988، والجائزة المغاربية للثقافة بتونس في ماي 1999، وجائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي، سنة 2005، وجائزة الرواد من مؤسسة الفكر العربي ببيروت سنة 2005، وميدالية ابن سينا من اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة بالرباط في 16 نونبر 2006، ثم جائزة ابن رشد للفكر الحر في أكتوبر 2008 بالعاصمة الألمانية برلين.
جمال الخنوسي