15‏/10‏/2007

"سميرة في الضيعة" فيلم مغربي يخترق الطابوهات ويفجر المحرمات

"سميرة في الضيعة" فيلم مغربي يخترق الطابوهات ويفجر المحرمات
مشاهد جريئة من "الحدائق السرية" لزوجة تعاني الحرمان الجنسي بسبب رجل عاجز

إن الاشتغال على الجنس كموضوع للبحث والتأمل والمساءلة يعتبر مخاطرة كبيرة في المغرب والعالم العربي على العموم، نظرا لما يحيط به من قداسة وتعتيم خلق حوله هالة من الجهل والأفكار المغلوطة. أما جعل الجنس تيمة سينمائية فتلك مغامرة كبرى واقتحام "لعش الدبابير"، سقط ضحيته مبدعون من قبل وأصبحوا هدفا لحملات شرسة من قوى ظلامية شنت هجمات ممنهجة، تريد إخراس كل من سولت له نفسه الخروج عن خطى القطيع.
ويمكن الاعتراف منذ البداية أن المخرج لطيف لحلو لم يختر السهولة، ولا قصد المهادنة بل تعمد اقتحام موضوع حساس جدا داخل طابو مغلف بالصمت والتعتيم من خلال سيناريو كتب نسخته الأصلية إبراهيم هاني وأعاد كتابته المخرج نفسه، ويحكي قصة سميرة (قامت بأداء الدور الممثلة سناء موزيان) التي كانت تعتبر البحث عن زوج هو الهدف الرئيسي في حياتها وتبذل كافة الجهد من أجل الوصول إلى رجل يدخلها القفص الذهبي، إلى غاية عثور والدها على عريس مناسب يشتغل في الفلاحة يمتلك ضيعة يستقر فيها مع والده المريض وابن أخته فاروق بعد أن فقد زوجته. لكن سرعان ما تكتشف الفتاة أن زوجها الجديد عاجز جنسيا، وأقدم على الارتباط بها فقط ليتبع الأعراف، ويحافظ على تقاليد المجتمع، وكذلك استغلال سميرة ممرضة تساعد فاروق في العناية بالأب المعلول. وأمام هذا المأزق ستحاول سميرة تعويض الفراغ العاطفي والحرمان بالاستيهامات الجنسية وممارسة العادة السرية. ومع مرور الوقت ستصب اهتمامها نحو فاروق الذي أزعجه تحرشها في البداية قبل أن ينطلقا معا في قصة حب عنيفة وجنونية. لكن لسوء الحظ، عندما يكتشف الزوج طبيعة العلاقة بين زوجته وفاروق، يعمد إلى طرد هذا الأخير من البيت رغم استعطاف سميرة، التي تجد نفسها مرة أخرى في براثن الوحدة والعزلة، منقسمة بين رغباتها العاطفية وتجاهل زوجها.
إن فيلم "سميرة في الضيعة" ليس أول محاولة سينمائية مغربية تتطرق لموضوع الجنس والحرمان الجنسي النسائي على الخصوص، فقد سبق فيلم "الراكد" للمخرجة ياسمين قصاري أن تطرق إلى هذا المشكل من خلال هجرة رجال قرية شرق المغرب للعمل في إسبانيا وترك نسائها يعيشون عزلتهن ووحدتهن القاتلة. إلا أن قصاري تعاملت مع الموضوع بنوع من الحشمة والتحفظ واعتمدت على رموز ووظفت أسطورة "الراكد" للتعبير عن الرغبة الجنسية الراقدة. في الوقت الذي كان تعامل لحلو يتأرجح بين عنف الرغبة والجسد من جهة وشاعرية الحنين والخيال. وهو تعامل تم الاحتفاء به أخيرا في مهرجان أفلام العالم بمونريال، إذ فاز بجائزة أحسن سيناريو والجائزة الدولية للنقاد تلقتهما سناء موزيان نيابة عن المخرج الراقد في احد المستشفيات بعد أن ألمت به وعكة صحية. وكان الفيلم الفائز بحق إحدى مفاجآت المهرجان وأحد أهم أفلامه بمستواه العالي فنيا، وموضوعه الإنساني المؤثر. وحتى أداء الممثلين كان مميزا وراقيا، فقد قام محمد خيي بمغامرة كبيرة وأبان عن مهنية عالية وتمكن من تقديم دور مشوش وحساس خصوصا في مجتمعنا المغربي الذي تسكنه الترهات والأفكار المسبقة. وأدت سناء موزيان المعروفة بجرأتها خصوصا من خلال مشاركتها في فيلم "الباحثات عن الحرية" مع المخرجة المصرية المثيرة للجدل إيناس الدغيدي دورا مختلفا تستحق عليه التنويه. كما برز الممثل الشاب يوسف بريطل في دور خاص قدمه بإتقان ، إضافة إلى المتألق دائما محمد مجد.
ويبقى عنوان الفيلم في نسخته الفرنسية "حدائق سميرة" أكثر تعبيرا وأعمق معنى ويحمل رمزية "الحدائق السرية" للمرأة المحرومة التي تهيم بخيالها واستيهاماتها الجنسية أو بكل بساطة حديقة سميرة السرية التي تجمعها بفاروق الذي "يلبي رغباتها ويجعلها تحس بأنوثتها". وإذا كانت قصة الفيلم متداولة ومعروفة فإن التعامل السينمائي معها يبقى متميزا وفريدا طبعه لحلو بكثير من رهافة الحس والإثارة والشاعرية.
ومن المنتظر أن يشكل فيلم "سميرة في الضيعة" الذي سيشارك في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في أكتوبر المقبل، كما سيعرض في القاعات الوطنية قريبا، حدثا سينمائيا خاصا لا بد أنه سيسيل الكثير من المداد ويثير زوبعات راكدة لحدود الآن.
جمال الخنوسي

هناك 3 تعليقات:

  1. غير معرف1:36 م

    نعم فمثل هذه المحولات السنمائية التي تتكلم عن المسكوت عنه في مجتمعنا يجب تشجيعها و التنويه بها. لكن يجب ان تكون هناك أفلام مغربية للحركة و الخيال العلمي و الرعب و المغامرة التي ستعكس بحق مدى تطور السينما في المغرب و ستلقى إقبالا من لدن الشباب و النقد البناء من الصحافة. أيضايجب تطوير الأفلام التاريخية و التي تعنى بإضهار عظمة الحضارة المغربية و التي ستعمل على ترسيخ حب الوطن. لأنه إذا كانت الأفلام قليلة على الساحة و معظمها لا يسعى لإرضاء الجمهور بل للشهرة عبر خرق الطابوهات فإن هذا سيأتي بنتيجة عكسية

    ردحذف
  2. غير معرف4:17 م

    هذا اسمه العفن
    اما الفن الحقيقي فهو الذي يحترم ديننا الاسلامي وثقافتنا وهويتنا و يعالج قضايا المجتمع الحقيقية بدل نشر واشاعة الانحلال والرديلة

    ردحذف