07‏/10‏/2007

في ضيافة مطبخ تلفزيون "البسالة"


في ضيافة مطبخ تلفزيون "البسالة"
يقدم برامج بطعم الزقوم وسيتكومات بمذاق العلقم

لا يجادل مجادلان وإن كنا لا نعدم من يجادل عن جهل وغباء، في أن البرمجة الرمضانية لهذه السنة، بالخصوص في فترة الذروة هي من أبشع البرامج التلفزيونية في العالم، بل إن تلفزيونات جمهوريات الموز والتفاح والأناناس وجزر الواق واق، أحسن بكثير من تلك الأطباق الباسلة التي تتكرم كل من القناة الأولى والثانية بتقديمها لنا يوميا. ولا نعرف من أين اقتنت مادتها الاولية ومن أية "داهية" استوردت توابلها. كل ما بوسعنا الآن هو أن ننصحكم بعد الانتهاء من هذه الجولة القصيرة في عالم التلفزيون، والرحلة الفاشلة داخل مطبخ دار البريهي وكيلوميتر 7 ، التي سنرغمكم أن تتذوقوا طبخاته المرتجلة، أن لا تكتفوا بالمضمضة وغسل الفم بل ننصحكم بإعادة الوضوء بشكل كامل، وبه وجب الإعلام.
لنبدأ مع سلسلة "شريكتي موشكيلتي" التي تدعى مجازا بالسيتكوم، وهي لا تمتلك أدنى مقومات عمل بهذا الاسم. إلا أن هذا العجب العجاب الذي لا يوجد مثيله في كتاب، هو في حقيقة الأمر مذبحة لممثلين نعزهم وفنانين نحبهم، من طينة محمد بسطاوي وسناء عكرود ونجاة الوافي، إلا أنهم سقطوا في هذا الفخ الذي لا مفر منه. فرغم محاولة القيمين على هذا العمل الدخول في إطار الوعظ والإرشاد تارة، والفكاهة تارة أخرى مستعينين بعبد الخالق فهيد، إلا أن المنتوج يبقى بلا طعم ولا معنى، ونحس بالجميع وكأنهم "كيكبوا الما في الرملة" ويقومون بجهد جهيد بلا جدوى.

يأتي دور كاميرا النجوم التي رغم أن فكرتها منقولة عن الكوميدي الفرنسي ذي الأصول التونسية رافاييل مزراحي وصنعت مجده منذ سنة 1990 واستطاع من خلال تمثيل دور الصحافي والمستجوب الفاشل في إسقاط 136 ضحية لمقلبه من المشاهير ينتمون إلى عالم الفن والسياسة، إلا أنها على أي حال تبقى فقرة ممتعة وسرقت منا في العديد من الأحيان الابتسامة، وكشفت عن الوجه الخفي لكوميديين مغمورين، ينتظران فرصة أوسع للتعبير عن موهبتهما.
بخصوص المسخ المسمى "جوا من جم" فهو كذلك فكرة منقولة عن برامج التولك شو التي انطلقت موضتها قبل سنوات، وكان أبرزها ما يقوم به المنشطان الأمريكيان ذائعا الصيت "جي لينو" و"دافيد لاترمان"، إلا أن الشخصيتين اللتين تحدثنا عنهما تقدمان تولك شو "على حقو وطريقو"، خلافا لهذا المنتوج العجيب الذي يمثل لونا تلفزيونيا لم نر له مثيلا من قبل ولا من بعد، إذ يتكفل الجم باستنطاق شخصيات مفتعلة، تمثل دور شخصية ما يطرح عليها اسئلة "بيخة" للوصول إلى أجوبة ساذجة. وفكرة الحلقات هذه، إن كان لها فكرة أو مضمون أصلا، هي في غالب الأحيان تتسم بالشعبوية والتخلف، وتعبر عن أفكار جلسات "القهاوي"، ونميمة رأس الدرب لا أكثر ولا أقل.
أما عوني 2007 فهو صورة طبق الأصل لعوني 2006 ، ونشعر وكأننا نشاهد إعادات لحلقات قديمة جديدة. وكان حريا بالعوني أن "يعطي الراحة لراسو" ويدع الكتابة لخلية كتابة حقيقية، وليس "تعمار" الجينيريك بخلية وهمية مكونة من الممثلين المشاركين في العمل نفسه، مرتجلين بذلك شخصياتهم في السلسلة. الاستعانة بكتاب آخرين كان سيمنحه لا محالة دما جديدا وأفكارا مختلفة عن نمطية العوني وشخصيته التي مللناها.
عبد الرؤوف كان أقوى من الجميع، وأطلق صرخة ديك مذبوح، وقال بصوت عال إن دوزيم قطعت رأسه من خلال برمجة عمله "عبد الرؤوف في لانتريت" في وقت قاتل، وزادت الطين بلة عندما حذفت ما حذفت، وأزالت ما أزالت، لتحافظ القناة على التوقيت المناسب لها، دون مراعاة خصوصيات العمل. على الأقل فقد بقي عبد الرحيم التونسي وفيا لطريقته وشخصيته، ولم يقفل فمه كي يظفر "بالغنائم" والفرص المكررة، ولم يهادن أحدا ليكسب رضاه على حساب فنه وعمله.
أما العمل الذي قدمه حسن الفد فكان محبطا ويبدو من أعماله القديمة إلى أي حد تراجع مستواه وجفت قريحته، ونفد ابتكاره وكان عمله "تيت سويت" متسرعا مثل اسمه. مشكلة الفد أننا كنا ننتظر منه الكثير وبدا لنا من خلال أعمال سابقة انه مازال في جعبته ما لذ وطاب من أطباق الفكاهة إلا أنه استكان للكسل والخمول فأحبطنا وخيب آمالنا.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق