28‏/03‏/2006

انتهاء جلسات الإستماع لحاملي مشاريع القنوات الإذاعية و التلفزية
* 4 قنوات تلفزية جديدة وحظوظ وافرة أمام ميدي 1 سات
* فترة تنافسية جديدة للإذاعات المتمركزة بالمدن الكبرى

انتهت يوم الجمعة الماضي جلسات الاستماع لحاملي مختلف مشاريع القنوات الإذاعية والتلفزية من طرف اللجنة التقنية المنبثقة عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وانطلاق فترة تقييم العروض لاتخاذ القرارات النهائية والإعلان عنها بشكل رسمي يوم 5 أبريل القادم .
و لحد الآن لم يتم الحسم في أي ملف من الملفات بل مازالت تخضع بكاملها و بشكل سري للفحص من لدن اللجنة التقنية.
وتبقى القناة التلفزية ميدي 1 سات الأقرب للحصول على الترخيص مادامت خاضعة لمسطرة التراضي في ظل غياب المنافس حسب مصدر مطلع. إلا أن هذا لا يعفي القيمين على المشروع من استيفاء جميع شروط و معايير الفعالية و النجاعة و التنوع و الجدية، بعد أن استجابوا من قبل لشروط القبول القانونية. و تقول مصادرنا بأن "بيير كازالطا" المدير العام ل"ميدي 1 "يحيط مشروعه الذي يلقى دعما فرنسيا قويا بالكتمان والسرية. ومن المنتظر أن تجعل القناة من الأخبار والخدمات أغلب مواد شبكة برامجها.
و تبقى المنافسة محتدمة بين المشاريع التلفزية الأخرى: القناة الموسيقية "ريتمو تي في" ذات التمويل الإيطالي. وقناة Canal 3M الجهوية التي سيقتصر بثها على الدار البيضاء ومراكش، وقد اختارهما المستثمر الفرنسي "بيير لومبير" نظرا لارتفاع معدل رواجهما الاقتصادي. و القناة العامة 3tvem. و من المنتظر أن تقبل جميع العروض نظرا لقلتها إذا ما استوفت الشروط التي حددتها اللجنة والتزمت بدفاتر التحملات.
أما فيما يخص القنوات الإذاعية فالمنافسة على أشدها بين 31 طلبا قدمت للجنة طوال عشرة أيام . وحسب نفس المصدر فإن المشاريع الجهوية التي تهم مدنا كالدار البيضاء ومراكش و الرباط تعرف منافسة شديدة نظرا لتعدد الملفات ومحدودية الترددات. الأمر الذي دفع باللجنة التقنية المنبثقة عن المجلس إلى إعطاء فرصة تنافسية جديدة لغاية 29 مارس من أجل إبراز قيمة كل ملف ومدى استيفائه للشروط مع الأخذ بعين الاعتبار قيمة الاستثمار و مدى تقديمه للمنتوج الوطني واعتماده على الكفاءات المغربية.
وتتحدث بعض المصادر عن قناة "إف سي راديو" التي يساهم فيها منير مجيدي المعروف في أوساط المال والأعمال وصاحب أكبر شركة في ميدان الإعلان والإشهار (إف سي كان). كما تقدمت مجموعة الشعبي بمشروع إذاعي تحت اسم (كافوميم). وإذاعة "غاليليو" التي تقدم بها ابن إدريس جطو والمجموعة الفرنسية "جي إف إم". أما يونس بومهدي ابن الجنرال بومهدي فتقدم بمشروع "راديو هيت ميوزيك" بشراكة مع المجموعة الفرنسية "ستارت". كما قدمت المجموعة المغربية "إيكو ميديا" الناشرة لكل من يومية ليكونوميست باللغة الفرنسية والصباح باللغة العربية، مشروع إذاعة مختصة في الاقتصاد. كما تقدم الصحفي عبد الله ستوكي بمشروع "راديو بهجة إف إم" الذي سيقتصر على مدينة مراكش. و قدم الإعلامي كمال لحلو صاحب شركة "نيو بيبليسيتي" مشروع "راديو بيبليسيتي".
جمال الخنوسي


اختلاف الفنانين المغاربة في تقييم الحركة المسرحية
بين إعلان الوفاة و الأمل في المستقبل
"يجب أن يحيى المسرح لأجل استشراف بصيص أمل وسط السديم والكواليس اليومية" هكذا كان نداء اليوم العالمي للمسرح، حزينا قاتما لكن في نفس الوقت مفعما بالأمل. و يضيف الممثل المكسيكي فكتور هوغو راسكون باندا أن فن المسرح "يجب أن يحيى لأجل فهم ما يقع لنا ولإجلاء الآلام التي تعتمل في الأجواء"، وقال باندا في نداء اليوم العالمي للمسرح, الذي ألفه تحت عنوان "بصيص أمل"، إن "المسرح يثير وينير, يشوش ويربك, يحمس ويكشف, يستفز وينتهك إنه حوار يشاطره المجتمع". وبالنسبة إلى فكتور باندا فإن "المسرح هو أول فن يتواجه مع العدم ومع الظلال والصمت لأجل أن تنبعث الكلمة والحركة والأنوار والحياة". فهذا الشكل التعبيري، الذي "ينبعث دوما من رماده"، يرى فيه هذا الممثل المسرحي " شكلا من التواصل السحري، كل طرف فيه يعطي ويأخذ شيئا ويحوله".
وأشار باندا، في نداء اليوم العالمي للمسرح لهذه السنة، إلى أنه "لطالما شيع موت المسرح، خاصة منذ بزوغ السينما والتلفزة ثم الوسائط الحديثة التي غزت تكنلوجيا الركح وسحقت البعد الإنساني، وتم تجريب مسرح مشهدي، أقرب إلى تشكيل متحرك يلغي الكلمة وظهرت مسرحيات بدون حوار أو بدون إضاءة أو حتى بدون ممثلين، تعتمد فقط دمى وكراكيز منصوبة تحت دوران الإنارة". ورغم هذه التحولات التي عرفها فن الخشبة والتي كادت أن تحوله إلى "مجرد شهب اصطناعية أو فرجة في موسم احتفال" إلا أن الممثل، يقول باندا، استطاع أن يعود "إلى مواجهة المتفرج، ونعاين عودة الكلمة فوق الخشبة". وسجل في هذا السياق أن المسرح "تخلى عن التواصل الجماهيري وأدرك حدوده الذاتية، والتي يمليها تواجد كائنين وجها لوجه، يتبادلان الأحاسيس والانفعالات والأحلام والأماني" فالفن الركحي، يضيف فكتور باندا، "توقف عن حكى الروايات وأخذ يبادل الأفكار". وعن تخصيص يوم للاحتفال بالمسرح يؤكد مؤلف "بصيص أمل" أنه "كان ينبغي أن تكون كل الأيام أياما للمسرح، إذ على مر القرون العشرين التي خلت ظلت جذوة المسرح متوقدة في مكان ما من المعمور".
وفكتور هوغو راسكا باندا، المزداد سنة 1948 في بلدة بشمال المكسيك، من أبرز الكتاب المسرحيين المكسكيين. كتب أول أعماله سنة1979 تحت عنوان " أصوات على العتبة". وفضلا عن كتاباته المسرحية سيحرز عدة جوائز وطنية ودولية. كما كتب عدة سيناريوهات للسينما مثل" أيام صعبة" و"الموت في الخليج".
وقد أحدث اليوم العالمي للمسرح سنة1961 من طرف المعهد الدولي للمسرح، وفي27 مارس من كل سنة تحتفل به مراكز المعهد الدولي للمسرح والمجموعة المسرحية الدولية عبر تنظيم عدة تظاهرات مسرحية من أهمها نشر النداء العالمي للمسرح الذي تعزى صياغته إلى شخصية مسرحية ذات صيت عالمي وذلك بمبادرة من المعهد الدولي للمسرح.
لكن ماذا عن المسرح المغربي ؟ و كيف يعيش عيده ؟
يرى البعض أن المسرح المغربي يعيش حالة شبيهة بالاحتضار تستدعي دق ناقوس الخطر رغم سياسة الدعم بنواقصها العديدة. والصورة الأكثر قسوة و حلكة هي التي رسمها البيان الذي أصدره مسرح البدوي بالمناسبة ، والذي توصلت الجريدة بنسخة منه، حيث جاء فيه أن الاحتفال بهذه المناسبة لم يكن من منطلق تمجيد ما هو قائم، و لا من باب إقامة احتفالات فلكلورية تكتفي بالخطب الفارغة التي تدر الرماد في عيون الغافلين عن الحقيقة. بل الهدف منه محاسبة النفس و استقراء الواقع المسرحي الذي لا يرتفع و الذي تدل تجلياته على أن مسرحنا ليس بخير، و على أن حركتنا المسرحية تتراجع إلى الوراء شهرا بعد آخر و سنة بعد أخرى. كما تدل على أن إسناد أمور المسرح إلى غير المسرحيين المحترفين هو سبب كل هذه الأمراض التي تكالبت على كيان المسرح الاحترافي. و يضيف البيان ، إن الذي يحز في النفس أكثر هو أن نجد أنفسنا سنة أخرى مجبرين على ترديد نفس الأسطوانة حول هذا الواقع المتعفن و الذي لم تنفع كل أموال الدعم المهدرة بدون قوانين أو ضوابط أن تحسن من صورته المخيفة. و بالتالي نحن في حيرة من أمرنا: هل نعيد طرح القضايا و كل الإشكالات التي تعترض مسار المسرح الاحترافي و التي أهدرنا سنوات من العمر و من الممارسة في التمديد بها و في التشكي من عواقبها و آثارها. أم أننا مطالبون للحديث كل سنة عن إشكالات جديدة تضاف إلى سابقاتها لتظل دون حل و لترخي بأسدال الخيبة على كل الساحة، و بعد كل هذه السنوات من حقنا جميعا أن نتساءل: ماذا حققت سياسة الدعم للمسرح المغربي؟ ماذا أنجزت من مكتسبات و من عروض تدخل التاريخ من أوسع أبوابه؟ هل أصبحت الساحة المسرحية تتوفر على كل البنيات اللازمة؟ و هل استطاع كل هذا الضجيج أن يفعل قانون الفنان الذي ناضلنا من أجله قبل العقد الأخير من القرن الماضي؟ و هل أعدنا للمسرح اعتباره و قيمته في حياتنا اليومية؟ .
إن الإجابة عن هاته الأسئلة لن تكون إلا صادمة . و يضيف البيان ، إن مسرح البدوي إذ يعلن عن مواقفه هاته فلكي يضع مسؤولية كل ما وقع على عاتق من أوصلوا المسرح و رجاله و نساءه إلى هذا الدرك الأسفل و إلى هذا العبث الذي يفرض علينا و على كل الجمهور المغربي تارة باسم الدعم الذي لا يدعم إلا التفاهة و القرابة و المحسوبية و تارة أخرى باسم الإنتاج الوطني الذي لا يحمل من جذور الوطنية الحقة إلا الاسم، و تارة ثالثة باسم الانفتاح، علما أن هذا الأخير لا يعني الاستلاب و الذوبان في الآخر.
وفي المقابل يرى حسن النفالي رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح في تصريح قدمه لوكالة المغرب العربي، صورة المسرح المغربي أقل قتامة حيث برز جيل جديد من المسرحيين من خريجي المعاهد ومن الهواة يعملون جاهدين إلى جانب الرواد على تقديم أعمال مسرحية تخدم الإنسان المغربي وترتقي بذوقه و تسعى إلى جعل "كل الأيام أياما للمسرح" و"الحفاظ على جذوته متقدة" باستمرار.
ويرى المتفائلون أن المسرح المغربي عرف خلال العقدين الأخيرين انتعاشا ملحوظا على مستوى كمية الإنتاج خاصة، وذلك بفضل تظافر الجهود والحفاظ على أواصر التواصل بين جيل الرواد والمشتغلين في المسرح من الشباب بغية الوصول بالإبداع المسرحي إلى آفاق أرحب، حيث ارتفع عدد الفرق إلى أزيد من ثلاثين فرقة مسرحية، كما سجلت زيادة في الدعم الذي تقدمه الوزارة الوصية.
ورغم هذا وذاك، مازالت انتظارات المشتغلين في المسرح كثيرة، منها على الخصوص، حسب رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، ضرورة "تفعيل قانون الفنان الذي صدر سنة 2003 ، والذي مازال يعرف بعض البطء، وكذا تفعيل اتفاقية الشراكة بين وزارة الثقافة والائتلاف المغربي للثقافة والفنون بشأن التغطية االصحية، وإصدار مرسوم البطاقة المهنية وخلق صندوق وطني لرعاية الفنان، وهذا لن يتحقق إلا بجعل القطاع الثقافي والفني وضمنه المسرح قضية كل القطاعات الحكومية".
إن أي مشروع تنموي لابد وأن ينطلق من الإنسان كمحور له، وينصرف إلى إنماء الحس الثقافي والفكري لديه، وبالتالي ضرورة انخراط الجميع في هذه الدينامية من جماعات محلية وقطاع خاص وفعاليات المجتمع المدني, وذلك من خلال ترويج المنتوج الثقافي وإعداد البنيات التحتية الضرورية لاستقباله، والاهتمام بالتكوين والتربية الفنية وتوفير البنية الثقافية عموما والمسرحية خصوصا، والإسهام في ترويج المنتوج الثقافي.
وفي هذا الصدد أكد جمال الدين الدخيسي مدير المسرح الوطني محمد الخامس في تصريح لوكالة المغرب العربي أن هذه الاستمرارية دليل على أن دماء جديدة ضخت في شريان المسرح المغربي، والمسرح عموما الذي "طالما شيع موته، خاصة مع بزوغ السينما والتلفزة ثم الوسائط الحديثة التي غزت تكنولوجيا الركح وسحقت البعد الإنساني فيه".
وبين تشاؤم وتفاؤل بمستقبل المسرح المغربي، يجمع الكل على أهمية التربية الفنية للمواطن، وعلى أهمية المسرح المدرسي والجامعي كمشتل للمواهب التي يمكن أن تغذي الساحة المسرحية الاحترافية وتتيح للشباب اكتساب مخيال أدبي خلاق وسلوك مدني حضاري.
نعم سيظل "المسرح مادة حية تأخذ في الاندثار حالما توجد، لكنه على الدوام ينبعث من رماده كطائر الفينق ليشكل نوعا من التواصل السحري كل طرف فيه يعطي و يأخذ شيئا ويحوله" لأن "المسرح حوار يشاطره المجتمع، وفن يتواجه مع العدم ومع الظلال والصمت لأجل أن تنبعث الكلمة والحركة والأنوار والحياة".
و كل عام و المسرح بخير
جمال الخنوسي



23‏/03‏/2006


موجة الأدب الاستعرائي تتزعّمها كاتبات يحقّقن أعلى المبيعات

نيللي أركان "مومس" و"مجنونة"
نيللي أركان ليست كاتبة كلاسيكية كما نتخيلها جميعا.. فهي ليست امرأة هرمة ذات شعر أبيض وصدر مترهل ووجه تملؤه التجاعيد بالعكس فهي شابة من النوع الذي يمكنه أن يملأ أغلفة مجلات التجميل و الأزياء و الفضائح من باري ماش إلى غالا إلى فوغ. جذابة، جميلة ،مثيرة وذات صدر يملؤه السيليكون.حاولت نيللي أركان أن تقدّم نفسها كمثقفة جريئة، في اللقاءات الاعلامية والمناقشات الأدبية. فهي من مواليد قرية ليزيير دو مين، عام 1975، تابعت دراساتها الأدبية في جامعة مونتريال، ولديها اهتمام بالتحليل النفسي. كتبت روايتها "المومس" في ظروف غامضة، وفيها تحكي كيف منحت طبيبها النفسي، الذي كانت لديه ميول أدبية، مخطوطة تستعيد شذرات من حياتها عندما خرجت لممارسة الدعارة الرفيعة المستوى، فنصحها بأن نصّها يتفجّر بالموهبة ويستحق النشر.

إنها امتداد لموجة غليان من الكاتبات الفضائحيات أطلقتهن، في تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الحالي، مجموعة من كبريات دور النشر الاوروبية. ضمنهن مثلا كاترين روب غرييه، زوجة الكاتب الفرنسي المعروف ألن روب غرييه، في كتابها "مذكرات زوجة شابة 1962 - 1957" (عن دار فايار) الذي تكشف فيه عن علاقاتها الداعرة مع زوجها، ثم إعادة نشر كتاب "كل خيول الملك" (عن دار أليا) الصادر عام 1962 ونفد من المكتبات، لصاحبته ميشيل برنشتاين، زوجة المفكر الراحل غي دوبور. ويحكي الكتاب في قالب روائي الطموحات التحررية لجيل كامل.
ترعرعت نيللي أركان في عائلة محافظة، أب متدين دائم التفكير في الآخرة و أم شبه غائبة تمضي طوال نهارها في النوم، أما أختها فماتت في سن مبكرة. في تعليمها الأولي، عاشت أجواء صارمة مع الأخوات الكاثوليكيات، الى درجة أنها عندما كبرت كانت تشمئز من رؤية عاشقين يتبادلان القبل في حديقة عمومية.
الحياة، بهذه القسوة، مغامرة كبيرة، والكتابة مخاطرة أكبر. فالسبب الذي دفع نيللي أركان الى بيع جسدها، دفعها أيضا الى التنكيل به عبر كتابها. سنقرأ وسنحسّ بالمرارة. تحكي كيف تمضي يوما كاملا في غرفة مغلقة في انتظار العشرات من الزبائن الرجال في اليوم الواحد. تصف أجسادهم الكريهة وهي تتحلّل أمامها. كل واحد يأتي بقصة مختلفة، وسنصطدم بأن الكتاب ليس هدفه الاغراء او الاستعراء المجاني. إنه نص حار يشرح التجربة والحياة، ويشرّحهما. الكثيرون سيبحثون عن مشاهد عارية، وسيعثرون عليها بكل تأكيد. إنها لا تثير الرغبة في أي شيء بقدر ما تدفعنا الى التقزز. بعض النقاد الكيبيكيين اعتبروها "قسّ الأدب الكيبيكي"، فنظرتها الى العالم يشوبها حسّ أخلاقي مفرط، تعرّي الجسد وتردم عليه التراب. الموت والجنس رديفان، الى درجة أنها تنهي كتابها بكلمة "موت" رغم أنه يروي قصة ضاجّة بالحياة.
في كتابها الثاني، "المجنونة"، ستختار الاعتراف والتداعي الحرّ نفسه، مستمرة في الكشف عن سيرتها. لكنها ستنحاز هذه المرة الى أدب الرسائل، وستكتب رسالة طويلة بحجم كتاب كامل الى عشيقها الفرنسي الذي تكنّ له عشقا مجنونا.وكما يقول جورج باتاي: "يخيّل اليّ أن ما يجبرني على الكتابة، هو الخوف من أن أصبح مجنونا". هذا ما دفع نيللي أركان، ربما، الى اللجوء الى الكتابة، بعد فشل الطب النفسي، لعلها تجد توازنا نفسيا يمنحها معنى للوجود.
وأنت تقرأ الكتاب الثاني لنيللي أركان، ستحسّ بأنه يشبه مذكرات حميمية أرسلت عبر البريد الالكتروني بالخطأ لتنشر في أحد مدونات الانترنت. هي نفسها تعاتب عشيقها على تعاطيه المرضي مع مواقع الانترنت البورنوغرافية بحثا عن فتاة سمراء عوض شقراء تشبهها. فالكيبيكي يصف عشيقته أو حتى زوجته بـ"شقرائي"، حتى لو كانت متحدّرة من جمهورية هايتي.
لا يهم إن كانت الكاتبة هي فعلا بطلة الرواية، حيث يتداخل ما هو متخيل مع ما هو واقعي ويمتزج جنس الرواية بجنس السيرة الذاتية. حيث تحاول البطلة "نيللى" تصوير مشاعرها من خلال رسالة لعشيقها الذي لا يرى فيها سوى جسدا مثيرا ونزوة عابرة. رجل يجد لذته في البرنوغرافيا على شبكة الأنترنيت. تنغلق على ذاتها وتطوي مشاعرها وخيبة أملها بعد أن ظنت أنها موضوعا للعشق. شعور بالحب تحسه لأول مرة. نيللي العاهرة التي يزورها عشرات الرجال يوميا أخفقت في أول قصة عشق. فاختلط لديها الانطواء بخيبة الأمل. على أي حال الأمر غير مهم ما دامت قررت الانتحار في عيد ميلادها الثلاثين.
وإن كان غالبية النساء لم ترقهم روايات أركان إلا أن رد فعل الرجال اختلف بين النقمة والرضى الكبير بين التنويه بكاتبة ذات موهبة فذة ونقد وصل لحد الشتم.
و يرى هشام فهمي الصحفي بجريدة "النهار" أن أركان مثلها مثل كاترين مييه، مديرة تحرير مجلة الفن المعاصر، "أرت برس"، في كتابها "الحياة الجنسية لكاترين م" (عن دار سوي) والذي بيع منه مليونان ونصف مليون نسخة، ثم كريستين أنغو وكتابها "غشيان المحارم" (عن دار ستوك)، وفرجيني ديبانت في كتابها "ضاجعني" (عن دار فلوران ماسون). جزء من لائحة طويلة، متفجّرة وفاجرة، لكن الاسم الأكثر فضائحية ويعدّ الآن ظاهرة مثيرة في أوروبا، هو للايطالية ميليسا ب، التي أصدرت روايتها الاولى "100 ضربة فرشاة قبل الذهاب الى النوم"، عام 2003، ولم تكن تتجاوز آنذاك سنّ السابعة عشرة. هذا الكتاب خطير للغاية، لانه خليط من الاعترافات الجنسية التي تحكي عن تجاربها الشخصية، من اغتصاب ومثلية جنسية وعلاقات سادومازوشية، الى درجة أنها تصف كيف ضاجعها ستة رجال دفعة واحدة في عيد ميلادها السادس عشر، مما دفع ببعض سكان صقلية المحافظين الى تهديدها بالرجم. وقد حقق الكتاب مبيعات وصلت الى مليونين ونصف مليون نسخة، لكن بعد إصدار كتابها الثاني "نكهة نَفَسك" المخيّب، بدأت الاسئلة ليس فقط حول قيمته الأدبية، بل حول مأزق هذا الصنف من الكاتبات اللواتي يدافعن بشراسة عن كونهن كاتبات مستحقات، وهذا ينطبق أيضا على نيللي أركان وكتابها الثاني "المجنونة". حتى أن بعض النقاد الكيبيكيين قارنوا بين الكاتبتين وبين القراء الذين يلهثون وراء المومس والمراهقة، عوض الكاتبة.
مهما يكون الحال ومهما تكون أركان الكاتبة أو شخصية الرواية ففي آخر المطاف فما هي إلا طالبة قديمة في الجامعة .. طالبة قررت أن تكسب لقمة عيشها من خلال موهبتها في الكتابة، واختارت طريقة مختلفة للتعبير ووسيلة مميزة للوصول لدور النشر بخلق هذه الهالة وهذه الازدواجية بين بطلة الرواية وكاتبة النص، واللعب على هذا اللبس. لا يهم أن نعرف تفاصيل عن حياتها لأن الكاتب يجب أن نتخيله من خلال قراءتنا لأعماله. وليس من الضروري التعرف على تفاصيل حياته من خلال "التولك شو " والبرامج الحوارية التي تجمع "البيبل" والمشاهير على القنوات التلفزية.
* ونيللي أركان لها قدرة عجيبة في اختيار عناوين أعمالها. فيكفي أن نضع على غلاف كتاب كلمة "مومس" حتى يختفي من رفوف المكتبات. وبطبيعة الحال ستوقض ذلك "البصاص" الذي ينام داخلنا جميعا. كان يكفيها أن تمر في برنامج Tout le monde en parle لتييري أرديسون حتى يصبح كل إقليم الكيبيك الواسع يتحدث عنها. ف"أردسون" معروف عنه حسه المستفز والمثير. فبمجرد أن هزأ بلكنتها الكيبيكية حتى شاع اسمه كجلاد ويعرف اسمها كضحية خجولة للأب الفرونكفوني الكبير والمتعالي "فرنسا".
في الحقيقة لا تمتلك أركان موهبة نافذة ولكن كتابتها مباشرة وصريحة تجعل القارئ متعلقا بجزئيات الحكاية التي تروى إضافة إلى أنها تعرف كيف تسوق كتبها. وإذا لم تعمل على تطوير نفسها وتشغيل قدراتها فحتما سيمل منها القارئ ومن سوداويتها المثيرة. تقول أركان عن طريق روايتها: "في بعض الأحيان أرى كتابتي كتلك المدونة على علب السجائر أظهر ما ليس مسموح لنا برؤيته".
جمال الخنوسي


21‏/03‏/2006

تفاصيل الجريمة البشعة التي راح ضحيتها طفل لم يتجاوز السابعة
* القاتلة تحال على المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم في حالة سيئة.
* لماذا أقدمت المتهمة على قتل تلميذها؟
* هل الانتقام من الأب هو دافع الجريمة؟

عندما سمعت أزيز سيارة النقل المدرسي خرجت أم عزيز مسرعة للشارع تبحث عن صغيرها لتحثه على الإسراع للحاق بحافلة المدرسة، نظرت يمينا وشمالا فلم تجد عزيز الذي لم يتجاوز ربيعه السابع، لقد خرج منذ وقت قليل للعب أمام المنزل في انتظار سيارة النقل المدرسي، انطلقت مسرعة إلى الزقاق الذي اعتاد اللعب فيه لعلها تجده في مكانه رفقة أقرانه في لعبة سلبت تركيزه.. دون جدوى، تاهت بين الأزقة والدروب تسأل كل من تصادفه في طريقها، أصبحت كطائر جريح ينتفض من شدة الألم، تتحرك في كل الاتجاهات على غير هدى بين الأمل واليأس... أمل معانقة صغيرها من جديد.
أم عزيز لم تكن تعرف في ذلك الوقت أنها لن ترى فلذة كبدها، ولن تعانقه مرة أخرى ولن تنتظر معه حافلة المدرسة. شاع خبر اختفاء الطفل في المدينة فدب الهلع بين الساكنة جمعاء وأطلق العنان لشائعات في محاولة للإجابة عن سؤال ملح: أين اختفى عزيز؟
عاد عزيز من المدرسة يوم الإثنين حوالي الساعة 12 زوالا، تناول وجبة الغذاء وحوالي الواحدة بعد الزوال خرج للعب أمام البيت في انتظار وصول حافلة المدرسة التي ستنقله رفقة أصدقائه من أجل إنهاء يومه المدرسي، وصل سائق الحافلة كعادته أمام منزل عزيز حوالي الواحدة و45 دقيقة، وبدأ ينتظر ظهور عزيز مهرولا للالتحاق بزملائه ومع طول الانتظار ظهرت أم عزيز تبحث عن ابنها لينظم الجميع إلى ركب الباحثين عن الطفل المختفي.
بقي مكان الطفل فارغا وكرسيه شاغرا، سأل جميع أصدقائه عنه وشاع الخبر بين التلاميذ والآباء وبالمدينة بأكملها ، وجاء تدخل القناة الثانية وتغطيتها للموضوع ليعطيه حجما وطنيا، وأصبح كل الرأي العام الوطني يتساءل عن السر في اختفاء عزيز الطفل الذي لم يبلغ ربيعه السابع بعد. ولم يعش طويلا حتى تكون له عداوات. ملأت أخبار عزيز نشرات الأخبار في القناة الثانية وانطلقت الألسن تلوك الشائعات وتتفنن في اختلاق الحكايات والأساطير، حتى أن البعض ذهب إلى كون عزيز ضحية لدجال يستغل دم الطفل الصغير من أجل تحديد مكان كنز مدفون مستعينا بتحضير الجن الذي يشترط دم طفل صغير "زهري"، فأصبح الآباء يحرصون على اصطحاب أبناءهم إلى المدرسة خوفا وهلعا، حيث ظن البعض أن مدينة سيدي قاسم ربما شهدت ظهور سفاح آخر شبيه بسفاح تارودانت المختص في قتل الأطفال.
مرت الساعات بطيئة ولم يظهر أثر لعزيز، اجتمع كل الجيران والأهل في بيت أم عزيز إضافة إلى زملائه ومعلماته وكذلك المدعوة (ع.ب) جارة العائلة والأم الثانية لعزيز التي تتكفل بإعطائه دروسا للدعم والمراجعة وحل التمارين. وكثيرا ما يمضي الليل في منزلها عندما يستبد به التعب ويغالبه النعاس، الكل اجتمع في تلك الليلة الباردة يتبادلون دفئ الأمل في عودة عزيز صباح غد.
صباح الثلاثاء نظم زملاء عزيز أمام المدرسة وقفة تضامن مع رفيقهم مطالبين بتكثيف البحث وعودته العاجلة. حملوا صوره وهتفوا باسمه. وفي نفس الصباح استيقظت إحدى الجارات لتكتشف أن حديقتها الصغيرة التي يتوسطهاحوض صغير "للفول" قد عبثت بها أقدام غريبة، وفي محاولة منها لإصلاح ما أفسدته أقدام زائر الليل، اكتشفت كيسا كبيرا تغطيه أكياس فارغة من الإسمنت، ارتابت من أمر ذلك الكيس فنادت على جارتها المدعوة (ع.ب) لتساعدها بالنظر لمحتوى الكيس الغريب. اقتربت الجارة من الكيس وبدأت تفتحه لتكشف جثة الطفل عزيز، اختلط عويل المرأتين وبكاؤهما، صرخوا عاليا في طلب النجدة، ورجال البوليس الذين أسرعوا للوصول لمكان الجثة، قدم أهل عزيز عند سماعهم صياح (ع.ب) وهي تقول إن عزيز وجد مقتولا في الكيس، قضت على أمل جميع أفراد الأسرة في معانقة عزيز مرة أخرى، كانت تلك النهاية لكن لم تكن آخر مفاجآت الأسرة المكلومة.
نقلت جثة عزيز للمستشفى الإقليمي بسيدي قاسم وأظهرت الفحوصات الأولية أنه تعرض لاعتداء جنسي الأمر الذي زاد من حيرة رجال الشرطة وحيرة جميع المواطنين، وجعلت من فرضية سفاح جديد للأطفال تتأكد أكثر، نزل الخبر كالصاعقة على جميع ساكنة المدينة وسرت المخاوف والهواجس في جميع الأرجاء ، لكن مع تتبع رجال الشرطة للمسار الذي اعتاد عزيز قطعه كل يوم بدأ يجعل الأمور تتوضح أكثر، فآخر مرة شوهد فيها الطفل كانت حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال أي بعد تناوله وجبة الغذاء لكن استجواب صاحب الدكان الكائن في الحي وتصريحه بأنه رأى عزيز حوالي الواحدة والنصف عندما جاء صحبة معلمته (ع.ب) التي كان يحلو لعزيز أن يناديها ب "طاطا".
اشترت المدعوة (ع.ب) لطفل آخر قطعة حلوى وأمرته بالانصراف . واشترت لعزيز ما يتناوله عادة في استراحة الساعة الرابعة (الأمر الذي لن يحدث قط) كان الأمر واضحا إذن آخر مرة شوهد فيها عزيز كان صحبة(ع.ب).
عند استدعاء الظنينة واستجوابها لاحظ رجال الشرطة ارتباكا في أقوالها وتداخلا في المعلومات التي تقدم مما جعل الشكوك تحوم حولها أكثر إلى أن اعترفت في الأخير بكل تفاصيل الجريمة الشنيعة.
قالت (ع.ب) إنها اقتادت الطفل الصغير إلى منزلها الذي اعتاد الدخول له واعتبره بيته الثاني فقد كانت معلمته وتربطها علاقة عائلية مع والد الطفل، مما جعله يناديها (طاطا) أدخلته إلى المطبخ لتخنقه بقطعة ثوب أو غطاء الرأس (درة) بعد أن أزهقت روحه عمدت إلى إدخال مغرفة في دبر الضحية مما سبب جرحا لا يمكن أن يسببه عادة العضو التناسلي وذلك من أجل إبعاد الشبهات وهو ما أكده الطب الشرعي، الذي برهن على أن الجرح نتج عن إدخال آلة صلبة في دبر الطفل. ووضعت جثته الصغيرة في كيس بلاستيكي ووضعتها داخل حوض "الفول" في المنزل المجاور وغطتها بأكياس الإسنمت.
تبدد الغموض الذي لف القضية بجريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد والتنكيل بالجثة، وتبقى العديد من الأسئلة معلقة حول دوافع (ع.ب) لاقتراف عمل بكل هذه البشاعة، ويتحدث البعض عن علاقة قديمة بين أب الطفل عزيز والقاتلة جعلتها تنتقم بهذا الشكل منه، لأن الظنينة بعد طلاقها سنة 2005 عادت من مدينة طنجة للاستقرار بمدينة سيدي قاسم وبالضبط في حي طريق طنجة حيث يسكن عزيز وعائلته.
لكن لماذا الانتقام الآن؟ وبهذه الطريقة البشعة؟
أسئلة تجيب عنها التحقيقات التكميلية..
وتشير آخر الأخبار في سيدي قاسم أنه تم نقل الظنينة إلى المستشفى الإقليمي تحت حراسة مشددة يوم الأحد بعدما ساءت حالتها النفسية والجسدية، وقد سبق لها أن فقدت الوعي يوم الخميس الماضي عندما كانت تقوم بإعادة الجريمة مرتين حيث حضر الآف المواطنين لتتبع إعادة تمثيل الحدث البشع الذي هز المدينة.
سيدي قاسم : حميد خويا


20‏/03‏/2006


تقديم أوبرا "بالياتشي" على خشبة مسرح محمد الخامس
أحضر الأوبرا من روسيا لأجل البرتقال المغربي

عقدت ندوة صحفية بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط من أجل التعريف بالحدث المتميز لشهر مارس و المتمثل في عرض أوبرا "بالياتشي" لمسرح "البولشوي" الروسي وهي من تأليف الإيطالي روجييرو ليونكافالو أيام23 و24 و 25 مارس الجاري، في إطار انفتاح المسرح الوطني على المسارح العالمية ومنها مسرح البولشوي.

و أخذ الكلمة في البداية جمال الدين الدخيسي مدير المسرح الوطني محمد الخامس الذي أكد على أهمية الفن في تاريخ الشعوب و مدى قدرة على جعلها منفتحة على الآخر و على خيالها الخصب. و كلما حضر الفن حسب قول الدخيسي إلا و غابت كل زشكال الإنغلاق و الظلامية و حان الوقت لاستدراك الفرص الضائعة من أجل تشجيع كل أشكال التعبير الفني من خلال 6 محاور تتجلى في عروض لمسرح الطفل وعرض أفلام متميزة مغربية على الخصوص التي لا تجد طريقها للقاعات التجارية و جعل مسرح محمد الخامس فضاء لعرض اللوحات إضافة للاهتمام بالموسيقى بشتى أنواعها من أجل إرضاء مختلف الشرائح حيث تم إحياء "ليلة شعبانة"و "ليلة الغناء الشعبي الأصيل" و "إزلان الأطلس".وأضاف أن المسرح الوطني محمد الخامس, يطمح لإنتاج 4 أعمال سنويا على الأقل و قد قدم هذه السنة مسرحية "دار لمان" للفرقة الجهوية للرباط و"الضيف" لفرقة مراكش و"ليل ونهار" لفرقة مكناس و"العائلة" لفرقة الدار البيضاء. و قد سبق للمسرح أن قدم تجربة أولى ورائدة في العالم العربي ب"كافالييرا روستيكا" و هي أوبرا من تأليف "ألبيرتو ماسكاني". و قال الدخيسي إن إدارة المسرح لما أرادت الانفتاح على هذا الفن المتميز فإنها أرادت اختيار الكبار و العمالقة الذين أحدثوا ثورة في مجال اشتغالهم.
وفي هذا السياق يندرج تقديم المسرح الوطني محمد الخامس لمسرح البولشوي في أوبرا "بالياتشي" للمخرج الروسي الشاب ميخائيل بانتشافيدزي الذي حضر هذا اللقاء الصحفي, والذي يرأس منذ2001 معهد الإخراج التابع لمسرح البولشوي بموسكو والذي سبق له أن أخرج مجموعة من الأعمال داخل روسيا وخارجها.
والزوبرا لن يتم استقدامها كاملة من روسيا بل سيشارك في هذا العمل , الذي ألفه روجييرو ليونكافالو نهاية القرن التاسع عشر, والذي أضحى منذ ذلك الحين من أكثر الأعمال الأوبرالية شعبية في العالم, بالإضافة لخمسة عازفين من مسرح البولشوي بموسكو ، العازف والمغني الكلاسيكي المغربي مراد عبد الرحيم بالإضافة إلى مجموعة صوتية مغربية.
وتحكي هذه الأوبرا عن مهرج "كانينو" يدير فرقة من الكوميديين, مغرم جدا بزوجته نيدا, التي حذرها بأنه لن يقبل لعب دور المخدوع إلا فوق الخشبة،لكن كانينو، الذي كان واثقا من أن زوجته تخونه، سيقدم في أحد المساءات خلال أدائه لدوره الذي سكن به، على قتل نيدا وعشيقها قبل أن يختم قائلا بأن "الكوميديا انتهت الآن".
ومن جهته أكد ميخاييل بانتشافيدزي أن إخراج أوبرا "بالياتشي" تم بشكل يروم إشراك المتفرج في هذا العمل, من خلال تقاطع الماضي بالحاضر والزمان بالمكان مشيرا إلى أن هذا العمل يندرج في إطار نهج مسرح البولشوي الجديد الرامي إلى البحث عن أشكال تعبيرية جديدة.
وأوضح أنه منذ أن حل بالمغرب تغير تصوره للمغرب الذي كان لا يعرف عنه سوى إنتاج برتقال متميز، بعد أن لاحظ التطور الكبير الذي حققه في مختلف المجالات ومنها المجال الثقافي والفكري ولاسيما المسرح مشيرا إلى أن المغرب يمتلك من المؤهلات ما يجعله قادرا على إنجاز أعمال درامية عالمية. حيث لاحظ غنى في الأزياء و التقاليد و اللغة و قال مازحا إن اللغة الشائعة بين أوساط المثقفيين في روسيا هي الانجليزية أما الفرنسية فهي لغة الطبقة الأرستقراطية فكانت رؤيته للمغاربة كشعب يتقن اللغات والفرنسية على خصوص كأنه أمام شريحة واسعة من الأرستقراطيين !! و عبر عن سعادته العرمة لأنه على حد قوله يشهد ميلاد شئ جديد و تمنى أن يحيط التعاون المستقبلي بجميع أشكال الفنون في إطار تعاون شامل و بناء.
ويذكر أن بداية مسرح البولشوي تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر حيث قدم على مدار قرنين أكثر من800 عمل فني توزعت بين الأوبرا والباليه ليصبح بذلك أكاديمية فنية ومدرسة للباليه الروسي الكلاسيكي, كما أنه نجح في أن يجعل من الأوبرا والباليه فنا روسيا شعبيا امتزجت فيه موسيقى تشايكوفسكي بأعمال الشاعر المعروف بوشكين.
جمال الخنوسي

17‏/03‏/2006

جريمة بشعة تهز مدينة سيدي قاسم
قتلت الطفل الصغير بدافع الانتقام من أبيه
خيم نوع من الصمت على ساكنة مدينة سيدي قاسم في صباح الأربعاء الماضي بعد شيوع خبر مقتل طفل صغير لا يتعدى عمره 6 سنوات . تم العثور على جثته على بعد أمتار من مسكن والديه، حيث وجد جثة هامدة تغطيها أكياس الإسمنت بحي طريق طنجة .وبعد انتشار الخبر، انطلقت بعد ذلك التأويلات ومحاولات فهم ما يجري خصوصا و أن الطفل صغير السن و لم يكون له أية عداءات.
اختفاء التلميذ يوم الإثنين الماضي نشر الهلع في نفوس الآباء. حيث أصبحوا يصطحبون أبناءهم إلى المدارس خوفا من ظهور سفاح جديد كالذي شهدته مدينة تارودانت.
و بعد العثور على الجثة يوم الثلاثاء مساء انطلقت الشائعات لتفسر الجريمة بكونها عملية قتل كان سببها رغبة أحد المشعوذين الذين يبحثون عن الكنوز الدفينة باستعمال دم الطفل الصغير (الذي من مواصفاته أن يكون زهريا) وبالتالي تحضير الجن و تحديد مكان الكنز.
لكن التحريات التي قادتها الشرطة القضائية بمدينة سيدي قاسم قادتهم للمدعوة "ب.ب" و هي من جيران العائلة ، فاعترفت بارتكابها الجريمة البشعة على سبيل الغيرة والانتقام. كما راجت عدة تفسيرات أخرى تقدم دوافع مختلفة للجريمة مازالت لم تتأكد بعد. كان أهمها كون الظنينة عشيقة سرية لأب الطفل.
وقد سارعت الشرطة القضائية بتتبع الأماكن التي يتردد عليها الضحية إلى أن أوصلهم البحث للظنينة . فحسب ما يروج فإن الطفل الصغير يتابع دروس الدعم والتقوية في بيتها وربما تربطها علاقة قرابة عائلية بأبيه.
و مع ذلك تبقى عدة تساؤلات مطروحة حول الدوافع الحقيقية لاغتيال طفل بريء و كذلك نظرا لأن التشريح الطبي أكد على وجود آثار إعتداء جنسي على الضحية.
لكن بعض المصادر الأمنية تقول بأن الظنينة قامت بالتنكيل بالجثة من أجل إبعاد الشبهات من حولهاو خلط الأوراق و التشويش على تحريات رجال الشرطة.
وقد قام تلاميذ المدرسة الخاصة التي يتابع فيها الطفل دراسته بوقفة احتجاجية وتضامنية يوم الأربعاء مع زميلهم الذي عصفت بحياته حسابات الكبار.
وتجدر الإشارة أنه تم تصوير إعادة تمثيل الجريمة البشعة على الساعة الثالثة مساء أمس مع تعزيزات أمنية جد هامة نظرا لما يعتري المواطنين وساكنة المدينة من نقمة على الظنينة.
سيدي قاسم : حميد خويا

16‏/03‏/2006

انطلاق جلسات الاستماع لمشاريع القنوات الإذاعية و التلفزية
المنافسة قوية بين ابن الوزير الأول إدريس جطو و ابن الجنرال بومهدي
مجموعة الشعبي و إيكو ميديا تدخلان المجال الإذاعي

من المنتظر أن تنطلق هذا اليوم جلسات الاستماع لحاملي مختلف مشاريع القنوات الإذاعية والتلفزية من طرف اللجنة التقنية المنبثقة عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. عملية الانتقاء ستمر بمجموعة من الأشواط لن يتم الحسم فيها بشكل نهائي إلا في أبريل القادم بعد أن تم التوصل في بداية العملية بأكثر من 90 ملفا تم إخضاعها لمجموعة من المعايير و الشروط القانونية.
ويتوفر كل ملف على حيز زمني مدته ساعة واحدة للدفاع عن المشروع المقترح وإبراز نقط القوة فيه، ثم بعدها تمنح الملفات الناقصة مهلة 5 أيام لاستدراك أو تقديم معلومات إضافية إذا ما استدعى الأمر ذلك. أما مشاريع القنوات الإذاعية فلن يتم البث فيها إلا ابتداء من 30 مارس القادم.
و قد صرح مصدر لجريدة "صوت الناس" رفض الإفصاح عن اسمه، أن الإعلان عن هوية بعض المشاريع هو إخلال بنزاهة و مصداقية المنافسة ، و التي ساهم فيها أطراف تنتمي للجسم الصحافي .
كما أشار نفس المصدر إلى عدم جدية ومصداقية بعض المنابر التي اعتبرت ، عن قصد أو دون قصد، أن مجموعة من القنوات التلفزية و الإذاعية قد حصلت على القبول النهائي. الأمر الذي ينفيه المصدر نهائيا مادامت الطلبات لم يحسم فيها بعد. بل إن بعضها خاضع فقط لمسطرة تنظيمية تبنتها الهيئة تتمتع بعض المشاريع من خلالها على حظ أوفر في ظل غياب المنافس . و هو ما أطلقت عليه الهيئة اسم "مسطرة التراضي" كما هو الحال مثلا مع قناة "ميدي 1 سات". إلا أن هذا لا يعفي القيمين على المشروع من تقديم ملفهم و عرضه أمام اللجنة و استيفاءه لشروط و معايير الفعالية و النجاعة و التنوع و الجدية، بعد أن استجابت جميع الملفات من قبل لشروط القبول القانونية.
كما أن الهيئة تسعى أيضا لضمان استمرارية المشاريع المقبولة، لأن فشل الإذاعات و القنوات التلفزية سيكون بمثابة إجهاض لمبادرة تحرير المجال السمعي البصري . لذلك دأبت الهيئة إلى تقسيم المغرب إلى أحواض للاستماع يتوفر كل حوض منها على نسبة معينة من السكان، إضافة لقطب اقتصادي مهم حتى تضمن للقناة الإذاعية أو التلفزية دخلا إشهاريا قارا يضمن استمراريتها. و يبقى إنشاء مركز لقياس نسب المشاهدة الذي كلف به التجمع المغربي للمعلنين ، الشركة الفرنسية ميديا ميتري قرارا موازيا يضمن التنافسية بين جميع القنوات، مادام الرهان الأساسي إشهاريا لأن المشاريع لن تعرف أي مساعدة من أي نوع من الدولة، بل ستخضع لقانون السوق. الأمر الذي لن يمنع الهيئة بإلزام جميع الفاعلين بدفاتر للتحملات.
ويكتسي هذا الموضوع أهمية كبرى تتجلى في كون المغرب مازال يتوفر فقط على قناتين لم تعد تلبيان رغبات المشاهد المتطلع للمزيد والمنفتح على قنوات عالمية تمنح منافسة قوية. وفي الوقت ذاته لا تعكس القناتان تطلعات بلد يجعل من الانفتاح والديمقراطية شعارا له.
وفيما يخص المشاريع التلفزية المقدمة نجد على رأس اللائحة قناة "ميدي1سات" التي أعلن عن إنشائها الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصيا والتي من المنتظر أن تغطي جل التراب الوطني وتجعل من الأخبار والخدمات أغلب مواد شبكة برامجها.
كما نجد القناة الموسيقية "ريتمو تي في" ذات التمويل الإيطالي. وقناة Canal 3M الجهوية التي سيقتصر بثها على الدار البيضاء ومراكش، والتين اختارهما المستثمر الفرنسي "بيير لومبير" نظرا لارتفاع معدل رواجهما الاقتصادي.
أما فيما يخص القنوات الإذاعية فالمنافسة ستكون على أشدها بين 31 طلبا توصلت بها اللجنة. وعلى ما يبدو فإن المشاريع الجهوية التي تهم مدنا كالدار البيضاء ومراكش تبقى الأوفر حظا. إلا أن محدودية الترددات سيجعل المنافسة شديدة. وتتحدث بعض المصادر عن قناة "إف سي راديو" التي يساهم فيها منير مجيدي المعروف في أوساط المال والأعمال وصاحب أكبر شركة في ميدان الإعلان والإشهار (إف سي كان). وستتقدم مجموعة الشعبي بمشروع إذاعي تحت اسم (كافوميم). وإذاعة "غاليليو" التي سيتقدم بها ابن إدريس جطو والمجموعة الفرنسية "جي إف إم". أما يونس بومهدي ابن الجنرال بومهدي فسيقدم مشروع "راديو هيت ميوزيك" بشراكة مع المجموعة الفرنسية "ستارت". كما تقدم المجموعة المغربية "إيكو ميديا" الناشرة لكل من يومية ليكونوميست باللغة الفرنسية والصباح باللغة العربية، مشروع إذاعة مختصة في الاقتصاد. كما يتقدم الصحفي عبد الله ستوكي بمشروع "راديو بهجة إف إم" الذي سيقتصر على مدينة مراكش. و يقدم الإعلامي كمال لحلو صاحب شركة "نيو بيبليسيتي" مشروع "راديو بيبليسيتي".
ولحد الآن لم يتم الحسم في أي طلب من هذه الطلبات ولابد من انتظار التاريخ المحدد (4 أبريل القادم) لأجل معرفة اللائحة النهائية للطلبات المقبولة التي سيكتب جيلها الأول السطور الأولى من تاريخ السمعي البصري في المغرب.
جمال الخنوسي



كتاب برنار هنري ليفي الجديد american vertigo
رحلة تأملية في أمريكا جورج بوش
عندما نتحدث عن أي فيلسوف فإننا حتما نتخيل رجلا كهلا تميزه الحكمة، فيه كل مواصفات الشيخوخة وعيونه مازالت تحتفظ ببريق الذكاء وإشعاع الفكر. الفيلسوف كائن وحيد منفرد، يسكن برجا عاجيا لا يقربه أحد ولا يقترب من أحد، ولا يخاطب عامة الناس ورعاع القوم.
لكن الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي فيلسوف من فصيلة مختلفة إنه فيلسوف القرن الواحد والعشرين، تختلط فيه وسامة و"لوك" "الروك ستار" ونجوم الأغنية ورجل أغلفة المجلات "البيبل".
يحضر كضيف متألق في أكبر البرامج الثقافية في التلفزيون الفرنسي وفي نفس الوقت يحضر برامج الترفيه والفضائح كما هو الحال في برنامج "Tout le monde en parle" الذي يقدمه تييري أرديسون. يتحدث عن كتابه الجديد "الدوار الأمريكي" american vertigo كما يتحدث عن حياته مع المغنية والممثلة الفرنسية المعروفة أرييل دومبال.
يعد برنار هنري ليفي المزداد سنة 1948 أحد أهم مفكري الفلسفة الفرنسية الجديدة، والتلميذ المميز عند (جاك دريدا) و(لويس ألتوسير)، مع ذلك فلم يكن هنري ليفي رجل فلسفة فقط بل هو روائي وصحفي وأخيراً سينمائي.
درس برنار هنري ليفي في باريس وأصبح أفضل تلاميذ دريدا وألتوسير، في عام 1971 أصبح ذو سمعة كبيرة في موطنه ومسقط رأسه الجزائر ولكنه فضل الإقامة في شبه القارة الهندية، عاش حرب التحرير في بنغلادش ضد البكستان وعمل مراسلاً حربياً لصحيفة (المعركة) اليومية.. هذه التجربة التي عاشها هي التي زودته بالمادة الأولية لكتابه (القومية والثورة) الصادر سنة 1973.
بعد عودته لبلده فرنسا أصبح أستاذاً متخصصاً لمادة (الايبستمولوجيا) في جامعة سترانسبورغ وكذلك أستاذ للمعهد العالي للفلسلفة، عمل رئيساً لأحد أقسام مجلة (أفكار) ونشرت مقالاته في أهم الصحف الفرنسية كالفيغارو والابزيرفاتور وغيرها.
وأصبح اسم هنري ليفي على كل ألسنة المثقفين في كل مكان خصوصاً بعد نشره لكتاب(البربرية بوجه إنساني) عام 1997، ليصبح ظاهرة ثقافية وفكرية معاً و ترجم إلى معظم اللغات الأخرى غير الفرنسية. بعد ذلك ينشر كتابه (عهد الرب) ويتحدث فيه منطلقاً من نصوص الكتاب المقدس ضد العدمية مع جاك أتالي وفرانسوا جيرود.
هذا هو BHL كما يحلو للفرنسيين أن يسموه .
أما كتاب ليفي الجديد هو نوع من الاستطلاع ينجزه الفيلسوف من خلال رحلة طويلة إلى جميع أرجاء الولايات المتحدة، استطلاع مصحوب بتفكير وتأمل ومحاولة الإجابة عن الأسئلة حول الحلم الأمريكي المشروع الأمريكي حول القدرة الهائلة للولايات المتحدة على إنتاج الثروة والبحث عليها وسعي إليها مهما كلف الأمر بكل الوسائل مادامت الآلة الاقتصادية الضخمة ستتحرك.
لقد أصبحت أمريكا بعد الحرب الثانية على العراق مركزا للاهتمام ومحورا لمشاعر وانشغالات متضاربة يختلط فيها الحب بالكراهية والإعجاب بخيبة الأمل والحلم الأمريكي الذي أصبح كابوسا أمريكيا.
ويرى دانييل روندو من مجلة "لير" بأن الكتاب يحتوي على فقرات قليلة جد مهمة ولكن في نفس الوقت يعج بتفاهات يوميات السفر.
فتوكفيل وصل للولايات المتحدة في ماي 1831 لأجل اكتشاف الجمهورية الوحيدة في ذلك الحين . وبنفس الشكل يحل ليفي بالعالم الجديد بعد قرن ونصف للقيام بسفر داخل الولايات المتحدة سيقطع فيه 200000 كلم. كان هدف توكفيل هو الملاحظة المباشرة لمجتمع من صنف جديد والقوى التي تتحكم فيه وتحركه، أما هدف ليفي فهو جد متواضع بالرغم من أنه انطلق بحقيبة ضخمة من الأسئلة الأبدية.
ويرى روندو بأن ليفي تخلص من توكفيل منذ الصفحات الأولى للكتاب التي اعتبرها أحسن الفقرات، و أن ليفي ذهب فقط لمشاهدة ما يجري!!

برنار هنري ليفي قام بمهمته على أحسن وجه قطع المسافات ، وحافظ على حيويته وخص القارئ بتقارير حول الأماكن (مدينة سافانا) وحول الشخصيات المرموقة (الممثل وارين بيتي) أو حول حدث (ندوة كيسنجر) الأمر الذي لا يمنعه من تقديم وجهة نظره وتقديم الدروس والتوبيخ. (حول أخلاقيات مهنة الصحافة مثلا) وكأنه يذكرنا أنه فيلسوف قبل أن يكون رحالة الأزمنة الحديثة.
يقول في حوار له مع مجلة "لوبوان" عن بوش: هناك رجال يولدون لكي يصبحوا رؤساء أما هو فالعكس!
وعن هيلاري كلينتون يقول: كيف تجرؤ امرأة مخدوعة على السعي للعودة لمكان الجريمة!
الكل يعلم تعاطف ليفي مع النخبة اليمينية المثقفة التي تسمى عادة "المحافظون الجدد"، ينتمي للحلقة الضيقة من الفلاسفة الذين فهموا فكوياما، و استشهد به في كتب عديدة Réflexions sur le guerre وle mal et la fin de lhistoire سنة 2002، أما الآن فالكل ينتقد نظرية نهاية التاريخ التي يفسرها فوكوياما في المثال التالي:
"إن الكلب سعيد بالنوم طوال النهار في الشمس، مادام الطعام متوفرا فهو راض على حاله، غير آبه إلى أن الكلاب الأخرى تعيش حياة أحسن من حياته وأن حياته ككلب لم تتغير منذ البداية وبقيت جامدة. إذا ما استطاع الإنسان أن يصل لمجتمع ينعدم فيه الظلم وتسوده العدالة ستشبه حياته إذاك مثال الكلب".
ومع ذلك يبقى ليفي محافظا على نظريته النقدية اتجاه هذا التيار، ويعيب عليه مساندته التامة والكاملة لبوش الإبن ويقول: عندما أذهب للمطعم مع صديق لست مجبرا على طلب جميع أصناف الطعام في القائمة؟!
وليفي ليس مجهولا في أمريكا فكتابه السابق "من قتل دانييل بورل؟" الكتاب الذي يجمع بين القصة والتحقيق الصحفي حول مقتل الصحفي بوول ستريت جورنال الأمريكي دانييل بورل في باكستان. وبيعت منه أكثر من 200000 نسخة ومنذ سنة 1978 عرف كنجم سابق لأوانه ضد الماركسية، وعرف بكتابه "البربرية بوجه إنساني" نجاحا باهرا حيث كان يملأ مدرجات الجامعات وأكبر المعاهد الأمريكية و صفحات مجلة "التايم".
يقول ليفي على هامش "دواره" الأمريكي : إن الطريق هي التي تخلق الكتاب". صحيح لكنه ينسى أن القراءة سفر مقلوب لأن الكلمات هي التي تصنع الطريق.

14‏/03‏/2006


نجمة برنامج العاشرة مساء على قناة دريم 2 :
منى الشاذلي: محاورة من طينة مختلفة

لا يشاهد برنامج في مصر كما يشاهد برنامج العاشرة مساء، الكل يضبط ساعته على العاشرة مساء و قناة دريم 2. ليرى برنامجا يقدم نفسه كمجلة تلفزيونية يومية شاملة .. تناقش أهم الأحداث العالمية و تقدم أطرف الأخبار و تتابع أهم حدث في اليوم مع أكبر المسؤولين و بمشاركة الجمهور بكافة وسائل التفاعل. و كذلك الحديث في كل يوم عن قضية مختلفة إما طبية أو إعلامية أوحياتية أو مستقبلية. إلى جانب إستضافة نجم من النجوم يكون في صدارة الأحداث .
و البرنامج يقدم أيضا الخدمات للمشاهدين مثل حالة الجو و أحوال المطارات و مواعيد الطائرات إلى آخر ذلك من خدمات و هذا البرنامج يقدم أيضا القضايا العربية المختلفة و يتمتع بمرونة في أزمنة فقراته المختلفة و كذلك الإعتماد على المادة المصورة قدر الإمكان. يذاع من السبت للأربعاء على الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المغربي.
و أهم ما ينتظره المشاهد هو أن تطل عليه منى الشاذلي بابتسامتها العريضة تعبر من خلالها عن سعادتها بلقائهم، تبتسم حتى تختفي عيناها، سحرها يكمن في أنها تشعر الجميع، وكل على حدة أنها هنا من أجله و لأجل أن تقدم له طبقا دسما من الأخبار والقضايا والنقاشات الساخنة، لكن على نار هادئة بعيدا عن المشادات والمشاحنات وتنتج برنامجا حواريا على خلاف سواها.
"منى الشاذلي" هي أوبرا وينفري مصر، الكل يتسابق ويتهاتف كي تستضيفه منى، من الوزير والسفير والفقير و الغفيرأيضا. المهم أن تكون قضيتك قضية كل الناس وهمك هو هم كل الناس ومشكلتك تهم كل الناس. ومنى هي أوبرا على طريقتها نجمة كل النجوم، تتألق كل ليلة ويفيض وهجها ليغطي أضواء الضيوف مهما انفعلت وتوهجت، لأنها بسيطة أنيقة ولها كاريزما لا تظاهى.
المشاهد لا ينتظر العاشرة مساء لأنه سيرى نجوم الفن والسياسة على حد سواء، بل ينتظر ما ستقوله منى لفلان وعلان، وما ستطرحه من أسئلة لا يجرؤ الآخرون على طرحها، أسئلة منى عميقة، لبقة ولكنه السؤال الذي يدور في ذهن كل الناس. إنها لا ترحم الضيف لكنها ليست سادية وعدوة لدودة للغة الخشب . فكثيرا ما أعادت طرح السؤال مرات عديدة حتى تصل للإجابة أو اللا إجابة التي لها في نفس الوقت مغزى ومعنى.
التصق اسم منى الشاذلي بالعاشرة مساء، كما التصق اسم أوبرا وينفري ببرنامج أوبرا واسم لاري كينغ بالبرنامج الحواري الشهير على قناة CNN لاري كينغ لايف. تجذب منى الشاذلي مشاهديها بإنسانيتها، إنها واحدة من أبناء مصر تفرح لفرحتهم وتبكي لبكاءهم والكل يذكر دموعها يوم تناولت موضوع غرق العبارة المصرية في البحر الأحمر في رحلتها بين السعودية ومصر.
كتبت عنها جريدة الرياض السعودية أنها اسم جميل يضاف إلى قائمة المبدعين، قادمة من خلفية سينمائية إذ كانت تقدم سابقاً بعض البرامج ذات التوجه السينمائي، ومنذ ذلك الحين ارتبط اسمها باسم الناقد السينمائي المعروف (عمرو خفاجي) الذي يقوم الآن بإعداد ملفات حلقات برنامجها الحالي. وهي هنا تقدم نفساً جديداً تغمره الجرأة والصراحة لكن بأدب وببشاشة لا توصف. والبرنامج رغم غلبة اللهجة المصرية عليه، إلا أن المذيعة تحاول قدرالإمكان جر الضيوف للحديث باللغة العربية الفصيحة، وليس هذا سبب تميزها فحسب، بل يضاف إلى ذلك حجم معرفتها وثقافتها وحضورها الواعي في أي موضوع تطرحه، فمن الأدب إلى السياسة مروراً بقضايا الفكر، تجدها متمكنة وقديرة..
منى الشاذلي أعادت قيما ومعايير كادت تندثر، تتمتع بثقافة عالية وفصاحة لغة وسعة أفق ورحابة صدر وحسن أدب وبراعة نادرة في إدارة الحوار. إنها شعلة نشاط مؤهلة وكما يقول المصريون "بنت ناس" و إعلامية متألقة يقول عنها محمد الخولي في جريدة "العربي" إنها مذيعة جادة تمارس الاجتهاد إلى أرقى الحدود. و بعيدا عن فخ الكليشيه التقليدي الذى يتكرر ليل نهار على لسان الإخوة و الأخوات من محترفي الاتصال الهاتفى ببرامج التلفزيون وصالونات الثرثرة التي تتصور القنوات الحكومية أنها برامج حوارية.. تقدمها مذيعات لا يصلحن سوى لدور ربات البيوت..إن منى الشاذلى .. يسندها فى ذلك إعداد جيد وتجهيز واع وهي تبرهن فى هذا كله على أن إشاعة مناخ من حرية التناول والحوار هو الكفيل بنجاح العمل الإعلامي وإيصال رسالته إلى ملايين المشاهدين..
بيد أن المشكلة فى العاشرة مساء يقول الخولي تتلخص مع الصحفي الذي يقوم بدور الراوي أو المعلق على الفقرات المصورة التى تتخلل الحوارات : فالرجل يتمتع بصوت جيد ونبرات إذاعية سليمة. ولكنه يقيم مذبحة ينصبها للغة العربية من نحو وصرف وضبط وشكل حيث لا يصادف مفعولا به إلا وعامله بمنطق الضم وأحيانا معاملة المكسور.. المجرور.. وقل الشيء نفسه عن الفاعل وعن اسم كان وخبر إن وأخواتها وكله يعامل بعد العاشرة مساء بمنطق المنصوب المفتوح. دون الإلتزام قدر الإمكان بضوابط اللغة الجميلة الشريفة. التي تهان على لسان الوزراء وأشباه الوزراء بدون أدنى احترام لذكرى سيبويه.
مع ذلك يبقى المجهود الذي تقوم به منى و فريقها يقترب من أن يكون سبقا لم يحدث من قبل فالبرنامج . تستطيع أن تظهر كل يوم في ميعاد ثابت بقائمة جديدة كل يوم من ضيوف ذوي ثقل و أهمية .. كيف تستطيع أن تدير مثل تلك الحوارات مباشرة ..؟ اتصالات هاتفية و مناقشات لقضايا مهمة جدا و شائكة جدامباشرة؟ أسئلة نطرحها على أنفسنا و على قطبنا الإعلامي الخالي من مذيع أو مذيعة "تحمر الوجه".
وبالرغم من المؤاخذات الكثيرة على الإعلام العربي الذي مازال يتخبط تحت وطأة ثقل الحاكم والسلطة حتى أصبح شبه مومياء ذات جسد مهترئ بلا روح ، إلا أنه من آن لآخر تبزغ وسط العفونة بارقات أمل.
جمال الخنوسي

12‏/03‏/2006

بعد أن مهد لها الطريق "جبال بروكباك" جاء دور الفيلم المغربي التونسي "الخشخاش" و المصري ماكيجي نرقص" ليؤجج الحوار حول
المثلية : طردت من الباب فدخلت من السينما

لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور مجموعة من الأفلام تتخذ من موضوع المثلية تيمة أساسية لها عكس ماكان يتم من قبل حيث كانت الإشارة "محتشمة" و هامشية وتستغل أساسا لغرض كوميدي. و وهذا الأمر لا يقتصر على السينما الغربية فحسب بل انتقل للسينما المصرية و التونسية و المغربية أيضا التي تتسم بكثير من الجرأة و الشجاعة التي يخولها هامش الحرية الواسع الذي تتمتع به.
أشهر الأفلام المغربية التي تطرقت للمثلية كان فيلم "باي باي سويرتي" لداوود أولاد السيد الذي يحكي قصة ربيع الذي أدى دوره بإتقان و شجاعة قل نظيرها الفنان عبد الله ديدان ثم نجد كذلك الفيلم الثاني لعبد القادر لقطع "الباب المسدود" سنة 1993 الذي يصور قصة المعلم ، الشاذ الجنسي الذي يعمل في قرية نائية بنواحي ورززات و ينتهي به الأمر نهاية مأساوية بالإنتحار. خلافا لذلك ترسم ليلي المراكشي صورة الشاذ الجنسي كشخص راض بانتمائه . فإدريس الذي يقوم بالدور رشيد بنحساين هو "صديق البنات" ولا تزعجه ميولاته بأي شكل من الأشكال و لا يجد أدنى حرج في التغزل بأصقاء صديقاته. و ربما ما سهل لبنحساين الفتى الرباطي أداء هذا الدور هو إقامته في فرنسا إضافة لكون الفيلم ينحصر "فقط" في الإظهار "هذه النماذج" بالحلقة الضيقة و المغلقة لطلبة "ليسي ليوطي".
وإذا أخذنا جولة في الأفلام المصرية القديمة والحديثة، سنجد أن من أشهر صور الشذوذ في السينما المصرية، قيام ممثلين ذكور بأداء دور سيدات، حتى أنه بات معيار الحكم على مهارة الممثل الكوميدي هو مدى نجاحه في تمثيل دور سيدة!
وآخر هؤلاء بالطبع محمد سعد في فيلم "عوكل"، ومحمد هنيدي في عدد من الأفلام والمسرحيات، إلا أن الأشهر على الإطلاق هو الممثل الراحل عبد المنعم إبراهيم الذي رشح لدى عدد كبير من النقاد بأنه أنجح "ممثلة" (!!) كوميدية في تاريخ السينما المصرية. و في الكثير من الأحيان يلجؤ مخرج الفيلم للتلميح الذي قد لا ينتبه له أحد، وهو الأكثر انتشاراً في الأفلام؛ بما أنه غير مفهوم لدى طائفة كبيرة من المشاهدين، ومن أشهر هذه "تلميحات" حسب الناقد المصري علي عبد المنعم، جملة "لو عايزني مدحت أكون لك مدحت"، التي قيلت في فيلم "الإرهاب والكباب"، حينما كان عادل إمام يبحث عن شخص اسمه مدحت في إحدى دورات المياه، فقال له أحدهم هذه الجملة. ونتيجة لترديد هذا "التلميح" لدى كثير من الشباب، صغاراً وكباراً، صار اسم "مدحت" رمزاً للشذوذ في المجتمع المصري، ولذا تم حذف المشهد برمته عندما عرض الفيلم في التليفزيون المصري.


في هوليود تم التعامل مع الظاهرة بحرية محتشمة ودائما مع الحفاظ على نفس الرؤية و المحاسبة الأخلاقية أو في أبعد الحدوداعتبارها ظاهرة هامشية و ثانوية تزيد من جمال أو قبح الفيلم. و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون قصة أو قضية محورية إلى أن جاء فيلم "جبال بروكباك" للمخرج التايواني المتوج مؤخر بأوسكار أحسن مخرج عن نفس الفيلم. حيث صرخ في وجه النقاد :" لا تقولوا إنه فيلم عن شذوذ رعاة البقر بل قولوا إنه قصة حب أمريكية من التراث!" و الأمر الذي زاد من الحساسية تجاه قصة هذا الفيلم أن بطليه من رعاة البقر أي من صلب المجتمع الأمريكي و رمز من رموز حضارتها. و هو يحكي حكاية حب شاذ بين اثنين من رعاة البقر.. كانا يعملان معا في مزرعة للماشية والأغنام وارتبطا بعلاقة عاطفية تطورت لتصبح شذوذا حقيقيا .. كانا ينامان معا في حظيرة المزرعة وكان سرير أحدهما يعلو سرير الآخر وتحول الليل إلى صقيع بارد فزحف أصغرهما إلي سرير صاحبه واحتضنه بحثا عن الدفء وجرت الأمور عادية.. الفيلم مأخوذ عن قصة قصيرة كتبتها الأديبة الفائزة بجائزة بوليتزر آني برولكس ونشرتها في جريدة «نيويوركر» وتحكي عن چاك «جيك جرينهال» واينس «هيث لودجر» الأول راعي بقر يمارس الروديو والثاني عامل في مزرعة للأغنام يتلاقيان في صيف عام 1963 وهي قصة عن حب شاذ ممنوع بين رجلين، حب يدمره موقف المجتمع المحيط بهما الذي يرفض الاختلاف .. والرجلان قد يمارس أحدهما الجنس مع الآخر، لكنهما ليسا كالنموذج السلبي المتعارف عليه عند المصابين بمرض «الإيدز» الذين تراهم في الأفلام بين وقت وآخر، فجاك واينس يحبان بعضهما حبا حقيقيا نابعا من القلب .. فعندما يلتقي راعي الأغنام اينس وبطل رياضة «الروديو» فوق جبل بروكباك، وقد أسند إليهما عمل جمع الأغنام من مراعيها لكن كلا منهما يرعى الآخر بدلا من الأغنام .. إنهما كزوجين يعيشان معا خلال النهار يذهب أحدهما يهتم بالقطيع بينما يبقي الآخر لإعداد المخيم وطهي الطعام في انتظار صاحبه.. ليأكلا ويشربا ويعزفا الموسيقي لكنهما لا يتحدثان كثيرا ينمو ارتباطهما من خلال الصمت وذات ليلة يدخل واينس خيمة جاك بحثا عن الدفء ويتعانقان ويتلاصقان .. وفي الصباح التالي لا يجرؤ كل من الرجلين للنظر إلي الآخر ويقول اينس : أنا لست شاذا ويجيبه جاك ولا أنا أيضا ويغادران «جبل بروكباك» على وعد باللقاء لكن بعد السحر الذي صادفاه على الجبل لا يجد أي من الرجلين ملاذا ومستقرا .. يذهب جاك إلى بطولات الروديو لكنه يشعر بالوحدة ويتزوج واحدة من ملكات الروديو ويتزوج اينس أيضا من الما «ميشيل وليامز» وينجب طفلين لكن الرجلين يعيش كل منهما حياة عامرة باليأس والإخفاق، وبعد أربع سنوات يقصد جاك مكان اينس وبمجرد أن تتلاقي أنظارهما يدرك كل منهما أن حبه للآخر حب حقيقي ويمر الوقت، وفي عام 1975 يحصل اينس على الطلاق ويلتقي جاك ليجدا المتعة معا في الذهاب إلى رحلات صيد السمك .. الفيلم حصد 3 جوائز أوسكار و 4 جوائز جولدن غلوب

العادات والتقاليد في مجتمعات الشرق تجعل الحديث عن الحرمان العاطفي والجنسي من المحظورات ناهيك عن الشذوذ الجنسي مما يسفر في أحيان كثيرة عن قيام زواج يفتقر الى المصارحة والعاقبة هي تدمير احد طرفي العلاقة.
وقد تناولت المخرجة التونسية سلمى بكار هذا الموضوع بجرأة مشيرة الى ضرورة طرح هذه المشاكل الخفية والتعامل معها كي نجد لها حلا وأنها لا تقل أهمية عن أي سلبيات في مجتمعاتنا العربية.
وفي فيلمها (الخشخاش) كان شذوذ الزوج والحرمان العاطفي والجنسي أسبابا توحدت لتدفع (زكية) بطلة الفيلم لإدمان نبتة الخشخاش المخدرة في محاولة منها للتغلب على ما تعانيه من حرمان وتجاوز أزمة تفشت في مجتمعات عربية بينما لا يزال نطاق طرحها في الاعمال الفنية محدودا.
وقال النقاد عن جرأة تناول فيلم (الخشخاش) أو (زهرة النسيان) للمخرجة التونسية سلمى بكار في حديثها عن ظاهرة الشذوذ الجنسي في المجتمعات العربية إنها تجاوزت مجرد الإثارة المقدمة في أفلام الجنس.
وقالت المخرجة سلمى "هذه مسائل في غاية الأهمية لكن للأسف التعامل معها لا يزال في البلدان العربية من المحظورات رغم ما يدعى من تحرر". وأضافت سلمى بكار التي أخرجت سابقا فيلمين هما (فاطمة) عام 1975 و(رقصة النار) عام 1994 في مقابلة مع رويترز إن تناول مثل هذه القضايا لا يعني السقوط في الاسفاف أو انحطاطا في الاخلاق.
وقالت "فلنبدأ اذن بطرح مشاكلنا المخفية قبل أن نواجه القضايا المعقدة". وتابعت " رسالتي هي أن تستطيع المرأة في بلدي اليوم التعبير عن حقها الطبيعي في الاستمتاع بحياتها العاطفية في اطار الزواج وحقها أيضا ان لاتصمت على شذوذ زوجها".
ويروي فيلم (الخشخاش) ومدته ساعتان وهو انتاج تونسي مغربي مشترك قصة امرأة تدعى زكية تزوجت تحت ضغط أسرتها من رجل ثري لتفقد في النهاية صوابها وتصاب بالجنون. وتبدأ مأساة (زكية) منذ الايام الاولى لزواجها حيث تعيش حرمانا عاطفيا وجنسيا بعد أن تبينت أن زوجها شاذ جنسيا مما دفعها الى إدمان نبتة الخشخاش المخدرة لتعويض رغباتها وتجاوز مأساتها المخفية مع زوجها. وفي النهاية يؤدي إدمان زكية المخدرات الى تدهور صحي أثر على أعصابها ونفسيتها لتجد نفسها نزيلة مستشفى الأمراض العقلية والنفسية وتبدأ حياة جديدة مع نزلاء المستشفى الذين أبرزتهم مخرجة الفيلم على أنهم ضحايا تقاليد وممارسات خاطئة وظروف اجتماعية قاهرة. لكن معاناة هذه المرأة تنتهي بالتعرف على (خميس) نزيل المستشفى الذي يعاني بدوره من مأساة مشابهة والذي وفر لها ما افتقدته من حب واهتمام منهيا أوجاعه وأوجاعها ورافضين الرجوع الى عالم العقلاء.
ونفت المخرجة التونسية الادعاء القائل بأن تناول هذه المسائل لا يهم الا فئات قليلة في المجتمع معتبرة أنها قضايا تمس أي شخص يرفض الافصاح عن عادات سيئة يتم توارثها في المجتمع.
وتضيف سلمى "الصمت والغموض والانكماش والخوف من التطرق لمواضيع مثل هذه أحد أسباب تخلفنا فكيف يمكن أن نلتفت الى قضايا كبرى جدا ونحن مازلنا لم نجرؤ بعد عن الحديث عما نعانيه."
و يلاحظ الناقد محمد عبد الرحمان على السينما المصرية أنه بالرغم من عمرها الطويل والذي يزيد عن المئة عام لا تزال تعاني من انفصام في الشخصية فيما يتعلق ببعض الأدوار الحسّاسة التي يهرب منها الممثلون والممثلات تفادياً للمشاكل ولنظرة المجتمع السلبيّة، فمازال الجمهور يحبّ السينما إلا أنّه يصنّف نجومها حسب الأهواء والتقاليد رافضاَ الاعتراف بأنّ هناك انفصالاً بين الدور ومؤدّيه ، وقد واجهت أسرة فيلم "عمارة يعقوبيان " مأزقا حقيقيا عندما رفض الفنّان فاروق الفيشاوي وعدّة ممثلين آخرين مجرّد مناقشة أمر قبولهم دور الصحافيّ الشاذّ جنسيا فى أحداث الفيلم المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم، لدرجة أنّ الفنان عادل إمام إنتقد الفيشاوي علناً فى مؤتمر صحافيّ وقال "لا أعرف لماذا يهربون من هذه الأدوار، هل سيركض الناس وراء الممثّل فى الشارع لأنّه ظهر في هذه الشخصية "، وبالطبع أشاد عادل أمام بالممثّل خالد الصاوي الذي قبل الدور دون تفكير و علّق الصاوي بأنّ الشاذّ جنسياً شخصية موجودة في الحياة، والسينما ليس أداةً لتجميل الواقع ،لكنّ شجاعة هذا الممثّل تعتبر حالة استثنائية.
بدأت أدوار مثيلي الجنس تظهر فى السينما المصريّة بخجل ، و بأشكال غير مباشرة ، فكان يتمّ تقديم الشخص الناعم الأقرب للفتاة بصورة كوميديّة، وغالباً ما يحمل اسماً أنثويا مثل "لوسي " ونذكر هنا الفيلم الشهير "إشاعة حب" بطولة يوسف وهبي وعمر الشريف ،كان من يقوم بهذه الأدوار أشخاص لا يمثّلون بل هم في الحقيقة يمارسون حياتهم بنفس الطريقة ،وبالتالي لم يظهروا في أدوار أخرى،فلم يكن المخرجون يبذلون جهداً في البحث عن ممثّل يقبل الدور، أو تدريب الممثل الذي قبل الدور .
بالطبع كانت كلمة "الشاذّ جنسيا "غير موجودة بل يطلق عليه "خنفس" وهو لفظ كان يطلق فى تلك الفترة على كل من يقلد الغربيين والفرق الغنائية المنتشرة آنذاك وخصوصًا فيما يتعلق بإطالة شعر الرأس وارتداء ملابس ضيّقة وبألوان فاقعة ، وهكذا ظلّ الشاذّ أو الرجل الذي يقلّد النساء مصدر ضحك في الأفلام حتّى بداية السبعينات عندما تحرّر المجتمع بعض الشيء من الحديث عن الشذوذ الجنسي وأصبح لدى البعض الشجاعة فى تناول الشخصية إلا أنّ الأمور لم تكن سهلة ، خصوصاً وأنّ معظم الشخصيات كانت للشاذّ السلبي الذي يبحث عن الذكور ، ومع انتشار شائعات كل فترة عن إصابة أحد الفنانين بهذا "المرض" فإنّ الابتعاد عن هذه الأدوار كان أفضل للجميع فالناس ستربط بين الشخصيّة على الشاشة والممثّل كإنسان يعيش بيننا ، ولهذا استعان المخرج يوسف شاهين بصديق له هو أحمد محرز لأداء هذه الشخصية في فيلم "إسكندريّة ليه " وهو من الممثّلين الذين لا يظهرون إلاّ في أفلام يوسف شاهين ، بالتالي هو متحرّر من أيّ قيود قد تفرضها هذه الأدوار .
وكانت مفاجئة فى منتصف السبعينيات أن يقبل الفنّان يوسف شعبان أداء دور فنّان تشكيلي يبحث عن متعته فى حمّام شعبي للرجال في فيلم "حمام الملاطيلي" وبالتأكيد تأثّر شعبان سلبيّاً بهذا الدور ولعلّه يقول لنفسه دائماً كان من الأفضل ألاّ أكون شجاعاً , ثم مضت سنوات كثيرة ولم تظهر هذه الأدوار مرّةًَ أخرى خصوصاً مع انهيار مستوى السينما مع نهاية حقبة الثمانينات ، ليواجه السيناريست وحيد حامد هذه الأزمة مجدّداً مع فيلم "ذيل السمكة" الذي رفض عدد كبير من الممثلين أداء مشهد لرجل ثريّ يعاني من الشذوذ الجنسيّ، وقبله ممثل موهوب غير مشهور هو رؤوف مصطفى ونال عنه جوائز .
و يضيف محمد عبد الرحمان أن هناك من هاجم وحيد حامد بدعوى أنّه أظهر هذه الشخصية دفاعاً عن حقوق الشواذ ، كان هذا قبل 3 أعوام والمفارقة أنّ فيلم "عمارة يعقوبيان" كتبه أيضا وحيد حامد الذى استمر تعجّبه من هذا الرفض وكأنّ المجتمع لا يتطوّر، ثم طالما ظهرت الشخصيّة في الراوية فلماذا لا تظهر في الفيلم، وهكذا تظلّ المعركة مستمرّة وستتجدّد مع ظهور دور آخر يبحث عن ممثّل خصوصًا وأنّ الممثّل الذي سيؤدّي الدور مرّة لن يجرؤ على تقديمه مرّةً أخرى، والا التصقت به الصفة للأبد .
و الشذوذ الجنسي في "عمارة يعقوبيان" مختلف وله أبعاد أخرى بعكس جميع الأعمال الفنيّة التي تحدّثنا عنها في ما سبق . فشخصيّة الصحافيّ الشهير حاتم رشيد شخصيّة رئيسيّة في الرواية وهناك من يقول بأنّها تشير إلى شخصيّة واقعيّة، وبالتالي فإنّ تقديمها بالتفاصيل نفسها لن يخلو من المشاكل، كما أنّ الرواية تتحدّث عن تفاصيل العالم السريّ للشواذ جنسياً، وكيف يتمّ اصطياد الذكور و إغوائهم، وسيتمّ أيضاً تقديم شخصيّة "الشاذّ الإيجابي "بوضوح في الفيلم الذي سيعتبر محكّاً مهمّاً لهذه الأدوارلعلّ بعده لن يجد أحداً حرجًا في تقديم الشخصيّة طالما لها أهميّة درامية وليس كوميدية.
جمال الخنوسي


08‏/03‏/2006

نزيف إغلاق القاعات السينمائية مستمر..
هل هي نهاية السينما بالمغرب ؟

أقفلت العديد من القاعات السينمائية بمدينة الدار البيضاء و كذا الأمر بالرباط و طنجة و أكادير و فاس و مكناس و غيرها من المدن المغربية . آخرها كانت القاعة الوحيدة بمدينة مرتيل و التي من المنتظر أن يتبعها إغلاق جميع قاعات مدينة تطوان. ويستمر نزيف السينما المغربية التي يلزمنا بطرح أسئلة مصيرية محرقة حول السينما في المغرب و حول السينما المغربية بالخصوص. كيف ستستمر في تطورها إن كانت القاعات تتراجع؟
لقد ذهب البعض لاعتبار القفزة التي عرفتها السينما المغربية مؤخرا ثورة أو انتفاضة سينمائية قفزت بالمغرب للصفوف الأمامية إفريقيا و عربيا حيث أنتجت في السنوات الأخيرة أفلام متميزة شاركت و فازت في مهرجانات دولية مختلفة. هذا التطور تم على مستويين : الأول على المستوى الكمي حيث أصبح المغرب ينتج بين 10 و 15 فيلما في السنة. و الثاني على المستوى النوعي حيث أصبح الإنتاج متنوعا فأصبحنا نجد أفلاما كوميدية كفيلم "فيها الملح و السكر" لحكيم النوري أو "باندية" لسعيد ناصري و أفلام لما يسمى بسنوات الرصاص ك" شاهدت اغتيال بنبركة" أو "جوهرة" لسعد شرايبي. أو "درب مولاي شريف" لحسن بنجلون و أفلام ما أصبح يصطلح عليه بسينما المهاجرين كفيلم "النظرة" لنور الدين لخماري و "ماروك" لليلى المراكشي و "الراقد" لياسمين قصاري.
لكن أمام هذا التطور الذي ساهمت فيه بشكل مباشر سياسة الدعم التي يتبعها القطاع الوصي و التفاؤل الذي اعترى المتتبعين و المشتغلين في الحقل السينمائي يبقى مشكل القاعات عائقا كبيرا و نقطة سوداء تعيد للجميع سحنة التشاؤم و تطرح أسئلة محرجة ربما مرتبطة بكينونة السينما بالأساس. هل هي نهاية السينما بالمغرب؟ وما الفائدة من إنجاز أفلام لا تشاهد إلا في المهرجانات؟
آخر القاعات التي أغلقت أبوابها قاعة "الريف" بمدينة مارتيل يقول عنها أيوب الأنجاري الكاتب العام للجامعة الوطنية للأندية السينمائية أنها قاعة تم إعادة تجهيزها مؤخرا بأحدث المعدات حيث يقام فيها ملتقى مرتيل للسينما المغربية الإسبانية و الذي ينظمه نادي مرتيل للثقافة و السينما و من المنتظر أن يتم السماح بشكل استثنائي بتنظيم المهرجان في دورته السادسة شهر ماى القادم كآخر أنفاس هذه القاعة مما يطرح بشكل ملح السؤال حول مصير هذا المهرجان في ظل غياب قاعة للعرض. و يضيف الأنجاري بأن رب القاعة مضطر لإغلاقها لأنها لم تعد تحقق أية مداخيل و لا يمكنها توفير حتى أجرة السبعة عمال الذين يشتغلون فيها. و من المنتظر أن تلحق القاعات الثلاث بمدينة تطوان بالركب في القريب العاجل.
و في مدينة سيدي قاسم تتحول القاعة الوحيدة لنشاط غريب كل نهاية الأسبوع حيث تتخلى عن عرض الفيلم "الهندي و الكاراطي" من أجل نقل أطوار البطولة الإسبانية و توفير دخل قار للقاعة.
و يقول سعيد ر. و هو مسؤول عن قاعة سينمائية كبيرة بالدار البيضاء إن الأفلام المغربية هي الوحيدة الآن القادرة على توفير جمهور للقاعات خصوصا مع أفلام كالأجنحة المنكسرة" لعبد المجيد رشيش و "السمفونية المغربية" لكمال كمال و "فيها الملح و السكر" لحكيم نوري.أما الأفلام الهوليودية فقد شاهدها الجمهور في الديفيدي و الفيسيدي قبل عرضها في القاعات!!
ويقول المخرج المغربي محمد اسماعيل :"إذا لاحظنا عدد الأشخاص الذين شاهدوا فيلمي "هنا و لهيه" وهو 54000 بالمقارنة مع "و بعد" الذي عرض سنة 2002 في نفس المرحلة تقريبا و الذي حقق حينها 600.000 متفرج فسنستنتج الفرق الشاسع خلال مدة ثلاث سنوات. القاعات التي تغلق أبوابها، بسبب القرصنة، و عزوف الجمهور... هذا الرقم يجعلنا نفكر بجد، ونتساءل ما الذي يحدث؟ إلى أين تمضي السينما، فوتيرة الإنتاج ممتازة و لكن أين سنعرض هذه الأفلام. فحين لا يحقق فيلم حاصل على مجموعة من الجوائز مثل شريط داوود ولاد السيد حسب الأرقام المنشورة حتى 3000 مشاهد.. لمن ننتج هذه الأفلام؟ لماذا نصرف هذه الميزانية الضخمة ؟ أليس من الأفضل أن نبني بها مدارس أو مستوصفات و نحن في حاجة جد ماسة لهذه الأشياء .. 5 مليارات مخصصة لدعم الإنتاج لمن توجه إذ لم تصاحبها نظرة للقاعات السينمائية، ولدعم الصناعة السينمائية. شريط هنا ولهيه تمت قرصنته مبكرا ليس هذا فحسب بل حتى شريطي الحالي "و بعد" وجدته مقرصنا بسبع نسخ مختلفة عن بعضها، من طرف سبع شركات مختلفة. وأفلامي التلفزيونية كذلك مثل شريط "علال القلدة" ستجدها مقرصنة. لو افترضنا وجود "بوكس أوفيس" للأفلام المقرصنة لكان هذا الفيلم التلفزيوني كذلك في قائمة المبيعات، لأنه يباع بصفة رسمية و علنا بعد أن عرض في التلفزيون. إنها كارثة .. تجد شريطا أمريكيا لم يعرض بعد في القاعات تباع نسخه المقرصنة على أبواب القاعات نفسها، كيف يمكن أن تتوقع من هذا المتفرج أن يدخل لمشاهدة عرض سينمائي .. وكم هو أصلا عدد القاعات المتبقية، في الدار البيضاء مثلا آخر قاعة أغلقت أبوابها هي سينما "النصر" علما أنها كانت قد أصلحت و صرفت عليها أموال كثيرة. وحسب ما وصلنا من أخبار ستغلق أحسن و أكبر سينما في البيضاء و هي اللانكس. و في أكادير، حيث لم تبق إلا قاعة واحدة و هي التي احتضنت المهرجان الأخير. أغلقت بدورها. أين سيعقد هذا المهرجان العام المقبل؟ فعلا نحن نعرف أن كل المدن الساحلية كالجديدة و آسفي و الصويرة عرفت إغلاق قاعاتها السينمائية. و إذا استمر الحال هكذا فحتى المركبات الكبرى من قبيل ميجاراما ستغلق أبوابها، خاصة و أنها لا تشغل إلا ست أو سبع قاعات من أصل 14، و أتعجب بعد ذلك كيف يحقق فيلم "فيها الملح و السكر ومبغاتش تموت. 31.000 مشاهد ( فيلم جماهيري أكبر من هذا لا يوجد). هذه هي النقط التي تجعلنا نطرح أسئلة على أنفسنا إلي أين نذهب؟ و كيف؟ إن هناك وسائل جزرية لمحاربة الظاهرة و قانون لا بد من تفعيله و تطبيقه لحل مشكل القرصنة لأنني بصراحة أعتقد أن بلدنا ليس دولة الحق و القانون، إذ لماذا نعاقب مجرما سرق و لا نعاقب - المقرصن - أليس متطاولا على ملكية الغير، بأي حق سيبيع فلمي أو عمل أي كان بدون إذن. والأغرب أننا عندما كنا في طنجة مثلا و في أكبر مهرجان وطني للسينما لاحظنا على طول شوارعها محلات كاملة مليئة ببضاعة مقرصنة و لا أحد "يغير المنكر".
تبقى إذن القرصنة هي المشكل الأساسي و لابد للدولة أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار. ليعود على الأقل المهتمون بالسينما للقاعات مادامت الأفلام أصبحت تعرض في نفس الوقت الذي تعرض فيه بشكل رسمي بفرنسا. كما هو الحال في البادرة التي قامت بها قاعة سينما "الفن السابع" مع فيلم "ميونيخ" لستيفن سبيلبرغ.. ننتظر !


07‏/03‏/2006

في حوار مع "مريم سعيد" مقدمة سهرة السبت "أنغام الأطلس":
" تحتاج التلفزة المغربية لبرامج تتسم بالجرأة في الموضوع والجرأة في التناول"
تجلس هادئة تبتسم لتخفي خجلها. وجهها الطفولي يزكي الانطباع عن هدوئها ويزرع نفحة من الشغب. وبين شغب الطفولة وهدوئها تباغتك مريم سعيد بشراسة من ظلم يطالها فتنتقص. لها رغبة جامحة للنجاح والوصول لأحلامها التي مازالت تحملها حول عوالم صنيع الشاشة السحرية. عرفها المشاهد من خلال مسابقة "15 سنة 15 موهبة" و البرنامج اليومي "صصحتي كل يوم" و السهرة المتنوعة لليلة السبت في القناة الثانية "أنغام الأطلس". التقينا مريم سعيد وكان لنا معها الحوار التالي:

*كيف كانت بدايتك مع التلفزيون؟
** أول لقاء لي بالتلفزيون كان من خلال برنامج القناة الثانية "15 سنة 15 موهبة" في إطار احتفالها بعيد ميلادها 15 .وكانت مبادرة طيبة وجميلة من القناة حيث نظمت مسابقتان الأولى بين المنشطين والمنشطات التلفزيونيات والأخرى خاصة بالفكاهيين . بعد مروري بالعديد من الاقصائيات والكاستينغ أخترت مع زملائي لخوض غمار المسابقة النهائية في استديوهات الدار البيضاء كممثلة لمدينة أكادير.
* لماذا اخترت هذا الطريق دون غيره؟
** منذ صغري وأنا أرقب مقدمات البرامج والأخبار بشغف و إعجاب. إنهم يمارسون علي جاذبية غريبة ، تبدو لي مهنة راقية ومتميزة.
* بمن كنت معجبة من الإعلاميين؟
** فتيحة أحباباز في قسم الأخبار، كنت معجبة بها منذ طفولتي. بالإضافة لمليكة ملاك. لقد كن مثلي الأعلى، ولسوء الحظ لما اشتغلت في القناة الثانية رحلت ملاك إلى قناة "الحرة" ، و فتيحة أحباباز كان لقائي بها قصيرا في حفل صغير نظم لفائدة المتسابقين في "15 سنة 15 موهبة" رفقة لجنة التحكيم التي كانت ستكون عنصرا ضمنها لولا ظروف صحية.
* كيف عشت أجواء المسابقة؟
** لقد مرت في جو سلس، لم أحس بصراع أو حتى منافسة. لقد كان بالنسبة لنا نحن 15 مشاركا مجرد الوصول للنهائيات فوز وانتصار. أن تعترف بكفاءتك وموهبتك القناة الثانية كان كافيا.
* هل تتبعين تجارب برامج القنوات الفضائية الأخرى؟
** أفضل أوبرا وينفري وبرنامجها "أوبرا"، إنها رائعة حقا. وتعجبني أيضا هالة سرحان بالرغم من تحفظي على بعض الأشياء.
مهما يكن فلها قدرة خارقة لجذب انتباه المشاهد، وتجعله يحس وكأنه يشاركها جلستها وجلسة ضيوفها. لاتضع لنفسها حدودا، وتخرج عن كل ما هو مألوف ، وهذا ما نحتاجه في الوقت الراهن. نحتاج في القنوات المغربية لبرامج تتسم بالجرأة: جرأة في الموضوع وجرأة في طريقة التناول وجرأة في الطرح. الجرأة التي تجدب المشاهد ولا تتكتم عن القضايا الحقيقية و الأسئلة الحرجة و الملحة يجب تحطيم كل الطابوهات و نخضعها لما خضعت له قضية و طابو السيدا. لقد أصبح من الطبيعي و العادي جدا الآن الحديث عن السيدا و العازل الطبي بلا أي تحفظ. و الجرأة لا تعني السفاهة و قلة الحياء .. لاحظ النقاش في "برنامج "سيرة وانفتحت" ف"زافين" منشط البرنامج يطرح مواضيع مثيرة و جريئة لكن بشكل محترم و غير خادش للحياء٠
* هل بإمكانك تقديم برنامج بهذا الشكل؟
** لو توفرت لي الشروط المتوفرة لزافين أو هالة سرحان، أكيد أستطيع القيام بذلك، لكن لسوء الحظ مازالت قيود تكبل أعلامنا
* لو أتيحت لك فرصة تقديم وصفة برنامج أعطيت لك فيه جميع الصلاحيات. كيف تتصورين هذا العمل؟
** أختار برنامجا على شاكلة "أوبرا" فكما أحب منشطة البرنامج، أحب أيضا مواده و مواضيعه، وطريقة تقديمه. لاحظ كيف تختار ضيوفها من جميع الشرائح ، من أشهر النجوم إلى أي المواطن العادي الذي يحكي عن تجاربه العادية والمتفردة في نفس الوقت .الكل يحكي عن أفراحه وأحزانه وجديده ومشاريعه.
*لقد اكتفيت بذكر وجوه نسائية...
** فيما يخص الإعلاميين الرجال أفضل طوني خليفة صاحب برنامج "لمن يجرأ " ومحمود سعد وجورج قرداحي. أنا معجبة بوسامته وحضوره وطريقة تقديمه ، إنه من أكبر منشطي البرامج التلفزية. إضافة إلى ميشال الصحفي المعروف في قناة "نيو تيفي" اللبنانية.
* بالنسبة لك ما هي المشاكل التي تعوق ظهور مثل هؤلاء النجوم في بلدنا؟
** في الحقيقة أنا لا أنكر جميل القناة الثانية و فرصة الظهور وتحقيق الحلم الكبير الذي منحته لنا من خلال برنامج "15 سنة 15 موهبة" ومازالت تعطيني الفرصة تلو الأخرى من خلال تقديم البرامج والسهرات فليس بالأمر الهين أن تضع قناة كبيرة ثقتها في مبتدئة مثلي. لكن القناة لها عقبتان يجب التغلب عليهما وبشكل عاجل حتى نسير للأمام بخطى حثيثة. المشكل الأول هو أساسا مشكل تواصلي، حيث يغيب التنسيق بين مختلف مستويات الفريق المكلف بإنجاز برنامج أو عمل ما من الأعمال. والأمر الثاني هو مشكل انتاج، وقد أحسست به شخصيا و عانيت منه منذ تقديمي للحلقة الأولى من سهرة السبت "أنغام الأطلس " حيث اشتغلت في ظروف غير عادية و غير لائقة. لقد مورس علي ضغط رهيب ربما كان القصد منه إفساد تجربتي الجديدة ، لأنها كانت الأولى من نوعها بالنسبة لي وخطوتي الأولى في هذا الطريق الوعر. وأنا ألوم بشكل مباشر الشخص المكلف بالانتاج لأنه لم يقم بواجبه اتجاهي، وأنا فقط دون غيري وحرمني من أبسط مستحقاتي وحقوقي. أطلب فقط أن يقوم المكلف بالانتاج بواجبه اتجاهي واتجاه غيري من العاملين بمهنية حتى تكون النتيجة في المستوى المطلوب، وتعبر عن تطلعاتنا جميعا، لا أن نترك الباب مفتوحا للحقد والضغائن، وتصفية الحسابات الفارغة. كل هذه الحسابات الطفولية وعراقيل الحساد جعلتني غير راضية عن أدائي في سهرتي يوم السبت..
*كيف دخلت غمار تجربة "صحتي كل يوم"؟
**لقد ذهبت لرؤية محمد مماد المكلف بقسم البرمجة في القناة الثانية ، من أجل عرض فكرة برنامج شبابي يقدمه الشباب و موجه للشباب..
* على شاكلة برنامج "أجيال"..
** لا بالمرة ، البرنامج كما كنت أتصوره يناقش موضوعا يمس الشباب المغربي بكل حرية وجرأة. ويعطي فيه وجهة نظره رفقة أناس مختصين ومهتمين بالقضايا التي تناقش.
*أعود إلى قصتي مع "برنامج" "صحتي كل يوم" لما استقريت في مدينة الدار البيضاء لاكمال تعليمي في ميدان الصحافة أردت عرض فكرة البرنامج فانصت إلى مماد بكل شغف واهتمام. فباغثني بالقول بأن له برنامجا في حاجة لمقدمة .اقترح علي فكرة "صحتي كل يوم" فقبلت خاصة أن البرنامج توجيهي وجيد وسهل الهضم.
* لقد أمضيت أكثر من سنة في هذا البرنامج كيف تقيمين هذه التجربة؟
** استفدت كثيرا من هذا البرنامج إنه مدرستي الحقيقية، تعلمت فيه كيفية الإلقاء والأداء والتعامل مع الكاميرا والتلقائية. تطورت كثيرا، عرفت مجموعة من التقنيات الجديدة وأمور علي تجنبها، عرفت الميدان والوسط أكثر، أصبحت أكثر احترافية. أنا جد شاكرة لمماد لأنه منحني برنامجا خفيفا ويوميا. وكمبتدأة كان الأنسب بالنسبة لي لأتعلم أصول الحرفة .. أنا جد محظوظة.
* وكيف جاءت فكرة سهرة "أنغام الأطلس" ؟
بعد البرنامج اليومي فكرت في خطوتي التالية وتتجلى في رغبتي في تقديم سهرة فنية بمنظوري الخاص. سهرة حوارية يتخللها فقرات غنائية على أساس إبراز جوانب أخرى خفية عن الفنان الضيف وليس طرح أسئلة وكليشيهات مل المغاربة من سماعها. لقد تم طرح فكرة سهرة متنوعة لتقديم الفن الشعبي من جميع أنحاء المغرب ولما قبلت القناة الفكرة أقترح اسمي وتم الموافقة عليه وتحبيذ الفكرة.
* هل أنت راضية عن أدائك؟
** أنا جد قاسية اتجاه نفسي وأعتبر أنه مازال أمامي الكثير مما عليه فعله.. أعطي أكثر.. أتحسن .. أصقل موهبتي. أقدم ملاحظات كثيرة حول أدائى لدرجة أن زملائي في العمل يقولون لي أن كل شيء على ما يرام ، وأنا أصر على التطور والتحسن.
* ما الذي لا يعجبك في الصورة التي تقدمني؟
** (تضحك) ينقصني الابتسام في بعض الأحيان لأن التلفزيون بسمة وهدفه الأساسي هو الترفيه والترويح عن النفس لأن المشاهد تعب من طول العمل والعناء وقلق اليومي ويفتح التلفزيون للتخلص من توتره.
أجرى الحوار جمال الخنوسي


05‏/03‏/2006



في حوار للمخرج الشاب "رشيد حمان" مع جريدة "صوت الناس":
"سينما المهجر جاءتنا بجرأة نحن في أمس الحاجة لها"
فاز فيلمه القصير "ويكاند" بجائزة أفضل فيلم قصير في المهرجان الوطني الأخير للفيلم بطنجة . كانت مفاجأة كبيرة لشاب مازال يخطو خطواته الأولى في المجال السينمائي . لما تقدم لتسلم جائزته لم يقو على التعبير عن فرحته العارمة بهذا التتويج الغير المنتظر. إلتقته جريدة "صوت الناس" في لقاء حميمي اكتشفنا فيه أن المخرج الشاب هو قارئ شغوف و ملم بقضايا مختلفة على الساحة. فعندما كان يقرأ الصغار من سنه قصصا طفولية، كان هو يتصفح الإلياذة و الأوديسا و كافكا. في الحوار التالي يفتح لنا رشيد حمان ، الوجه التلفزيوني المعروف ، دروب مسيرته السينمائية الفتية.
* كيف كانت بداية رشيد حمان؟
** لقد كانت بدايتي في جامعة بن مسيك بالدار البيضاء مع أجواء المهرجان الدولي للمسرح الجامعي. درست الأدب الفرنسي ثم تخصصت في السمعي البصري. وبموازاة ذلك كنت أمارس أنشطتي المسرحية كمساعد مخرج وممثل أيضا. نقطة التحول في مساري هو مشاركتي في كاستينغ للقناة الثانية بالرغم من صغر سني. فاشتغلت كمنشط لبرامج الأطفال ك"نادي الأشبال" وهو برنامج مسابقات، كنا نجول المغرب بأكمله في زيارة للمدارس وخصوصا في البوادي بحثا عن أطفال مميزين ذوي مواهب. لقد كانت تجربة فريدة حقا. ثم قدمت برنامج "رمال" و برانامجا للشباب اسمه "أونتراكت" صحبة نادية لارغيت. وبعده برنامج "دنيا البيئة" . كنت أشتغل في تقديم البرامج وفي نفس الوقت أتكلف بالإنتاج. قدمت "دنيا البيئة" مدة سنتين.
* "دنيا البيئة" برنامج كان يقدم بالفرنسية ثم انتقل إلى اللغة العربية، لما هذا التغيير؟
** إن البيئة أصبحت هم الجميع ومشكلة تمس كل شرائح المجتمع. وفي كثير من الأحيان يتوجه لمشاكل البادية، فكان لابد من تعريب البرنامج حتى يمس أكبر وأوسع شريحة ممكنة من المشاهدين.
بعد ذلك بدأت أعد برامج كبرى وضخمة في القناة الثانية من بينها "15 سنة 15 موهبة" و «استديو 2M» و «شالينجر» وهذه برامج كبيرة تتكلف بها شركة للانتاج بمساعدة وتحت إشراف القناة الثانية. وبموازاة كل هذا كنت أحاول إنجاز فيلمي القصير الأول لأني شاركت في العديد من المرات في مسابقة "الركاب" السينمائية وكنت دائما أحتل المرتبة الثالثة بينما كانت اللجنة تختار فيلمين فقط. وبعد النداء الذي وجهه نور الدين الصايل بصفته مدير المركز السينمائي المغربي لمجموع المخرجين الشباب من أجل إنجاز أعمالهم الأولى تم اختيار فيلمي "ويكاند" ثم فيلم "القلق".
* لنتحدث عن الفيلم القصير "ويكاند"
** هذا الفيلم يحكي قصة معلم من الدار البيضاء يعمل في مدرسة بإملشيل وكل يوم سبت يأخذ كرسيا ويلبس أحسن بدلة لديه للذهاب من أجل الجلوس أمام الطريق وينظر للسيارات ويتأملها. وفي يوم من الأيام تأتي معلمة للضفة الأخرى من الطريق وتحضر هي أيضا كرسيها فيحس بنوع من الألفة ويأخذ ذلك اللقاء طعما آخر. لكن هذا اللقاء لن يدوم طويلا وتنقطع المعلمة عن القدوم للمكان المحدد. مما يشعر المعلم بنوع من الإحباط . هذه على العموم قصة الفيلم إنها قصة خيالية ومع ذلك فمصدرها حقيقي حيث أن أخي كان يحكي عن بعض أصدقائه المعلمين الذين كانوا يشتغلون في الجنوب أو في الأطلس ، وكانوا يلبسون بدلاتهم للذهاب إلى جانب الطريق المعبد من أجل مراقبة السيارات وكأنهم ذاهبون للقاء غرامي!! وعندما أردت كتابة سيناريو الفيلم تذكرت قصتهم ووجدت أنها تعطي الفرصة لتصوير ديكور رائع ومناظر خلابة.
* ما هو الخطاب الذي أردت تمريره من خلال فيلم "ويكاند"؟
** لقد تعلمت من خلال تجربتي أن للصورة وقع وتأثير طال الوقت أم قصر. تأثير تدريجي وليس قاطعا وحادا .والخطاب الذي أردت إيصاله هو أننا نعيش جميعا في المغرب نوعا من السفر الذهني، منشغلون بما يجري عند الآخر سواء كان غريبا في الضفة الأخرى أو شرقيا. أنظارنا موجهة نحو الآخر حيث يصبح كل ما عندنا أو نقوم به لا قيمة له. خلافا مما يأتينا من الآخر أو نراه عنده. حقيقة لنا مشاكل وهناك صعوبات، لكن في الحقيقة مشكلتنا هي في صورتنا، أي كما نرى أنفسنا. وكما يحلم المعلم بمدينة الدار البيضاء وبالمعلمة الموجودة في
الجانب الآخر من الطريق يحلم كل أفراد مجتمعنا بالضفة الأخرى والعالم الآخر. إن الحلم أمر شرعي لكن يجب أن يوجه نحو مجتمعنا .. الآن وهنا ونغير وضعيتنا من الداخل وربما جميع أعمالي تسير في هذا الاتجاه.

* وكيف كان تعاملك مع عزيز حطاب؟
** لقد كان فيلمي الأول والكل كان يعرف ذلك جيدا لا عزيز حطاب ولا التقنيين المشاركين في الفيلم، وفي نفس الوقت كانوا يعرفون أن لي تجربة سابقة مع الممثلين وتسيير الأعمال. كان هناك وجل وقد تبدد الأمر بعد طرحنا لعملنا بشفافية مطلقة خصوصا أنني مع عزيز حطاب من نفس الجيل.
* كيف كان إحساسك عندما فزت بجائزة أفضل فيلم في المهرجان الوطني بطنجة؟
** في الحقيقة كنت ملتزما بأعمال أخرى عند انعقاد المهرجان، وقررت الحضور لطنجة فقط يوم عرض الفيلم. إلا أنه بعد التحاقي بالدار البيضاء، كثرت الاتصالات الهاتفية التي تعبر عن إعجابها بالفيلم وعن الصدى الطيب الذي خلفه وفي نفس الوقت كنت أحاول منع نفسي من الارتباط بأمل يمكن في الأخير أن يصبح سرابا فعدت في اليوم الأخير للمهرجان لحضور الحفل الختامي.
* لقد عبر البعض عن استيائهم من قرار لجنة التحكيم خصوصا فيما يخص الأفلام الطويلة..
** صحيح، لقد ظلمت بعض الأفلام..
* مثل من؟
** فيلم كمال كمال "السمفونية المغربية" لأنه عمل جيد جدا وتطلب وقتا كبيرا. واشتغل عليه أكثر من 3 سنوات وبدل جهدا جهيدا، إنه عمل يقشعر له بدن المشاهد، ويعطيه شحنة من الأحاسيس.. أمر محبط أن لا يفوز هذا العمل على الأقل بجائزة واحدة.
* ننتقل للفيلم الثاني "قلق"..
** بالنسبة لي الفيلم القصير هو فرصة للتعلم. ولما قررت إنجاز فيلمي الثاني فكرت في عالم أعرفه ومألووف لدي هو عالم القلق لأنه مرض العصر، قلق العمل واليومي وحتى قلق ربة البيت التي تربي أطفالها لأنه أمر ليس بهين. أردت في واقع الأمر أن أعكس ما رويته في الفيلم الأول فخلقت شخصيته تعاني التوتر والقلق وتحلم بالرحيل والسفر للهدوء.
* وماذا عن كتابة السيناريو؟ من يكتب أفلامك؟
** أنا أكتب سيناريوهات أفلامي على الدوام، لأني عندما أكتب أتصور في نفس الوقت طريقة إخراج الفيلم وأحدد الرؤية، ولا أستطيع تصور تفاعلي مع سيناريو كتبه شخص آخر، ربما يمكن أن يتحقق ذلك مع كاتب مهووس بنفس عوالمي.
* وكيف ترى التجارب السينمائية الأخرى؟
** إن ما يميز السينما المغربية الآن هو اختلاف وتنوع الأفلام وطرق التعبير، لم نعد نرى لونا واحد بل عدة ألوان مختلفة ومتباينة . هناك نبيل عيوش وكمال كمال و أصبحنا نسمع عن أولاد حكيم النوري ومشاركتهم في مهرجان برلين، إنها طفرة وثورة رائعة نشهدها في المغرب فهذا أمر لا وجود له في تونس أومصر أو غيرهما. وعلينا أن نقدر ونحترم هذه التجربة الفريدة ونعطيها القيمة التي تستحقها ونثمنها، لأنه تطغى علينا نظرة سوداوية تجعلنا لا نتحدث إلا على السلبيات.
* نريد معرفة رأيك في ثلاث قضايا مطروحة الآن على الساحة السينمائية: القضية الأولى تتمحور حول فيلم ماروك.
** في الحقيقة لم تتح لي فرصة رؤية الفيلم . لكن لي يقين ومبدأ لا أحيد عنه، هو أني أرفض أي شكل من أشكال القمع والمنع كيفما كان نوعه. من الممكن أن أعبر عن رأيي في الفيلم وأقول هو جيد أو رديئ ،لكن ليس لي الحق في اغتصاب حقه في الوجود!
* القضية الثانية حول بروز الحديث عن شرخ بين جيل الشباب وجيل الرواد وصل لحد الصدام.
** يبدو لي هذا الأمر إيجابيا لحد ما، مع العلم أنه لم يتكون بعد ما يمكن أن نسميه موجة جيل جديد . على أي حال هذه ظاهرة إيجابية في صالح السينما.

* القضية الثالثة هي حديث بعض النقاد عن سينما المهجر والنظرة المختلفة عن المغرب التي يقدمها خطابهم..
** يبدو لي أن ما يسمونه سينما المهجر ونظرتها المختلفة للأمور هي في حقيقة الأمر غنى لنا وللسينما المغربية. فموضوع واحد يمكن أن نتطرق له من زوايا مختلفة. وهذا ما يصنع التنوع والاختلاف والتطور. إضافة إلى أن سينما المهجر جاءتنا بنوع من الجرأة نحن في أمس الحاجة له في بعض الأحيان بحدود. وحتى من الناحية التقنية فالمخرجون المقيمون في المهجر يوظفون طرق جديدة تفيدنا وتغني السينما. وعوض أن ننغلق على ذاتنا علينا الانفتاح عليهم والتعلم منهم.
* متى سنرى أول فيلم طويل لرشيد حمان؟
** أنا الآن أعد فيلمي القصير الثالث وأكتب سيناريو فيلمي الطويل، لكني أعيش مخاضا داخليا بين عملي اليومي في التلفزيون وشغفي بالسينما. وأحاول التوفيق بينهما أو التخلي عن الأول لصالح الثاني. لست أدري، هذا السؤال ما زال ينتظر مني جوابا.
أجرى الحوار جمال الخنوسي

"علام الخيل" فيلم تلفزيوني تحول لوصلة إشهارية!!
عرضت مساء أمس القناة الثانية فيلما تليفزيونيا جديدا تحت عنوان "علام الخيل" من إخراج ادريس شويكة وسيناريو نور الدين وحيد وبطولة كل من محمد الشوبي ومحمد عياد وأكاط تيركور وغيرهم، الفيلم الذي أنتجته القناة الثانية هو ثالث تعامل لها مع المخرج إدريس شويكة بعد "الطيور على أشكالها تقع" و"مادو". وتجري وقائع الفيلم بإحدى المدن المغربية حيث يموت "علي" فارس المنطقة أو "علام الخيل" كما كان يلقب مثله من الفرسان. فيصاب ابنه الصغير "حمادي" بصدمة قوية يفقد على إثرها نعمة النطق وذلك لأنه كان يحب أباه حبا كثيرا وكان تعلقه به كبيرا، مات "علي" ولم يترك لابنه "حمادي" إلا قلادة تقليدية جميلة ترمز إلى الفروسية وصورة فوتوغرافية قديمة، تزداد حالة "حمادي" سوءا فلا ينفع معه لا علاج الأطباء ولا الفقهاء، خاصة عندما تتزوج أمه برجل آخر حسب الأعراف والعادات المتبعة في القبيلة، فامرأة في سنها وفي جمالها لا يمكن أن تظل بدون زوج يحميها ويصونها، بعد رحيل ابن خالته وصديقه إلى المدينة من أجل الدراسة يبقى "حمادي" وحيدا ومعزولا عن أهل القرية عزاؤه الوحيد هو المهر الذي ولدته فرس خالته. يكبر "حمادي" ويصبح شابا قويا وفارسا متميزايقود بتفوق فرقة القرية في مبارايات الفروسية التقليدية...
بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم خرجنا بلا خلاصة ولا إحساس و لا فكرة، كما يقول المثل المغربي "لاعامرة ولا خاوية". قليل من المرارة و كثير من الإحباط. لأن القصة كما قدمتها الورقة الإشهارية الفاخرة في ليلة العرض الأولى ستجدها متناثرة بين المشاهد السياحية المختلفة والمتنوعة، ففيلم "علام الخيل" هو في الحقيقة وصلة إشهارية مدتها ساعة و39 دقيقة لجمال المغرب والسياحة فيه، حيث نجد نظرة بانورامية عن كل مظاهر الحسن والجمال في هذا البلد الخلاب وطبيعته الساحرة من سهول وجبال ووديان وشلالات وبحيرات وصحاري أيضا. ولا ننسى البنايات والدواوير العتيقة والفنادق الفخمة وفرق الفولكلور بجميع أنماطها من حيدوس وشيخات وعازف على الوثار، ولم تفت المخرج الإشارة للأطباق المغربية اللذيذة والإشادة ب"لوديليسيو طاجين" ولا بأس أن نعرض على السياح البعض من عاداتنا "المتخلفة" كمراسيم الزواج والموت والقبور وإبراز العادات الغريبة والعجيبة كالفقهاء أبطال الكي الذي يسعى ليداوي الأخرس وينجح في جعل "الكاوري" الذي سقط للتو من على صهوة الحصان يجري كالرهوان (!!).
والوصلة الإشهارية هذه المستماة فيلما تلفيزيونيا لا تحمل لا حبكة درامية ولا عقدة ولا حل (!) بل يباغتنا "الفيلم" بنهاية صادمة تزيد من حيرتنا وتعود بنا لطرح موضوع لن نخوض فيه لأننا تحدثنا عنه مرات عدة وهو مشكلة كتابة السيناريو المزمنة.
يركز الفيلم أيضا على عرض ثراتنا من خلال إقحام مشاهد للفنطازيا مادام "الآخر" يحب ذلك، حيث جعلنا الفيلم وكأننا نشاهد أحد أفلام سلسلة هاري بوتر ومسابقاته العجيبة على صهوة مكنسته الطائرة. لقد قدم المخرج لعبة فنطازية غريبة لا نعرف من أي تاريخ هي ..
و لن يفوت المخرج أيضا في إطار حملته الإشهارية أن يشير لتعايش الأديان داخل هذا البلد السمح وإن كان أمرا نزكيه وندعمه، يبقى إقحام المصلي اليهودي داخل أحد المشاهد أمرا فجا لا معنى له. حيث أحسه المشاهد مقحما ومتعمدا بالرغم من أن الفكرة جيدة وآنية وهدفها سامي، إلا أن الإقحام بلا مناسبة جعل النتيجة عكسية.
والأهم من كل هذا فالمغرب به أيضا النبتة السحرية ومنطقة كتامة الغنية، حيث سيستعرض محمد بسطاوي ويقحم هو أيضا ليعرض لنا "سبسيه" الأنيق والملتهب ويبرز حسانته وقيمته الاستشفائية.
وأقبح ما يمكن أن يقدمه أي فيلم هو تقديم الكليشيهات المتداولة والمستهلكة وحتى التي أصبحت تثير سخرية المشاهدة كمشهد البطل الذي يعزف على الناي تحت شرفة محبوبته "الكاورية"!!
الملاحظ أن الفيلم فيه العديد من الثغرات وانعدام المنطقية بررها اشويكة في إطار المناقشة التي عرفها ما بعد عرض الفيلم كونه يقدم "تاريخا افتراضيا"وهو اصطلاح متناقض لا ندري في الحقيقة ما يعني !! وكأن هذا البلد نكرة نفترض له تاريخا ما دمنا جاهلين بتاريخه الحقيقي(؟!). كما أجاب اشويكة في مرارة عن ملاحظة تميزت بنوع من "الخبث" حول استعداد وزارة السياحة لاحتضان فيلمه قائلا بأنه يتمنى ذلك حتى يتسنى له إنجاز أفلام أخرى !! ملمحا لكون الإنتاج التلفزي يصطدم بعدة عراقيل إنتاجية. إلا أنه غاب وللأسف عن مخرج معروف كشويكة: أولا كون المبدعين المغاربة يهدرون عدة فرص لإثبات أنهم قادرون على تقديم أعمال في المستوى حتى لا نقول جيدة وثانيا أننا لا نتمنى لمخرج مثله أن يقدم أعمالا باهتة كـ "علام الخيل".
جمال الخنوسي



تقديم "المغرب-فرنسا: تاريخ مشترك" وعرض أول ل "الدية"
ثم مساء أول أمس الخميس بأحد الفنادق بمدينة الدار البيضاء تقديم العرض الأول من الفيلم التلفزيوني الجديد "الدية" للمخرج منصف النزهي. كما تم تقديم عرض مصغر أو نبذة مدتها 3 دقائق عن الفيلم الوثائقي "المغرب-فرنسا: تاريخ مشترك" الذي أخرجه أحمد المعنوني بمناسبة الذكرى الخمسينية للاستقلال .
الوثائقي الذي أنتجته القناة الثانية سلسلة من ثلاث حلقات تقترح قراءة جديدة للعلاقات المغربية الفرنسية وتأملا للأحداث التاريخية المرتبطة بها، استعانة بأرشيف المؤسسات المختصة في اليدين وتناول التاريخ المشترك الذي يجمع بين المغرب وفرنسا عبر ثلاث محطات تتعلق أولاها بالفترة التي سبقت الاحتلال المباشر ثم بسط النفوذ الأجنبي على المغرب، بينما تخص الثانية فترة مقاومة الاستعمار .أما في المحطة الثالثة فتتناول السلسلة العلاقات المغربية -الفرنسية بعد زوال عهد الحماية حيث تقوت هذه العلاقات شيئا فشيئا من خلال شراكات متميزة في العديد من الميادين . وتحتوي السلسلة على شهادات للعديد من المؤخرين والباحثين إضافة إلى وجوه سياسية مغربية وفرنسية ممن عاشوا مرحلة الاستعمار.
وفي خضم كلمة المخرج أحمد المعنوني أعلن عن عرض السلسلة كاملة يوم الاثنين القادم بمسرح محمد الخامس بالرباط على الساعة السابعة مساء و قرب صدور النسخة الأمازيغية للسلسلة.
بعد ذلك ثم عرض الدراما الاجتماعية "الدية" التي أخرجها منصف النزهي كأول عمل له وكتب السيناريو عبد اللله أبو جيدة ومن بطولة هدى صدقي وزهرة صديقي وأحمد كرس وأم كلثوم بنسعيد، وعبد الفتاح بهلول وغيرهم. ويحكي الفيلم قصة صفية ربة البيت التي تنتهي بها الأقدار بعد موت زوجها في حادثة سير، وسط دوامة من المشاكل والأحقاد التي لا تنتهي. فإلى جانب مسؤوليتها الصعبة لتربية ابنيها المهدي وزينب تبدأ سلسلة من الصعوبات والعراقيل حيث تسعى صفية للحصول على التأمين وكذا حقوق أبنائها في التعويضات العائلية كما تقف أمام امتحان صعب لتوفير لقمة العيش الشريف لأسرتها الصغيرة والعلاج لوالدها المريض وأمام انسداد جميع الأبواب، تلجأ صفية إلى جارتها لالة مولاتي لكي تساعدها في الحصول على حقوقها، لكنها ستقع ضحية مكر وشرور الجارة وصديقها كبور الذين يستغلان سذاجة صفية، ويخططان للاستحواذ على أموالها، من خلال إقناعها بفكرة الزواج من كبور. ولكسر شوكة رفض ابنها المهدي ، يتهم ظلما بجريمة لم يقترفها، وتستمر الضغوط ويطرح أكثر من سؤال حول مآل السيدة صفية وأسرتها وسط هذا التيار الجارف من المشاكل والهموم التي أصبحت تقض مضجعها وترمي بالسعادة التي كانت تنعم بها في بحر من النسيان.
و"الدية" هو العمل رقم 32 من الأفلام التلفزية التي تنتجها القناة الثانية منذ سنة 2004، ويمكنها أن تكون فخورة بهذا الانجاز من جهة وبمستوى هذا الفيلم الذي يعطي صورة عن مدى التقدم والتطور الذي يعرفه العمل الدرامي المغربي. فالدية عمل متماسك ومنسجم ومتكامل يبدأ بسيناريو محبوك وكتابة سلسة . وترتيب منطقي ومتناسقة وشخصيات رسمت بدقة. حواره يتسم بالواقعية وانعدام التنميق والتصنع مما سهل عمل المخرج و عيد الطريق أمامه لتقديم عمل بهذا المستوى. خصوصا مع مغامرته الجريئة بالاعتماد على ممثلين مبتدئين وغير معروفين والذين أبانوا على مستوى مميز في الأداء بلا استثناء. مع الإشارة لبعض الهفوات فيما يخص المونتاج. لكن مع ذلك يبقى "الدية" فيلما أنسانا حقا إحباط الأفلام السابقة وزرع داخلنا بذرة من التفاؤل اتجاه الدراما الوطنية.
جمال الخنوسي


را كرافت» الجديدة مغربية!
بعد أسماء شهيرة كان أكثرها تألقا النجمة الهوليودية أنجيلينا جولي جاء دور "كريمة أدبيب" لتتقمص دور البطلة الشهيرة لألعاب الفيديو و الأفلام السينمائية "لاراكرافت" في سلسلة "تومب رايدر".
النجمة المغربية تبلغ من العمر 20 سنة عاشت في بلدها الأصلي المغرب حتى سن السابعة لترحل بعد ذلك لانجلترا وتعيش بمنطقة "تنال غرين" بلندن.
سبق لها الظهور في فيلم "Alien Versus predator" قبل أن تدخل الشهرة من بابها الواسع مع الفرصة الذهبية التي منحت لها. وقد اعتبرت كريمة اختيارها للدور في تصريح لجريدة "الصن" الانجليزية: " فرصة كبيرة بالنسبة لي ولابد أن أستغلها جيدا. إنها تحدي كبير أن أسير في خطى نيل ماك أندرو وأنجلينا جولي . الحياة مجموعة التحديات وهو أمر مهم لأي ممثلة أو عارضة أزياء".
وفي حديثها عن السلسلة الشهيرة "تومب رايدر" تقول: "بالنسبة لي لارا كرافت هي الفتاة الأكثر إثارة في العالم واختياري للقيام بالدور هو تتويج وفخر، وحتى أكون في مستوى الشخصية الشهيرة فأنا أقوم بتداريب مكثفة مع القوات البريطانية الخاصة وأتلقى دروسا في التعامل مع الأسلحة وركوب الدراجات. أن أكون لاراكرافت يعني أن أكون قوية متطورة وفي نفس الوقت مميزة".
وحول رأي عائلتها في دورها الجديد تقول كريمة إن أمها فرحت بهذا التتويج أما أبوها فقد اكتفى بالسؤال عن نوعية الملابس التي سترتديها
للمزيد من المعلومات و الصور!!