15‏/06‏/2006

فيلم «دوار النسا» للجزائري محمد شويخ


فيلم «دوار النسا» للجزائري محمد شويخ
حرية المرأة في مواجهة الإرهاب


اختتمت فعاليات الدورة السادسة لمهرجان روتردام السينمائي الذي شاركت فيه الأفلام العربية المنتجة داخل وخارج العالم العربي·
وفاز بالصقر الذهبي فيلم''دوار النسا'' بعدها بأيام قليلة يفوز نفس الفيلم وهذه المرة بمدينة خريبكة المغربية بجائزة أحسن سيناريو في الدورة العاشرة لمهرجان السينما الإفريقية.

يتبادر إلى الذهن عند مشاهدة فيلم «دوار النسا» للمخرج الجزائري محمد شويخ فيلمان آخران يتميزان بنوع من التشابه أو التقاطع مع تصور المخرج في فيلمه المذكور. الفيلم الأول هو للمخرجة المغربية ياسمين قصاري «الراقد» الذي يصور معاناة دوار من النساء بعد رحيل أزواجهن للعمل بالخارج ليعشن في فضاء نسائي مغلق يبقى فيه الرجل حاضرا كفكرة ورمز. والفيلم الثاني هو للمخرج الأمريكي نايتشايا ملان بعنوان «القرية»، حيث يعيش مجموعة من الناس منعزلين عن بقية العالم خارج التاريخ، مهددين بخوف ورهبة من شبح أو وحش يحيط بهم من كل مكان، حيث لا يجرؤ أحد على مغادرة القرية خوفا من بطشه.
وجه تشابه هذين الفيلمين مع «دوار النسا» يكمن في قصة الفيلم التي تروي حكاية قرية جبلية يضطر رجالها للرحيل بعيدا بحثا عن لقمة عيش، لتحل النساء مكانهم، حيث يحملن السلاح لحماية القرية من الإرهابيين. يبدأ الفيلم بمشهد استعداد الرجال لمغادرة القرية وبمشهد زوج عنيف برغم زوجته على حمل السلاح، في لقطة أخرى رجل يأبى إلا أن يترك سرواله معلقا على باب البيت كدلالة على حضوره الدائم في لعبة لخيالات رمزية ستستغلها النساء فيما بعد للتمويه على حضور رجالي مغيب.
عند رحيل الرجال الممثلين للقوة الحقيقية يتكفل شيوخ منهكون لم تعد لهم أية قوة لدرء المخاطر بإصدار الأوامر ومراقبة النساء حفاظا على شرف القرية. لتواجه النساء تسلط شيوخ يستمدون هيبتهم من جنسهم كجبهة داخلية وشبح جماعة من الذباحين والإرهابيين كجبهة خارجية.
يحضر الصراع الدرامي في الجزء الأول من الشريط كفكرة: الخوف من أي هجوم إرهابي محتمل، مما يزيد من شكوك نساء القرية تجاه كل غريب يقترب منها. وهو ما سيحدث مع تاجر شاب قدم للقرية لشراء الحمير ليقع في يد النساء ويسجن قبل أن يدركن أنه ليس إرهابيا، ويرفض شيوخ القرية بيعه الحمير تحت حجة أن حميرهم «عزاز عليهم بحال النسا».

يظهر الإرهاب في صورته الثانية في شخص شاب منحدر من القرية يعود إليها بعد إدراكه حقيقة الجماعات الإرهابية التي ينتمي إليها. أما الصورة الثانية للإرهاب فتمثلت في ثلاثة إرهابيين يحاول أحدهم اغتصاب فتاة فيواجهه الشيوخ بالتعاويذ وقراءة القرآن، بينما النساء رفعن السلاح والحجر ضد المتسلطين، وخصوصا مع بروز المرأة المعتوهة التي تمثل صوت المجتمع النسائي المخنوق والمهمش، لتصبح النساء مستقبل القرية الحقيقي في وطن بلا رجال بعد أن أصبح رجاله يستبيحون النساء والأطفال أو كما قال أحدهم في الفيلم «حكار النسا».
إن المعركة الحقيقية هي معركة نساء لأنهن الضحية الأولى لمجتمع رجالي تلاحقه لعنة الجسد، فلا حرية ولا ديمقراطية بالنسبة لشويخ دون حرية نسائية حقيقية تبدأ بحرب السراويل، لأن الحرية تبدأ بحرية التمظهر بالشكل الذي تريده المرأة لنفسها وليس بما هو مفروض عليها من الخارج.
استثمر المخرج بعض المواقف التي يعرفها المجتمع الجزائري والعربي الإسلامي ككل. وأبدع شويخ في تصوير جندي من الجيش الجزائري فضل عوض أن يحمي القرية أن يوزع عليها لافتات وأعلام الجمهورية إيذانا بقدوم الانتخابات. تشبيه النساء بالحمير أكثر من مرة. لجوء النساء إلى خلق رجال وهميين من القش والخشب في الوقت الذي تحمل فيه النساء «الكلاشينكوف» ضد الإرهابيين ويأخذ الشيوخ مكانهن في نسج الزرابي. حتى الموت لم يسلم من السخرية اللاذعة للشويخ، فقد جعله موضوعا للتهكم في لحظة تدريب العجزة على حمل الميت لأن النساء ممنوعات من دخول المقبرة ليفتي في الأخير أحد الشيوخ بتكفل النساء بدفنه ليلا.
إن «نساء دوار» محمد شويخ محرومات من الحب والزواج. يحلمن ويحملن الكلاشينكوف. يدفن الأموات، يحاصرن في جغرافية القرية.
إن فيلم «دوار النسا» قصيدة في حب النساء تستثمر تفاهة الحياة وعمق المآسي والحب الذي يتحدى القلق الإنساني الذي يسكنه .

جمال الخنوسي / عمار عبد الرحمان

هناك تعليق واحد:

  1. شيماء12:00 م

    فلم رااااااااائع جدا تحياتي للمخرج محمد شويخ .

    ردحذف