01‏/03‏/2012

"الرواية الملعونة" .. عشق محرم بين فتاة ووالدها


الروايات المثيرة هي تلك التي تسافر بك إلى عوالم عذراء لم تزرها قط أو تتفاعل معها حواسك. فالكتاب الناجح هو الذي يدخلك أرضا بكرا وتعيش بين دفتيه عالما عجيبا جديدا ومتجددا.
"الرواية الملعونة" لأمل الجراح واحدة من هذه الكتب التي تدخل القارئ إلى عالم الممنوع والمحرم، ففي العام 1968 فازت هذه الرواية التي قدمت تحت عنوان "خذني بين ذراعيك" بجائزة "الحسناء" للتأليف بعد أن اختارتها اللجنة المؤلفة آنذاك من غادة السمان، وجبرا ابراهيم جبرا، ويوسف الخال، أفضل عمل روائي، إلا أنها لم تنشر حينها، فترددت الشاعرة في نشرها لأنها كانت تحتوي على جرعات زائدة من الجرأة التي ربما لم يكن قراء ستينات القرن الماضي قد اعتادوها. ورغم إنجاز نسخة "مطهرة" إلا أنها لم تر النور في حياة كاتبتها أمل جراح. لذلك، وفي ذكرى وفاة هذه الكاتبة الرقيقة تحققت رغبتها ونشرت دار الساقي روايتها كاملة تحت عنوان "الرواية الملعونة".
 وتحكي الرواية قصة حب محرم بطلتها المراهقة حنان التي تذكرنا ببطلة فلاديمير نابوكوف المعروفة "لوليتا"، إلا أن الكاتبة العربية الجريئة ستذهب أبعد وتكتب رواية عن عقدة "ألكترا" الفرويدية.
إنها حكاية حب محرم يربط حنان المراهقة بوالدها، الذي اشتهت علاقة جنسية معه، "سيدي أنت وحبيبي، زوجي وعشيقي وأبي، خلقت لك، و صرت منك و إليك".

تقول حنان  بجرأة، "كل ما هو خارج ملابسك لا أعرفه... كل هذا العالم يحترق خارج منزلنا".
مع "الرواية الملعونة" تخرج "لويتا الدمشقية"، كما كتبت زينب عساف في جريدة "الغاوون" إلى النور "خالعةً غلافها الأصفر العتيق، ومتمردة مرتين: مرّة على التابوهات، ومرّة على أمل الرقيبة".
وأمل جراح شاعرة سورية، من مواليد بلدة مرجعيون اللبنانية الجنوبية، لأسرة دمشقية كانت مقيمة في لبنان. كتبت الشعر باكرا ثم احترفته بدءا من منتصف الستينات، وتزوجت من القاص السوري ياسين رفاعية عـام 1967، وانتقلا إلى العاصمة اللبنانية ليقـيما فيها، وخلال الحـرب انتقـلا إلى لندن ليعودا لاحقـا إلى بيروت.
من مؤلفاتها: "رسائل امرأة دمشقية إلى فدائي فلسطيني"، و"صاح عندليب في غابة"، و"صفصافة تكتب اسمها"، و"امرأة من شمع وشمس وقمر". وصدر لها بعد وفاتها ديوان "بكاء كأنه البحر".
ويتميز شعر أمل جراح بنزعة إنسانية عميقة مفعمة بالتوق إلى الحب والحرية، وإن كان مرضها المديد، الذي توفيت به في 2004، ترك بصمات واضحة في شعرها، وخاصة في قصائد الديوان الأخير.
قيل إنها شاعرة المصالحة مع الموت الذي نجحت في إقصائه حتى وهي فيه، إلى المقاعد الخلفية بحسب بول شاوول. وقيل أيضا إنها أميرة الحزن، التي جاءت إلى العالم متكئة على قلبها، حسب تعبير الشاعر محمد علي شمس الدين. كانت شاعرة فقط، شاعرة من حيث أن الشاعر كائن لا يعقد هدنة طويلة مع عدوه الشخصي الموت.
بين دمشق وبيروت ولندن، امتد مشوار جراح الشعري والحياتي، واستقرت في العاصمة اللبنانية بعد زواجها من الروائي والقاص ياسين رفاعية. قبل أن تضطر إلى المغادرة إلى لندن بسبب ظروفها الصحية وظروف الحرب التي عصفت بالبلاد وتركت في نفس الشاعرة ندوبا لا تمحى، وبرز أثرها الواضح في مجموعة كبيرة من قصائدها.
جمال الخنوسي