29‏/10‏/2007

اليومان الأخيران الأغنى سينمائيا

اليومان الأخيران الأغنى سينمائيا
التركيز على موضوع هجرة اليهود والعرض الأول للعديد من الأفلام المنتظرة

عرف اليومان الأخيران من عمر المهرجان عرض أفلام تتميز إلى جانب قيمتها الفنية بجدتها والاطلاع الجمهور عليها لأول مرة. وهكذا تم عرض فيلمين يتناولان تيمة واحدة برؤية مختلفة، إذ حاول كل من حسن بنجلون ومحمد اسماعيل مقاربة قضية هجرة اليهود كل بأسلوبه وطريقته. ويحكي فيلم الأول الذي يحمل عنوان "فين ماشي يا موشي؟" قصة مصطفى مسير الحانة الوحيدة بمدينة أبي الجعد أن اليهود سيرحلون الى اسرائيل ودول أخرى، فبدأ يخشى الإغلاق الإجباري لمحله، ففكر في إيجاد مخرج لمشكلته من خلال اقناع أحد اليهود بالعدول عن فكرة الهجرة. وإذا كان الفيلم الذي قام بأداء أدواره الرئيسة بروعة كل من ربيع قاطي، وسيمون الباز، وعبد القادر لطفي، وريم شماعو، والهام لوليدي، وحسن الصقلي ومحمد التسولي، متميزا من الناحية التقنية وامتلك صورة جميلة، إلا انه في المقابل تميز بنوع من الضبابية والسطحية في مقاربته الموضوعاتية، وضعف في الكتابة.
أما فيلم محمد اسماعيل الذي يحمل عنوان "وداعا أمهات" فيعكس وضع اليهود المغاربة في الفترة المعروفة بـ "السنوات السوداء للهجرة" حيث الإحساس بالحيرة تجاه رغبتان متنازعتان: البقاء في الوطن الأم أو الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث. وقال محمد اسماعيل في تصريح سابق إن ما تكتسيه مرحلة الستينيات من أهمية ومن غنى على مستوى الأحداث هو الذي حفزه لإنجاز هذا العمل، وقال إن فيلم "وداعا أمهات" يصور الحب النموذجي للآخر دون أي تمييز في مواجهة تقلبات الحياة. "فهذا ما نروم إيصاله والدعوة إلى أن يؤمن به كل واحد في دواخله، أي الأمل في أن يأتي يوم نعاين فيه تساكنا وتعايشا في فضاء واحد". وأضاف "قمنا باختيار دقيق للديكورات التي ستجري فيها أحداث الشريط عبر مختلف المدن التي شهدت في الماضي كثافة سكانية يهودية مهمة وهذا عامل يزيد من واقعية الفيلم، حيث صورنا في بعض الأماكن التي تركها اليهود الذين هاجروا، ديكورات تنبض بالحياة وكأن سكانها لم يغادروها إلا في الأمس."
قام بأداء الأدوار الرئيسية في فيلم محمد اسماعيل كل من النجم رشيد الوالي ومارك صامويل وسعاد حميدو وحفيظة قسوي ونزهة الركراكي واحمد العلوي.
وتمكن اسماعيل من ربط خيوط قوية بين المشاهد وشخصياته القوية خصوصا قصة الحب التي تربط شابا مسلما بفتاة يهودية وكذا قصة صداقة وطيدة بين شريكين ستفرق بينهما تلك الهجرة.
من جهة أخرى، عرضت تحفة فوزي بنسعيدي "ياله من عالم جميل" الذي سبق أن شارك في المسابقة الرسمية للدورة السابقة من مهرجان مراكش الدولي وخلف صدى كبيرا وإجماعا واسعا على تميزه.
وأكد فوزي بن سعيدي أن فوز فيلمه "ياله من عالم رائع" بجوائز في مهرجانات متعددة، يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لمسيرته السينمائية وبالنسبة لهذا الفيلم على الخصوص، لكونه فيلما يخرج عن المألوف سواء من حيث الموضوع أو من حيث شكله وأسلوبه السينمائي.وقال إن فوز فيلمه يفتح مجالا أكبر أمام السينما المغربية، ويجعلها تحظى باهتمام أوسع من قبل المهرجانات الدولية، مؤكدا أن تراكم الجوائز أمر مهم بالنسبة لهذه السينما. وأكد بخصوص رواج الفيلم المغربي في مصر والمشرق العربي في ضوء ما يقال من أن اللهجة المغربية تشكل عائقا أمام هذا الفيلم لدى الجمهور المشرقي، أنه يعتمد في جل أعماله على اللغة السينمائية وهي الصورة والصوت في مختلف تجلياتهما وليس على اللغة الناطقة، معتبرا أن هناك أفلاما يمكن أن يشاهدها الجمهور دون أن يفهم لغتها.وقال إن "الإشكال" في السينما المغربية والسينما العربية بصفة عامة هو اعتمادها على المنطوق وعلى الحوار أكثر من اعتمادها على الصورة والصوت اللذين يشكلان أساس اللغة السينمائية.وأوضح بن سعيدي أن الفيلم يعتمد طريقة في الحكي تختلف عن أسلوب القصة التقليدية، ويجمع بين أشياء ليس من المعتاد الجمع بينها كالكوميديا الصامتة وأسلوب الفيلم البوليسي والصورة الجديدة، وقصة حب عبر الهاتف المحمول والانترنيت.
وكان فيلم "ياله من عالم رائع" الذي قام بأداء أدواره الرئيسية كل من فوزي بنسعيدي، ونزهة رحيل، وفاطمة عاطف، والمهدي العروبي، وهاجر المصدوقي، قد فاز خلال السنة الجارية بالجائزة الكبرى لمهرجان مونريال السينمائي، وبجائزة لجنة التحكيم في مهرجان طريفة الإسبانية. وهو ثاني فيلم روائي طويل للمخرج بعد فيلم "ألف شهر" الذي أنجز ثلاثة أفلام قصيرة هي "الحافة"، و"الحائط"، و"خيط الشتاء".
فريدة بورقية التي هجرت السينما منذ 26 سنة، عادت بفيلم "طريق العيالات" راهنت فيه بشكل كبير على نجومية منى فتو. إلا أن المخرجة التي كان آخر عمل لها هو فيلم "الجمرة" سنة 1981، توفقت كثيرا في تقديم فيلم من صنف "رود موفي" ممتع وسلس وتميز بجودة تقنية عالية وتحكم في أدواتها رغم التأثير الواضح لتجربتها التلفزيونية الطويلة. كما قدمت كلا من المتألقة عائشة ماه ماه والنجم محمد خيي في شكل جديد ومختلف.
ويحكي "طريق العيالات" قصة أمينة التي قررت التوجه إلى شمال المغرب حيث يسجن زوجها من أجل قضية لها علاقة بالاتجار بالمخدرات، لكن عطبا يصيب السيارة التي تقلها بعطب سيمكنها من لقاء لالة رحمة وهي امرأة مسنة تتوجه هي الأخرى للشمال للتأكد من عدم وفاة ابنها عند عبوره إلى أوربا.
جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق