04‏/04‏/2010

"بزيز" فرنسا يتحدى أقوى وزير في الحكومة

وصف وزير الهجرة والهوية الوطنية ب"الفاشي" فنعته الوزير ب"الممثل الفاشل" و"الجبان الذي يهاب المواجهة"

يتابع الفرنسيون هذه الأيام مواجهة ممتعة، ومسلسلا مشوقا بطله كوميدي معروف بهزله السوداوي وأقوى وزير في حكومة "فرانسوا فيون". إنه نزال حقيقي وصراع للجبابرة لم تخف حدته بعد مرور أسبوع من بدايته، عندما وصف الفنان الساخر "ستيفان غيون" على أمواج محطة "برانس أنتير"، وزير الهجرة والهوية الوطنية، إيريك بيسون ب "الفاشي" والعميل المدسوس للجبهة الوطنية المتطرفة التي يترأسها جون ماري لوبان.
وما يجعل هذا المسلسل أكثر متعة هو أنه يضم، من جهة، صراعا بين السلطة والفنان، ومن جهة أخرى، تلعب توابل الكوميديا لعبتها وتعطي ل"صراع العظماء" هذا نكهة لا توصف، إذ يحرص الفرنسيون على تتبع كل صباح ما سيقوله الكوميدي الساخر في مواجهة جبروت الوزير، كما يصغون إلى ردود الوزير ضد الكوميدي الأرعن.
وبعد أن وصف الفنان غريمه الوزير ب"الفاشي الذي يتنكر في مظهر هزيل"، رد بيسون أنه لا يعير مثل هذه الترهات اهتماما لأنه "سياسي وليس دمية" مضيفا أن هذه الأساليب جديرة "بصحافة اليمين المتطرف في فترة ما بين الحربين".
وأدان وزير الهجرة العنصرية "اليومية والمزمنة" لدى الفنان الكوميدي، لأنه "جبان يهاب المواجهة الحقيقية ويتسلل للخروج من استوديو "فرانس أنتير" كل يوم".
وختم الوزير كلامه بالقول إن ستيفن غيون "ممثل فاشل" فرد الكوميدي أنه إذا كان النجاح المهني بالنسبة إلى الوزير يعني تغيير الجلد كل سنتين فإنه "يفضل الفشل المهني" في إشارة إلى أن بيسون الاشتراكي قبل الدخول إلى حكومة يمينية، وكلفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بإطلاق نقاش بائد حول "الهوية الوطنية" مع ما خلفه من نتائج كارثية و"ديراباج".
وأنهى الكوميدي كلمته الصباحية ليوم أمس (الاثنين) قائلا إنه شرف كبير أن يخصص له الوزير كل هذا الوقت والاهتمام، "لأنه وقت لم يهدره في وزارة الهجرة والهوية الوطنية".
ومهما طالت المناوشات فسيخلد المحاربان لا محالة إلى الراحة، أو على الأقل سيصلان إلى هدنة مؤقتة، وسيضع المصارعان السكاكين والسيوف و"كل أنواع الأسلحة البيضاء والسوداء". وسيحتل التأمل والسؤال مكان الصراع والأحقاد، وسيسير النقاش أبعد لطرح أسئلة أقوى وأعمق حول علاقة الفن والسياسة، والفن والحرية، وأين تبدأ السخرية وأين تنتهي؟ وما هي حدودها؟ وهل يمكن أن يكون للكوميديا والفن عموما خطوطا حمراء؟
لن نجيب عن هذه الأسئلة لأن الحيز لا يسمح، بل يكفي أن نعقد مقارنة بسيطة ونقول إنه في بلد مثل فرنسا ناطح فنان ساخر وزيرا بقده وقامته على إذاعة تنتمي إلى القطب العمومي دون أن يقطع لسانه أو يخرس صوته، لكن في بلدنا الجميل هناك كوميدي ساخر اسمه "أحمد السنوسي" يضرب عليه حصار منذ 25 سنة. وفي بلدنا تقلم السكيتشات وتشذب كي تفرغ من محتواها وتتحول إلى "أي كلام" لأنه عندنا ليس للفن كرامة ولا للفنان الحق في إعلامه. في بلدنا يا سادة نصنع التلفزيون والإذاعات ونفرخها تفريخا لتلميع الوزراء والسياسيين والمحظوظين وكفى.
جمال الخنوسي
الصورة
ستيفان غيون وإيريك بيسون (خاص)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق