29‏/08‏/2012

الهاكا تقطع الطريق على إيديولوجيا العدالة والتنمية

كشفت مصادر مطلعة ل"الصباح" أن مضامين النسخة المعدلة من دفاتر تحملات التلفزيون العمومي "مثار نقاش قوي وساخن" داخل المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، مضيفة أن مجموعة من النقاط الخلافية استحوذت على حصص الاجتماعات الخاصة التي يعقدها المجلس قبل المصادقة على النسخة الجديدة التي أعدتها لجنة ترأسها وزير السكنى وسياسة المدينة، ووزير الاتصال الأسبق، نبيل بن عبد الله، بعد أن فجرت نسخة وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، زلزالا كبيرا بسبب طريقة تدبيره التي وصفت ب"اللاتشاورية"، لم يطفئ نيرانها سوى التحكيم الملكي.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن الغرض من التدقيق في مضامين دفاتر التحملات حماية التلفزيون العمومي من تدخل أو فرض تصور حزبي في إعلام ملك لكل المغاربةّ، ووضع النظم والمعايير التي تحد من طموحات حزب العدالة والتنمية، أو أي حزب آخر، في فرض إيديولوجيا معينة على الإعلام العمومي الذي يعكس صورة الدولة وليس الحكومة فحسب.
وتمحور النقاش داخل الهيأة على ضرورة تشديد وتأكيد حماية المجال الديني من أي تدخل، وركز على تعويض تعبير "إفتاء" ب"إرشاد"، وهو ما يعكس حرص الهيأة على حماية المجال الديني من أي إيديولوجيا والحفاظ على الخصوصية المغربية التي تميزها مؤسسة إمارة المومنين.
وأثار المجلس بقوة قضية توزيع الحصص بين المعارضة والأغلبية، مشددة على ضرورة الخضوع لأحكام قرار الهاكا رقم 06 - 46، الصادر بتاريخ 27 شتنبر 2006، والمتعلق بقواعد ضمان تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي في وسائل الإعلام السمعية البصرية خارج الفترات الانتخابية، والذي يشير إلى أن حصة الحكومة وأغلبيتها البرلمانية يجب ألا تتجاوز ضعف المدة المخصصة للمعارضة، في حين تخصص 10 في المائة من هذه المدة الإجمالية للأحزاب غير الممثلَة في البرلمان. والسعي إلى وضع المزيد من القيود والشروط حول مرور رئيس الحكومة الذي فتحت له دفاتر التحملات الباب على مصراعيه في استعمال الإعلام العمومي.
ويسعى المجلس أيضا إلى التشديد في العديد من النقط التي جاءت بها نسخة الخلفي، وحافظت عليها نسخة بن عبد الله، خصوصا الشق المرتبط بالحكامة والشفافية، إذ يتدارس المجلس سبل تعزيزها وتقويتها، خاصة في ما يتعلق بسيرورة إنتاج البرامج والمواد الدرامية، وجميع الصفقات المرتبطة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون وشركة صورياد دوزيم.    
وأكدت مصادر "الصباح" أن النقاشات داخل المجلس تسير نحو تعزيز استقلالية متعهدي الإعلام العمومي وتحريرهم من "سطوة وتدخل السياسي"، خصوصا أن دفاتر الخلفي اتهمت في وقت سابق ب"التدخل في برمجة القنوات العمومية وتحديد أدق تفاصيلها". 
ومن المنتظر ان تستمر النقاشات ثلاثة أسابيع وستمتد إلى شهر شتنبر المقبل بسبب استفادة مجموعة من أعضاء المجلس الأعلى من العطلة السنوية ابتداء من الاثنين المقبل.
وجدير بالذكر، أن دفاتر التحملات الخاصة بقنوات التلفزيون العمومي، التي تقدم بها مصطفى الخلفي، أثارت زلزالا غير مسبوق داخل الأوساط الإعلامية والسياسية بسبب توجهاتها التي اعتبرها البعض تدخلا في صلب عمل المهنيين، فيما رأي فيها آخرون تصريفا لتصور حزبي سيتم تعميمه على المجتمع بلبوس "الشفافية والحكامة".
جمال الخنوسي ورشيد باحة