29‏/08‏/2012

الحكومة وأحزاب الأغلبية تهيمن على الإعلام العمومي

خلص التقرير السنوي الذي أصدرته الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أخيرا إلى هيمنة الحكومة وأحزاب الاغلبية على الإعلام العمومي في سنة 2011. وجاء في "بيان مداخلات الشخصيات العمومية في وسائل الاتصال السمعي البصري (النشرات والمجلات الإخبارية)" تجاوزت حصة الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية، في وسائل الاتصال السمعي البصري العمومي، نسبة 79 في المائة من مجمل مداخلات الحكومة، والأغلبية البرلمانية، والمعارضة البرلمانية والأحزاب غير الممثلة في البرلمان، في كل من القناة الأولى والقناة الثانية وقناة ميدي 1 تي في والقناة الأمازيغية وقناة العيون الجهوية، وعلى مستوى الإذاعة الوطنية فإن حصة الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية بلغت نسبة 90 في المائة. بخلاف الإذاعة الأمازيغية التي تمكنت تقريبا من احترام مبدأ الإنصاف، إذ بلغت حصة الحكومة والأغلبية البرلمانية نسبة 60.70 في المائة مقابل نسبة 32.36 في المائة لأحزاب المعارضة البرلمانية و6.94 بالنسبة إلى الأحزاب غير الممثلة في البرلمان. كما تجدر الإشارة إلى أن حصة الحكومة فاقت حصة الأغلبية البرلمانية في وسائل الاتصال السمعي البصري العمومي باستثناء الإذاعة الأمازيغية وقناة العيون الجهوية.
وخلص التقرير إلى أن كل التقارير الفصلية ونصف السنوية، المتعلقة بتقدير مدى احترام وسائل الاتصال السمعي البصري لمبدأ الإنصاف، كما هو منصوص عليه، اكد توجهين أساسيين اثنين يطبعان تعاطي الخدمات السمعية البصرية مع تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي. فعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، أظهرت نتائج تتبع المجلات الإخبارية قدرة وسائل الاتصال السمعي البصري سواء منها العمومية أو الخاصة على احترام مبدأ الإنصاف. ويبدو أنه كان من السهل نسبيا الانفتاح على ثقافة الاختلاف والتعددية وزرع بذورها بل وترسيخها في هذه البرامج. بخلاف النشرات الإخبارية، حيث أن التتبع يكشف عدم تطابق النتائج مع مقتضيات القرار 46–06.
وتأتي هذه النتائج في تعارض تام مع مقتضيات المادة السادسة من القرار 46-06 الخاص بالتعددية التي تنص على أنه "يحرص متعهدو الاتصال السمعي البصري على عدم تجاوز المدة الزمنية الإجمالية لمداخلات أعضاء الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية ضعف المدة الزمنية المخصصة للأحزاب المنتمية للمعارضة البرلمانية في مجلس النواب مع احترام شروط برمجة متقاربة ومتشابهة". وبما ورد في المادة 7 التي تنصّ على أنه: "يتعين على متعهدي الاتصال السمعي البصري تمكين الأحزاب غير الممثلة في البرلمان من مدد زمنية لإبداء مواقفها من الأحداث وقضايا الشأن العام، وتخصص لهذه الأحزاب مجتمعة 10 في المائة من المدة الزمنية الإجمالية المخصصة للحكومة وأحزاب الأغلبية والمعارضة البرلمانية".
ويعرض تقرير الهاكا، بالتفصيل، الحيز الزمني الذي استغرقته مداخلات كل الأحزاب السياسية والهيآت النقابية والمهنية في النشرات الإخبارية والبرامج التي بثتها وسائل الاتصال السمعي البصري خلال السنة الماضية.
ويندرج إصدار بيان المدة الزمنية لمداخلات الشخصيات السياسية والنقابية والمهنية في وسائل الاتصال السمعي البصري ضمن المهام المنوطة بالهيأة العليا للاتصال السمعي البصري التي تتبع مدى احترام وسائل الاتصال السمعي البصري لتعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي في الفترات العادية والفترات الانتخابية، مع السهر على احترام أخلاقيات الأخبار والحرص على احترام الحق في الخبر.
ومنذ فاتح يناير 2007، انكبت الهيأة العليا على تتبع واحتساب مداخلات الفاعلين العموميين خلال الفترات العادية وفترات الانتخابات. وأصدرت بخصوص الفترات العادية، بيانات فصلية تعرض نتائج الاحتساب في النشرات الإخبارية، وكل أسدس، البيانات المتعلقة بالمداخلات في المجلات الإخبارية. كما تصدر الهيأة بعد كل فترة انتخابية، البيانات الخاصة بنتائج احتساب المداخلات المرتبطة بالحملة الانتخابية.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيأة أصدرت تقريرا عن تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي في وسائل الاتصال السمعي البصري خلال فترة الاستفتاء حول الدستور (يوليوز 2011)، وآخر عن التعددية خلال فترة الانتخابات التشريعية لسنة 2011. كما تبت الهيأة في الشكايات المتعلقة بتعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي الواردة عليها من حزب سياسي أو منظمة نقابية أو جمعية معترف لها بصفة النفع العام.
جمال الخنوسي