29‏/12‏/2005


أمال عيوش " لصوت الناس" :
* التمثيل يعلمنا التسامح والتخلي عن إصدار الأحكام المسبقة والجاهزة.
* أرفض أن يصبح داخل أسرة الفن بوليس لقمع الفن
* متفائلة من التطور الكبير الذي عرفته السينما المغربية

أمال عيوش ممثلة أنيقة في مظهرها و أنيقة في طريقة أدائها . تألقت في الفيلم الأخير "رقصة الجنين" لمحمد مفتكر الذي فاز بالجائزة الكبرى للفيلم القصير في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة . و قد دفع أداؤها المتميز الكثيرين لترشيحها للفوز بجائزة أحسن ممثلة . التقتها جريدة "صوت الناس" و كان لنا معها الحوار التالي :
* كيف دخلت أمال عيوش فضاء التمثيل ؟
* أحببت الفن منذ صغري ، و في نفس الوقت درست الصيدلة في فرنسا . كانت لي الرغبة في التمثيل لكن للأسف لم يكن لي مثال أو قدرة ناجحة أقلدها وأسير في نهجها . كان علي أن أحفر طريقي لوحدي ، لم يكن الأمر بسيطا كما هو الحال في أمريكا أو أوربا أو مصر حيث هناك ممثلون ناجحون يمهدون الظروف لشباب واعد مادام للمهنة وجود وآفاق تطمئن له الأسرة أيضا. إضافة إلى أني لم أكن أملك الثقة التامة في مؤهلاتي. اغتنمت فرصة تواجدي في فرنسا وجربت ورشات للتمثيل وكان لي الحظ أن انتميت لفرقة مسرحية والتقيت بفنان كبير ومبدع علمني حب وعشق التمثيل . فاكتشفت في نفسي ولعا بهذا الفن كما أني في الحقيقة أملك رغبة عارمة للاكتشاف والتطلع الدائم للجديد . فكانت لي الرغبة أن أكون صحفية أو مهندسة أو باحثة أو راقصة وهذه الأشياء من الصعب تحقيقها كلها لكن التمثيل منحني هذه الفرصة. وجدت في التمثيل مدرسة الحياة الحقيقية لكن مع أخذ احتياطات صارمة فقد كان علي أن أبحث عن ذاتي ولا أسقط في فخ تكوين صورة سطحية لي.
* كيف كانت طفولة أمال عيوش؟
** ولدت في مدينة الدار البيضاء ، كانت طفولتي سعيدة لكن للأسف توفيت أمي وأنا صغيرة عمري 12 سنة. كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي جعلتني أطرح أسئلة عن الحياة والموت.. كانت أختي تحب المسرح ورأيتها ذات يوم تقوم بدور "أونتيغون" فأصبح حلمي أن ألعب أنا أيضا نفس الدور نظرا للعمق والألم الذي أحسست به ، خصوصا مع سن المراهقة ووفاة أمي . فكانت "أنتيغون" بالنسبة لي شخصية ذات أهمية كبيرة فحققت مع المخرج المغربي نبيل لحلو حلمي الكببير عندما طلبني للعب الدور .
* ماهي الشخصيات التي أثرت فيك و في مسارك الفني؟
** من الناحية الشخصية تأثرت كثيرا بجدتي وأمي أيضا لأنها كانت تتميز بروح التسامح والانفتاح لكن للأسف رحلت باكرا. أبي ساعدني كثيرا في حياتي بتفتحه واحترامه للمرأة . شجعني في الدراسة و في الفن . كنت خائفة في البداية من رد فعله ، لكنه أراحني بتفهمه بالرغم من تخوفاته لغموض مهنة التمثيل في بلادنا . لقد كان طبيبا و إنسانا بالمفهوم الواسع للكلمة .
أما من الناحية الفنية فكان أول فيلم لي هو "أصدقاء الأمس" لحسن بنجلون ، كان حدثا مميزا بالنسبة لي. كما أحببت دوري في "أونتيغون" و "علي زاوا" لأني أجد متعة في لعب أدوار بعيدة عن شخصيتي . و دور بنت الشارع وظروفها الصعبة جعلتني أفكر في قضايا كبرى. إن مثل تلك الأمور يمكن أن تقع لأي منا ، هذه المهنة أي التمثيل تعلمنا التسامح والتخلي عن إصدار الأحكام المسبقة والجاهزة.
* ماهي معايير اختيارك للأدوار؟
** يجب أن يكون الدور مصاغا بشكل جيد ومحبوك . أحب الشخصيات العميقة والمركبة كفريدا مثلا . لقد كانت فنانة ورسامة ، و في نفس الوقت تعيش أزمة نفسية وإعاقة جسدية . و مع ذلك تقاوم وتصارع بمساعدة الفن والحب . يجب أن يكون الدور مفتوحا و يمنحني فرصة للعب والإبداع ، لا أن يكون سطحيا . فكما هو الحال في الحياة الحقيقة للإنسان عدة مظاهر وأحاسيس مختلفة : الحب ، الكراهية ، الحزن ، السعادة ، الغيرة ، الرغبة.. هذا ما يكون الإنسان ويجعله مختلفا عن الحيوان. صراع الحيوان يكون حول الفرائس أما صراع الإنسان فهو صراع السلطة، صراع على المرأة، صراع الغيرة.
* كيف ترين راهن السينما المغربية؟
** لقد لاحظت تطورا كبيرا و أنا جد متفائلة . هناك فقط ضعف وفراغ في كتابة السيناريو . لكن مادام هناك نجاح حققناه فسنحاول مقارنة أنفسنا مع الناجحين و سنتغلب حتما على هذا المشكل . خصوصا مع انفتاحنا على دول أخرى وسينمات مختلفة عبر المهرجانات واللقاءات. تجارب مختلفة نستفيد منها وتستفيد منا، أنظر مثلا للتجربة الإسبانية مادامت قريبة منا جغرافيا . إنهم مبدعون في الفيلم القصير ويهتمون كثيرا بالصورة ولغتها، الديكور و الملابس و الأضواء والتفاصيل و إنتاج صورة غنية . إنهم سينمائيون قريبون من الرسام والفنان التشكيلي.
* ما رأيك في فيلم "ماروك" الذي أثار ضجة كبيرة؟
** أنا متفقة مع حرية التعبير وحرية الفنان وهذا أمر لا يناقش . لكن هناك أمور لم ترقني خصوصا بعض اللقطات..
* هل تعنين الجرأة الجنسية؟
** ليس هذا بالتحديد أنا أعيب في هذا الفيلم عدم احترامه لنا و لطقوسنا وطريقة تقديمه للأسرة المغربية خصوصا أن الفيلم سيمثلنا في عدة مهرجانات حول العالم . لم يعجبني ذلك الاستخفاف بالآخر وخياراته.
* ألا ترين أن دور الفن الحقيقي هو تحريك البرك الراكدة و خلخلة المجتمع ؟
** نعم خلخلة المجتمع وتقديم أفكار ذات بعد طليعي لكن باحترام . الجرأة مهمة ومرغوب فيها لكن بتحفظ . أنا عصرية وكبرت في وسط عصري ودرست في فرنسا لكني عشت هنا بالمغرب وأسرتي عصرية وأجدادي كذلك و رغم ذلك عشت مع الكل في احترام . في نفس الوقت لم يرقني طلب منع الفيلم وإقصائه . كيف يصبح داخل أسرة الفن بوليس لقمع الفن .
* ما هي العراقيل التي صادفتك كممثلة ؟
** في الحقيقة كان الأمر سهلا بعض الشيء لأن زوجي متفهم . و بما أن لي مهنة أخرى كصيدلية فذلك يمنحني نوعا من الحرية و الاستقلالية في اختيار الأدوار بينما زملائي مرغمون على قبول مجموعة من الأعمال أو القيام بالإشهار .
* ماهي آخر أعمالك ؟
** فيلم مع نبيل لحلو ويدور حول قصة الكوميسير ثابت صاحب الفضيحة الأخلاقية المعروفة لكن للأسف للمخرج مشاكل مادية. أما آخر فيلم قصير فكان مع محمد مفتكر.
* ماهي مشاريعك المستقبلية؟
** أستعد لعمل سينمائي سينطلق نهاية يناير 2006 . و عمل تلفزيوني مع حسن بنجلون سينطلق في فبراير أو مارس من السنة القادمة . و هناك أيضا مشروع عمل مسرحي مع مؤسسة الفنون الحية مازال في طور الكتابة.
أجرى الحوار : جمال الخنوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق