27‏/07‏/2012

حوار حصري مع وزير الداخلية الفرنسي/ تعديلات مرتقبة في إجراءات الحصول على التأشيرة

أجرى الحوار: جمال الخنوسي
قال وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، إنه سيدخل تعديلات على إجراءات الحصول على تأشيرة شنغن، قريبا، سيكون أهمها تقليص عدد الوثائق المطلوبة.
وأكد فالس في حوار خص به "الصباح"، على التعاون المغربي الفرنسي في مجالات عدة تخصص بالأساس قضايا الهجرة والتعاون الأمني ​​في مجال مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب. كما هاجم سياسة سلفه في تدبير قضايا الهجرة وتنقل الطلبة، مشيرا إلى أن الإسلام دين له كل مكانته في فرنسا على غرار الأديان الأخرى. 
 
السيد الوزير، هذه أول زيارة رسمية لكم للمغرب وزيرا للداخلية، ما هي المواضيع التي تطرقتم إليها بمناسبة الزيارة؟ وهل كانت قضايا الأمن، والجريمة المنظمة، ومكافحة الإرهاب ضمن جدول الأعمال؟
هذه أول زيارة أقوم بها إلى المغرب وأرى فيها فرصة لمعالجة مجموعة واسعة من المواضيع، ومواصلة تعزيز التعاون بين بلدينا، إذ تم تناول قضايا الهجرة والتعاون الأمني ​​في مجال مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب. أنا أعرف أن المغرب جعل الجهوية المتقدمة، واللاتمركز، ضمن أولوياته، وبما ان فرنسا شهدت إصلاحات مماثلة، ستكون الشراكة بين بلدينا مفيدة. وأريد أن أؤكد الفخر الذي أشعر به في زيارتي الأولى، فأنا سعيد جدا للحضور الى بلدكم الذي تربطني به علاقة خاصة، وبالتالي هذه فرصة لقاء الشعب المغربي، والمسؤولين الحكوميين، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس. فوجودي في المغرب يعكس قوة ومتانة الصداقة بين البلدين والشعبين.
ما هي مجالات التعاون الرئيسية بين فرنسا والمغرب خصوصا في المجالات التي تدخل ضمن دائرة اختصاصكم؟ وكيف تخططون لتعزيز التعاون بين البلدين؟
يجب أن تسمح لنا آليات التعاون بالتكيف مع التهديدات المتعددة وتبادل التجارب المشتركة. وتشكل معالجة قضايا مكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة الإلكترونية موضوع تبادل متنام بين مصالحنا. وفي ما يتعلق بمكافحة المخدرات، لدينا، بالفعل، تعاون ثنائي ممتاز، لكن بالإمكان تعميقه أكثر. إننا نطمح إلى الانضمام إلى الشراكة الوثيقة والتعاون الذي يجمع المغرب وإسبانيا في هذا المجال، ما أدى إلى إنشاء مراكز للتعاون في مجال الأمن في الجزيرة الخضراء وطنجة. تعاوننا ينكب أيضا على القضايا الأمنية بما في ذلك تدريب الشرطة، إذ شاركنا أخيرا في إنشاء مركز أبحاث الجريمة، وإنشاء قوة للمراقبة والأبحاث ومركز تدريب الشرطة العلمية والتقنية داخل المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة.  وأنا مقتنع بأننا سنتمكن من مواصلة تعزيز التعاون في ما بيننا، الذي هو بالفعل على مستوى متقدم جدا، كما تقوم بين بلدينا ثقة كبيرة متبادلة.
ما هي منهجيتكم في التعاطي مع قضية الهجرة القانونية؟ أما زلتم تساندون سياسة تحديد "حصص" للهجرة؟ أم تفكرون في قطيعة تامة مع سياسة "الأرقام" والإحصاءات التي اتبعتها الحكومة السابقة؟
إن الأجانب الذين يقيمون بصورة شرعية في فرنسا، والذين يبرهنون على وجود رغبة لبناء حياة عائلية أو مهنية على المدى البعيد، لهم كل مكانهم في بلدنا. كما يتعين على فرنسا أن تكون قادرة على مواصلة استضافة المهاجرين، لذلك يجب فرض رقابة صارمة على الهجرة. يجب أن تكون سياستنا في الهجرة واقعية وتأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا. لذلك، ستعقد كل سنة، جلسة في البرلمان لمناقشة تنظيم الهجرة الاقتصادية.
وفي ما يخص تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين،  كانت السياسة الماضية مصدر معاملة تعسفية، وأريد القطع مع هذا المنطق. إذ ينبغي إعطاء الأسبقية للمعايير لأنها ضمانة المساواة في المعاملة بين المتقدمين للهجرة. إن وضع معايير يمنحنا فرصة لقبول أو رفض الطلبات، وعلى الأفراد الذين لا يسمح لهم وضعهم بالبقاء في فرنسا، العودة إلى وطنهم.
اتخذ سلفكم قرارات جذرية ضد الطلاب الأجانب. وقد تضرر الطلبة المغاربة، الذين هم أول مجتمع من الطلاب الأجانب في فرنسا، بشكل مباشر من هذه السياسة. كيف تتصورون، مسألة تنقل الطلاب؟
لقد كان إلغاء دورية 31 ماي 2011 رمزا قويا، أراد من خلاله رئيس الجمهورية إنهاء حالة عبثية جعلت فرنسا تنفر المواهب من جميع أنحاء العالم. إن تنقل الطلاب، سيما في إطار الفرنكوفونية، فرصة عظيمة لمدارسنا وجامعاتنا. الطلاب الأجانب ثروة توفر لفرنسا والتعليم العالي فرصة الانفتاح على العالم وتحقيق إشعاع دولي. 

بخصوص مسألة التأشيرات بشكل عام، هل سيكون هناك تغيير في الإجراءات الإدارية لمنح تأشيرة شنغن؟
نعم، سوف نجري تغييرات قريبا. أولا، يجب تقليص عدد الوثائق المطلوبة. من ناحية أخرى، سيتم توسيع نطاق فئات الأشخاص المؤهلين للحصول على تأشيرات الدخول لمرات متعددة أو تأشيرات طويلة المدى، تدريجيا. ومن شأن هذه التطورات أن تكون جزءا من عملية التفاوض على اتفاق أوربي ينبغي أن يتضمن المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوربي من أجل اتفاق تيسير واتفاق إعادة القبول. بالطبع، يجب على الجميع القيام بدوره حتى تكون هذه التطورات مفيدة للطرفين. كما قلت قبل قليل، يجب على الأشخاص الذين لا يسمح لهم وضعهم  بالبقاء في فرنسا العودة إلى وطنهم.
أصبح الإسلام من بين القضايا الحساسة في فرنسا، والحقيبة الوزارية التي تتولون تدبيرها تضم أيضا مسألة المعتقدات والأديان، فما هي المقاربة التي تعتزمون اعتمادها في هذا المجال؟
أرفض الفكرة التي تقول إن الإسلام مسألة حساسة، إذ على غرار باقي الأديان الأخرى، يحظى الإسلام بكل مكانته في الجمهورية. ويتعين تناول قضايا المعتقدات في جو من الوضوح والرزانة. ويعتبر الحوار بين الدولة والمؤسسات التمثيلية، في هذا الإطار أساسيا. لذا أشجع مسلمي فرنسا على أن ينتظموا داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وأن يعملوا على التوصل إلى اتفاق جدي ودائم يضمن تمثيلية الإسلام بفرنسا بكل تنوعه.
يعتبر ملف المهاجرين غير الشرعيين بفرنسا موضوعا شائكا بالنسبة إلى وزير داخلية، هل ستعملون على طردهم أم تسوية وضعيتهم؟
هدفي أن أقطع مع كل الممارسات الجائرة التي كان معمولا بها في الماضي، لأنها تتعارض مع قيم الجمهورية. ويتعين أن ترتكز عملية تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين على معايير دقيقة وموضوعية، مرتبطة بسنوات الإقامة داخل التراب الفرنسي، والروابط العائلية، وتمدرس الأطفال، ووضعية الشغل، أي كل ما يرتبط بالحياة اليومية في بلادنا. ويتعين أن تنفذ هذه المعايير من أجل الأخذ بعين الاعتبار، بطريقة أفضل، واقع العلاقات المنسوجة بين الراغبين (في الحصول على الإقامة الشرعية) وفرنسا. لكني أؤكد، لن تشمل عملية تسوية الوضعية أعدادا كبيرة. فالأجانب الذين يقيمون بطرق غير قانونية على التراب الفرنسي دون وجه حق، سيتم إبعادهم طبقا لما تقتضيه القوانين في هذا الباب.
في سطور
وزير داخلية فرنسا في حكومة جون مارك أيغو منذ 16 ماي الماضي
ينتمي إلى الحزب الاشتراكي
من مواليد 13 غشت 1962 ببرشلونة (إسبانيا)
عمدة ل"إيفري" من 2001 حتى 2012
إلغاء مذكرة العار
فور تعيين الحكومة الفرنسية الجديدة، قرر وزير الداخلية، مانويل فالس، إلغاء مذكرة التعليم التى كان قد أقرها سلفه وزير الداخلية السابق، كلود غيان، فى ماي 2011 التى تقضى بمنع الطلاب الأجانب فى فرنسا من العمل  بعد التخرج قصد منح الأولوية للحصول على الوظائف للفرنسيين.
وكانت للمذكرة  انعكاسات وخيمة على الطلاب الأجانب، إذ حرمتهم من الحصول على إجازات عمل رغم أن بعضهم كان يعمل في شركات بصورة شرعية. وألحقت أضرارا كبيرة بسمعة الجامعات الفرنسية في الخارج.
وبإلغائها عاد الارتياح إلى الأوساط الجامعية الفرنسية إذ أن وزيرة التعليم العالي والبحث في الحكومة الجديدة، جونافييف فيوراسو، إن إلغاء المذكرة يمثل إحدى أولوياتها وإجراء يجب اتخاذه بشكل "طارئ لأسباب إنسانية ولأجل تبادل المعرفة أيضا".