11‏/07‏/2010

دراسة ميدانية حول مدونة الأسرة بعد ست سنوات من التطبيق


أثبتت أنه كلما زادت القدرة الشرائية للمغاربة زاد إيمانهم بالإصلاح

 جمال الخنوسي

نشرت الزميلة "ليكونوميست" دراسة قام بها مكتب "سينيرجيا" " لصالح الجريدة نفسها، حول نتائج مدونة الأسرة، وتأثيراتها على مختلف شرائح المجتمع المغربي. وأبرزت النتائج العديد من المفاجآت والأرقام والنسب التي تحمل دلالات كبيرة وتمثل مادة خاما بالنسبة إلى الدارسين والمهتمين والمتتبعبن.
  

بعد ست سنوات من تطبيقها لا تزال "مدونة الأسرة" أو "قانون الأسرة" مثار جدل ونقاش واسعين. ومازالت بنودها تفرق المغاربة بين مؤيد ومتحفظ في ما تقف فئة أخرى في منصة المتفرجين على جدل تتباين درجة سخونته بين فترة وأخرى.
وغدا النقاش حول المدونة منذ انطلاقه ميزانا لصراع القوى الإصلاحية والقوى المحافظة، وفي السياق نفسه أظهرت الدراسة التي أنجزها مكتب "سينيرجيا" لصالح "ليكونوميست" واستهدف 603 مستجوبا العديد من المفاجآت، فحول سؤال "هل تعتقد أن المدونة أسفرت عن نتائج جيدة؟". أجاب أكثر من النصف أو 53 في المائة بالضبط، ممن شملهم الاستطلاع بنعم. وكلما زادت قدرتهم الشرائية، زاد اقتناعهم بإيجابياتها.
وفي الاتجاه نفسه يرى غالبية سكان الدار البيضاء والرباط  أن مدونة الأسرة "أدت إلى نتائج جيدة". وكلما تقدمنا في اتجاه الشمال، والوسط (فاس ، مكناس) والجهة الشرقية كلما زاد التحفظ اتجاه القانون الجديد. وتبقى المنطقة الجنوبية وتانسيفت (مراكش والنواحي) الأكثر تحفظا.
وتنظر النساء أكثر من الرجال إلى إيجابيات نتائج المدونة. وبينت الدراسة أن 60 في المائة من الإناث تتبنى خطابا ايجابيا بالمقارنة مع الذكور، إذ أن المسؤولية المشتركة والمساواة بين الزوجين، وإلغاء الوصاية الزوجية والحد من تعدد الزوجات... لم تحقق إجماعا لدى كل الرجال.

من هم الإصلاحيون؟
تبرز الدراسة الميدانية التي أنجزتها "ليكوموميست – سينارجيا" أن كلا الجنسين يعتبرون أن مدونة الأسرة "لا تثني الشباب على الزواج" وذلك بنسبة 58 في المائة. وفي السياق ذاته فإن إن النساء يعتقدن في هذا الأمر أكثر من الرجال.
أما على المستوى الجغرافي، فقد أثبتت الأرقام أن الدار البيضاء الرباط وضواحيها في مقدمة المناطق الأكثر إيمانا بأن مدونة الأسرة "لا تثني الشباب على الزواج". مع الإشارة إلى أن سكان الرباط في المقدمة أمام البيضاويين، فيما تمثل منطقتي الجنوب وتانسيفت الأقل اعتقادا في هذا المعطى وتمثل منطقة فاس مكناس والشرق الاتجاه الوسطي.
إن هذه النتيجة تفيد أن سكان العاصمة الإدارية والعاصمة الاقتصادية، أي المناطق الحضرية حيث ترتكز وتتجمع سلطة القرار وسلطة المال، يمثلان شريحة الإصلاحيين إلى حد كبير، أي أن السكان الأكثر غنى من الناحية الاقتصادية، هي الأكثر ليبرالية من الناحية الاجتماعية. 
في المقابل نجد أن 77 في المائة يرفضون فكرة إعادة النظر في مسألة الإصلاح، أيا كانت أعمارهم. وتعتبر الشريحة التي يتراوح عمرها بين 41 و60 سنة هي الأكثر تمثيلا لهذا الاتجاه، تليها شريحة التي يتراوح عمرها بين 20 و30 سنة. وفي الاتجاه نفسه ترفض 82 في المائة من الإناث "إلغاء مدونة الأسرة".

عن البحث الميداني
أجري الاستطلاع عبر الهاتف من قبل مكتب الدراسات "سينيرجيا" لصالح جريدة "ليكونوميست". وضم 603 أشخاص: 9 في المائة منهم ينتمي إلى فئة اجتماعية ومهنية. وينتمي 38 في المائة من العينة إلى مدينة الدار البيضاء أو النواحي. و20 في المائة من المشاركين إلى الرباط والنواحي، و15 في المائة ينتمون إلى جهة تانسيفت، و13 في المائة يعيشون في فاس ومكناس أو المنطقة الشرقية. و6 في المائة يعيشون في الجنوب و5 في المائة ينتمون إلى منطقة الشمال، وأخيرا، 3 في المائة من العينة لم تجب عندما سئلت عن مكان إقامتها.
وبخصوص أعمار المستجوبين فإن واحدا من كل خمسة أشخاص يتراوح عمره بين 20 و 30 سنة، و39 في المائة بين 31 و40 سنة، و23 في المائة بين 41 و50 سنة، و13 في المائة بين 51 و60 في المائة. ولا يمثل أكثر من 60 عاما سوى نسبة 5 في المائة فقط من المستجوبين.

تطور الزواج والطلاق بين 2004 و2008
في عام 2004، كانت سبع زيجات توازي طلاقا واحدا. وفي عام 2008، انتقلنا إلى نسبة ست زيجات مقابل طلاق واحد.
وأشارت الإحصاءات أنه قبل ست سنوات تقريبا تقع أربع حالات الطلاق كل ساعة مقابل 28 زواج. وفي عام 2008، ارتفع إلى 6.32 طلاق مقابل 38 زواج.
وتبرز أرقام وزارة العدل أن ما يقرب من 1.5 مليون من الزواج يقابلها 221 ألف حالة طلاق (المصدر: وزارة العدل).

هل تشجع مدونة الأسرة الشباب على الزواج؟
نعم : 42 في المائة
لا : 58 في المائة
تعتقد نسبة أقل من النساء، مقارنة مع الرجل، أن مدونة الأسرة لا تشجع الشباب على الزواج بنسبة 42 في المائة مقابل 58 في المائة. ووفقا للقراءة الجغرافية للدراسة التي قام بها مكتب "سينيرجيا" لصالح الزميلة "ليكونوميست"، فإن سكان الدار البيضاء والرباط  يمثلان الإصلاحيين داخل المجتمع المغربي، إذ يعتقدون أن إصلاح مدونة الأسرة التي اعتمدت في عام 2004 أسفرت عن نتائج جيدة.

طريق المدونة طويل
لقد كانت مسيرة الظفر بمدونة الأسرة طويلا وشاقا بالنسبة إلى مجموع المنظمات والجمعيات النسائية، إلا أن الأخيرة تعتبر أن نضالها مازال مستمرا لأن "المدونة" ليست هدفا في حد ذاتها بل إن تطبيقها السليم تحد أكبر وأصعب.
وفي الاتجاه ذاته حذرت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، في مجموعة من المناسبات، مما أسمته الإشاعات المبيتة التي تستهدف مدونة الأسرة، مضيفة أن التطبيق السليم للأخيرة يعرف مقاومة تشارك فيها عدة أطراف وترمي إلى تحريف المدونة عن فلسفتها وأهدافها العامة المسطرة في ديباجتها، مع ما يرافق ذلك من ترويج للإشاعات المبيتة الرامية إلى الإيحاء بأن هناك تراجعا عن المدونة.
وفي هذا الصدد، تقول الفدرالية، "يتحتم النضال ضدمثل هذه  الإشاعات، ونطالب باتخاذ خطوات في الإعلام العمومي على الأقل، للقيام بدوره في التوعية والتحسيس وحماية الرأي العام من التضليل".
وشددت على ضرورة "الربط بين النضال من أجل التطبيق السليم للمدونة وبين النضال من أجل إصلاح القضاء بما ينسجم مع طموح كل الفئات في المجتمع ومنها النساء مما يتعلق بالمدونة وحماية المرأة والأطفال من كل أشكال العنف".
وفي الصدد نفسه جدد المجلس الإداري للفدرالية مطالبه بالتنصيص على المساواة في الدستور بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية وبملاءمة القوانين المحلية مع القوانين الدولية ومنها إجراءات عملية تطبيق رفع التحفظات عن اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة الذي أمر به الملك من خلال رسالته إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وكذلك المصادقة على البروتوكول الاختياري، مستنكرة ما أسمته "هجمة أجهزة الدولة وجماعات ومؤسسات ضد الحريات الفردية والجماعية في المجتمع"، ومعتبرة أن سلامة المجتمع "تنبع من مدى قوة ارتباطه بالقيم الإنسانية النبيلة، كما أن النمطية والرأي الواحد والسلوك الواحد فشلت في كل المجتمعات التي فرضتها فشلا ذريعا".      
وأشارت فوزية عسولي، رئيسة الفدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، في وقت سابق، إلى أن قانون الأسرة يعرف عدة مشاكل تعرقل التطبيق السليم لكافة بنوده انسجاما مع مرجعيته في ما يخص العدل والمساواة ورفع الضرر، كما أنه لم يحترم مبدأ المساواة والعدل في كل مقتضياته، "أضف إلى ذلك عدم توفير الشروط المادية والبشرية، وكل ذلك لم يسهل استيعاب الإصلاح من طرف المجتمع".
وجددت العسولي مطلب الفيدرالية المرتبط بمراجعة حالة واحدة في التعصيب وتتعلق بحالة الأسرة التي أنجبت فقط بنات، و"هو مطلب قائم وسنظل نرفعه لأننا مقتنعات به، ولأن شبكة الرابطة إنجاد ومركز الإعلام والرصد للنساء المغربيات توصلت بعدد من شكايات التظلم من طرف أسر وواجبنا كجمعية رفع مطالب هذه الفئة والدفاع عنها".
وجددت عسولي رفضها استغلال الدين من طرف جماعة ضد جماعة أخرى أو من طرف فرد ضد أفراد أو جماعات، بل يجب، تقول، أن "تدرس قضاياه جماعة في مؤسسات يمثل  فيها علماء يعيشون عصرهم بقضاياه الحقيقية وليس عصورا غابرة بقضاياه التي كانت صحيحة آنذاك".

المادة 16  المثيرة للجدل
يتم تحايل عليها لتزويج القاصرات والزواج الإجباري وتعدد الزوجات 
سجلت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة عبر شبكة مراكز الرابطة- إنجاد ضد عنف النوع  وخلال القوافل المنظمة من طرفها في عدد من المناطق  بالمغرب وخارج المغرب لفائدة الجالية المغربية المقيمة بالخارج عددا من الزيجات للقاصرات تتم عن طريق الزواج العرفي أو ما يسمى بزواج الفاتحة.
كما سجلت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة حالات للزواج الإجباري للقاصرات عن طريق الزواج العرفي أو ما يسمى بزواج الفاتحة ولأن العادات والتقاليد لا تسمح بأن تلجأ الفتاة إلى مقاضاة أهلها خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأبيها أو أمها، فإنها في الغالب تستسلم لأمرها وحتى عندما تلجأ إلى الجمعيات بعد طلاقها للمطالبة بحقوق أطفالها ترفض إثارة مسألة الزواج الإجباري.
وأخيرا سجلت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة وعدد من الجمعيات والممارسين لمهنة القضاء والمحاماة، كيف يتم  التحايل بهذه المادة من مدونة الأسرة على مسألة تعدد الزوجات الواردة في المدونة والتي جعلت من منع التعدد القاعدة وتشددت في شروط  الإذن بتعدد الزوجات، لكن سمحت بتوثيق علاقة الزواج من امرأة ثانية خاصة عندما يكون هناك حمل، وبذلك يتم الالتفاف على القانون لخرق حقوق الزوجة ولاستعمال هذا الفصل لغير غاياته وهي الحفاظ على حقوق الزوجة وحقوق الأطفال.
جمال الخنوسي

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف4:55 ص

    السلام عليكم
    اخي الكريم
    انا طالبة باجثة في الموضوع
    اتمنى لن تساعدني
    من خلال المراجع التي اعتمدتها في هذا المقال
    وشكرا

    ردحذف
  2. أرسلي عنوانك الالكتروني كي نتواصل شكرا

    ردحذف