07‏/02‏/2006



بمناسبة تصوير فيلمه الجديد المخرج المغربي نور الدين لخماري لجريدة "صوت الناس" :
المخرجون المنافقون لم يعد لهم مكان في السينما المغربية .. و عليهم الانسحاب في هدوء لأن نهايتهم مسألة وقت.

في إحدى الفيلات بشارع آنفا بالدار البيضاء. وسط الحركة الدؤوبة لفريق التصوير وانشغاله بتوفير الجو المناسب لكل مشهد. خص المخرج المغربي المقيم في النرويج نور الدين لخماري جريدة "صوت الناس" بحوار بين تصوير مشهدين من العمل الجديد ليحدثنا عن الفيلم التلفزيوني ومشروعه السينمائي وكذا عن قضايا السينما المغربية و المعارك التي يخوضها. لخماري المزداد سنة 1964 بمدينة آسفي أنجز العديد من الأفلام القصيرة نال بها عدة جوائز وطنية و دولية ك "دعوة الموت" و "موزع الجرائد" و "العرض الأخير" و عرفه الجمهور العريض بفيلمه الطويل "النظرة" :

* في البداية ماذا يجري هنا بالضبط؟
** نحن منهمكون في تصوير مشاهد داخلية لفيلم تلفزيوني من إنتاج القناة الثانية اسمه "القضية"، ويحكي عن قصة مفتشة في الشرطة العلمية زينب حجامي التي تلعب دورها نفيسة بنشهيدة . إنها طبيبة تعمل مع الشرطة العلمية وتذهب لمنطقة عين اللوح من أجل حل لغز جريمة غامضة يتكفل بها عناصر من الدرك الملكي. جريمة القتل ذهبت ضحيتها شابة في مقتبل العمر هي بنت أحد الأعيان . تحاول البطلة زينب بمساعدة عناصر الدرك في الوصول للقاتل. وكلما اقتربت أكثر من مرتكب الجريمة إلا واكتشفت أمور دفينة من شخصيتها. إنه فيلم من نوع thriller psychologique
* بماذا تفسر هذا التحول من السينما إلى التلفزيون؟
** على المخرجين المغاربة جميعا أن يهتموا بالسينما والتلفزيون والإشهار أيضا، أي المجال المرئي برمته، يجب أن نكون حاضرين في هذه المجالات و نغطي جميع احتياجاته . فمثلا في قضية الإشهار قلة قليلة من المخرجين استطاعت أن تخطوا هذه الخطوة و عملوا في هذا الميدان . أنا أنجزت عدة وصلات إشهارية في النرويج وفي المغرب أيضا.
* لماذا هذا العزوف في رأيك؟
** لأن أصحاب الشركات مازالوا يحملون عقدة "الكاوري" ويلحون على طلبه، مع العلم أن مخرجينا لهم مستوى جيد. وأنا أرى أنه حان الوقت ليغزو المغاربة كل ما هو مرئي، هذا لا يعني أن نسد الأبواب على المخرجين الأوربيين، بل على المخرجين المغاربة إثبات كفاءاتهم وقدراتهم الإبداعية.
* لقد بدأت في حقل السينما منذ سنوات عدة، فهل تعتبر نفسك من جيل الرواد أم من جيل الشباب في السينما المغربية؟
** هذا سؤال مهم، هناك من يسمينا الموجة الجديدة أو جيل الشباب وآخرون يسموننا سينما المهاجرين، أنا أعتبر نفسي مخرجا مغربيا بلا مرادفات أخرى! فعلا درست في النرويج وأعيش و أعمل هناك ولن يكون هذا إلا أمرا إيجابيا بالنسبة لي وبالنسبة لعطائي داخل حقل السينما. يجب أن لا نسقط في فخ التصنيفات ، هناك نفس جديد وهو أمر إيجابي وصحي للسينما. نفس جديد وليس جيلا جديدا، "لأن السينما لاسن لها، ومازال أمامنا الكثير مما علينا فعله لأن السينما المغربية مازالت ورشة مفتوحة.


* وماذا عن "سينما المهاجرين"؟
** هناك أيضا من سمانا "سينما الدياسبورا" أو الشتات أنا ضد هذه التسمية"..
* لقد تكرس هذا التوجه في مهرجان طنجة على الخصوص.
** نعم وأنا كنت وسط هذه المعركة إن صح التعبير . ولكنها في الحقيقة معركة ليست بين جيل الشباب وجيل الرواد بقدر ما كانت معركة بين مخرجي الأفكار القديمة والبالية ومخرجين بأفكار حديثة ومتجددة. إنه صراع بين أفكار تريد أن تعود بالمغرب للوراء وأخرى تريد أن تسير به للأمام. أنا لا أومن بفكرة "سينما الهجرة" السينما لغة إنسانية عالمية وكونية. وأينما كنت يمكن أن تمارس هذا الشكل التعبيري الراقي لأنها غير مرتبطة بانتماء جغرافي. أنا لا أنكر أننا نتأثر بالمجتمعات التي نعيش فيها ، وهذا أمر طبيعي ، لكن السؤال الذي يجب طرحه: هل عملي ، أو عملنا نحن المخرجون الذين يعيشون في الضفة الأخرى، يضيف شيئا للمغرب؟ هل نحمل رسالة تعريفية بهذا البلد؟ إن كانت الإجابة في صالح مغربنا فأظن أن المكان الذي يعيش فيه المبدع لا أهمية له سواء كان في أوسلو أو باريس أو الدار البيضاء. أظن أن هذا النقاش ليس في صالح السينما المغربية.
* لقد ظهرت نقاشات من نوع آخر، تتمحور حول "مدى مغربية" هذه النوعية من الأفلام التي ينجزها "مخرجو المهجر".
** الحديث عن اعتبار أفلام المخرجين الذين يعيشون في المهجر أفلاما غير مغربية هو كلام ليس له أي أساس من الصحة، وقد برز هذا الطرح بشكل صارخ حول فيلم "ماروك". الفيلم يمكن انتقاده كعمل ابداعي إذا لم يرقنا نصفه بالرديء و نقول أن الشخصيات ليست لها مصداقية أو أن السيناريو ضعيف . ولكن ليس لأي أحد الحق في نزع "المغربية" عن هذه الأعمال. يدعون أن الفيلم أنجزته مخرجة تنتمي لطبقة راقية مغربية ، هذا أمر غريب! أنا مخرج من أصول فقيرة من مدينة آسفي وأنجز أفلاما عن الفقراء لأني أعرف هذا الوسط جيدا ، كما لي الحق في إنجاز أفلام عن الطبقة البورجوازية إذا أحببت، و لليلى المراكشي الحق في إنجاز فيلم عن الطبقات الفقيرة أيضا. يجب أن نتحلى بانفتاح في الرؤية وتقبل الأفكار مهما اختلفت وتنوعت. أنا لا أرى أن أحدا يملك الشرعية لتفريق صكوك الجنسية للأفلام. ولا أحد أكثر مغربية من نور الدين لخماري أو ليلى المراكشي أو غيرهما. إن ما جعلني أستفيض غيظا وحنقا هو مجموعة من المخرجين المنافقين، الذين ينجزون أعمالا تشبههم في النفاق والرداءة والقبح. يضحكون و يهللون مع ذلك المخرج الذي قال أن "ماروك" ليس فيلما مغربيا، وفي نفس الوقت يقولون للمراكشي "براڤو" أنت بطلة وعملك رائع!! مثل هذا النفاق نراه أيضا في الأفلام التي هي مجرد سرقة للأفكار " بلاجيا" مفضوحة . لم يعد لهم مكان في السينما المغربية .. و عليهم الانسحاب في هدوء لأن نهايتهم مسألة وقت.

* العديد منهم يقولون أيضا أنه لا يعقل لمخرجين من خارج المغرب ولا يعرفونه جيدا إنجاز أفلام حول المغرب وقضاياه!
** بالعكس ! أحسن الأفلام التي أنجزت حول المغرب أخرجها مبدعون يعيشون في الخارج ، وأتحدى من يقول غير ذلك. أني أعيش في أوسلو ولكن أعرف جيدا آسفي والمغرب الحقيقي برمته، خلافا لمخرجين آخرين مقيمين في المغرب ويعيشون في الفيلات ويركبون سيارات (4x4). هناك قلة استطاعت أن تنجز أفلاما جيدة عن المغرب وتعبر عنه.
* أعطنا مثالا عن مخرج تعتبره ناجحا؟
** جيلالي فرحاتي مثلا مخرج ناجح وتوفق في رؤيته. خلافا لآخرين أخطؤوا الطريق تماما ويعوضون فشلهم بالكلام الفج الذي لا معنى له. أنا لن أسقط في فخ "البوليمك" وأقول أن أفلامي أحسن من أفلامهم. ولكن أقول أن المخرج كيفما كان يمكنه التعبير عن الفكرة التي يريد بصدق. المخرج فيسكونتي مثلا كان رجلا غنيا جدا، ومع ذلك قدم أحسن الأفلام عن الفقراء. وعلى نفس المنوال هل يمكن أن نقول أن نبيل عيوش ليس له الحق في إنجاز فيلم "علي زاوا"!!

* في إطار بحثنا في فيلموغرافيا لخماري وجدنا عددا كبيرا من الأفلام القصيرة، لم هذا الاهتمام ؟
** المسألة راجعة لأني مقيم في بلد ليس فيه فرق بين الفيلم الطويل والقصير، ويولون جميع أنماط الفيلم نفس الاهتمام ، بالإضافة إلى أن الفيلم القصير يعطيني فرصة للتعبير عما أريد بالطريقة التي أريد. و كما تلاحظ فكل هذه الأفلام تتمحور حول الموت والوحدة لأنه في النرويج تمثل الوحدة مشكلة حقيقية هناك.
* من كتب سيناريو فيلم "النظرة" ؟
** أنا من يكتب سيناريوهات جميع أفلامي وفيلم "النظرة" يحكي قصة عودة مواطن فرنسي للمغرب من أجل طلب "الغفران" قال لي "أحد من الأشخاص إياهم" هذا فيلم ليس مغربيا لأنك تحكي الفيلم من عيون أجنبي!! هذه أفكار مريضة بالية.
* أظن أن فيلم "النظرة" يشعر المشاهد بنوع من الإنزعاج لأنه يرسم الآخر بشكل إيجابي ويكون رد فعل المغاربة سلبيا!
** سأقول لك شيئا بسيطا .. بطل الفيلم الفرنسي سرق ذاكرتي ، وشاهد الآلام والتعذيب الذي راح ضحيته المغاربة. نحن المغاربة قلبنا الصفحة وتجدهم الآن يزورون فرنسا ويتحدثون الفرنسية ويعلمونها لأطفالهم. بينما فرنسا لم تستطع حتى الآن الاعتراف بالفظاعات التي اقترفتها في مستعمراتها والمغرب أحدها. لم تقدم بعد اعتذارها ولم تعترف أنها انتهكت حقوق الإنسان وارتكبت فظاعات أكثر من سجن أبو
غريب. المغاربة كانت لهم الشجاعة لقلب الصفحة. المسألة الأخرى هي أني كنت أريد القول أن المعاناة إنسانية بالدرجة الأولى وليست مرتبطة بجنسية الإنسان.


* فيما يتعلق بالإنتاج..
** (مقاطعا) فيلم "النظرة" هو إنتاج مغربي نرويجي أمام فرنسيون فقد رفضوا.
* لماذا؟
** لأن هناك مشاهد للتعذيب أبطالها فرنسيون.
* كيف ترى راهن السينما المغربية؟
** السينما المغربية تسير في الاتجاه الصحيح لأن المسيرين في هذا البلد فهموا بأن الصورة هي أقوى سلاح يمكن الحصول عليه وبالصورة يمكن أن نغير المغرب ونربي الأجيال. وأنا أتوقع أنه بعد 5 سنوات إنشاء الله سنحتل المرتبة الأولى في المجال البصري في كل العالم العربي وإفريقيا. وأولئك المتخلفون الذين يريدون إقصاء الأفلام المجددة "كماروك" لا يعرفون أن اختلاف التعبير السينمائي وتنوعه يشكل غنى لنا و لوطننا ، و يبلور قوته . يجب أن تعكس السينما التنوع الفسيفسائي الذي يكون المغرب من عرب وأمازيغ ويهود ومسلمين وغيرهم.
* ماهي الخطوات مطلوبة للسير بعيدا بالسينما؟
** السيناريو، والسيناريو ثم السيناريو ألف مرة، لأني رأيت أفلاما خصوصا في المهرجان الأخير بطنجة لا تعرف لها أولا من آخر والشخصيات مهزوزة لا تكوين لها ولا تطور. بالإضافة لضرورة تطوير القدرة على ترجمة العمل المكتوب لصورة، فالكثير من السيناريوهات الجيدة أصبحت أفلاما قبيحة. والكثير من السيناريوهات الرذيئة أصبحت أفلاما مقبولة لأن المخرج مبدع وخلاق.
* هل هذا هو السبب الذي يجعلك تكتب سيناريوهات أفلامك؟
** نعم وأنا في بحث دائم عمن يساعدني في ذلك لكن دون جدوى.
* حدثنا عن مشروعك السينمائي الجديد؟
** إنه فيلم طويل عنوانه "الدار الكحلة" وليس الدار البيضاء casanegra وسينطلق التصوير في شهر أكتوبر بالدار البيضاء ..
* من سيمثل دور البطولة ؟
لم أختر الممثلين بعد..
* من كتب السيناريو؟
** (ضاحكا) أنا بالطبع.
أجرى الحوار جمال الخنوسي


هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف12:19 ص

    شكرا يااخي على هدا الموضوع ان نوردين الخماري احسن مخرج مغربي وانا احب افلامه و خصوصا القضية

    ردحذف