05‏/02‏/2006

في حوار لجريدة صوت الناس مع المخرج عادل الفاضلي :
قدمت عملا مختلفا لأن المغاربة ملوا من الأعمال المصرية

ربما التصق اسم عائلة الفاضلي بكل من الأب عزيز و البنت حنان فالزول يذكره الجميع بتقديمه للنشرة الجوية في شكل مختلف و تشخيصه لدور "بئيس الديس" و الثانية عرفت في بأعمالها الفكاهية كحنان شو و سيبير حادة و أخيرا في برنامج تلفزيون الواقع الذي كانت تقدمه القناة الفضائية اللبنانية LBC تحت عنوان الوادي . عائلة الفاضلي تضم أيضا مخرجا شابا اسمه عادل هو أقل شهرة بحكم عمله خلف الكاميرا لكن الجمهور يعرف أعماله التلفزيونية ك "ولد الحمرية" و "المهمة" و" الشهيدة" و "الدم المغدور" و هو الآن في طور إتمام السلسلة البوليسية الجديدة. التقته جريدة "صوت الناس" و حدثها عن بدداياته و عن "لابريغاد" و قضايا أخرى :

* ماهي المراحل الفنية التي مر بها عادل الفاضلي ؟
** لقد مررت حتى الآن بمرحلتين أساسيتين الأولى مرحلة ما قبل الدراسة ، حيث استفدت كثيرا من كوني أنتمي لعائلة كل أفرادها يشتغلون في الفن و يعتبرونه محور حياتهم فوالدي عزيز الفاضلي كل المغاربة يعرفونه ويعرفون عطاءه و يتذكرونه بشخصية"بئيس الديس" إضافة لأختي حنان التي شاركتني في العديد من الأعمال. هذا الوسط الفني كان مدرستي الأولى التي تعلمت فيها قيمة الفن ومعناه . لقد أحسست أني دخلت مدمارا بدون اختيار لأني ولدت داخل الفن وفي "أسرة فنانة". في صغري شاركت في بعض الأعمال التليفزيونية والسينمائية و في مسرح الأطفال و برنامج TV3 مع المرحوم حميد بنشريف . واشتغلت أيضا مع والدي عزيز الفاضلي وأعماله الموجهة للطفل . وفي سنة 1989 سافرت إلى فرنسا و كان عمري آنذاك 19 سنة. درست في المعهد الحر للسينما الفرنسية حيث قضيت فيها 3 سنوات وبعدها درست في مدرسة "إيفيت" المختصة في السمعي البصري . وبعدها عدت إلى المغرب و اشتغلت مع مصطفى الدرقاوي كمساعد مخرج في أعماله التلفزيونية والسينمائية لمدة طويلة. ثم اشتغلت مع حنان في أعمالها التلفزيونية ك "فكاهة" و"ابتسامة" . بعدها قدمت أعمالي الخاصة وبدأت أحلق بأجنحتي و أعمالي ومجهودي الخاص من إنتاج وإخراج وكتابة. بدأت ببرنامج كوميدي أذيع في شهر رمضان اسمه "في انتظار أكسيون" كان برنامجا مكونا من ثلاث مراحل : أولا الإشهار حيث نقدم وصل إشهارية في شكل مرح ثانيا سلسلة "سيبير حادة" ثم اقتباس فيلم من السينما العالمية. كل هذا في جو من الفكاهة والكوميديا. قدمت مع حنان عملين في المسرح الأول هو "حنان شو" و "تيلي حنان" حيث قمنا بجولة فنية جبنا جميع أنحاء المغرب. بعدها قدمنا مسرحية في مسرح باريسي معروف اسمه "لوديفون دي موند" لمدة ثلاثة أشهر. وكان العرض متزامنا مع "سنة المغرب في فرنسا" وقد عرف إقبالا جماهيريا كبيرا. بعدها قدمت أعمالي التليفزيونية بداية "بولد الحمرية" ثم "المهمة" و" الشهيدة" ثم "الدم المغدور" وحاليا أنا في طور إنجاز سلسلة بوليسية جديدة صورنا حتى الآن 6 حلقات وبقيت 8 سننجزها عما قريب، اسم السلسلة " لابريغاد" وهي من تمثيل سعد التسولي و عزيز الفاضلي و فاطمة خير و إدريس الروخ و خالد بنشكرة وسعيد الباي.
* ألا تظن أن اقتحام عالم السلسلات البوليسية مغامرة كبيرة؟
** (ضاحكا) الفن كله مغامرة . أن تكون فنانا يعني أن تكون مجازفا ، ومهنتنا هي مهنة المغامرات، وإذا لم أغامر فمعناه أن أبقى ساكنا وسلبيا وهذا بطبيعة الحال منافي للفن وروح الإبداع. المجازفة هي التي تجعلنا نجرب ونتقدم ونحقق طموحنا ونكتشف الجديد وهذا ما يبحث عنه الجمهور.
* التجربة جديدة وحتى في فرنسا لم تلق السلسلات البوليسية النجاح المنشود.
** أنا لم أعتمد الطريقة الفرنسية أو الأمريكية في إنجاز السلسلة على شاكلة كولومبو مثل حيث تجد شخصية محورية واحدة تتميز بذكاء ثاقب وحس بوليسي مميز وفي نفس الوقت تحمل ثقل السلسلة على كاهلها. أنا لم أعتمد هذا الطراز. فالسلسلة تعتمد على القليل من الحركة ومجموعة أبطال "عاديين" لا بطلا واحدا. بالرغم من كون شخصية عزيز الفاضلي هي التي تجمع بينهم. وأنا أرى أن السلسلات البوليسية مطلوبة الآن من طرف الجمهور المغربي الذي يشتاق للجديد والفريد. وحتى تجربة الأفلام البوليسية التي قمت بها وكانت تعتمد على البحث البوليسي أحبها الجمهور وتفاعل معها. بالنسبة لنا السلسلات البوليسية مازالت في بدايتها وتتميز بطراوة عودها ، لذلك فالمغاربة يقبلون عليها بدون خلفيات سلبية ، بينما في فرنسا السلسلات البوليسية لها تاريخ. واختلاف التجارب يجعل المشاهد أكثر قساوة في الحكم على العمل. فقبل سلسلة "نافارو" عرف الفرنسيون " الكوميسير مولان" وغيره. لقد حاولت أن أجد خلطة خاصة بي وأتمنى أن أوفق والحكم للجمهور . اعتمدت القليل من الحركة، إضافة إلى سيناريو محبوك وقصة جذابة وإخراج يخدم هذه العناصر كلها. الحركة والأحداث المتسارعة لن تترك للمشاهد الفرصة للشعور بالملل.
* ماهي المعايير التي اعتمدتها في اختيار الممثلين الذين شاركوا في العمل؟
** أردت في الحقيقة ممثلين محترفين وجديين ولهم القدرة في تقمص أدوار مختلفة دون أن يعطوا الانطباع بأنهم يتصنعون أدوراهم. يقومون بواجبهم ويقدمون المطلوب منهم. إضافة إلى كونهم يعرفون جيدا كيفية التعامل مع الكاميرا. قبل أن نبدأ العمل عقدنا جلسات مطولة للتعارف وتحقيق نوع من الألفة والحميمية. شاهدت أعمالهم وشاهدوا أعمالي وارتبطنا بنوع من الثقة الأخوية ممزوجة بالصرامة في العمل. لقد اخترت الممثلين كما اختار الكوميسير الذي يلعب دوره عزيز الفاضلي في هذه السلسلة (بريغاد) الطاقم الذي سيشتغل معه داخل الكوميسارية من أجل محاربة الجريمة والتقصي. لقد بحث على كل واحد منهم وقام بنوع من "الكاستينغ" من أجل الوصول لادريس الروخ وسعد التسولي وفاطمة خير و بالتالي يكون "البريغاد" التي سنتابعها. إنهم يكونون مجموعة متناغمة ومتناسقة ومع ذلك فلكل شخصيته المستقلة والمتباينة . لقد قصدت في الحلقة الأولى إبراز هذا التميز والاختلاف و سيكتشف المشاهد الالتحام مع سيرورة الحلقات.
* هل الحلقات مترابطة في قصة واحدة؟
** لقد جعلت كل حلقة مستقلة بذاتها وتروي قصة أو لغزا كملف يشتغل عليه أفراد "البريغاد". وهذه الملفات تتسم بنوع من الجرأة والقوة كاختطاف الأطفال ، الاعتداءات الجنسية وغيرها. الأمر الآخر المميز للسلسلة هو أننا لم نطمح إلى تصوير تفاصيل الجريمة بل معرفة أسباب وقوعها : دوافع المجرم والدخول إلى أعماق تفكيره وتفاصيله النفسية وظروفه المجتمعية.
* لماذا اختيار هذه النوعية من المواضيع؟
** لقد أردت أن أمنح للسلسلة نوعا من الجدة في كل شيء.
* أليست مجازفة باعتبار السلسلة تلفزيونية أي ستمس شريحة عريضة من المشاهدين.
** أنا لم أتعمد الجرأة أو صدم المشاهد . هذه المواضيع أصبحت متداولة في نشرات الأخبار و على صفحات الجرائد فكيف لا نتطرق لها في سلسلة تلفزيونية؟! إننا بذلك نقدمها للمشاهد للتفكير فيها وبالتالي البحث عن الحلول لمشاكل كثيرة نتخبط فيها. الحوار هو الذي يحل المشاكل وليس التكتم عليها وتجاهلها. وأنا بعملي المتواضع إذا استطعت أن أخلق حوارا حول موضوع ما ، فأعتبر نفسي قد توفقت وحققت مبتغاي. أما الصمت والسكوت فلن نجني من وراءه شيء. والجمهور المغربي أصبح واعيا بمثل هذه الأمور ولم يعد يتقبل "أي شيء" .
* ما هو تقييمكم لتجربتكم التلفزيوينة؟
** مازالت أعتبر نفسي في البداية وأحاول أن أطور عملي مع كل تجربة، وأستفيد من أخطاء الماضي والسير دائما للأمام.
* لماذا لم تخط حتى الآن نحو السينما؟
** في الحقيقة هناك سببان اثنان : يتعلق الأول بالإمكانيات لأنه كما تعرفون الإنتاج السينمائي يتطلب دعما ماديا كبيرا حتى تنتج عملا في المستوى ، خصوصا من الناحية التقنية . حيث أن المخرج مطالب بجودة الصوت والصورة وهذا أضعف الإيمان . إضافة إلى أني لم أجد حتى الآن سيناريو في المستوى يشجعني على المغامرة ودخول المجال السينمائي الشائك. مازلت أنتظر الوقوع في حب القصة التي تحفزني وتغريني بالحكي. أريد لونا مختلفا وموضوعا متميزا.
* الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي أصبح محفزا.
** السيناريو الجيد بالنسبة لي أولوية والأمور المادية أبحث لها عن حل لاحقا. يلزمني سيناريو في المستوى. بالإضافة إلى أني كسبت جمهورا عريضا من خلال أعمالي التلفزيونية. وأنت تعرف مدى الإقبال على التلفزيون مقارنة مع السينما.
* لكن الإنتاج التلفزيوني استهلاكي أما السينما فخالدة.
** أنا لا أتعامل مع أعمالي التلفزيونية بهذا المنطق ولا أرى في التلفزيون نوعا من الاستهلاكية. بل يمكن للتلفزيون أن يخلد الأعمال الرائدة، التي تترك بصمتها.
*كيف ترون التحولات الهيكلية التي خضعت لها التلفزة المغربية؟
** لا يمكننا الحكم الآن لأن هذا التغيير لم نر ثماره بعد. يجب أن ندع لهم قليلا من الوقت. مع ذلك فإن التحول والتغيير إذا كان الهدف منه المضي إلي الأمام فهو أمر محمود ولا يمكننا إلا مباركته، لقد أصبحت التلفزة المغربية شركة مستقلة وبها دفتر تحملات يشجع المنتوج المغربي. الالتزام بتقديم الأعمال المغربية أمر إيجابي. فقد مللنا من الأفلام الغربية والمصرية وغيرها. المشاهد المغربي يريد أعمالا تعكس واقعه وتعبر عنه. إنه يريد أبطالا يشبهونه، ويضحك بطريقته المغربية ومع ممثلين مغاربة.
* كيف كان عملكم مع حنان الفاضلي؟
** كان تعاونا مثمرا وتجربة إيجابية وكأي تجربة أخرى كان فيها "صعود وهبوط" لكن في صالح العمل. كنا ننقاش الأفكار ونطرح الاقتراحات.
* ألم يساعدك الوسط الفني الذي تربيت في مسيرتك الفنية؟
** في الحقيقة الوسط الفني الذي ترعرعت فيه هو سيف ذو حدين. لقد ساعدني فعلا في إبراز مواهبي وتعلمت الكثير في مدرسة العائلة قبل المدرسة الحقيقية. لكن في نفس الوقت هذا الانتماء يتطلب مجهودا إضافيا من أجل إثبات الذات والبرهنة على قدراتي الإبداعية حتى لا يقال إنه ابن فلان، صعب جدا أن تحمل اسما معروفا. لكني استطعت أن أثبت أن هناك اسم "عادل الفاضلي" مستقل عن "عزيز وعن حنان
* سلسلة "لابريغاد" من إنتاج القناة الأولى. ما السر في تعاملكم المكثف معها مقارنة بالقناة الثانية.
** أفضل أن لا أجيب عن هذا السؤال حتى لا أقول لك كلاما لا يعني شيئا، كما يفعل السياسيون (ضاحكا). الجمهور هو هو وهذا هو المهم.
أجرى الحوار جمال الخنوسي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق