07‏/01‏/2007

الموت كفرجة تلفزيونية


قبل سنوات عندما كانت المغنية الشهيرة مادونا في كامل شبابها ونضارتها، تعرض مفاتنها ذات اليمين وذات اليسار، وتتصيد الكاميرات لتسيل لعاب المشاهدين وتبرز في كل مرة منطقة أوسع من جسدها، عبرت نجمة البوب الأمريكية عن استغرابها من مدى غباء الكائن البشري الذي يسمح بالفرجة على كم هائل من مظاهر العنف والاقتتال، بينما يستحي ويمنع مجرد النظر لكائنات تمارس الحب.
لسنا هنا لمناقشة «فلسفة» مادونا التحررية، لكننا نريد لفت الانتباه إلى ظاهرة العنف المتزايد الذي يزحف على شاشتنا التلفزيونية. هذه المرة ليس من خلال أفلام روكي ورامبو الهوليودية وأفلام الكاراطي، لكن عبر نشرات الأخبار اليومية، كل ساعة، بل كل نصف الساعة، تطالعنا مظاهر الوحشية والبربرية والاقتتال التي كان آخرها إعدام صدام حسين حيث نقل لنا كمشهد فرجوي أكثر منه كخبر إعلامي.
لقد تسابقت القنوات التلفزيونية لتنقل أدق التفاصيل، وأطول مدة ممكنة لمشهد درامي يظهر أبشع ما يمكن أن تصل له الوحشية الآدمية. وتحولت القنوات التلفزيونية المتخصصة من مورد للخبر إلى أداة للبص والتلصص واللهاث وراء أشلاء الجثث ومشاهد إراقة الدم. وما كان يخشى من قبل، وحاولنا تجاوزه من خلال تحديد سنوات عمرية لمشاهدة الأفلام حسب مشاهد العنف والجنس التي تتضمنها، والسماح ببثها في مواعد محددة، حتى غدت الآن، نشرات الأخبار تنقل أفظع المشاهد في كل وقت وحين ، وفي متناول الأطفال دون رقابة أو تحديد.
إن ما كان يتداول من قبل على أشرطة الفيديو سراً من شاكلة سلسلة «في مواجهة الموت»، وهي عبارة عن وثائقي ينقل مشاهد حوادث مميتة ومروعة، أو مشاهد الوحشية لاستعراضات الاغتيالات والوأد والرجم والقتل التي كان يقوم بها نظام الطالبان في ملاعب كرة القدم بأفغانستان، ويتهافت عليها المبحرون في شبكة الأنترنيت، أصبحت الآن متاحة على مدار الساعة، يكفي أن تنتقل بجهاز التحكم بين قناة «الجزيرة» وقناة «العربية» وغيرهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق